الشعبي والاتحادي الأصل وغياب وعي الحرية والتغير

 


 

طاهر عمر
4 October, 2022

 

محاولة الحرية و التغيير إعطاء الفرصة لحزب الترابي و الاتحادي الأصل أن يكونا جزء من روح الثورة مؤشر قوي بأن مستوى وعي النخب السودانية متدني للغاية و يجعلك تتسأل عن عودة الوعي مع توفيق الحكيم و ليس غريب على النخب السودانية في الحرية و التغيير أن تكون فاقدة لبوصلة تحدد لهم موقع النجم القطبي و علاقة الفكر.
الحرية و التغيير في موقف المفضوح فيما يتعلق بمحاولتهم البائسة و عبثهم بثورة ديسمبر و كل مقارباتهم تدل على أنهم لا علاقة لهم بروح و عودة الوعي للشعب السوداني عندما أنجز أعظم ثورة و ما شعارها حرية سلامة و عدالة إلا إعلان لمفهموم القطيعة مع موروث النخب السودانية جيل عبر جيل منذ أيام أندية مؤتمر الخريجيين.
و عليه عقل و روح الحرية و التغيير لم يتجاوز إستفزاز العرق و الدين لنخب مفصولة من التطور الهائل الذي قد أنجزه العقل البشري و مواكب البشرية و قد أنجزت إزدهارها المادي بعد إبتعادها عن كل فكر يرتكز على العرق و الدين و هو قاعدة أحزاب الطائفية مولانا و الامام و يريدون إكمال عقلهم بثالوث مولانا و الامام و المرشد ثم يسوّر بقدس أقداس جهل النخب و هو البعد العرقي حيث يغوص أتباع أحزاب القومجية.
لم يبقى للحرية و التغيير غير أن تقول أنها تريد العودة لمحراب أهل القبلة و غوص عقل النخب السودانية في وحل الفكر الديني و العرق الذي يرجع بنا الى صراع الهويات القاتلة بدلا من تأسيس عقل يؤسس للحريات و قد كانت ثورة ديسمبر و شعارها واضح في مسالة نشدان الحرية و يعني أننا لا نريد العودة لصراع الهويات بل يحتاج مجتمعنا لتأكيد نزعة الانسان للحرية و هي قيمة القيم و حتما لا تكون الحرية في ظل أحزاب تعتمد على الفكر الديني لأنه خطر على قيم الجمهورية لأنها أبنة القيم و القوانيين و التشريعات نتاج عقلنا البشري وفقا لتجربة الانسان و ضمير الوجود.
لماذا لم يسأل قادة الحرية و التغيير أنفسهم لماذا أبعد ولي العهد السعودي وحل فكر الوهابية كطائفة دينية و قال بالمفتوح لا يمكن تحقيق تحول في المفاهيم و مقاربة مع فكر الحداثة في ظل ممارسات أتباع الوهابية؟ ولي العهد السعودي هذا البدوي إستطاع أن يتخلص من مذهبه البدوي الذي وصفه بأنه ضد التقدم و تحقيق تحول أجتماعي و اقتصادي و لأنه بدوي أي ولي عهد السعودية قد تحدث عن التحول الاجتماعي و التحول الاقتصادي و لكنه لم يتحدث عن الشرط الانساني أي السياسة التي تزيل عرشه و ملكيته التي تأبد له دولة ريعية لا يمكن ان يتحدث عن السياسة كشرط انساني.
إذا تحدث هذا البدوي السعودي عن إبعاد وحل الفكر الديني ما الذي يمنع أهل حضارة ضاربة الجذور في السودان أن ترى السبيل الى حضورنا أعراس الحداثة؟ ما الذي يمنع أحفاد بعانقي و يجعلهم لعبة في يد هذا البدوي السعودي الذي لا يريد ديمقراطية في السودان تزلل عروشهم و قد سكنها الملك و السلطان و الامراء و هذا ما عافته النفس الانسانية و قد وصلت لفكر يفترض أن الانسان أخلاقي و عقلاني و أن الديمقراطية بديلا لوحل الفكر الديني أم سيطول انتظارنا للتحول الهائل في المفاهيم؟.
هذا البدوي أستطاع أن يبعد الوهابية كوحل فكر ديني ما الذي يجعل الحرية و التغيير لا ترى غير أصنامها الذهنية في حزب الترابي و مولانا الطائفية؟ ياحرية و تغيير مصر في ظل أغبى رئيس مصري يمر على مصر فيما يتعلق بمستوى الفكر و هو السيسي و يدري أن مصر قد أصبحت دولة بلا أفق بل أفقها مسدود و لا مستقبل لها غير أن تصبح دولة صناعية و لا يمكن أن تكون دولة صناعية في حقبة أغبى رئيس مصري و هو رئيسها الحالي السيسي لماذا تكون الحرية و التغيير في مستوى فكر أدنى من فكر البدوي المسمى ولي عهد في سلسلة ملوك السعودية؟ و هذا السيسي الذي يقود دولة بلا مستقبل و تسير على أنسداد في نهاية نفقها.
يا حرية و تغيير أنتم ترجعون الى وحل الفكر الديني و ترضوا بعودة حزب الترابي و حزب مولانا الطائفية و بدوي السعودية أي ولي العهد يبعد الوهابية لكي يحقق تحول إجتماعي هذا البدوي الذي تسيل أموال البترول في يده كسلعة الطلب عليها طلب عالمي و يقود دولة ريعية أي غبي يمكن أن يقودها يكون في مستوى تفكير أحسن منكم؟ يبعد الوهابية و انتم تعيدون حزب الترابي و حزب مولانا الطائفية؟
بهذا قد صرتم عار و أصبحتم بلا ماء وجه لأنكم ليس لكم أخلاق و لا مشاعر أخلاقية لأنكم قد أصبحتم خاتم ملبوس في يد بدو السعودية و اجتماعاتكم في سفاراتهم هؤلاء البدو الأجلاف يطردون الوهابية من حياتهم و يجبرونكم بأن تتيحوا الفرصة لحزب الترابي و مولانا الطائفية؟ سيسي مصر هذا طرد كيزان مصر و يفرض عليكم عودة مولانا الطائفية في السودان و هو يتحدث عن تحول اجتماعي في مصر بعيدا عن خطاب أتباع الأحزاب الدينية و يفرض عليكم حزب مولانا الطائفية؟
أيها الشعب السوداني تحت ظل الحرية و التغيير و مستوى وعي نخبها المتدني لا يمكن تحقيق تحول إجتماعي و تحول ديمقراطي و قد تأكد لنا بأن السودان يتشابه واقعه اليوم مع واقع اوروبا في نهاية الحرب العالمية الاولي نهاية فلسفة تاريخ تقليدية قد أفلت أشعتها و فلسفة تاريخ حديثة قد أحس بها قليلون من علماء الاجتماع و الاقتصاديون و الفلاسفة و قد دفعت اوروبا ثمن باهظ لكي تعبر حرب عالمية ثانية و قد دفعت الدم و العرق و الدموع لكي يحدث تحول هائل في المفاهيم.
و هذا ما ينتظر الشعب السوداني إذا ما انتظر حلول الحرية و التغييرأنهم أتباع فلسفة العبيد كما يقول فردريك نيتشة في وصفه لاوروبا عندما كانت تبجّل الثقافة اليهودية المسيحية و هذا هو حال النخب السودانية و هم يبجّلون ملوك السعودية و سيسي مصر.
هذا هو حال السودان الآن في ظل قيادة الحرية و التغيير لا تتنظروا تحول في المفاهيم في ظل نخب لم يخطر ببالهم فكرة عودة الوعي كما يقول توفيق الحكيم لأنهم أتباع أحزاب وحل الفكر الديني و أحزاب القومية فلا تنتظروا القومجية و لا أتباع وحل الفكر الديني أن يعبروا بكم لأن الانسانية في مسيرة النشؤ و الإرتقاء قد تجاوزت العرق و الدين و أي فكر غائي ديني لاهوتي و لو دين بشري كحال الشيوعية و هي تحاول ان تحل مكان الدين و تحاول تقديم حلول نهائية كما حاولت الاديان عبر التاريخ و قد فشلت.
لكي يفهم الشعب السوداني أن عبورنا الى حيز الدولة الحديثة يحتاج لفكر نتاج عقلنا البشري وفقا لتجربة الانسان و قد تأكد أن النخب السودانية عاجزة عن فهم هذا البعد و لذلك تريد أن تمر عبر قنوات نارها و سوف تسوق الى الحروب و الدمار الذي يقضي على العقل التقليدي السوداني كما دمرت الحرب العالمية الأولى و الثانية عقل أوروبا التقليدي و ليبراليتها التقليدية و بعدها قد ولد عصر الانسان و تجاربه مع ضمير الوجود و نهاية الخطاب الديني. و بالمناسبة يؤكد علماء الاجتماع و الفلاسفة في ظل سير اوروبا لكي تخرج من عقلها التقليدي و في غفلتها قد أنبثقت النازية و الفاشية و الشيوعية على مسرح الأحداث بشكل عابر و قد خرجت اوروبا من حربين و هي تعالج جروحها بسبب نهاية تاريخها و عقلها التقليدي.
أعني أن غياب السياسي الذي يفهم الانسانية التاريخية في ظل الليبرالية التقليدية قد دفعت اوروبا الثمن بظهور النازية و الفاشية و الشيوعية و لم تتخلص اوروبا منها إلا بدفع العرق و الدم و الدموع و لن تعرف اوروبا ان النازية و الفاشية و الشيوعية هي فترات عبور فهل فهم الشيوعي السوداني بان توهمه في العابر انه يستطيع تقديم حلول نهائية كما يتوهمون في الشيوعية نوع من الجهل و متابعة العقل التقليدي؟
كنا نظن أن النخب السودانية قد فهمت الدرس من تاريخ أوروبا كمختصر لتاريخ الانسانية و كيفية مفارقة العقل التقليدي و ثمنه الباهظ و هو حربين عالميتين و لكن لم تفهم النخب السودانية الدرس و هاهي تصر على عقلها التقليدي و تعيد حزب الترابي و الاتحادي الأصل. و نقولها لكم قد تأكد أن الحرية و التغيير تسير بالسودان باتجاه نفق مشتعل و ستكرر ما حدث لاوروبا ما بعد الحرب العالمية الثانية و حتى ينتهي زمن عقلنا التقليدي و المفكر التقليدي و الكاتب التقليدي و المثقف التقليدي أي أتباع الاحزاب الدينية السماوية و الدينية البشرية كالشيوعية و نسختها الشيوعية السودانية الويل للحوامل و المرضعات في غياب شخصية تاريخية كان ينبغي أن توقف لعب العيال الحاصل في ساحة العمل العام حيث يرى عقل الحرية و التغيير في عودة حزب الترابي و حزب مولانا الطائفية عمل عاقل و هو ليس كذلك.
إذا سارت الحرية و التغيير بمستوى فكرها المتدني و هي راضية بعودة حزب الترابي و حزب مولانا لا تنتظروا استقرار لا عبر السياسة و الاقتصاد و لا الاجتماع بل انتظروا التشظي الاجتماعي الذي تبكي له الجبال دعك من انسان تقليدي يقوده سياسي تقليدي و قد صار حقا عليهم مثل السيد المسيح أعمى يقود أعمى فلا تنتظر لهما غير قعر الهاوية.

taheromer86@yahoo.com
//////////////////////

 

آراء