السودان.. (أخبار سيئة)..! … بقلم: ضياء الدين بلال

 


 

 

diaabilal@hotmail.com

 

 

لا تعرف إلى أي المخابئ يمكن أن تذهب ببصرك، وأنت تطالع في أعالي الصفحات الأولى بالصحف الأجنبية، والمواقع الاسفيرية، ثلاثة أخبار ذات صلة - سيئة الذكر - بوطنك..!

خبرٌ يتحدث عن سقوط طائرة شحن جوي بمطار الشارقة.. خبرٌ رغم ما فيه من حزنٍ وألمٍ على أرواح الضحايا، إلاّ أنّه يُحيلك مُباشرةً للسيرة الدامية للطائرات السودانية، الذي تجاوز وصفها بالنعوش الطائرة حدود التقريع المحلي الى النطاق الإقليمي في مسارح الكوميديا السوداء..!

وقبل أن تخرج نتائج التحقيق في سقوط طائرة، تلحق بها أخرى. وتظل الاتهامات ذات الاتهامات والأعذار ذات الأعذار.. (والمشاهد هي ذاتها والرقم لسع واحد)..!

ولا يجهد الصحافيون وكُتّاب الأعمدة أنفسهم في إضافة ردحيات جديدة تشكي لطوب الأرض، هو أن روح المواطن السوداني وخفة وزنه الاعتباري.. فما كتبوه سابقاً عن حوادث مماثلة سيفي متطلبات الحوادث الجديدة، دون الحاجة إلى إحداث تعديلات حتى على مواضع علامات الترقيم.

والخبر الثاني ذو صلة بالطائرات كذلك، خبر مواطن سوداني مُخدّر بالكوكايين حاول اختطاف طائرة مصرية متجهة من إسطانبول إلى القاهرة.. والصحافة المصرية تلصق به كل شرور الدنيا يستاهل.. وتقول إنّه حاول التحرش جنسياً بالمضيفة، وحينما لم يجد مراده حاول التحرش بالطائرة عبر إبداء الرغبة في اختطافها، ليحقق بها هدفاً قومياً    وهو زيارة القدس..!

والرجل يحمل جوازاً مزوّراً وهو متسلل غير شرعي لليونان وهارب من السجن وقبل ذلك هو تاجر مخدرات.. سيرة ذاتية لم تَتَوافر حتى لإبليس..!

وبعد الخبرين السّابقين تهبط عينيك - اضطرارياً - على خبر ثالث، يخبرك بأن حكماً قد صدر في حق مهندستين سودانيتين بالجلد والغرامة، وذلك لارتدائهما البنطال.. وهذا الخبر حينما تَتَنَاقله وكالات الأنباء، تأتي الصورة للمطالعين للخبر، الحكومة في السودان تركت كل شئ جنباً (دارفور والانتخابات والسلام)، وأصبح لا هَمّ لها سوى مطاردة النساء بالسياط على الطرقات..!

في كل المجالس السودانية التي إرْتدتها بالدوحة، لا مجلس يخلو من حديثٍ مريرٍ عن الصورة التي تُنقل عن السودان، وتظهره كوطنٍ ممزّقٍ الثياب، مُبعثر الخيارات، وعن المواطن السوداني، كإنسان مُثير للشفقة، جرّدته صروف الزمان من كل مميزاته، ولم تترك له سوى البكاء على ماضيه..!

الأخبار هي التي ترسم صورتك في ذهن المتلقين لها.. وفي عصر الهرولة والايقاع المتسارع، يتم التعامل عبر المختصرات الموجزة والسريعة.. الشعوب تختصر في صفة واحدة متخلفة أم متحضرة..؟ والأقطار توصف بصفة واحدة فقط.. مستقرة أم مضطربة..؟

الأخبار والصور المتكررة هي التي توفر المادة الخام لإصدار تلك الأحكام.. فنوعية المدخلات هي التي تحدد قيمة ونوعية المنتج.

(الإعلام لا يتعامل إلاّ مع الأخبار السيئة).. هذاما قاله الدكتور عبد المطلب صديق في العشاء الكريم الذي أقامته لنا أسرة السفارة السودانية بالدوحة بقيادة السفير إبراهيم فقيري والمستشار محمد حامد تبيدي وبحضور عَدَدٍ مقدر من الإعلاميين المقيمين بقطر.. وكان أغلب الحديث يدور حول صورة السودان في الإعلام الخارجي.. وباكمال معنى حديث الدكتور عبد المطلب فإن عدم ظهور اسم الدولة في الاخبار دليل عافية ومؤشر استقرار. No         news is good news 

لا أبالغ اذا قلت إنني أصبحت يومياً أتمنى ألاّ أجد اسم السودان في الأجهزة الإعلامية العالمية، ولا في أخبار النشرة الجوية، لأن حتى أخبار الطقس أصبحت لا تبشر بخير..!

 

آراء