السودان والحاجة إلى كشف المستور: بقلم: د . أحمد خير / واشنطن
3 March, 2010
إذا خرجنا من النظرة الكلية للسودان ، إلى إخفاقاتنا فى كل القطاعات فى المجتمع السودانى الذى يضم بين جنبيه قطاع التعليم والصحة والصناعة والزراعة والإقتصاد ، ثم فئات الأطفال والشباب وكبار السن والمرأة ، بغرض التركيز على جزئيات التركيبة لكل فئة من تلك الفئات ، وكل قطاع من تلك القطاعات ، أى تفكيك كل جزئية لنكشف ما بداخلها من تجويفات أو فراغات ومسببات تلك التجويفات أو الفراغات ، بهدف تحريك وتفعيل القوى القادرة فى المجتمع ( قطاع عام وقطاع خاص ) وتشجيعها للقيام بدورها بفعالية حقيقية ، سنجد أن تلك القوى تحتاج أولا : إلى الإعتراف بأن هناك مشكلات ، ثانيا : وجود حافز يدفعها للقيام بدورها فى علاج تلك المشكلات .
الأطفال
هؤلاء الأبرياء الذين أتوا إلى هذا العالم ليواجهوا مصير رسمه لهم المجتمع ومالهم إلا التعايش معه . يعيش البعض منهم حالة يغلب عليها العوز والفاقة ، واقع ليس لهم إلا تقبله . منهم من ينشأ بلا معرفة أو إنتماء لوالديين فيواجه بظلم المجتمع منذ نعومة أظافره ، فيكبر وفى النفس شئ من الشعوربالظلم. ومنهم من يقاسى مع والدين يكدون ليوازنوا بين قلة الدخل ومنصرفات تتزايد بين يوم وآخر . وآخرين من جاء غير مرغوب فيه ليتلقفه الشارع فينضم إلى شريحة تواجه ظلم لامفر منه بسبب ليس لهم فيه يد ! هؤلاء ماذا أعددنا لهم؟! وإلى أية قبلة يتجهون ؟!
الشباب
هذه الفئة التى شنفنا آذانها بأنها المستقبل وأنها عماد الوطن وأنها ...وأنها ... كيف تحولت وعودنا لهم إلى سراب يعيشونه فى كل يوم وكل لحظة ؟! هذه الفئة التى قضت السنوات الطوال فى الدراسة والتحصيل بجهد وإخلاص وسهر اليالى بغرض الحصول على شهادة أصبحت بين أيديهم لا أكثر من قصاصة ورق تزيد من همهم هما كلما نظروا إليها وهى معلقة على حائط نسج العنكبوت خيوطه من حولها إمعانا فى الذل والمهانة! ماذا أعددنا لجيل المستقبل الذى بات يشعر بأن المستقبل مظلم والحاضر أدار لهم ظهر المجن؟!
إلتقيت بشباب هم فى عمر الزهور ، منهم من يخرج منذ شروق الشمس يبحث عن عمل يوميه " طلبه " وهو الذى يحمل البكالوريوس والماجستير فى بلد بكر تصول وتجول فيه فئة ضلت الطريق إلى المناصب العليا ، لابحكم الكفاءة والمعرفة العلمية ولكن بحكم أنهم من أهل الثقة والواسطة والمحسوبيات ! يمكننا أن نقول بأن أولئك أيضا من أبناء السودان ويحق لهم العيش ولكن لايجب بأية حال من الأحوال أن يكون حالهم قد تغير إلى الأفضل بسيرهم على أجساد أولئك الذين لاسند لهم غير التمسك بحبل الله الذى لايخذل الضعيف ومهما طال الزمن !
ومن أولئك الشباب من باتوا يتنقلون من ظل شجرة إلى ظل شجرة أخرى يقضون يومهم يلوكون تصاريف الأيام وغبن السنين ! إلى من يتجه هؤلاء والسلطة منشغلة عنهم إما بحرب فى الجنوب أو حرب فى الشرق وحرب فى الغرب ! من المسئول وإلى أين يلتفت هؤلاء؟!
الشباب هو عماد المستقبل شاء أولياء الأمر أم أبوا ، هم من يجب أن تقوم على سواعدهم عبء التنمية والنهضة فى بلد يوصم فى كل يوم بالتخلف ! فإذا لم تعتمد الدولة على شبابها على من إذن يكون الإعتماد؟!
هل من الصعوبة أن يجلس كل من هو على قمة وزارة مع بعضهم البعض ، يتشاورون فى الكيفية التى يمكن معها إستغلال طاقات الشباب بإيجاد العمل المناسب لكل منهم ؟! وهنا لاننادى بإسلوب كما حدث لبند العطالة فى ستينيات القرن الماضى الذى وجد معه وزير المالية الأسبق الشريف حسين الهندى " طيب الله ثراه " مخرجا لتشغيل العطالة من خريجى الجامعات والمعاهد العليا ، الذين غزا بهم المكاتب الحكومية بدون أعباء تذكر! ننادى بإيجاد خطة متكاملة تخرج الشباب من عنق الزجاجة إلى براح العمل والعيش الكريم . هل هذا أمر صعب ؟! ليعلم كل مسئول ، أن الشباب يملك الطاقة وعلي المسئولين تحويل تلك الطاقة إلى عمل ينفع أو هم سيحولون طاقاتهم للتدمير، وليس هناك بين بين بعد أن يطفح الكيل وتسد المنافذ . تحركوا قبل مجئ الطوفان ، وعندها لن ينفع الندم .
كبار السن
تلك الفئة العمرية التى أفنت زهرة شبابها خدمة لهذا البلد ومابخلت ، ماذا قدمنا لهم ؟! هناك من وصل منهم إلى سن التقاعد وهناك من أحيل إلى التقاعد برغم الحاجة إليه ، ولكن ماكان إلا لأهل الثقة أن يحلوا محلهم ولو كره الكارهون !
تقاعدوا إمتثالاً للأمر ، هل هناك دراسة قامت لمعرفة ما إذا كان مايصرف لهم من معاش يسد الرمق أم لا؟! كم من ارباب الأسر قد تضررمن إحالتهم للمعاش ألإجبارى أوالمعاش بحكم السن ؟! وإلى أين يتجه هؤلاء ؟! " إرحموا من فى الأرض يرحمكم من فى السماء" هل عملتم بذلك النداء ، وإلى أين ستتجهون يوم لاعاصم لكم ؟! لاتنسوا أولئك الكبار من الذين لم يتبقى لهم فى هذه الحياة غير الصلاة والدعاء . كم من دعوة داع ترفع إلى السماء ، ومن غيره سبحانه وتعالى يقبل دعوة الداع إذا دعاه ؟! إن لم تخافوا الدنيا أما تخافون الآخرة ؟! أما تخافون يوم تشخص فيه الأبصار ؟!
خصصوا يوما واحدا لكبار السن . ليلتفت الجميع إلى تلك الفئة التى تكابد العيش إلى أن يقضى الله أمرا كان مفعولا !
المـرأة
هى التى كرمها الله بجعل الجنة تحت أقدام الأمهات منهن ، فهل كرمت فى زماننا هذا ؟! وأي نوع من التكريم ؟! التكريم ياهؤلاء ليس بجعل أو تخصيص مقاعد لهن فى البرلمانات ، فهذا جانب واحد ، أين الجوانب الأخرى ؟! تكريم الفتاة التى فى مدرج العلم وفى الحقل وفى المصنع ، تكريم الفتاة التى تنتظر رفيق الدرب ولايأتى بسبب الحاجة أو الهجرة القسرية التى سافر فيها الشاب لتحقيق حلم دريهمات يجمعها ليقترن برفيقة درب أعياها المشوار لطول الإنتظار !
لقد عملتم على إفساح المجال للحب فى منتزهاتكم " حبيبى مفلس " وهذه خطوة أولى لأقراركم بأن الحب الحلال هو من ينتهى بعقد القران ! مالهؤلاء الذين أباحوا الحب لايبيحون مايدعم ذلك الحب من عمل شريف يؤهل المحبين إلى الإرتقاء فى سلم الحب درجة أو درجات توصل إلى عش الزوجية وليس إلى عش الرذيلة ، ياهؤلاء ، أما فيكم من رجل ذو بصيرة وذو نخوة ليهب وينهض بالمجتمع إلى مراتب عليا ؟! مجرد ســؤال !
Ahmed Kheir [aikheir@yahoo.com]