الشتات السودانى: مفاجآت البحث عن الجذور!! … بقلم: يحيى العوض

 


 

يحي العوض
17 August, 2010

 


عند  توثيقنا  لتجارب  الهجرة  واللجوء   والاغتراب  لاجيال  من  السودانيين ,  تقفز الى  الاذهان   صورة   من  تراثنا    المعاصر ,  لها  دلالاتها  عن   سودانى  من  عامة  الناس  ,  خلده  كتاب  مدرسى , صدر فى  اربعينيات  القرن  الماضى   ,  تبادلته  واعجبت  به  اجيال  من  السودانيين   ,  عنوانه  "  سبل  كسب  العيش  فى  السودان  " ,  أشرف  على  صياغته  الاستاذ  الكبير  عبد  الرحمن  على  طه  . وعثرت  على  توثيق  رائع  للكتاب  بقلم  الاستاذ  الفاضل  حسن  عوض  الله , يلخص  الزيارات  البحثية  التى  قام  بها  اساتذة  أجلاء  من   بخت  الرضا  شملت  مناطق  فى  شمال  وجنوب  وشرق  وغرب السودان , وهم  .  الاساتذه :  مكى  عباس  ,  النور  ابراهيم  ,  الشيخ  مصطفى  ,  عبد  العزيز  عمر  الامين  , عبد  الحليم  جميل  , احمد  ابراهيم  فزع  , عثمان  محجوب  , سر  الختم  الخليفة , ومستر  ومسز  سمث , وثقوا  لشخصيات  حقيقية  ونشروا  أسماءها.
يقول  مطلع  الأهزوجة  التى  كتبها   الاستاذ  عبد  الرحمن  على  طه  :
فى  القولد  التقيت  بالصديق
أنعم  به  من  فاضل  صديق
خرجت  أمشى  معه  للساقية
ويالها من ذكريات  باقية
وكم  أكلت  معه  " الكابيدة "
وكم  سمعت  "أورو  ألوده "
ودعته  والأهل  والعشيرة
ثم  قصدت من  هناك ريرة..
والمفارقة  المريرة ,  ان  , صديق  عبد  الرحيم , الرمز لاستقرار المزارع   السودانى وخصوبة  أرضه , اضطر  للهجرة  الى  الولايات  المتحدة  واستقر  هناك الى ان  توفى  عام  1998  وله  من  الابناء  كمال  ,  نتمنى  ان  يسهم  معنا  فى  توثيق  سيرة  والده..
واثارت   الدراسة  التى  نشرت  الاسبوع  الماضى  :  الدرويش  الصغير  , اسطورة  طفل  سودانى كرمه  الجيش  البريطانى,   الكثير من  التعليقات  ,  وسرد  حكايات  مشابهة ,  استقصت  جذور سودانيين  اجبروا  على  الشتات , بعضهم  استرقاقا  واخرين  لظروف  العمل , أو  اختيارا  بحثا  عن  ظروف  افضل . وسوف  نوثق  بالتفصيل  الوقائع  التى  تكرم بها اساتذة  أفاضل  . وكان من  المبادرات التى  وصلتنا  دراسة  الفنان  الدكتور  ابراهيم  حسن "كوجان " عن  البارونة  ميرال حسين  , عضو    مجلس  اللوردات  البريطانى عن الحزب  الليبرالى الديمقراطى ,  فى الانتخابات الاخيرة  ومن ناشطى    حقوق  الانسان   , واعلنت  بعد  انتخابها  انها  وابنة  عمها  الفنانة  الشهيرة  ,  تيريسى  أمين ,  من اصول  سودانية   , تم  فى عام 1860 م استرقاق   جدهما  عبد  الله   , وكان  عمره 13 عاما , وكان  مع  شقيقته 12 عاما   يصطادان  السمك  , فى  منطقة  بشمال  السودان , فخطفهما  تاجر رقيق ,راقبهما   وتابعهما   فى  قارب , وحاول  والدهما  وهو  من الاثرياء , ومن  اصحاب  الاملاك  مطاردة   القارب  مع  محموعة  من  اتباعه  حتى  سقطت  خيولهم  من  الاعياء , فعادوا  ادراجهم والحسرة تقطع  نياط  قلوبهم  .واوضحت  البارونة  ميرال  ان  الخاطفين  اخذوا  جدها   الاكبر عبد الله  الى  ميناء   لاراناكا  بقبرص  حيث  بيع  فى  مزاد   للعبيد  واشتراه  احد  الاثرياء  من  القبارصة  اليونانيين  بثمن كبير, لتمتعة  بطول  فارع  وقوة  فى  جسمه , وقد  افترق  عن  شقيقته  بعد  المزاد . واوكل  له  سيده  الجديد الاشراف  على  خيوله  وابله  التى  كان  يربيها  ويتاجر  فيها , وقد  حاول  سيده  وهو مسيحى  العقيدة  اجباره على  تغيير  ديانته  الاسلامية,  لكنه رفض وازداد  اصرارا , و قام    بتعذيبه   وتعليقه  من  ارجله   فى  شجرة  طوال  النهار  فى  الشمس   المحرقة  , واخيرا باعه  الى الى  تاجر  تركى  مسلم  وعامله  باحسان . وبعد  سنوات  فى  خدمته  اعتقه  وواصل  عبد الله  عمله  فى التجارة  وشيد  اول  مسجد  فى  القرية  وتزوج  من  سيدة  تركية . وانجب  عبد  الله  سبعة   ابناء من  بينهم  والد  الفنانة  تيريسى واسمه   انفر   وهاجر  ايضا  الى   بريطانيا مع والد  البارونة  ميرال  عام  1948م  الذى عمل فى  الشرطة  ولحقت به  زوجته  عام 1952م  , وشارك فى  الحرب  العالمية  الثانية   واسرته  القوات  النازية  وظل  فى  معسكرات  الاعتقال الى  نهاية  الحرب . وولدت  البارونة ميرال  فى مدينة   لستنجتون  ببريطانيا.
وتعتبر  ابنة  عمها  تيريسى  أمين  من  اشهر الفانين  التشكيليين  فى  بريطانيا  واكثرهم  جرأة   وهى خريجة الرويال  كوليج  البريطانية , وتنظم  معارض  , تتصمن  صرعات  فنية  ولوحات  صادمة  من جرأتها  .!
و فى  سياق  توثيقنا  لتجارب  اجيال  سودانية  فى  الهجرة  واللجوء  والاغتراب  ,واضيف  اليها  الخطف  والاسترقاق  ,سنواصل  نشرها  تباعا , مع  مناشدة  الحميع   لمزيد   من  البحث  والاستقصاء , خاصة  فى  البلاد  التى  استقر فيها  هؤلاء  الرواد . وبعث  الاستاذ  محمد  الطاهر  ازيرق  برسالة  تلقاها  من  الاستاذ محمد  طاهر  حامد  ,عن  قصة   ستة  عشر شابا  سودانيا  من  قبيلة  الحلنقة   البيجاوية السودانية , ذهبوا  فى  نهاية  القرن  التاسع  عشر  الى  المانيا  بصحبة  رجل الاعمال   Karl  Hagenbeck  كان يعمل فى استيراد   وتربية الحيوانات  المتوحشة   واستعان  بهم فى  اقامة  معرض باسم   Anthropologic zoological exhibition         واتصل  بالشبان  الباحث  اللغوى راينش  Leo Reinisch ليكمل  دراسته  عن  اللغة  البيجاوية بعد  فقده  لاوراقه  التى  وثق  فيها  اثناء  زيارته  لمدينة  بورتسودان  , وقد  اثير هذا  الموضوع  فى  ورقة  قدمها  الباحث  اندرزيسكى فى  سمنار  الدراسات  الافريقية الذى  انعقد  بجامعة  الخرطوم عام 1968م  ( عنوان  الورقة بالانجليزية   Andrzejewski, BW. 1968, The Study of The Bedauye Language,   The  Present  position and prospects, Sudan Research Unit,U.of .K, Khartoum, African studies Seminar Paper No.4
ونتمنى ان  يساهم  معنا  الجميع , خاصة  الاخوة  فى  المانيا  لاستكمال  هذا البحث  واستقصاء  مصير الشبان البيجاويين  الذين  شاركوا  فى  هذا  المشروع  الهام ..
وهناك  رسائل  فى  البحث  عن  الجذور  وصلتنا  من  اساتذة  اجلاء ,  منها  رسالة  الصديق  ابوبكر  سيداحمد  عن  الفرقة  العسكرية  السودانية   التى  حاربت  فى  المكسيك عام 1863م والمكونة من 446 ضابط  وجندى  ومترجم  واحد ,و ايضا  قصة  القديسة  الدارفورية بخيته  جوزفين , كتبها  الاستاذ  محمدين  محمد  اسحق  والمقيم  فى  بلجيكا  .  ووصلتنا  رسائل  عن  الصحفى   السودانى  الدارفورى  محمد  على  دوسة  والذى  اصدر  جريدة  الأزمنة  الافريقية فى  لندن  عام  1912م    ,  وبالتأكيد  هناك  العديد  من  الرسائل   عن  الصحفى  المناضل   فيلكس  دارفور الذى عاش فى  فرنسا  وسافر  الى  هايتى   عام  1818 واصدر  صحيفة ( المستنير )التى  شنت  حملات  ضارية  ضد  العنصرية  وتم  اعتقاله  وحكم  عليه  بالاعدام  ونفذ  فيه  رميا  بالرصاص !  واهداه  ,  شاعرنا  الكبير  محمد  الفيتورى ,  ديوانه  "  عريانا  يرقص  فى  الشمس "  ورثاه  شعرا  ونثرا   بكلمات  بليغة  , وموعدنا  الاسبوع  القادم  ان  شاء  الله   للمزيد من  التفاصيل عن  سيرة  ومسيرة    هؤلاء  الرواد  ..  وساهموا  معنا  ..
الحلقات  الاولى  والثانية:  منبر الرأى  سودانايل
الدرويش الصغير: أسطورة طفل سودانى كرمه الجيش البريطانى ! .... بقلم : يحيى العوض

    مناحة الصقيع: رواد أول انفصال من السودان .... بقلم: يحيى العوض

yahyaalawad@hotmail.com

 

 

آراء