الصادق المهدى .. شيزوفرينيته الفكريه وتبعيته المستمره للأنقاذ!

 


 

تاج السر حسين
13 September, 2010

 


 royalprince33@yahoo.com
السيد/ الصادق المهدى أعرف بأنه يحب  كثيرا مثل هذا النوع من الكلام ومثل هذه الأمثله (مشطوها بى قملها) .. وارجو الا يغضبه اذا رددنا عليه كأسه مملؤه من نفس نوع كلامه وحكمه وحكاويه!
أحد الأصدقاء من النوع الذى أختصه الله بقصص وطرائف مميزه لا تشبه قصص وطرائف الآخرين، حكى لى مرة احدى تلك الطرائف الخياليه التى يؤلفها بنفسه فقال: احتجزت السلطات الأنجليزيه باخره فى احدى الموانئ الأنجليزيه كانت مملؤه (ببودره) خضراء اللون شكوا فى أمرها وظنوها مخدرات، وهى فى حقيقة الأمر كانت (ويكه) سودانيه، فاخضوعها لفحص معملى، فخرجت النتيجه تقول بأنها (ماده لا تضر ولا تنفع)!
وهذا بالضبط افضل وصف لأحاديث السيد الصادق المهدى الكثيره فى مختلف المناسبات، مهما كان الكلام منمقا ومهذبا الا أن نتيجته ( لا تضر ولا تنفع)!
ومن خلال متابعه ورصد لفكر السيد الصادق المهدى ورؤاه المكتوبه أو المسوعه، لاحظت انه لا يمكن أن يدلى برأى قاطع يحدد مكان الخطأ أو الخلل بصوره حاسمه وجليه، فالحلول عنده دائما موبقات 7 ومهلكات 10 وأقتراحات 5 وهكذا، ودائما ما يسعى للمجامله وارضاء جميع الأطراف وهذه احدى أكبر سلبياته كزعيم سياسى وهذا ما لا يمكن فى عالم السياسه وهو رجل خبير وعارف، حيث لا يعقل أن يدلى انسان عادى دعك من مفكر وزعيم برأى فى الأقتصاد على سبيل المثال فيرضى عنه الشيوعى والأخ المسلم فى نفس الوقت، والأمر لا يحتاج الى  كثير شرح أو اسهاب، فالأول سوف يريده اقتصادا اشتراكيا تهيمن فيه الدوله على وسائل الأنتاج والثانى يريده اقتصادا حرا ومنفتحا على مصراعيه حتى لو ذهب المال كله لخزنة رجل واحد يوزع على باقى المواطنين الزكاه والصدقات التى هى اوساخ الناس ولا تجوز لمحمد ولا لآل محمد، وينكح النساء بما رزقه الله من مال مثنى وثلاث ورباع طالما وفر العدل فى المبيت، والمسكن والملبس والأكل والشرب وعفى نفسه عما لا يملك، غير عابء بألايه التى تقول (ولن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم).
هكذا السيد الصادق المهدى الذى نعتبره ونعترف له رغم اختلافنا معه بأنه آخر رئيس وزراء شرعى منتخب ديمقراطيا فى السودان .. هكذا يتبرع من وقت لآخر من نفسه وبدون وجه حق لمنح الأنقاذ (المؤتمر الوطنى) التى اذلته شخصيا وأهانته مثلما اهانت جميع المواطنين، ما لا تملكه أو لا تستحقه من شهادات براءة وحسن سير وسلوك.
ومعلوم للمراقبين والمشتغلين بالسياسه فى السودان، بأن المؤتمر الوطنى قرر انفصال الجنوب يوم ان وقع على اتفاقية نصت على حق تقرير المصير للجنوبيين مقابل الشريعه باصرار من المؤتمر الوطنى لا الحركه الشعبيه، ومعلوم كذلك ان ممارسات المؤتمر الوطنى كلها بعد ذلك التوقيع وخلال فترة الست سنوات الماضيه ما كان من الممكن ان تجعل خيار الوحده جاذبا، حيث مارسوا كل اصناف المراوغه والمحاوره والتلكوء لعدم تنفيذ بنود الأتفاقيه خاصة التى تؤدى الى تحول ديمقراطى، وحيث المماطله والتسويف فى تشكيل اللجان والمفوضيات، وحيث معاقبة غير المسلمين فى جرائم لا يعاقبهم عليها دينهم ، وحيث مخالفة القانون للدرجة الذى افقد نظام شرعيته بتأجيل الأنتخابات حينما اراد المؤتمر الوطنى ذلك، ورفض تأجيلها  لمدة شهر أو اسبوع واحد بل هدد بقطع الأصابع حينما كان التأجيل لا يصب فى مصلحتهم (فشفقة بت الشول) كانت تحتم عليهم ألا يتأخروا فى تجهيز الصناديق و(خجها) خجا محكما !!
وليس سرا أن السيد الصادق المهدى وهو رئيس وزراء شرعى ومنتخب ديمقراطيا اى مكلف بواسطة الجماهير السودانيه، حينما تم أعتقاله بعد الأنقلاب (الأسلاموى) وجدت معه ورقه أو رساله موجهه (للأنقلابيين) الأنقاذيين، دون شك استخدم فيها ذكاءه المعروف به، لكى تنقذه من عنف الأنقلابيين وبطشهم المتوقع خاصة فى الأيام الأولى وكما ورد موثقا كان السيد/ الصادق يعرف الكثيرعن خفايا ذلك الأنقلاب، يعنى السيد الصادق المهدى دخل فى مفاوضه وحوار مع الأنقلابيين قبل ان يذيعوا بيانهم الأول على الشعب وهو المنتخب والمكلف من الشعب!
والشئ الطبيعى والمنطقى فى مثل هذا الموقف لقائد وزعيم حزب كبير فى حجمه ومكانته يتبعه الملايين الا يتفاهم أو يتصالح مع الأنقلابيين حتى لو سحلوه أو أغتالوه، وهكذا يفعل معظم القادة فى دول العالم، وبخلاف مثل تلك التضحيه فالواجب يحتم عليه أن يعتزل العمل السياسى وأن يسلم زعامة الحزب ورايته لمن يحمل تلك الرايه بحقها، هل سأل السيد الصادق المهدى نفسه أو تأمل مقولة الرسول (ص) المشهوره حينما استعصى النصر فى معركة خيبر (اني دافع الراية غدا الى رجل يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله).
قيل أن عمر بن الخطاب قال: (ما تمنيت الأماره الا فى ذلك اليوم).
فى الحقيقه من أكبر مشاكل السيد الصادق المهدى انه منفصم التفكير والتوجه تتجاذبه موجتان، الموجه الأولى انه حفيد الأمام المهدى اول من اسس دوله جهاديه عنيفه فى السودان لا ينسى فضلها فى مواجهة الأستعمار وهذا ما يجعله فى مواقف عديده قريبا من (الأنقاذ) أو الأسلام السياسى، والموجه الثانه أنه الصادق المهدى الذى درس فى (كمبونى) وتخرج من جامعة اكسفورد فى بلد ليبرالى علمانى ديمقراطى، ولذلك يظهر كعاشق للديمقراطيه يكبله الأرث والتاريخ والرغبه فى الجمع بين (الأمامه) وزعامة الحزب !! ولو لم يكن السيد الصادق حفيدا للمهدى لكان فكره مثل اى سودانى آخر تخرج من جامعات بريطانيا، اى لما عانى من تلك الأزدواجيه أو الشيزوفرنيا والأنفصام الفكري، وليت السيد الصادق المهدى لو اعفى ابناؤه ومريديه من اتباع فكره الأنفصامى هذا حتى يتمكنوا من اعادة صياغة حزبهم وتاسيسه من جديد وفق رؤى تتماشى مع روح العصر الذى يعيشون فيه لا وفق تشريعات تنزلت للناس قبل 1400 سنه بالتأكيد ليس هى نهاية كلام الله لخلقه الذين يخاطبهم فى كل يوم من خلال كتابهم المقدس (القران) الذى لا تنقضى عجائبه ولا يبلى من كثره الرد!
ولا ادرى اى نظام ذلك المأخوذ من الدين يريده لنا السيد الصادق المهدى بعد كل هذه التجربه (الأنقاذيه) المريره ؟
وباسم الدين ارتكبت العديد من الحماقات، وبأسم الدين اختلف كبار الصحابه حتى فى موت الرسول وكادوا يقتتلون، مع أن الآيه تقول: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ).
وباسم الدين اختلفوا فى أختيار الخليفه وجسد نبيهم الطاهر لم يوارى الثرى بعد، وبأسم الدين لم ينجو من الأغتيال سوى الخليفة الأول ابابكر، وبأسم الدين دخل المسلمون فى خصومات وخلافات لا تحصى ولا تعد وباسمه حرم سبطه الحسين ومن معه من اطفال ونساء من الماء وحوصروا وقتلوا ونكل بهم شر تنكيل!
الرد المتوقع والمحفوظ لدى جميع (الأسلامويين) أن الخطأ فى التطبيق لا المنهج، ولا ندرى اذا اخطأ اؤلئك الرجال فى التطبيق والرسول كان بينهم ، فكيف يكون حالنا؟
وهل يعرف الأمام الصادق المهدى لم حدث كل ذلك أعنى الأختلافات والأقتتال وهو رجل عالم دون شك لا تعوزه المعرفه؟
السبب هو ان الدين فى الأنظمه (الأسلامويه) ليس هو الذى يحكم الناس وانما (الأهواء) والمزاجات هى التى تحكم بأسم الدين، لذلك فمن الأفضل ان يستخدم الدين للتربية وللتوعية وللسمو بالأخلاق والقيم لا لكى يكون وسيلة للحكم.
الحكم يجب أن يكون مدنيا وديمقراطيا اساسه المواطنه وما تطرح من برامج وأفكار لتنظم حياة الناس دون مراوغه، والدين يجب ان يكون اداة سلوكيه ترتقى باخلاق وسلوك الأفراد الذين ياتى من وسطهم الحكام اى كان دينهم!
حيث لا فوارق بين الأديان تكاد تذكر لمن كان له قلب أو القى السمع وهو شهيد، وهاهو رسولنا الكريم (ص) يقول بنفسه:
"مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل ابتنى بيوتا فأحسنها وأكملها وأجملها إلا موضع لَبِنَة من زاوية من زواياها، فجعل الناس يطوفون ويعجبهم البنيان فيقولون لو وضعت ها هنا لَبِنَة فيتم بنيانك! فقال محمد : "فكنت أنا اللَّبِنة".
وعلى لسان المسيح عليه السلام جاءت كلمات مطابقه للحديث أعلاه تقول :
"الحجر الذي رفضه البناؤون هو قد صار راس الزاوية".
انظر للسيد الصادق فى آخر خطاب له فى العيد وهو يوجه اتهاما لمن وصفهم بغلاة العلمانيين وفى ذات الوقت يوجه اتهاما للمتطرفيين أو غلاة الأسلاميين، ويقترح حلا من عنده مرجعيته (أسلاميه) فهل هنالك شيزوفرينيا اشد من هذه؟
ومشكلة تقسيم السودان وانفصال الجنوب مسوؤليتها الكامله تقع على كاهل قادة وكوادر الأسلام السياسى أو الأخوان المسلمين فى السودان، ومثل هذا الكلام صعب أن يقوله السيد الصادق المهدى مباشرة، لأنه لا بد أن يجامل هؤلاء (الأسلامويين) كعادته، اضافة الى ذلك فما يحمله من فكر لا يختلف كثيرا عن فكر الأخوان المسلمين -  وأن ظن غير ذلك - وكل من يدعو لدوله دينيه على أى شكل من الأشكال ومهما أدعى وسطيه وأعتدال مصيره فى نهاية المطاف ان يجد نفسه مع (طالبان) فى كهف واحد، والا فماذا يفعل بهذه الايه الصريحه التى نسخت 114 ايه قبلها من ايات الاسماح والتى تقول :
"فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ".
طبعا (الأسلامويين) يعطلون العمل بهذه الآيه حينما يذهبون مستجيرين بالغرب، أو حينما يضايقوا من المجتمع الدولى وقرارات مجلس الأمن خاصه التى يدخل فيها الفصل السابع، ريثما يأتى يوم ينتظرونه لا كما ينتظر الناس كلهم عودة المسيح فيملأ الأرض عدلا بعد أن ملئت ظلما وجورا، وأنما لكى  يهيمنوا ويسيطرواعلى الأجواء العالميه كلها ويصبحوا اشد قوة ومتعة، وعندها يعود النص للعمل ويواجه اهل الديانات الأخرى القتل والموت دون سبب ومن نجا يضطر للسير فى الشارع منن اضيق مكان ويدفع الجزيه عن يد وهو صاغر أى ذليل ومهان.
ولذلك اقول ان اى زعيم او قائد سياسى لا ينحى الدين عن السياسه خاصة فى هذه الظروف التى يعيش فيها السودان، هو قائد خيالى حالم لا يعيش فى عصره، ولا يمكن ان يحقق وحدة وسلاما واستقرارا.
وقد لا يعلم السيد الصادق المهدى بأن ما يدعو له الآن مهما كان وسطيا ومعتدلا، فهو السبب فى اصرار اسرائيل على الأعتراف بها دولة لليهود حتى لو عاش بينهم ملايين المسلمين والمسيحيين، لا  أدرى اذا كنا محائدين فما هو الفرق بين من ينادى بدوله (أسلاميه) وبين دعوة (ليبرمان) ونيتنياهو للأعتراف بدوله (يهوديه) فى فلسطين؟
اليست كلها دعوات لتأسيس دول تستند على مرجعية دينيه فى الآخر؟
ومن قال ان الحق يعرف بالكثره وبالعدد كما يردد كثير من الغوغائين الذين يصيغون التشريعات والقوانين بحسب التعداد الدينى لمواطنى الدوله وبحسب اقامتهم ان كانوا فى دوله اغلبها مسلمين أم غير مسلمين؟
القوانين التى تحقق العداله والمساواة ومبدأ المواطنه واحده لا تتجزأ أو تختلف من بلد لآخر، وما يبدعه العقل الأنسانى من تشريعات لا يخرج  فى نهاية الآمر من طوع الأله وارادته وتدبيره وتصريفه للأمور.
للأسف يشوه الدين الجميل كله خاصة الأسلامى ويظهره البعض وكأنه دين ديكتاتورى شمولى متسلط لا يؤمن بالمساواة بين البشر.
 عالم اليوم دون تنطع أو غلو فى الدين .. ودون (جنوح) نحو اعتدال بلا مرجعية تسنده، لا تحل مشاكله غير قوانين ودساتير (انسانيه) و(وضعيه) تساوى بين الناس جميعا خاصة فى بلد مثل السودان فيه مسلمون ومسيحبون ووثنيون ولا دينيون، وهذا لا يمنع من تشريع قوانين تضبط الأخلاق والسلوك العام ليس بالضروره أن تكون مرجعيتها دينيه، لكنها فى ذات الوقت لا تتنافى مع مراد الأديان وأهدافها النيبله!
نقول هذا الكلام لا من منطق علمانى أو شيطانى، وانما لأدراكنا التام بأن اقحام اى دين فى سياسة الدوله سوف تخلق حساسيات وتستفز مجموعه من المواطنين مسلمين وغير مسلمين وتشعر الأذكياء منهم الذين لا يباعون ولا يشترون بانهم مواطنين من الدرجة الثانيه، وما هو اشد سوء  من ذلك أن يستغل ذلك الدين (القيم) فى غير الحق وفى الأمور المظهريه والشكليه وفى مسخ الدوله لتصبح دولة حزب واحد ورجل واحد كما هو حادث فى السودان الآن، لا دولة مؤسسات تستمر وتبقى مهما تغيرت الأحزاب وتغير الحكام.
لا أدرى ماذا يريد السيد الصادق المهدى بطرحه الآخير؟ هل يفكر فى حل مشاكل السودان بعد انفصال الجنوب أم قبل فصله؟
واين هم هؤلاء الحكماء العشره ولماذا لم ينصحوا الأنقاذ أو المؤتمر الوطنى من قبل؟
وهل هم من شاكلة المشير سوار الذهب الذى طاف السودان كله وسافر لدول العالم الخارجيه لكى يساند مرشحا غير قادر على الحركه وعلى توحيد السودان، لم تتوفر لمنافسيه ذات الميزات فى نظام يدعى بأنه يتبع شريعة الأسلام؟
اما هم على شاكله ما كانوا على رأس مفوضية الأنتخابات أو مفوضية الاستفتاء التى تصر على أن يكون الرئيس شماليا والأمين العام شماليا والأستفتاء من حق الجنوبيين وحدهم؟
سيد الصادق المهدى انسى موضوع الجنوب فقد قضى الأمر، وفكر فى لجنة حكماء تحافظ على اقليم دارفور الذى كانت لك فيه اغلبيه مطلقه من قبل، حتى لا نجده بعد سنوات قلائل يواجه نفس المصير ويطالب بتقرير المصير.
خلاصة الأمر نحن لا نرفض حاكما متدينا اى كان دينه، حيث الدين هو الأخلاق وهو المعامله وهو الصدق لا الكذب والتزوير، لكننا نرفض الدوله التى تتسلط على العباد باسم الدين.
 

 

آراء