السارية

 


 

 

هطلت أمطار غزيرة على السودان ليلة الجمعة الطيبة هذه، وسارت الأمطار من الشرق وعبرت الخرطوم غرباً، إنها نعمة مباركة والحمدلله على فيض ألطافه..
وهذه نسميها في باديتنا (السارية)، وهي امطار الليل ونسبة للرطوبة وبرودة الجو فإن هطولها متواصل فى مدته ومتباعد فى مسافته وغزير فى مياهه..
وقد وصفها الشاعر الحردلو ببيت شعره المشهور والجامع حين قال :
الخبر الاكيد قالوا البطانة اترشت..
سارية تبقبق للصباح ما انفشت..
هاج فحل ام صريصر والمنايح بشت..
وبت ام ساق على حدب الفريق اتعشت..
ووصف ود عبدالرحيم أنواع الأمطار حسب مواقيتها حين قال :
ضهريك ﺳﺎﺑﻖ ﺍلسارية وصبيبه أنحته..
قبليك ساوق ام برد ﺍلبيرمي سقطها..
سحبك دودا فوق علاو ضهورك خت..
جبالك جبد كجر التعول ﻭأتغطي..
و(الضهري) الأمطار التي تهطل وقت الظهيرة وغالباً محدودة المساحة وأقل من السارية والضحوي (وقت الضحى)..
ومن المفيد ان نكمل وصف الحردلو، وخاصة انه أشار إلى برق القبلي (ناحية القبلة اي الشرق) وهو أكثر ظهوراً في هدأة الليل :
برق القبلة شال شالت معاه بروق..
ختت له أم رويق عم السحاب من فوق..
العفرت رحل يبكي ويسوي القوق..
والضحوي اتردف ليله ونهاره يسوق..
البارح بشوف يشلع بريق النو..
وحس رعاده يجرح في الضمير كوكو..
داك طير القطا الدور مشارع الهو..
وفرقان البطانة اتماسكت بالضو..
وقال ود سند في مربوع آخر:
انفجرن تعولك وقاسك الوبال..
رعدك مغرباوي وهجعة بريقك شال..
عربك شالوا فوق زملا مضي وفيال..
مع الحمريب دعاشك جاب له ريحة نال..
وهذا وصف أشمل، فقد دوى الرعد مع المغرب ولمعت البروق مع ظلمة الليل (الهجعة).. تلك لغة دقيقة ورفيعة..
ويتزامن ذلك مع عينة الخريف، فهذا أوان (النترة) في ظني و تستمر حتى أول أغسطس وسبقتها (التريا) ، ويضيف لها البعض العطشانة والرويانة..
وقد وصف ود الشوارني عينة النترة بقوله :
نجم النترة في شفق الحمارات غزا..
وين الشاف صبيب براق السحابة الرزه..
جنيبة الفارس الفوق المشمش هزه..
فرقها مر وودر من لساني اللذة..
وفي عينة النترة تكتر (الآفات)، فمن سبقها بالزراعة فقد أحسن..
تلك طبيعة بكر وأرض خير وفطرة نقية..
د. إبراهيم الصديق على
٢٩ يوليو ٢٠٢٢م

ibrahim.sidd.ali@gmail.com
///////////////////////////

 

آراء