السودان .. واقع غير واقعي (2)
علق احد القراء - في الجزء الاول-علي المطالبة باقتلاع النظام ساخرا ومستفزا: لماذا لم تقتلعوه؟ وهو سؤال رغم كل شئ منطقي ويحتاج لرد مقنع. لماذا استمر هذا النظام رغم كل جرائمه واذلاله للشعب ؟ السبب هو أننا لم نقاومه بجدية وحزم بل اكتفينا بالوقوف الي جانب قيادة معارضة هزيلة وهزلية . فقد قاد المعارضة لسنوات: التجمع الوطني الديمقراطي" وظل طوال الوقت مجرد كائن هلامي خرافي، بدون عضوية مسجلة وملتزمة بدفع اشتراكات وبالتالي بدون ميزانية دقيقة وشفافة ،ولم تكن له دار أومقر ولا صحيفة ناطقة باسم المعارضة اماالاذاعة فقد كانت ناطقة باسم الحركة الشعبية وليس التجمع. كانت بداية التجمع خاطئة وبالتالي كانت كل المسيرة خاطئة . فمن البداية حاول اليسار بذكائه المعهود الهيمنة علي المعارضة وتركزت حطتهم علي تنصيب رئيس للتجمع يمكن تدويره لذلك فصلوا زعيم الطائفة المسكين الساكت علي زعيم الطائفة المتكلم وكثير الحركة. ورفع الرئيس شعار:" سلم تسلم." واخيرا سلمه النظام وزارة التجارة ونائب رئيس الجمهورية،فسلم. وقبلها جلس 12 قياديا من التجمع الوطني في برلمان النظام وقبضوا الامتيازات واجازوا قانون الانتخابات الذي اتي بالمجلس الحالي.
ومن هزليات التجمع الخطيرة هي اللعب بالنار والسلاح، ففي تنافس مع الحركة الشعبية ظهرت موضة تكوين فصائل مسلحة لكل حزب بمفرده لاثبات ان الحركة لا تقاتل وحدها ونفي أنه ليس للتجمع قوة مسلحة.فظهرت قوات التحالف وجيش الامة والاسود الحرة. وبدأ عبث خطير بارواح الشباب المتحمس والصادق. وتم لاحقا حل كل هذه الكيانات السيركية بصمت ودون أي تقييم أو نقد للتجربة:لماذا نشأت ولماذا اختفت رغم الكلفة البشرية العالية؟
ودون اعلان وفاة التجمع واكرام دفنه ورثه ما سمي:" قوى الاجماع الوطني "وهنا أبى " حزب الامة" الا أن يكرر تجربة شق التجمع الوطني فشكل كيان:" نداء السودان". وهنا السؤال: ما هي نقاط الخلاف الجوهرية والموضوعية التي استوجبت وجود كيانين معارضين بينما الهدف واحد هو اسقاط النظام؟
حاول حزب الامة المؤسس لنداء السودان ان يستقوى بسلاح ما سمي ب" الجبهة الثورية" رغم حدبثه عن خيار وحيد هو الحل السلمي والحوار ولكن العلاقة كشفت عن وهم كبير ولم تفد حزب الامة بشئ كما أنها لم تفد الجبهة نفسها لأنها لم تخلص اهلها من القمع بل ضاعفت معاناتهم. يقول الشاعر(حمزاتوف): لا تخرج سيفك من غمده ان لم تكن ستحسن استخدامه، فالجبهة رفعت السلاح واساءت اسخدامه لذلك صالح كثير من عناصرها النظام .وهنااهدي قيادة الجبهة قصيدة(جيفارا مات)لاحمد فؤاد نجم بصوت الشيخ امام خاصة مقطع: يا بتوع نضال آخر زمن في العوامات". فالمسؤولية عظيمة وارواح الناس امانة في اعناقكم.
اما المجتمع المدني فيذكرني باندية الموظفين في الاقاليم خلال ستينيات القرن الماضي.رغم ان واجبه ودوره هو:التثقيف السياسي وبناء نقابات واتحادات بديلة.فقد توقف عند فضح النظام الذي يقوم بمهمة فضح نفسه باعماله.
الاحزاب الكبيرة الشيزوفرنية تحولت الي كائنات اميبية دائمة الانقسام والتشرذم وتمارس الهزل السخيف : نصف الحزب في القصر الجمهوري والنصف الآحر في دائرة المهدي أو الميرغني: وبكي بعضي علي بعضي معي.
اما الحزب الشيوعي طليعة النضال أو (الكليتون) الذي كان يجر ويقود كل القوى السياسية، فان البعض يعمل حاليا علي تحويله لحزب فولكلوري يذكرنا باغاني الحقيبة والدوبيت ورقصة الكمبلا والعجكو.كما تأتي تصريحاته وبياناته من كهوف الحرب الباردة الباردة ومقابر الكتلة الشرقية. اما حزب البعث فقد دفن مع(جادين).
ويبقي حزب المؤتمر السوداني مثل السيف وحده في الشوارع والاسواق.
ايها السائل العزيز لهذه الاسباب لم نقتلع النظام حتى الآن. لابد من مقاومة جادة وحقيقية وليست معارضة هزلية . وتكون البداية بنقد ذاتي لكل التجربة وعقد مؤتمر جامع يجيب علي السؤال: لماذا فشلنا في اسقاط نظام يستند علي عصا سليمان؟ ثم يضع الآليات الممكنة للعمل المقاوم الذي يتجنب أخطاء الماضي. هذه هي البداية الصحيحة. وهذا عمل لا يحتاج لبيع كلي ويمكن قيامه بالعون الذاتي حالا.
أرجو آن نبتعد في مناقشة ما تقدم عن حذلقات تهمة جلد الذات أو الحديث عن الاحباط لأن مستقبل الوطن مهدد الآن بفوهات بنادق قوات الد عم السريع وفتاوى السلفية الجهادية أو داعش السودانية.
توضيح:
لم اقصد في المقال السابق يفضل خريج في الحديث عن تكوين رئيس هيئة علماء السودان، تقريظ تلك الجامعات الدينية ولكن حسب التقييم الصولي تفضل تلك الجامعات ولكن عالمنا الهمام فضل عليها جامعة (ادنبره) جريا وراء امتيازات المبعوثين والمكانة.
hayder.ibrahim.ali@gmail.com