السودان مكبا للنفايات !!

 


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

وجهة نظر

         العقل السليم في الجسم السليم، والدول يتم بناؤها ونهضتها وتطورها ونموها بجهد المواطن الصحيح المعافي جسديا وعقليا وماديا  ووطنيا، و  من أجل إرساء هذه الأسس والقواعد لابد من أن تقوم الدولة بتوفير كل المعينات اللازمة من أجل خلق هذا  المواطن الصحيح المعافي .

عقدت  الهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس، إدارة المواصفات القياسية ، ورشة عمل في نهاية عام  2008 من أجل الخروج بتوصيات  تصب في مصلحة المواطن السوداني والحفاظ علي صحته وعافيته وتوفير جميع المستلزمات الطبية ذات الجودة والكفاءة العالية التي تساعد في تحقيق هذه المباديء والأهداف  عبر توصيات مُلزمة: الحظر الكامل لجميع أنواع الأجهزة والمعدات الطبية  والمعملية المستعملة والمستجلبة  بواسطة المؤسسات الحكومية أو القطاع الخاص أو الشركات  أو المنظمات بما في ذلك المنح والهدايا وخلافه، ويشمل هذا الأجهزة المُجدّدة.

هكذا كانت التوصية صريحة لا لبس ولا غموض فيها ولم تترك أي مساحة  لأي إستثناءات ولا مكان هنا لأي متنفذ أو تنفيذي ليتلاعب بصحة الشعب السوداني مهما كان موقعه  من أجل دراهم معدودة  تقود إلي كارثة لإُِمة ووطن وشعب، بل ربما تقود إلي مأساة لإجيال لاحقة تدفع ثمن هذا الإستثناء.

علي ضوء هذه التوصية أصدر السيد وزير الدولة بالصحة  قرارا مُلزما:

وقف  إستيراد أي  مستلزم طبي مستعمل إعتبارا من  أول يناير  2010م .

أولا  لنا أن نسأل : إن كانت تلك المعدات الطبية والتي تبرعت بها تلك الدول الأوروبية أو العربية  الصديقة والشقيقة أو غيرها، لها من الكفاءة والمقدرة  مما يجعل إستعمالها ممكنا داخل تلك الدول ، فلماذا تقوم بتصديرها بأي شكل كان؟

لايمكن لإي شركة مُصنِّعة لتلك الأجهزة أن تُعطي  خطابات ضمان لهذه الأجهزة ودرجة كفاءتها وخلوها من الآثار الجانبية والمضاعفات إضافة إلي توفير الإسبيرات لفترة زمنية طويلة؟

ألايكفينا حتي التبرع بالمواد الغذائية المحورة جينيا والتي تم تصديرها لنا في سنون خلت ودار حولها مادار من نقاش؟

إن الأصل أن تتكفل الحكومة عبر قوانينها ولوائحها العمل من أجل توفير الحماية الكافية والضرورية والقانونية  لمواطنيها وذلك بإلزام جميع

الشركات أو الأفراد أو المنظمات أو حتي المنح والهدايا والتي يتم إستيرادها أن تلتزم بالقوانين واللوائح  المنظمة  لدخولها مستلزم طبي أو غيره، لأن الأصل هو الإنسان السوداني وصحته وعافيته والمحافظة عليها من أي مضاعفات أو سلبيات تنتج من دخولها ووطننا ليس مكبا للنفايات والمواطن السوداني ليس فئران تجارب.

لماذا نسمح أصلا لذلك  المسئول المتنفذ الذي يُفكر بعقلية تجارية ربحية فقط في زيادة رصيده من المال لتتم محاسبته لاحقا؟ ، وماذا تفيد المحاسبة  بعد ظهور المضاعفات علي أجيال لاحقة من المواطنين السودانيين.

بل لنقولها بالصوت العالي ألا يستحق المواطن السوداني أن ينعم بخدمات مستلزمات طبيبة جديدة  ؟ قطعا  هذه الجديدة تأتي بضماناتها ومن الشركات المصنِّعة لها مباشرة ولعقود لاحقة ، أما المستعملة والمجددة فإنها تحتاج

لصيانات وإسبيرات ، بل ربما تكون شركاتها المنتجة قد أوقفت إنتاجها أصلا  ولا يوجد لها إسبير مستقبلا وهذا يقود إلي  أن تكلفة صيانتها ستكون فاتورتها عالية جدا بالمقارنة مع الجديدة، فصار الوطن السودان مكبا للنفاياتللتخلص منها عبر مستورد ، فردا  كان أو شركة أو منظمة   لا تهمه صحة  وعافية المواطن السوداني، إنما همه فقط الربح والإستثمار في المواطن السوداني بغض النظر عن المضاعفات والنتائج السالبة مستقبلا لمثل هذه المعدات، بل دعونا نقول  لذلك المسئول الذي يدافع عن دخول مثل تلك المستلزمات الطبية ، هل يمكن أن يكون هو أو أحد أفراد أسرته أول من نقوم بتجربتها عليهم ، ومن ثم تقررالجهات ذات الصلة  إمكانية السماح بدخولها من عدمه؟

إن تجارب السودان مع مثل تلك الأجهزة والمستلزمات الطبية المستعملة والمجددة لا تحتاج لدليل ، بل علينا أن نتعظ من تجاربنا أولا  ومن ثم نتعظ من تجارب الآخرين، وبالأمس القريب كان الحديث جهرا  أمام المحاكم عن  إستيراد أجهزة  ولكنها نفايات طبية ، ثم هل نسينا قصة إستيراد المخلفات  الإنسانية من اليونان ؟؟؟ هل ذهب ضمير المسئول في غيبوبة؟؟؟ أم أعمته الثروة والسلطة؟

: العربة الجديدة لاتكلف صاحبها غير الوقود ربما لسنوات قادمات وعزمها  وضمانها من المصنع ليس فيه شك، أما العربة المستعملة فحدث ولا حرج عن سلبياتها وتكلفتها الإقتصادية العالية ومع ذلك فإنها لاتؤدي الغرض مثل الجديدة ، ومع ذلك  كانت الدولة  حازمة في إتخاذ قرار بعدم إستيراد العربات المستعملة نهائيا ، أفلا يكون أهل الصحة قدوة ومثالا ؟؟

أما فيما يختص بتلك الحاويات التي كثُر الحديث عنها  وصولا إلي أنها  علب بوهية فارغة تم طمرها بالقرب من سد مروي، هنا تنعقد الدهشة!! من يُصدّق هذا القول؟ هل يمكن الرجوع إلي  الإحصاء الصحي السنوي لتلك المناطق ومعرفة زيادة الأمراض السرطانية في المنطقة وما هي الأسباب؟ القطن المُحور جينيا فشلت الحكومة في تسويقه؟ المبيدات الحشرية تم طمرها في  مناطق مأهولة !! بالأمس تحدثت الصحف عن طمر  نفايات طبية بالقرب من الرميلة!!

فقط نتساءل حد الدهشة: هل  ذهب  الضمير في غيبوبة أو نومة أهل الكهف؟

هل من مسئول يقف أمام الشعب  ليقول إنني أخطأت لتتم محاسبته؟

أجيال وأجيال لاحقة  ستدفع الثمن باهظا ربما يكلفها حياتها ومعيشة ضنكا  بأمراض عصر يعجز الطب عن علاجها، فمن المسئول؟ الذين بين السفر والترحال طوال أيام السنةعلي حساب الشعب الفضل؟ أم هؤلاء الذين يطالبون بزيادة مُخصصاتهم؟ أو أولئك الذين يقولون إنها براميل بوهية فارغة!!! بل حتي أزمة الغازقالوا إنها مفتعلة! مالكم كيف تحكمون؟؟؟

كسرة:كثر الحديث  عن النفايات الطبية والصلبة   ونقول إن الصلبة هي مسئولية  ولاية الخرطوم في تجميعها وتدويرها والإستفادة منها  حتي تصديرا لأي بلد آخر ، أما النفايات الطبية من حوالي 200 مؤسسة علاجية خاصة إضافة إلي العامة فهل عجزت الدولة عن إنشاء محرقة لها حتي تتعاقد مع القطاع الخاص؟  لماذا لا  تشمر تلك المؤسسات العلاجية الخاصة عبر إتحادهم من إنشاء محرقة حديثة للنفايات الطبية تكفيهم  شر الذلة والمهانة  وتكفي عواقب مضاعفات سمومها،  أما حديث المسئول عن أنهم  أعلنوا عن شركات  لجمع وتدوير النفايات صلبة أو طبية  فيحق لنا أن نتساءل  أين كان ذلك الإعلان  وكم عدد الشركات التي تقدمت  بعطاءاتها وما هي مؤهلاتها وكيف تم التقييم الفني المهني التخصصي وعلي من رسي العطاء؟ هل هنالك دور لوزارة البيئة أو إتحاد المؤسسات العلاجية الخاصة؟ ألم يكن من الأفضل أن تقوم الصحة بإنشاء محرقة طبية تستوعب جميع النفايات الطبية في العاصمة ولكل المؤسسات عامة وخاصة

للهم أستر فقرنا بعافيتنا


sayedgannat7@hotmail.com

 

آراء