السلاح خادم غير أمين .. المتغطي به “تِليس”

 


 

 

بدءاً نطمئن الشعب السوداني، أنّ الحكم المدني الديمقراطي، عائد وراجح، عاجلا أم آجلا، حكم الشعب للعشب، ولصالح الشعب، ومن يستهين بإرادة الشعوب، فهو غافل، ومن يجهل سطوة الصندوق الانتخابي، فهو جاهل بأدبيات الديمقراطية، فالشعب أقوى والردة مستحيلة، والشعب أقوى وأكبر من كل متغطرس طاغي. قد يفوز الأثرياء بمقاعد برلمانية، لكن مستبعدا أن يفوز به من يقهر الناس، ويصوّب فوهة بندقيته على رؤوسهم إلاّ عبر التزوير، ومع نظرية "أُكل تورك وأدي زولك" حتى الأثرياء قد "يتمقلبون مقلبة" السواد، سيما إن كان مصدر الثراء مجهولا أو مشبوها.
بات متوقعا بشدة، عرقلة الانقلابيين، وحملة السلاح لأي انتخابات محتملة، تعريهم وتكشف زيف شعبيتهم المتوهمة، بيد أننا نزداد ثقة كل يوم، أن تيار التوجه المدني الديمقراطي أصبح عاتياً، حتى وسط الجيش، وقادرا على تخطي كافة المتاريس ليصل إلى "الميس".
فليعلم الإنقلابيين، وحملة السلاح، أنّ الشعب السوداني قد حسم خياره، وأنّ المدنية خيار الشعب، ولا حياد عنه، ولا مساومة في شأنه، وأنّ تبيت النية على عرقلة هذا التوجه، لن يجعله، أي الشعب، يخنع بالحكم الشمولي الاستبدادي، أو يهاب البلطجة السياسية المستمرة منذ انقلاب الـ 25 اكتوبر 2021م.
الأفضل لحملة السلاح، شركاء وحلفاء الانقلابيين، تسخير آلياتهم، وتوجيه "مقدراتهم" لحراسة الصناديق الإنتخابية، لضمان نزاهة العملية الديمقراطية، كنوع من التكفير عن سيئاتهم الانقلابية. موقف من يظن أنّ التحوّل المدني الديمقراطي يحتاج إلى حماية العسكر، أو غطاء حملة السلاح، كموقف الديوك المغرورة التي تظن أنّ الشمس لن تشرق، إن لم تصيح.
الشباب الذين ظلوا يقدمون الأرواح رخيصة منذ فجر 19 ديسمبر 2018م من أجل بناء دولة الحرية والسلام العدالة، دولة الحلم المدنية، لن يبخلوا بذات الأرواح من أجل حماية الصناديق الانتخابية من البلطجة أو التزوير، وعلى حملة السلاح عدم التفكير في مثل هذا المسلك الشيطاني.
الكل يعلم أنّ الانقلابيين، وحملة السلاح ليس لديهم ما يشفع لهم لدى الناخب، وما التهديد بعرقلة هذا الاستحقاق إلاّ هروبا إلى الأمام، ولن يجعلهم حكاماً لشعب عشق الديمقراطية، وطاق للحرية والانعتاق السياسي، فالاستعداد للانتخابات، والتهيؤ للخسران المبين، بما كسبت أيديهم، هي أخف الأضرار، ولن يستفيد أحد من عدم استقرار البلد، حتى الإنقلابيين، ولا استقرار إلاّ بالتداول السلمي للسلطة، والتقسيم العادل للثروة، عبر الممارسة الديمقراطية، التي تحتاج بعض الوقت لترشد وتترسخ، بعيداً عن تشويش الأسلحة الفتاكة.
ومهما امتلكوا من جرأة، لا نظن بمقدور قيادات "الكفاح المسلح" أن يقولوا للناس، أننا حملنا السلاح من أجل الانتصار لقضاياكم، وبالتالي ليس لديهم وجه يضعونه في جوه أهاليهم والشعب السوداني، والأرحم لهم حفظ مياه وجوههم، إن بقيت منها شيء.
لابد أن يحسم القانون الانتخابي المرتقب، وضعية المدنيين الذين يترأسون حركات مسلّحة، والبت في مدى أهليتهم للترشح للتمثيل النيابي، إذ أنّ لبناء الدولة المدنية، ليس مناسباً أن يجلس رئيس حركة مسلّحة تحت قبة البرلمان، ممثلا لدائرة انتخابية، غض النظر أن يكون هذا الشخص مدني أو عسكري خلا.
أثبتت التجارب الماثلة، أنّ السلاح خادم غير أمين، ولا يمكن الوثوق في حملته البتة، جنرالات الجيش كانوا أو ثوار مطلبيين، فقد سخره حزب الجبهة الإسلامية القومية في تنفيذ إنقلاب الـ 30 من يونيو 89، وعندنا أرادوا إعادة الحياة النيابية، بعد عقد من الزمان، حسب زعم عرّابهم المرحوم د. الترابي، تمردوا عليه، ونكّلوا به شرّ تنكيل، حتى كادت "الفئران" أن تقضم جسده النحيل داخل زنازين السجون.
والحبر الذي دون به تاريخ خذلان حملة السلاح من أبناء الهامش لأهليهم لم يجف بعد، باعوهم بثمن بخس في سوق النخاسة السياسية، قايضوا مظالمهم بالمناصب، ووضعوا أيدهم في أيدي قاتلي الشعب، مرتكبي الإبادة الجماعية دون أن ترف لهم جفن!
وبعد كل هذا، يتبجح انقلابي غادر ويقول أنّ طلاب الحكم المدني الديمقراطي ليس لديهم غطاء مسلح، في تقديرنا أن مثل هذه الاعتقاد لا يصدر إلاّ من فاقد تربوي، فاقد الأهلية السياسية، يظن دوماً أن لم تصيح الديوك فلم نشرق الشمس.
قال المتنبي:
من يجعل الضرغام بازا لصيده
تصيّده الضرغام فيما تصيدا
ebraheemsu@gmail.com

 

آراء