الشجر الكبير يموت واقفا!

 


 

 


بسم الله الرحمن الرحيم

( سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم )
( رب اشرح لى صدرى ويسر لى أمرى واحلل عقدة من لسانى يفقهوا قولى )
( رب زدنى علما )

أبدا ليس هنالك أوجه مقارنة البتة بين البروفيسيور محمد هاشم عوض ودكتور جبريل إبراهيم الفرق كبير جدا بين الخبير الاقتصادى والأستاذ الأكاديمى محمد هاشم عوض وبين دكتور جبريل الأستاذ الجامعى هذا هو الفرق بين محمد هاشم عوض الأستاذ الجامعى المؤدب المهذب الصوفى المتواضع وبين أساتذة الجامعة الآخرين المناضلين بين قوسين .
شتان بين خبير إقتصادى عالمى قومى العلاقات والصفات وبين أستاذ جامعى عصبى المزاج قبلى التوجهات والصداقات !
سألنى أحد الأصدقاء قائلا :
لماذا لا نراك دائما فى باريس مع الدكتور جبريل إبراهيم وهو المتواجد فى عاصمة الجمال الساحرة الخيال ؟
قلت له ببساطة دكتور جبريل فخور بأنه رئيس أكبر حركة مسلحة [ حركة العدل والمساواة ] ، ومن حملة الدكتوراة ، وأستاذ جامعى ، ورجل أعمال فهو ليس فى حاجة لأمثالى برغم أنى أحمل رسالة ماجستير مكملة للدكتوراة فى الشريعة الإسلامية قسم العقيدة والفلسفة وإعلامى وكاتب صحفى بخبرة إمتدت أكثر من ثمان وثلاثين سنة .
يا صديقى جبريل إبراهيم لا يضيف لى شيئا لقد أكرمنى الله بإجراء حوارات مع قامات عالمية ، والحمد لله وله المنة من قبل ومن بعد فقد حاورت بطل الملاكمة العالمى الراحل المقيم الأسطورة محمد على كلاى فى أفخم الفنادق بمدينة بحرى فى حضور بطل السباحة العالمى السلطان كيجاب وكثيرا ما كان يساعدنى فى الترجمة .
كما حاورت الشيخ العلامة الذائع الصيت عالميا محمد الغزالى
وأعددت كتابا عنه تحت عنوان :
( فى محراب الغزالى العالم المثالى ) لكن للأسف ضاعت المخطوطة فى السعودية كما حاورت أول وزير ثقافة للزعيم الخالد جمال عبد الناصر الدكتور فتحى رضوان والرئيس الأسبق لمنظمة حقوق الإنسان العربية .
كما حاورت أقرب المقربين لعبد ناصر صديق عمره الأستاذ أحمد حمروش عضو مجلس قيادة الثورة ، وعضو الضباط الأحرار ، وبعد نشر الحوار جاء إلى الأستاذ / إبراهيم عبد القيوم رئيس مجلس إدارة الأيام ورئيس تحريرها الأسبق بعد أن جاء للأستاذ / أحمد البلال الطيب ، وطلب منه أن يقدمنى له فإستدعانى أحمد البلال الطيب حيث يومها كنت أعمل معه محررا بجريدة الأسبوع ، وعرفنى به فما كان من الأستاذ إبراهيم عبد القيوم إلا أن إندفع نحوى ، وإحتضنى ، وقال لى : أهنئك على هذا الحوار الهام ، وهو من أجمل الحوارات الصحفيه .
كما حاورت زعيم الأخوان المسلمين عمر التلمسانى ، وحاورت الداعية الإسلامية الحاجه زينب الغزالى .
كما حظيت بحوار الأستاذ الكاتب الكبير جمال البنا وأهدانى عدة كتب من مؤلفاته ، والشيخ صلاح أبو إسماعيل ، وكذلك الشيخ المحلاوى الذى قال للسادات جيهان طالق لأنها كانت فى حضن رجل أجنبى .
وحاورت الشيخ حافظ سلامة بطل قناة السويس فى حرب إكتوبر المجيدة الذى رفض ومنع محافظ السويس من رفع الرايات البيضاء ، وقاتل الإسرائليين بشراسه ، وهو يشجع المواطنين على قتالهم حتى تم أسر بعض الضباط الإسرائليين على يديهم .
وحاورت الأستاذ/ بدر الدين مدثر زعيم حزب البعث وأهدانى عشرات الكتب وقلم ذهبى وأثار حواره ضجة صحفية كبرى ويعد مرجع هام لما حواه من مواضيع سياسيه وفكريه هامه وهوموجود فى إرشيف صحيفة الأسبوع وفى صحيفة الهدف البعثية ومجلة الدستور اللندنية .
كما حاورت الراحلة المقيمة فاطمة أحمد إبراهيم المناضلة الوطنية الشرسة .
كما حاورت الدكتور أحمد السيد حمد والدكتور أدم موسى مادبو وزير الطاقة والدفاع الأسبق فى مكتبه بعمارة سيتى بنك .
وحاورت الدكتور الصادق أبو نفيسه ، والأمير عبد الرحمن نقد الله كما حاورت الدكتور بشير عمر فضل الله وزير الماليه والإعلام والطاقة الأسبق .
وكذلك اللواء فضل الله برمه ناصر أحد أبطال الإنتفاضه
والأستاذ عبد الرسول النور حاكم إقليم كردفان الأسبق كما حاورت الدكتور حسن عبد الله الترابى وألفت كتابا عنه تحت الطبع تحت عنوان :
( من الإنقلابى البشير أم الترابى ؟) .
وكذلك حاورت الدكتور عصام أحمد البشير ، والدكتور الحبر يوسف نور الدائم ، والراحل المقيم الشيخ صادق عبد الله عبد الماجد ، والبروفيسيور كامل الباقر المدير الأسبق لجامعة أم درمان الإسلامية كما حاورت الأستاذ بكرى عديل وزير التعليم العالى وحاكم كردفان الأسبق ، والبروف على شمو وزير الإعلام الأسبق والبروف كمال حامد شداد رئيس الإتحاد العام وفيلسوف الكرة السودانية ورئيس قسم الفلسفة بجامعة الخرطوم كما حاورت الدكتور عوض دكام مدير مستشفى طب الأسنان وكذلك مدير مستشفى الأطفال الدكتور جعفر بن عوف المثير للجدل ، وكذلك حاورت السيد الصادق المهدى وأصدرت كتابا عنه تحت عنوان :
( مشاوير فى عقول المشاهير – فى أول مشوار أخطر حوار مع زعيم الأنصار) وكانت تذاع داعيته فى التلفزيون السودانى بصوت أيقونة الإعلام السودانى الراحلة المقيمة الأستاذة ليلى المغربى وأحيانا بصوت المذيع الفلته الأستاذ الرائع أحمد سليمان ضو البيت ، وكان لى شرف أن أكون أول من ألف كتابا عن السيد الصادق المهدى وصار مرجعا وقد إستعان به أحد الدكاترة الذى ساعدته لطباعة كتابه فى جده بالمملكة السعوديه المؤلف الذى نفد بسرعة وطبع لعدة مرات فالسيد الصادق المهدى إتفقت أم إختلفت فهو رقم سودانى خطير يصعب تجاوزه .
وأيضا حظيت بمحاورة الدكتور / عبدالله عمر النصيف الرئيس الأسبق لرابطة العالم الإسلامى ، والذى ساعدنى فى طباعة كتابى عن حرب الخليج الأولى الذى صدر تحت عنوان :
(صدام عدو الأسلام والسلام ) والذى طبع بمطبعة المدينة المنورة عام 1990 م عندما غزا صدام الكويت وهدد المملكة العربية السعودية .
وكذلك حاورت البروفيسيور السورى / برهان غليون أول رئيس لإتحاد المعارضة السورية ورئيس قسم الدراسات الشرقية بجامعة السوربون وكان فى هذا الحوار أول من تنبأ بثورة الربيع العربى وبالصراع السنى الشيعى وأول من تنبأ بما يجرى فى اليمن وأول من رفض حكم توريث الأبناء جمال مبارك فى مصر واحمد على عبد الله صالح فى اليمن وسيف الإسلام القذافى فى ليبيا كما تحدث بتحليل عميق عن أفول حزب البعث وخطايا حزب البعث .
وأجرى مقارنة رائعة بين الأسد الأب والأبن فى تحليل صحفى فريد .
وكان من أمتع حواراتى الصحفية حوارى مع الراحل المقيم محمد هاشم عوض بعد الإنتفاضة ، والذى نشر بجريدة الصحافة ، وكان رئيس التحرير يومذاك الراحل المقيم الأستاذ / على حامد / وأذيع الحوار فى إذاعة هنا أمدرمان عدة مرات ، وبسبب هذا الحوار صرت صديقا للبروف محمد هاشم عوض الذى دعانى لأعمل معه فى صحيفته السودانى الدولية فذهبت إليه فى مكتبه بجامعة الخرطوم وكان يومها عميدا لكلية الإقتصاد فإنتظرته فى مكتبه ، وكان هو فى قاعة المحاضرات وجاء إلى المكتب الأستاذ / محجوب عروة ووجدنى جالسا فسألنى ماذا تعمل هنا ؟ قلت له أنتظر البروف لأنه دعانى للعمل معه فى صحيفته السودانى الدولية قال لى إنها صحيفتى أنا لكن البروف أستاذنا هو رئيس مجلس الإدارة ، ومرحبا بك معنا على كل حال.
البروف محمد هاشم عوض كأستاذ جامعى لم نسمع أنه نهر أى طالب من طلابه فى مدرج الجامعة أو فى قاعات الدرس ، وهو أستاذ الأجيال كما لم نسمع أن البروف محمد هاشم عوض كان خشنا مع أحد طلابه لأنه تجرأ وسأله سؤالا محرجا فقام بطرده من القاعة .
فهذا هو الفرق بين محمد هاشم عوض الأستاذ الجامعى المهذب المؤدب المتواضع وبين أساتذة الجامعة المناضلين بين قوسين .
نعم يا صديقى أنا فى حاجة لجبريل كمعارض وطنى صاحب قضية يجمعنا هدف واحد هدف نبيل ، وهو إنقاذ السودان من براثن النظام الأخطبوطى الشمولى الديكتاتورى رمز الفساد والإفساد نظام عمر البشير نحن فى حاجه للتعاون ، والترابط ، والتماسك لكن للأسف دكتور جبريل مخترق حتى أخمس قدميه وبإعترافه بعضمة لسانه فى إحدى الحوارات الصحفيه ، وكثر الذين إنشقوا منه وإنضموا للنظام ، ولست أدرى هل هو مازال مقتنع بغواصات النظام أم لا يدرى ؟ ودكتور جبريل لا يمكن أن تتصل به إلا عبر واحد من أولاده أو عبر وكيله الصادق يوسف بغير ذلك لا يمكن الإتصال به مباشرة عبر هاتفه لتلتقيه فى أى وقت تشاء ، وقد نسى نحن فى باريس حيث الأمن ، والأمان ولسنا فى السودان يا صديقى المناضل الوطنى لا يهاب الموت لأن العمر واحد والرب واحد لكن أصحاب البزنس حريصون على حياتهم حرصهم على أموالهم .
السياسى الذكى الدهى هو دائما فى حاجة لكسب ود الإعلاميين ، والصحفيين ، ولا يسعى لمعاداتهم كما يفعل الرئيس الأمريكى ترامب فهو ليس سياسى بل هو رجل أعمال السياسى هو فى حاجة إليهم لنشر أخباره وإطروحاته وأفكاره ونشاطاته ومستجداته وبرامجه لإيصالها لجماهير الشعب .
محمد هاشم عوض سودانى ضوفى قومى التوجه تجد فى منزله كثير من دراويش الصوفيه ، وكثير من الضيوف المنحدرين من دار فور ، وكردفان ، والشرق والشمال والجنوب تجد منقو وأرضحال وعجبنا وكركون وإساغه وابكر وهجو وأدروب والمليح محمد ماشا ودمدوم شره البقارى وحمدان المسيرى تدهشك السمات والسحنات والقسمات التى تشكل بوتقه بل لوحه فنيه سودانيه سيمفونيه عبقريه تختلط فيها الألوان وكأنها تعزف موسيقى الحان وأشجان وأغان تنساب مودة وتحنان مغموس فى محاية لوح قرآن الشرافه ، والضيافه ،والناس القيافه ، ولا يوجد لها مثيل إلا فى بلد إسمه السودان .
البروف محمد هاشم عوض عمل وزيرا للتجارة والتعاون فى عهد الرئيس الأسبق جعفر محمد نميرى وهو الوحيد الذى قدم إستقالته بسبب زيادة السكر يوم لا يستطيع راجل ان يقدم إستقالته لنميرى بما فيهم دكتور منصور خالد الذى ملأ الساحة السودانية ضجيجا ، وعجيجا فقد أقيل ولم يستقيل
وبمناسبة منصور خالد فقد ذكر لى البروف ذات مره فى منزله أن دكتور منصور خالد يريد أن يترشح لمنصب سكرتير عام الأمم المتحدة فبلغ الخبر اللوبى المايوى حول نميرى فأسرع الأستاذ الرشيد الطاهر بكر وقال لنميرى حسدا وغيرة منه أن منصور يريد أن يكون رئيسك فقال نميرى : كيف يرأسنى منصور خالد وأنا رئيسه؟ قال له الرشيد : يريد أن يكون الأمين العام للأمم المتحدة ففهمها نميرى ، وعندما جاء إليه منصور بعد أن ضمن ترشيح القوائم الأوربية والعربية والإفريقية ولن يتبق له إلا تزكية رئيسه فى السودان جاء إلى الرئيس نميرى ، وطلب منه ذلك فرفض نميرى بشدة ، وهكذا خرج من عنده منصور خالد ، وقد أوغر صدره فإنطلق يؤلف كتبه المليئة بالعداء والإستعداء ضد جعفر نميرى الذى عينه فى عدة وزارات أشهرها وزارة الخارجية ، وكان كثير الترحال ولا يأتى الخرطوم إلا فى رحلة خاطفة لأنه يعتز بأنه أفضل وزير خارجية مر على السودان ، وهو من طور وزارة الخارجية حيث جعل فيها عدة دوائر الدائرة الأوربية والدائرة الأمريكية والدائرة الإفريقية وهلمجراولكنه فى المقابل أراد أن ينتقم من نميرى فأنتقم من السودان يوم هرب وإلتحق بجون قرنق وهو الذى قدم جون قرنق لأخطر الدوائر الحساسه فى أمريكا والغرب فكانت النتيجة فصل الجنوب بعد ان إستغل إنحطاط نظام البشير الإسلاموى والإسلام برئ منه براءة الذئب من دم إبن يعقوب .
وأذكر تماما أن البروف إلتقيته جوار مسجد الجيش قادم من الجامعة يمشى على رجليه صافحته حيانى بإبتسامته المشرقة ، وبلطفه وظرفه الدائم وطلب منى أن أزوره فى منزله المفتوح فى أى وقت أشاء ، ومنزله الحكومى فى الخرطوم شرق جوار المطار ، وعندما تذهب إليه تجده مكتظا بالضيوف ، وأغلبهم طلابه ، وترى البروف محمدهاشم عوض الذى يمتاز بالكرم الحاتمى يحمل صينية الشاى والقهوة بنفسه ، وهو يوزعها على ضيوفه وهو عميد كلية الإقتصاد ن والوزير السابق قمة التواضع قمة الإنسانية الحقيقية التى تتجلى فى أروع صورها وبالذات فى المساء عندما يجتمع فى حديقة المنزل بالمكفوفين والمعوقين وهو يستمع إلى أصواتهم وألحانهم الغنائية والموسيقية فى أروع صلة إنسانية سودانية .
هذا هو محمد هاشم عوض الأستاذ الإنسان العبقرى الفنان إبن حلة خوجلى فى بحرى محمد هاشم عوض سودانى وطنى معارض ومناضل شريف يحب وطنه السودان حتى الثماله لم يخرج منه حتى مات فيه برغم خبراته وتجاربه ، وتهافت الدول عليه لكنه فضل أن يبقى فى السودان يناضل من داخله وليس من الخارج .
لو أراد الخروج لكن يشغل أعلى المناصب فى الخليج هاهو أحد تلاميذه النجباء الدكتور بشير عمر يعمل الآن فى المملكة العربية السعودية فى أكبر المصارف كخبير إقتصادى فى بنك التنمية الإسلامى وليس كأستاذ جامعى برغم أن بشير عمر كان من أشهر أساتذة الإقتصاد فى جامعة الخرطوم يوم كانت الجامعة معترف بها عالميا كأفضل الجامعات بإعتبارها فرع لكمبردج وإكسفورد وفى إحدى الحوارات الصحفيه مع البروف محمد هاشم عوض قال لى : من أذكى طلابى الذين مروا على فى كلية الإقتصاد الدكتور بشير عمر ألا رحم الله الفقيد الراحل فقد حاربته الإنقاذ فى حياته وشردته وطردته من المنزل الحكومى ، وهو مريض فى امس الحاجة للعلاج ولكنه برغم كل المضايقات لم يستسلم ولم يركع حتى مات والشجر الكبير يموت واقفا .
للحديث بقية .
بقلم الكاتب الصحفى
عثمان الطاهر المجمر طه / باريس


elmugamar11@hotmail.com

 

آراء