الشعب السوداني يتخطى فكر الشموليين أي الشيوعيين والإسلاميين

 


 

طاهر عمر
26 June, 2022

 

غياب مراكز بحوث جادة و قادرة على تحديد مسار الفكر في السودان هو ما جعل النخب السودانية تغوص في وحل الفكر الشمولي الذي يمثل حاجز منيع يسد طريق الشعب في تقدمه نحو التقدم و الازدهار المادي.
حتى اللحظة لم تستوعب النخب السودانية بأن الحركات الاسلامية بفكرها الديني و أحزاب الطائفية و السلفيين و الشيوعيين السودانيين يلفهم جميعا فكر شمولي لا يقل بشاعة عن النازية و الفاشية و الشيوعية و ليس لها أي علاقة و لا إرتباط بالحداثة بل تقف كجبار الصدف أمام تفكيك منظومة القيم السودانية التي جعلت أغلب النخب السودانية في مصاف المدافعيين عن قيم حضارة تقليدية محرجة أمام أفكار عقل الأنوار.
و المضحك في تقليدية النخب السودانية و مؤسف في نفس الوقت نجدهم يعتقدون في أن الشيوعيين السودانيين حداثيين و أن فكر النسخة المتخشبة من الشيوعية السودانية هو فكر حداثي و هذه واحدة من المضحكات المبكيات و كله بسبب أن النخب السودانية متحصنة بإدراك قد خلقة المثقف المنخدع بماركسية ماركس بأن الحزب الشيوعي حزب حديث.
و هذا ما يؤكد أن النخب السودانية متحصنة بحصون عنادها و هذا ما يخالف ما وصلت إليه بحوث فلاسفة و مؤرخين و علماء اجتماع أمثال حنا أرنت و كلود لوفرت و ريموند ارون و مارسيل غوشيه في دراساتهم و مقارباتهم فيما يتعلق بالنظم الشمولية من شيوعية و نازية و فاشية و قد أضاف لها علماء الاجتماع فكر الحركات الاسلامية.
و رغم مقاربات علماء الاجتماع و الفلاسفة و المؤرخيين المذكورين أعلاه إلا أن الشيوعي السوداني يظل في نظر النخب السودانية حداثي رغم أنف دارسي العلوم الانسانية و يبقى الهجوم على فكر النسخة المتخشبة من الشيوعية السودانية هو نوع من التطاول على حزب شيوعي سوداني له تجربة لا يستهان بها و كله يدخله في مجاملات النخب السودانية لشيوعيي العالم الثالث و خاصة السودانيين منهم و تعلقهم بأن للحزب الشيوعي تجربة سياسية لا يستهان بها و تبقى مسألة النخب السودانية و إصرارها على أن الحزب الشيوعي السوداني لا تنطبق عليه دراسات من فحصوا فكر الشيوعية و قد وضوعوها جنب لجنب مع النازية و الفاشية كنظم حكم شمولية بغيضة.
يبقى إصرار النخب السودانية على أن الحزب الشيوعي السوداني حزب حديث كما يحلو لهم تلفيق الحداثة لحزب لا علاقة له بالحداثة مؤشر يدلل على النخب السودانية يعبث بأفقها منهجها غير المكتمل و هذا ما يجعلهم يعتقدون أن الحزب الشيوعي السوداني حزب حديث و هنا تظهر علامة أن النخب السودانية عائشة عل أجواء المحلي و لا علاقة لها بتطور الفكر فيما حولنا و كأن السودان جزيرة معزولة عن العالم و يبقى الحزب الشيوعي في السودان كجزيرة معزولة عن العالم حزب حداثي رغم أنف حنا أرنت و كلود لوفرت و ريموند أرون و ميشيل غوشيه.
و مثل استهبال النخب السودانية يسهل ضحده بكل سهولة و يسر و لكن ما يخلف مرارة في النفوس تعطيلهم لمسيرة الفكر في السودان بوقوفهم في أبجديات و مغالطاتهم البليدة و كأنهم الأفهم مقارنة بفلاسفة في قامة حنا أرنت و ريموند ارون و كلود لوفرت و ميشيل غوشية. و هنا يظهر نجاح الشيوعي السوداني في أنه استخدم كتلة جهل النخب السودانية ليحطم بها إمكانية مفارقة فكرهم الشمولي الذي لا يقل بشاعة عن النازية و الفاشية.
و ليس غريب ففي تجربة الاتحاد السوفيتي قد استخدم الشيوعيين قوة الدولة في تحطيم المجتمع و مشكلة المثقف السوداني لا يريد أن يعترف و لا يفهم بأن الشيوعية تنظر للانسان كوسيلة و ليس غاية في وقت قد أصبحت من المسلمات بأن الانسان غاية لأن الفرد له غاية و غايته الحرية و هي قيمة القيم و هذا الذي لا يعجب الفكر الشمولي و هذا سر قبح الشيوعية و النازية و الفاشية و الحركات الاسلامية.
ما دفعني لكتابة هذا المقال أننا على أعتاب تحول اجتماعي و عبره نتوق لتحول ديمقراطي و هذا يحتاج لرافعة هائلة و أقصد بها فكر يرسخ تاريخ الانسانية التاريخية و لا يمكن شق قنواته بغير معرفة مناهج مكتملة توضح للنخب السودانية أن الشيوعية كنظام حكم شمولي لا تختلف عن أي فكر لاهوتي ديني غائي يحاول تقديم حلول نهائية و هيهات.
و معرفة أن الشيوعية و النازية و الفاشية كنظم حكم شمولية بغيضة قد عالجها علماء الاجتماع و المؤرخين و الفلاسفة بفكر قد صالح ما بين التاريخ و تاريخ الأفكار و هذا هو الغائب في وسط نخب سودانية ما زال المؤرخيين السودانيين تحت نير المنهجية التاريخية و أشطرهم ما زال يؤمن بإضطراد التاريخ و العقل و لهذا ما زال يتعبد تحت أكبر صنم ذهني يسميه أستاذنا كما يحلو لشيوعيين السودانيين نسب حزبهم للاستاذ عبد الخالق محجوب.
على العموم مسيرة الانسانية و عبر طريقها الطويل قد عرفت بأن عام 1889 قد كانت نهاية الليبرالية التقليدية و نهاية فلسفة التاريخ التقليدية و كالعادة ما بين انتهاء حقبة و حقبة أخرى يطول الانتظار و التوقع و في فترة الانتظار و التوقع قد وقعت البشرية في صعود الشموليات من شيوعية و نازية و فاشية و بالمناسبة ما بين نهاية فلسفة التاريخ التقليدية و ظهور فلسفة التاريخ الحديثة و انتهاء الليبرالية التقليدية و ظهور الليبرالية الحديثة تنام بحوث كل من ماكس فيبر و ريموند ارون و ميشيل غوشية و كلود لوفرت و تفسيرها لقبح النظم الشمولية و لا ننسى مقاربات حنا ارنت و عبرها قد تجاوز مؤرخي العالم و فلاسفته و علماء اجتماعه أفكار النظم الشمولية و قد انتظر توكفيل على ماركس في كل الدنيا إلا عندنا في السودان عشان خاطر الشيوعي السوداني يظل ماركس منتصر حامل سيف الفداء المسلول في يد الشيوعي السوداني ليعطل به مسيرة تطور الفكر في السودان.
ننبه النخب السودانية بأن الطبقات الصاعدة و شعارها حرية سلام و عدالة لا يتوافق مع خطابها السياسي غير فكر فلسفة التاريخ الحديثة حيث الانتصار للفرد و العقل و الحرية و لا تنتصر الشيوعية السودانية للفرد و العقل و الحرية و لا ينتصر فكر أحزاب الطائفية للفرد و العقل و الحرية و قطعا لا ينتصر فكر الحركة الاسلامية للفرد و العقل و الحرية و عليه قد حان الوقت و وجب علي النخب أن تترك المجاملات و الاخوانيات و الأوهام التي يكشفها فشلهم المزمن في قيادتهم للتحول الاجتماعي و التحول الديمقراطي و تواجه نفسها بأن الشيوعية السودانية عبء على ثورة ديسمبر و قد رأينا كيف تصادفت أهداف الشيوعي السوداني مع أهداف الكيزان في اسقاط حكومة حمدوك و رأينا كيف حاول الشيوعي السوداني تشتيت الكورة في خلق جسم هلامي ليس له رأس حتى لا تنتصر الثورة لأن شعارها ليبرالي و متجافي مع شمولية الشيوعية التي لا تؤمن بفكرة الدولة من الاساس.
بالمناسبة مسألة تأجيل مواجهة النخب السودانية لتكلس فكر النسخة المتخشبة من الشيوعية السودانية نتاج جهل النخب السودانية بموروث الانسانية التي قد تجاوزت فكر الشيوعية و النازية و الفاشية و من هنا ندعو النخب السودانية التي تريد لثورة ديسمبر أن تصل لمبتغاها و لا يكون ذلك بغير فكر ليبرالي يؤسس على فلسفة التاريخ الحديثة أن تعلم بأن أول خطواتنا في مفارقة وحل الفكر الديني من كل شاكلة و لون بما فيه الشيوعية كدين بشري يبدأ مع مجابهة الشيوعية السودانية بفكر فلسفة التاريخ الحديثة و قد حاربه الشيوعي السوداني بكل السبل و لكن هل يستطيع العنكبوت حجب الشمس بخيوط بيته الواهن؟ و على نفس المنوال يجب على النخب السودانية أن تجابه فكر أحزاب الطائفية بوعي يكشف عجزها بانها غير مؤهلة لترسيخ فلسفة التاريخ الحديثة و قد جاء وقت العمل الواعي لمجابهة النسخة المتخشبة من الشيوعية السودانية و مجابهة أحزاب الطائفية بفكر فلسفة التاريخ الحديثة.
و إذا لم تستعد النخب السودانية لعمل واعي هدفة مفارقة أحزاب الطائفية و الشيوعية السودانية سيدفع الشعب السوداني الثمن كما دفعه الشعب التونسي بسبب عشرية الغنوشي الفاشلة و بعدها ها هو الشعب التونسي يتخلص من فكر الاسلاميين بعد جهد جهيد.
نقول لكم قد فشل إنقلاب البرهان و قد وصفانه بالفاشل منذ ساعته الأولى و لكن الأسواء من انقلاب البرهان أن يقبع المثقف السوداني تحت نير شيوعية سودانية متخشبة و أحزاب طائفية لا تفتح على تحول اجتماعي و لا تعرف طريق التحول الديمقراطي قل لي كيف يستطيع من يرضى بالامام و المرشد و مولانا و الاستاذ أن يقود تحول ديمقراطي و هل سينتصر للفرد و العقل و الحرية؟ نترك لك السؤال لكي تقدم الاجابة ايها القاري المحترم.

taheromer86@yahoo.com
////////////////////////////

 

آراء