الساسة السودانيون والمطبّلون (1-2) .. ️بقلم/ محمد الربيع

 


 

محمد الربيع
3 October, 2022

 

يهوي الثناء مبرّزٌ ومقصّرٌ - حبُّ الثناءِ طبيعة الإنسانِ
،،، إبن الخيّاط ،،،،،
وفي الأثر قِيلَ لفرعون : ما الذي فرعَنَك؟ قال: لم أجد من يصدّني ويمنعني.

قال صديقي : كيف يرتكب البرهان أكبر خطأ بروتوكولي في جنازة ملكة بريطانيا بإرتداءه البدلة الزرقاء عوضاً عن السوداء في مثل هذه المناسبة الحزينة؟ وأين المستشارين بل أين وزير خارجيته المكلّف؟
✍️قلتُ له :حسناً يا صديقي إن من يراقب أداء الساسة والمسؤولين السودانيين عبر التاريخ الوطني في أعلي هرم الدولة، يلاحظ كثرة إرتكابهم للأخطاء في كل شيء وتكرارها بإستمرار دون أن يرمش لهم جفن! فمثلاً هناك أخطاء في الممارسة وفي التصريحات وفي البروتوكول وحتي اللبس والهندام، بل الأدهي وأمر في إنتهاك القانون والدستور الذي أدّي القسم بحمايته،،، ومع كل ذلك تجد المقربين منه يمدحون كل تصرفاته ويبررون كل أخطاءه فيستمر ويتمادى فيها حتي يصور له نفسه "الأمارة بالسوء" بأنه وحده المخلّص الحكيم الذي أوتي الحكمة وفصل الخطاب والقادر علي فك الطلاسم والرموز.

🔥لقد أثبتت الوقائع والتجارب المستمرة بأن المسؤولين السودانيين فيهم حماقة وتكبّر ويكرهون النصح والتوجيه ولا يقرّبون أصحاب الرأي لأنهم كقوم صالحٍ ، لا "يحبون الناصحين" الذين ينبّهونهم علي مواطن الخلل والقصور في الوقت الذي يقرّبون فيه المنافقين المطبلين الذين يزينون لهم أعمالهم بجميل الكلم ويمدحون سياساتهم الكارثية ويضخمون صغائرهم ويروّجون لهم بين العامة وهؤلاء هم المفضلون الذين يحظون بالتقرّب والترقي والصعود في المناصب بدون كفاءة أو إستحقاق سوي "حلاوة لسانه" أمام رئيسه ومدحه له بما ليس فيه!

وبالمقابل فإن الأكِفّاء وذوي القدرات والمواهب التنظيمية مكروهون لدي المسؤول السوداني لأنهم أصحاب رأي وربما يشعرونه بصغره أمامهم لذلك لا يقرّبهم ويتعرضون للإهمال والتهميش والإبعاد وربما إغتيال الشخصية!! فتملأ المواقع الحساسة بالأشرار الفاشلين الذين أتقنوا فن التطبيل وتكسير الثلج وأجادوا إلقاء قصائد النفاق والمديح الكاذب! وما ظنك يا صديقي بدولةٍ إبتعد عن قيادتها ذوي الحكمة والنباهة سوي الشلل والجمود وتوقف التفكير والإبداع وإنسداد الأفق فينهار الحزب أو النظام ومعه تنهار الدولة .

☀️إذا نظرنا إلي ثورة إكتوبر 1964 فالحكومة التي كان يقودها السياسي المحنك محمد أحمد المحجوب (حزب الأمة) أسقطها المطبلين الأنصار أنفسهم لا لشيء إلا إرضاءً لسيدهم الذي يري بأن له حقْ إلهي مطلق في الحكم دون غيره ولم يجد من ينصحه أو قل "يزجره" بأنه لم يقوِ عوده بعد لهذه المسؤولية الجسيمة والأمانة الثقيلة وعليه أن ينتظر ليتدرب حتي يكتسب الخبرة والممارسة اللازمة. إلا أن الشاب المدلل الذي أكمل للتو عامه الثلاثين تمكن بمساعدة المطبلين المنافقين من إبعاد الرجل الكفؤ (المحجوب) ليجلس علي "كرسي إبليس" مباشرة "كأول منصب في حياته" دون المرور بأيّ محطة!! وكانت هذه سقطة التاريخ لحزب الأمة وطائفة الأنصار الذين ودّعهم الخطيب المفوّه المحجوب مغرظاً "لقد أستبدلتم سيفي الفولاذي بسيفٍ من الخشب "الصادق" لكنه لن يستمر! وبالفعل صدقت عليه نبوءة المحجوب! وسقطت حكومته بعد تسعة شهور (ثم توالت سقطاته في كل تاريخه السياسي بعدها)!! ومع تسنم الشاب الصادق المهدي السلطة بدأ النظام الديمقراطي في التراجع والإنهيار مع عوامل أخري مهدت لإنقلاب النميري، والذي بدأ عهده وطنياً يفكر في السلام والبناء والتنمية ومنح الفرصة لعناصر شابة مؤهلة مثل الدكتور منصور خالد والدكتور جعفر بخيت الذين أنجزوا سلام أديس أبابا مع حركة الأنانيا وشهد الوطن فترة من السلام والتنمية في بعض المجالات،، وبما أن ذو الفضلِ يحسده ذوِي التقصير ،، والمطبلين الفاشلين يتربصون دائماً بالناجحين بدأت شياطين الأنس مكائدها حتي نجحوا في إحتواء النميري وأبعدوا عنه المؤهلين أصحاب العطاء الوافر أمثال دكتور منصور خالد وآخرين فإضطروا للخروج وبعدها نقض نميري العهد والميثاق ومزّق إتفاقية سلام 1972 مع الإخوة الجنوبيين ثم قادوه في طريق الضياع حتي أوصلوه بأن يتوهم بأنه فقيه الإسلام وإمام أهل السودان ومطبّق شريعة الرحمن فوقع أخيراً كالثور السكران!!
أن من يتخلص من مفكر كبير و"وحش سياسي" مثل الدكتور منصور خالد، ليحتفظ برجل متواضع القدرات عاطل عن الموهبة السياسية والتنظيمية مثل دكتور بهاء الدين إدريس لن يكون إلا من الهالكين!
،،، للحديث بقية ،،،

m_elrabea@yahoo.com
//////////////////////

 

آراء