السودان اليوم: هل آن آوان الحكمة الغائبة !

 


 

محمد بدوي
12 July, 2023

 

التطورات السياسية في السودان تصدرت المشهد بقرار الايقاد عقب اجتماعه اليوم بالعاصمة الإثيوبية اديس ابابا وما كشف عنه من خلاصات ، لا بد من الإشارة إلى غياب وفد الخارجية السودانية المسنود بتحفظها على رئاسة الجلسة من قبل الرئيس الكيني وليم روتو ، جاءت الجلسة عقب تعليق مباحثات جدة التي كانت تحت تسهيل سعودي امريكي على خلفية خرق الهدنة الاخيرة، سبق القرار الذي صدر من الايقاد تصريح من السيد فولكر بيرتس الذي اعترضت الخارجية السودانية على بقاءه بالمنصب الأمر الذي قوبل بقرار تجديد ولايته من الأمين العام للأمم المتحدة، الذي دفع بأن كلا القوات المسلحة السودانية والدعم السريع ارتكبا انتهاكات
عقب تعليق منبر جدة بدأت حركة نشطة كشفت عن خطة المجتمع الدولي لإسناد قرارها الذي صدر عبر الايقاد وتمثلت في الزيارات التي قامت بها مجموعة من تحالف قوى الحرية والتغيير إلى دولتي يوغندا ولقاء الرئيس يوري موسفيني ثم المغادرة إلى اديس ابابا للمشاركة في الاجتماع الذي نظمته الرباعية تمهيدا لاجتماع الايقاد، ولابد من الاشارة إلى ان الخارجية السودانية كانت قد ابدت تحفظها على اديس ابابا كمقر للاجتماع، ثم جاء الحدث الثاني وهو الاجتماع الذي حضره قادة اتفاق سلام السودان بالعاصمة الشادية انجمينا بدعوة من الرئيس التشادى محمد كاكا و الذي جاء عقب زيارة لحاكم اقليم دارفور مني مناوي الذي نسق فيه وحظى بموافقة الحكومة التشادية باستخدام مطار ام جرس الحدودي لإيصال المساعدات الانسانية عبره لإقليم دارفور
على صعيد اخر برز الدور الإريتري الذي استقبل بعض قيادات مؤتمر البجا شرق السودان منذ بداية الأزمة على ذمة مصدر موثوق قبل ان احد النظار قد زارها ناظر في زيارة غير معلنه عقب قلقه " حسب تقديراته " من ان هنالك استهداف لشخصه من قبل الدعم السريع وفقا للمصدر انه تلقى تطمينات بسلامته، هذا إلى جانب خبر على صحيفة سودان تريبون بتاريخ ٩ يونيو ٢٠٢٣ اشار إلى ان الرئيس الجنوب سوداني سلفا كير ميا رديت تحدث إلى قائد الحركة الشعبية لتحرير السودان شمال القائد عبدالعزيز ادم الحلو لوقف الهجوم او التقدم نحو الحاميات العسكرية للجيش السوداني بكل من اقليمي جبال النوبة والنيل الازرق عقب سلسلة من الهجمات في المنطقتين خلال السته اسابيع المنصرمة من ٢٠٢٣.
تلخيص للمواقف الخارجية السودانية تتحفظ على بقاء السيد فولكر بيرتس ورئاسة الرئيس الكيني للإيقاد واديس ابابا كمقر للاجتماعات وهو ما تمت مقابلته برفض عملي في جميع المواقف ، الأمر الذي يثير السؤال حول اثر زيارة الفريق مالك عقار نائب المجلس السيادي لموسكو وترحيب الخارجية السودانية بالمبادرة التركية التي لم يكشف عن تفاصيلها، لابد من الاشارة إلى احتجاج الخارجية على استقبال جنوب السودان وكينيا للمستشار السياسي لقائد الدعم السريع يوسف عزت لكونه يمثل مجموعة متمردة على وصفها .
من جانب اخر تسربت معلومات غير مؤكده حضور الفريق عبدالرحيم دقلو لاجتماع انجمينا في ظل غياب لممثل الحكومة او الخارجية او السفارة السودانية مع بعض التسريبات بأن الاجتماع خطط له لإثناء الدعم السريع من خطته للسيطرة العسكرية على اقليم دارفور كمرحلة من الصراع المسلح واتاحة الفرصة للمساعدات الانسانية للوصول .
في ظل هذه التطورات يثور السؤال حول الخطوة القادمة لتنفيذ قرار الايقاد ، في تقديري ان حزم من العقوبات من كل من الاتحاد الأوروبي والادارة الامريكية ستكون العصا التي تنتظر المشهد ولا سيما مع انسحاب قوات فاغنر من افريقيا الوسطى وفقا لمصادر صحفية بما يوحي بدور فرنسي للسيطرة على افريقيا الوسطى حتى حدود السودان .
في تقديري ان اجتماع تشاد وان غاب الدور الاماراتي فيه بشكل واضح يبرز الدور الفرنسي ولا سيما نشر تشاد قوة لا تزيد من ٦٠ فردا إلى داخل الاراضي السودانية لمساعدة الفارين من الجنينة للوصول الآمن للحدود وسبق وان اشتبكت مع مجموعة من العرب المسلحين حين محاولة اعتراضهم شاحنه تحمل اشخاص في طريقهم إلى الحدود التشادية من جانب اخر نشرت تشاد حوالي ١٠٠ من القوات في الحدود مع النيجر لإعاقة عبور اعداد من المحاميد الذين طلبت منهم النيجر العودة الي تشاد .
يبدو ان الاطراف الاقليمية والدولية تعمل بالتنسيق لإعادة حصار طرفي الصراع في حالة السودان التي شهدت اعنف مواجهات مسلحة بين طرفي انقلاب ٢٥ اكتوبر ٢٠٢١ في ترجمة لطبيعة الصراع بأنه داخلي كما ذهب إلى ذلك مجلس الأمن الدولي في وقت سابق وإعادة الحال الي الوثيقة الدستورية ٢٠١٩ هذا يعني ضمنيا الغاء كل القرارات التي اعقبت الانقلاب وهو نظريا يعني العودة الي الحال السياسي الي واقع متأخر كثيرا من شعارات الثورة وفترة الحرب الراهنة وما خلفته من دمار وسوء بما يطرح السؤال حول كيفية ادارة الازمة الأخرى التي تخلقت في السياق والتي ظلت تجد مناهضة من قوام عريض من الشارع.
المجتمع الدولي والاقليمي يطرحان حلولا لا تعني بالضرورة اتساقها مع مطالب التغيير، لان له عده أوجه في خلق فرص اقتصادية بالنظر للتدخل عبر القوات الاجنبية وحيث يبدو من يغري بذلك ايضا هو استمر طرفي القتال في حالة استثنائية توجد فيها المقار العسكرية في قلب المدن، بما يجعل ضرورة المؤتمر الدستوري والحوار الداخلي الوطني امر يجدر الانتباه اليه قبل الانسياق وراء تكوين حكومة مدنية بلا سند تطيل امد الحرب وتنسف ما تبقت من حكمة وطنية، لانه من الواضح ايضا ان الحرب ترتبط بمصالح مختلفة المستويات تكشف انه قبل الانزلاق نحو الهاوية والتشرزم هنالك شهية لاقتسام الجغرافيا الوطنية كامتداد لحدود دول اخري الان وليس غد فلابد من التعلم من التجارب وواقع الحال فان لم يستصحب ذلك سيكون الاستقرار الذي يجب أن يمر عبر مدخل العدالة اولا بعيد المنال او فالنقل حرب طويلة ودولة معلقة بين اكتاف الرصاص والذوبان .

badawi0050@gmail.com

 

آراء