السودان: محنة حكومة ومأزق معارضة

 


 

 




Awatif124z@gmail.com <mailto:Awatif124z@gmail.com>

محنة كبرى يشهدها السودان اليوم .. محنة لم  ير لها هذا البلد المنكوب مثيلا لها في تاريخه.. محنة تتجلى في انسداد  الأفق أمام أي  وئام وطني أو سياسي  بين نظام  اسلاموي انقلابي يحكم قبضته على كافة مفاصل الحياة ومعارضة ضعيفة عجزت مكوناتها حتى الآن عن توحيد صفوفها والتحدث بصوت واحد رغم الاحتقان القائم  والتململ الشعبي  والعزلة  التي يعيشها النظام والرسالة القوية التي تلقاها منذ الانتفاضة الشبابية الأخيرة التي أكدت بدورها – رغم انخافض بريقها الآن – على أن هناك وميض نار تحت الرماد .. ومن أبرز مظاهر تلك  المحنة و ذلك المأزق الخطير هو أن حراكا شعبيا بدأ – بعد سنوات من السبات والركود والاستسلام – للتعبير عن  الضيق والتذمر بما  آل اليه حال  السودان في ظل نظام فشل في الحفاظ على وحدة التراب ولحمة المجتمع كما  فشل في جلب السلام لربوع  الوطن أو ايقاف نزيف الدم الذي يسيل حاليا في أكثر من  بقعة مما  تبقى من هذا  الوطن بعد انفصال جنوبه الذي ذهب بربع  سكانه وثلث  مساحته  و75% من موارده النفطية .. نظام أفقر بلدا كان حتى الأمس القريب (سلة غذاء العالم ) وأقعده عن القيام بدوره  الاقليمي والدولي  بحكم موقعه الجغرافي واتساع رقعته وما يذخر به من امكانات ضخمة وموارد طبيعية فوق أرضه  وفي باطنه  فضلا  عن انسانه الطموح وكوادره المؤهلة للعبور به وقيادته الى مراقي الدول المتقدمة كوادر هاجر معظمها وتفرقت بهم سبل الحياة في الشتات مما أصاب  السودان في مقتل وهبط  به  وبنموه وتطوره  الى درجات سفلى جعلت من قادته الميامين – وعلى مشهد ومرأى من العالم  كله - يتسولون جهارا نهارا دولا بحجم واحدة من مدنه .

الشاهد ان هناك اليوم نظام حكم لا يرى في السودان سوى مزرعة خاصة به وانه  وحده من يملك الحقيقة ووحده لك الحق – كل الحق – في الحكم وفق رؤى  يزعم انها  الأصوب مدعيا تمتعه بشعبية كبيرة يمكنها أن تشكل له سياجا منيعا  يحميه من أية غضبة شعبية مستندا في ذلك على نتائج انتخابات عجت كشوفاتها  بأسماء الموتى ورافقتها  حالات تزوير واسعة لا تزال  حتى اليوم  حديث المجالس وكتاب  المقالات  من السودانيين في الداخل  والخارج .. كما  يتباهى قادته – زورا وبهتانا – بأنه انما يحكمون عبر حكومة وحدة وطنية عريضة رغم ان الكل يعلم ان تلك الأحزاب التي يتقوى بها ما هي الا أفراد أو جماعات معزولة لا وجود فاعل لها على أرض الواقع  السياسي مما جعل منها ديكورا يتزين  به النظام رغم القبح الذي تعكسه  ممارساته باسم الاسلام سواء تجاه المرأة أو معارضيه أو متمثلة في فساد أخلاقي ومالي فائحة رائحته بكل أركان الدولة ورموزها .

ورغم هذا المشهد السوداني المحزن فأن التحرك القوي الذي فجره شبابنا وطلابنا في الخرطوم يوم 16 يونيو الماضي  وتوجته دماء (شهداء نيالا) الكرام يضع المعارضة امام مسؤولية تاريخية في الثأر ورد الاعتبار لأصحاب هذه  الدماء الذكية ومواصلة الكفاح وعدم التفريط في ما خطته هذه  الدماء  من  أحرف في كتاب  التاريخ الحديث على طريق الخلاص من تجار الدين وسماسرة الاسلام وأصحاب اللحى الكاذبة .      

 

آراء