الشارع يكسر حواجز الصمت والخوف والأحزاب ساكنة،باردة،ميتة،سلبية وقياداتها مُرتعبة!!. مؤيد شريف
+ هذه حقيقة للتاريخ والتوثيق.. تجمعات طلابية عفوية .. من مستقلين وحزبيين خارجين على أحزابهم وتوجهاتها، ملأت الشوارع في غير مكان من السودان.تعرضت لقمع عنيف، وإعتقالات مستمرة،وقيادات الأحزاب لم يفتح الله عليها بإعتراض مكتوب صغير "وريقه"!!..
+ الناس..البسطاء..المسحوقون..ضحايا إقتصاد الفساد الإنقاذي،يتحركون ذاتيا وعفويا،ليُعبروا عن ضائقتهم المعيشية،عن ضنك العيش وإستحالة الحياة بشروط القِّلة الفاسدة،عن فقدانهم الأمل في الحياة الكريمة وحياة الستر ( كل ما يطلب السوداني البسيط)، يحركهم الشظف ، والضنك ، والحرمان ، وقسوة من نصبوا أنفسهم سادة عليهم .
+ حركة الشارع الان : لا قيادة معارضة تقودها ( على وجه الإطلاق أقطعُ بذلك ) ، أو تدعوا لها ، أو تُناصر أو تُبارك حراكها !!، والأحزابُ في رُعبها من قمع النظام سادرة !..
+ سكونُ أحزاب المعارضة، وسلبيتها حيال أوضاع الشعوب الكارثية، يعدُ خيانة بكل ما للكلمة من معنى..خيانة للشعب، وخيانة للوطن، ولمسؤولياتهم " إن كان لهم وعي بها "، وخيانة لمستقبل ومصائر الأجيال القادمة..
+ الطلاب..رأس الرمح في كل حراك له معنى وجدوى ، يُنظموا صفوفهم اللحظة ، وترتفع أصواتهم دفاعا عن حق الشعب في العيش بكرامة ، وأجهزة أمن القِّلة الفاسدة ، تقمع كل تجمع صغير لهم بعنف بالغ ، وقسوة غير مسبوقة..
+ بعض الجامعات الان تُحاصرها أرتال من سيارات الأمن المُدرب على القمع بأقسى الطرق ، يتدثرون بلباس الشرطة ، ومكافحة الشغب ، والصمت يلفُ قيادات المعارضة حيال كل ما جرى ويجري ، والطلاب يجدوا أنفسهم في مواجهة جهاز أمني قامع يُخصص لخدمته 90% من ميزانية البلاد ، وظهورهم عارية ، تتلقى الضربة تلو الضربة!..
+ هذا المشهد يجب أن يفتح أعيننا حيال أحداث التاريخ ، ويشهد أن ثورات الشعب صنعتها الكتل المجتمعية المُتململة ، وركبتها القيادات !
+ القِلة الملتاثة بالحفاظ على سلطتها بكل الأثمان ، والوسائل خبيثها قبل عنيفها ، أمنت جانب الأحزاب ، وعرفت مكمن الخطر ، لذلك هي تتجه الان لتعليق الدراسة في الجامعات المُلتهبة ، لتفصل بين الشعب وطلابه الأحرار..
+ إنها ثورة الطلاب .. والشعب المسحوق .. وجُبن القيادات!..
+ في تونس بدأت الشرارة ، بصفعة من مسؤولة بلدية ، وجهتها لخد جامعي عاطل ، تخير لنفسة مفرشة خضار على الطريق العام ، يكسب منها رزقه
ويسد بها بعض رمقه ورمق من يعول . سعى العاطل إلى قانون كان يظن أن فيه إنصاف له ، فلم يقابل إلا المزيد من الذل والإهانة . فبادر بإشعال النار في جسده تعبيرا عن الحنق الذى أبلغوه والغل الذى طاله ، فكانت المظاهرات وإشتعلت ثورة الشباب والعطالى .. وما أكثرهم في بلادي المختطفة والمنهوبة !..
+ ولنا في شعب تونس أسوة حسنة ، ونموذج يحتذى ..
+ قيادات معارضاتنا ، لا تكفيها الخُطب النارية ، ولا تكفيها تعرية النظام وإفتضاح فساده المعلوم للقاصي والداني.. إنما تشفع لها الوحدة ورغبات الشعوب في مواجهة ومنازلة صلف القِلة الفاسدة في الشارع ، والإعتصام في الشارع لحين زوال كل أثر للنظام المُفسد ..
هذا أو عار الأبد ، وخزي التاريخ ، وإنتفاء كل أثر وتأثير لهم في المستقبل القريب . فمن تَّخلى ، تُخلي عنه....
+ الجماهير تبعثُ بالرسائل اللحظة لقادة المعارضة بتحركاتها العفوية
قائلة :لم نعد نحتمل.. طفح الكيل وبلغ الغضب بالغا لا تُجدي معه الروية المصطنعة ولا الحكمة المُدعاة ..تجاوزناكم بحراكنا ، ولن ننتظر حكمتكم حتى يهلك منا الواحد بعد الآخر ..
+ قبلت قيادات الأحزاب بما تُسميه "جبر الكسر" الخاص بها ، وتسلمت تعويضاتها من مال النظام الفاسد ، قبل أن تضمن وتفي بتعويضات خواطر الشعوب المكسورة ، ودماءه المهرقة غدرا وعدوانا وإبادة ، فصنعت بينها وبين شعوبها - مكسورة الخاطر - جُدرانا من الشك والريبة والتحاذر..
واليوم يُثبت هذا الشعب العظيم مبادأته ووعيه النوعي ، ويُثبت الطلاب أنهم على قدر المسؤولية والأمانة .. والله إني لمفاخر بطلابنا الدنيا .. التحية للطلاب العزل من السلاح وهم يُنازلون قوى الأمن المتجبرة بقوة السلاح والقمع ، وليكتب التاريخ لهم المبادأة والتضحية والخلود..
+ في الوقت الذى تتكدس فيه خزائن بنك أم درمان الوطني بالحسابات المليونية الدولارية لقيادات الإنقاذ وأمنها ، يعيش الشعب حالة كارثية من الغلاء ، طال جميع سلع الحياة الضرورية اليومية ، ويرفض النظام إخضاع البنك المعني لمراجعات المراجع العام ، ويُجبر المراجع العام في كل عام على إعتماد الحسابات الختامية للبنك كما تُقدم إليه ودون تمكينه من الإطلاع بمهامه ومراجعة حسابات البنك الداخلية ، وهو ما يعني عمليا عدم خضوع أصحاب الحسابات الدولارية المليونية من نافذي السلطة للنظام الضريبي ولوائح تنظيم العمل المالي والمصرفي ، وكلها مظاهر لفساد مُعلن لا يحاسب إزاءه أحد ولا يخضع أحد لمساءلة أو محاسبة . ويُعاني المرضى المُقرر علاجهم بالخارج في الحصول على العملة الصعبة لتغطية مصاريف علاجهم ومداواة أمراضهم المستعصية!! ، وبعد كل ذلك ، يأتي وزير مالية النظام الهالك ليُحمل طبقات الشعب الأضعف مسؤولية فساد القِلة المُتنفذة برفعه لأسعار المحروقات والسكر والسلع الضرورية! ، حتى يزداد أولياء نعمته غنى وتزداد الفاقة ويزداد الفقر وسط جموع غالبية الشعب المسحوق! !!
هذه أوضاع كارثية تُحتم إزالة كل أثر للنظام الفاسد عاجلا غير آجل ،
وإلا أصبحنا على زوال السودان الوطن وتمزق أطرافه منه على نحو مُتسارع وإنهيار كامل للوطن .. ومعارضة الوطن نائمة تترقب وكأن الأمر لا يعنيها في شيء ، وتواصل أدوارها المُملة في تشخيص الأزمة وتحليل الأوضاع! ، وأدوارها غير ذلك تماما ..
+ خروج جماهير الطلاب إلى تظاهرات الشارع ، يعدُ تحديا شجاعا للتحذيرات العديدة من والى الخرطوم ومدير شرطة الولاية وقياديي المؤتمر الوطني وجهاز أمنهم القمع ، إذ إلتقوا على تحذير الشعب من الخروج إلى التظاهر ، وتوعدوه بالويل والثبور وعظائم الأمور في حال عصيانه لصلفهم وتحذيرهم بعدم الإعتراض على الأوضاع المعيشية الكارثية التى يعيشها
الشعب كله دون إستثناء إلا لقِلة من نافخي كير النظام وماسحي الجوخ المتنعمين بمال النظام المُفسد..
+ فماذا تنتظر قيادات المعارضة ؟
وما الذى ستخسره إن هي توحدت ورغبة الشعب العارمة في التحرر والإنعتاق من حكم الإستعمار الثاني؟
+ لقيادات الأحزاب فرصة أخيرة : إما أن يتوحدوا ورغبات الجماهير من المتحزبين لهم وغير المتحزبين ، أو أن يحكموا على أنفسهم بالذلة والمسكنة
، والتاريخ لا يرحم ، وليكونوا على قدر التحدي والمسؤولية الجسيمة ،
ويتهيئوا لتقديم كل التضحيات ، فالشعب الذى يُضرب ويُقتل ، سابقٌ في تقديم النفس والروح لأجل خلاصه وصيانة مستقبل الأجيال القادمة ..
moyed sharif [sharifmuayad@gmail.com]