الشورى التي نريد: المسارات الفكرية والخير الموعود

 


 

 


بسم الله الرحمن الرحيم

amalik19@yahoo.com

تعقيبا على مقال المهندس أ ُبي عزالدين عوض بعنوان (صورة شورية لأحد مؤتمرات الحركة الإسلامية)، في صحيفة السوداني، استفادة مما دار في مؤتمر إسلاميي بحري و غيرها من المؤتمرات.


1.    ما يحدث ضرب من التطور القهري  وبالإمكان ان يكون طواعية:
إن ما أشار إليه كاتب المقال المهندس أ ُبي عزالدين عوض بتاريخ السبت 6 أكتوبر 2012 في صحيفة السوداني عن تطوير آليات الممارسة الشورية و تحديد معايير التصعيد والترقي وغيرها من وسائل تجويد وتطوير وضبط اللوائح، قد عكس رؤية الشباب المتطلع والجيل الجديد من الإسلاميين باحثاً عن ضمان سلامة الواقع، وهنا لابد من التأمين علي ما قد ذهب إليه في مقاله. ونضيف تجديداً وسعة في الآفاق الفكرية التي أبحر فيها الكاتب - Cognitive Navigating Cycle - لأنه لا ضمان لسلامة الواقع إلا بمسارات الفكر بالتي هي أحسن، كما أنه على كل من التزم القيم العليا أن يحترم من بلغت خبرته وعطاؤه السقف الخاص. appreciating senior generation ceiling point 

2.    التعاون بالحسنى دون  تخطيط للإحسان مهنياً:
يجنح كثير من عقلاء القيادة إلي الإحسان قبل المهنية مما يجعله بصورة وكأنه  يستجدي عطف الشباب الأقوياء على العطاء أن يعطوا بإيقاع متأني وهم محمومون، فأنى يكون ذلك. وهنا رؤية في علم الإدراك تفتح بالتجسير بين المختلفين فيستوعب من تقدمت بهم السن إيقاع الحديثة أسنانهم . لا يتم الاستيعاب فهماً إلا بإدارة تكوين المفاهيم علي إيقاع جديد متواتر renewing concept formation ويقبل صغار السن ما يطرحه خبراؤه  فيعدل كبراء القيادي من صور الطرح بعيداً عن الممانعة الضمنية ، لأنها سبب الصراع غير المبرر وهنا لابد من وسيط بينهما يكون من الوسطاء العلماء الراسخين في العلم المستوي حالهم الذين لا ينازعون السلطان سلطانه ولا ثروته ليحكموا بالعدل بين الشباب وكبراء القوم  .
3.    تحمل القدامى للجدد ، وتحمل القيادة للقاعدة:
من الآليات الإدراكية ما يثير قدرة التحمل عند القدامى  للوافدين الجدد للتنظيم لأن من أدوات فتح آفاق العقل في العلم: الإدراك والترحاب بالقادمين الجدد على أنهم سبب الفتح بعالم المستقبل. 

بين القدامى والقيادة وبين الشباب الجدد والقاعدة  أصبح  من الضروري أن تتحمل القيادة وأغلبها من القدامى ان تتحمل الشباب الجدد في القاعدة. وللتحمل أدوات في شقين :
الشق الأول : أدوات متحركة علي مستوى الفهم والتعامل. و الشق الثاني : أدوات ثابتة علي مستوى المبادئ والأخلاق.
والتداخل الإيجابي بين الشقين لا يتم إلا بعمليات عقلانية محددة المعالم. ومن هذه العمليات العقلانية رغبة القدامى في فتح أبواب التداخل مع الشباب بالإغداق عليهم والتشجيع والإشادة. ومن الضروري أن تنتهي هذه الثلاث مدارات في العملية العقلانية إلي تصميم المهنية في التعامل وليس الإرضاء والتراضي مما يثير الحنق والاحتقان في البعض دون البعض، ويظهر ذلك في الاعتراض والامتناع عن التصويت .
4.    المبادرة الحقيقة تفتح الآفاق  وتتفادى الثغرات.
المبادرة في الشورى ينبغي أن لا تكون علي السياسة المتقاطعة مع المصالح، إنما يجب أن تكون علي إصلاح الشأن الداخلي في الجسم الواحد. لأن مستوي الشورى داخل التنظيم يختلف عن شورى الشراكه والمتقاطعين. وشورى التنظيم لإصلاح شأن من تشاوره بغية تحقيق الأهداف الكلية من سلامة التنظيم القائمة على العدل والقوامة بالقسط، حتي يستشعر كل من بمجلس الشورى أنه في تنظيم قامة بقوامة العلم والرحمة وليس قوامة قوة  يستخدمها أهلها في غير موضعها، فيكون عندئذ لا جدوى من الشورى. فيكون عندئذ لا جدوى من الشورى. أما شورى من يشارك أو يخالف فهي الشورى التي قاعدتها إصلاح ذات البين بدليل الآية " واتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم ". ومداخل الإصلاح في الشورى تقوم علي أربع قواعد العقلانية4 Psycho Cognitive pillars :
الأولى: احترام عقل من تشاور مهما كان رأيك فيه، ومن احترام العقل فتح الأفق لتسمع لتهتدي وليس تسمع لتمرير ما تريد.
الثانية: تجويد مهارة الاتصال في تبيان ما تريد على قوامة الأرضية المشتركة، وعندها يكون السعي في تكوين المفاهيم أكثر نضجاً من غيره.
الثالثة: التقارب بتقريب وجهات النظر بالتوازي وتساوي المسافات الفكرية Intellectual Spaces  حتى لا يكون هناك فراغات يتباعد الناس بسببها في تكوين الشعور بالعزلة  فيخرج أكثر الناس مغاضبة من الواقع.
الرابعة : الإشادة بإشراقات الآخر بتأسيس قوامة التقويم العقلاني Constituting Rationalized Assessment Mechanism .
5.     احترام الخبرة وتعجل الحماس  اتجاهان متعاكسان: 
احترام الخبرة يشترط فيه وجود مقام في نفس الشباب لكبار التنظيم واحترام الحماس في نفس الكبار يشترط فيه وجود فهم واسع لحماس الشباب. ومن هنا تنشأ العلاقة الوظيفية بين الاثنين لتوظف طاقة كل منهما في الاتجاه الإيجابي. ولا يبدأ التوظيف الصحيح للطاقات إلا بالإحترام المتبادل بالوعي بدور كل منهما لسلامة الآخر Replacement of Functional Attitude  .
6.     أدوات التحمل بالصبر علي القصور  من أجمل سمات القيادة:
أدوات التحمل يقصد بها العمليات العقلانيه لمقام الشورى وهي علي جناحين :
الأول : عمليات عقلانيه تعزز التحمل بما لا ينفر منه الطرف المعني في التعامل.
الثاني : عمليات عقلانية تمنع التبرم و التعجل بسد الأبواب أمام الشباب بالتحديد.
ومن خلال هذه العمليات العقلانيه تظهر قدرة تحمل القصور حتى يستوي صاحبه ويكون المتحمل قد تحلي بأسمي صفات القيادة، ويدلل علي ذلك استمساك الشباب بنفر قليل من القدامى  (استمساك خالي من المجاملة والطمع).
7.    الصورة التي نريد من تحقيق الأحلام  بالسمات العقلانية:
الشورى التي نريد ليست استنساخا لما يحدث من حولنا وليست ضرباً من الخيال المجافي لتحمل الواقع. إنما نريد تطوير ما قد حدث على مواعين موضوعية والصدق المحفوف بالتأني وليس بالتعجل علي  ما يًتفق عليه ليلاً ، ويجوز لأي نفر أن يتفق ليلاً ، ولكن المعيار أن لا يكون هناك تعجل في إنفاذ الاتفاق إذ إن الغاية القصوى من اتفاق البعض القيادي هو رسم الخطوط العريضة القابلة للتحسين بحسن الاستماع وهذه هي الأصول.. لأنه في علم الإدراك فإن الأصول تنشئ المبادئ والواقع سيد الموقف علي أن تناسب مداراة الواقع حتى يستوي المبدأ الذي يطابق الأصل ، فتنشأ قوة لا بد أن تستشار. ويقابل ذلك في الواقع، عملية الإستكمال، علي أن يكون الاستكمال ليس بتمام ( تمامة عدد) أو إدخال من لا ماعون له مجاملة.. إنما الإستكمال في الأصل لأهل العلم والتخصص وأصحاب الرأي الذين لا تمكنهم مواعين الإنتخاب السوي أحياناً، وغير السوي أحياناً كثيرة. فهم مصابيح تقضى بهم الأمور على قوامة القسط وفتح آفاق قوامة العلم والشورى في مهنة حكم الناس.
أخيرا فإني أشير لأهمية وضرورة التعجيل بما ذكره واقترحه المهندس أ ُبي عزالدين، في عقد ورش عمل مختصة بمعالجة شأن الشورى والكليات الشورية وتطويرها، بالخبرات الداخلية والخارجية، لتكون أقرب للعدل، وذلك حتى يكون أصلها ثابت وفرعها في السماء، عبر القيم العليا ومن منابع اليقين الإيماني.                                              

هذا والله أعلم.

 

آراء