الصادق المهدي والدكتور عمر القراي ؟
ثروت قاسم
8 January, 2014
8 January, 2014
Facebook.com/tharwat.gasim
Tharwat20042004@yahoo.com
1- خلفية .
مساء الثلاثاء 31 ديسمبر 2013 ، كرمت مؤسسة رئاسة الجمهورية السيد الإمام بوسام الجمهورية من الطبقة الأولي . بدأ رماة الحدق من الصغار الموتورين التافهين ، الذين لا تشغلهم غير توافه الأمور ، في تصويب سهامهم المسمومة نحو السيد الإمام ، ولكنها طاشت جميعها ، بل إردت إلى نحورهم جزاءاً وفاقاً . ومن هؤلاء واولئك من سدنة النظام المايوي ، ومنهم من فلول نظام الإنقاذ ، الذين رضعوا من ثدي الأستبداد والطغيان والفساد حتى بشموا ، وفنيت عناقيد الشعب السوداني المغلوب على أمره .
ولكن جاء من أقصى المدينة رجل يسعى .
تلميذ من تلاميذ الأستاذ العظيم ؛ وبالتالي من الذين قالوا ربنا الله ثم إستقاموا ، تتنزل عليهم الملائكة ، ألا تخافوا ولا تحزنوا ، وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون .
ذلك رجل من المبشرين بالجنة ؛ وقد نشر مقالاً بعنوان مُستفز ( تكريم السيدين ) في يوم الثلاثاء 7 يناير 2014 ، جمع فيه بين الخيار والفقوس ، وشن فيه هجوماً مقذعاً ضد السيد الإمام ، بل نصب محكمة لمحاكمته ، كان الدكتور القراي فيها مدعي الأتهام ، وشرطي المحكمة ، والقاضي في آن .
هذه السطور تنحني أمام الجمهوريين والجمهوريات إحتراماً وتبجيلاً ، فهم خير أمة اُنزلت إلى الأرض ، بل ملائكة يدبون في مدينة فاضلة . ولا تملك هذه السطور أن تتطاول عليهم ، فهم كلهم ومثلهم معهم من الناس السمحين ، الناس القيافة ، الموعودين بالجنة .
ولكن رأت هذه السطور أن توضح بعض الأمور المتشابهة الواردة في مقالة ( تكريم السيدين ) ، ولكاتبها الدكتور القراي العتبى حتى يرضى ، إذا راى في بعض هذه التوضيحات ما لا يسره . فإحترام الجمهوريين واجب مقدس .
نختزل هذه التوضيحات في عدة نقاط أدناه .
أولاً :
2- الطائفية ؟
شن الدكتور القراي هجوماً شديداً ضد الطائفية ، وقد ضل سعيه وهو يحسب أنه يهاجم السيد الإمام .
الطائفية في بعض دول المشرق العربي ظاهرة خبيثة ، ولكنها في بلاد السودان ظاهرة حميدة .
في بعض دول المشرق العربي يقتل المواطن ( الشيعي الطائفة ) أخيه المواطن ( السني ) على الهوية ، وبدون إي غبينة شخصية . كراهية مستعرة بين الطوائف الدينية المنكفئة ، كما يحدث حالياً بين حكومة العراق الشيعية وسنة الفالوجا في الأنبار ، وكما يحدث في سوريا ولبنان والبحرين واليمن .
نجد السني ابو مصعب الزرقاوي في العراق يوجه جام كراهيته ضد المسلمين الشيعة قبل المحتل الامريكي؟
في بعض الدول العربية ، يشبُّ الاطفال وقد تعلّموا أنّ قتل المختلف طائفياً فضيلةٌ ، وذبحَه مفخرةٌ ، وكراهيته هي الدين، فيصيرون قنابلَ موقوتةً تنفجرُ بين المختلفين طائفياً .
الطائفية في بعض بلاد المشرق العربي أداة تفرقة وإستقطاب وإستئصال للآخر المختلف طائفياً .
في بلاد السودان ،الطائفية ظاهرة حميدة . تجمع ولا تفرق ، تآخي ولا تباغض .
تجد الأنصاري الفوراوي الزرقة في علاقة أخوية حبية مع الأنصاري المسيري العربي . كان الناظر بابو نمر يقول عندنا ثلاثة أفرع للمسيرية الأنصار : الزُرق والحُمر والطوال ( يقصد بالطوال الدينكا ) .
في المجتمعات النامية كالسودان نجد الطائفة تقتل العصبيات القبلية المدمرة ، بل تلغي القبيلة وتنمي التآخي بين افراد الطائفة ( الأعرض من القبيلة ) من عرب وزرقة وبجة ونوبة . الختمي النوبي في حلفا يشعر بالأخاء نحو الختمي البجاوي في اروما ، ونحو الختمي الفوراوي الزرقة في الفاشر ، ونحو الختمي المسيري العربي في المجلد .
الطوائف الدينية السودانية كيانات حية غير جامدة ، منفتحة على ومحترمة للآخر المختلف ، ومتعايشة معه .
القبيلة أدنى درجات السلم المجتمعي ، تأتي بعدها الطائفة ، ونجد المواطنة في أعلى السلم .
حاول أهل الأنقاذ ألغاء الطائفية والعودة للقبيلة لأسباب سياسية ( إضعاف حزبي الأمة والإتحادي الديمقراطي ) .
نحسن صنعاً بالإبقاء على الطائفية والإبتعاد عن القبلية المدمرة في طريقنا للمواطنة التي هي الهدف النهائي .
ولنا في أحداث الجنوب عبرة لمن يعتبر ؟
نخلص إلى أن الطائفية ظاهرة مرحلية حميدة في السودان ، في طريقنا للمواطنة .
لو كانت الطائفية معروفة في الجنوب ، لما حدثت المجازر والسلخانات بين قبيلتي الدينكا والنوير ؟ ولولا محاربة أهل الإنقاذ الشرسة للطائفية في دارفور ، لما حدثت المجازر والسلخانات بين قبائل العرب والزرقة ؟
ولكن من قال أن كيان الأنصار طائفة ، حسب التعريف العربي للطائفة ؟
هم أنصار الله حسب الأية 14 في سورة الصف:
( يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصارا لله ) .
كيان الأنصار يعقد الندوات والورش التخصصية ويصدر الإصدارات في شتى ضروب المعرفة والعلم والدين والسياسة . كيان الأنصار ينتخب إمامه وجميع مؤوسساته العاملة ، بعكس جميع الكيانات الطائفية في التاريخ البشري .
لا مجال للمقارنة بين مؤسسات كيان الأنصار والطوائف الدينية في بعض دول المشرق العربي ... ولا نزيد ؟
نتمنى على الدكتور القراي أن يستوعب الفرق بين مؤسسات كيان الأنصار والطوائف الدينية في بعض دول المشرق العربي ، ولا يحمل على السيد الإمام عشوائياً وبدون مرجعيات هادية .
ثانياً :
3- تكريم السيدين ؟
قصد الدكتور القراي أن يجمع بين السيدين في سلة واحدة أهانة وتجريحاً للسيد الإمام ، وتقليلاً من شأنه ، وتبخيساً لأشيائه .
هو يعرف ، وحق المعرفة ، أن لا شئ البتة يجمع بين السيدين .
أحد السيدين بعيد في الثرى ، والآخر يرتاد الثريا.
أحد السيدين عيي لا يكاد يبين ، والآخر يستنطق الصخر العصيا .
أحد السيدين لا خيال له البتة ، والآخر خياله يدرك النائي القصيا .
أحد السيدين لا آيات له البتة ، والآخر آياته مبصرة هدي للعالمين.
أحد السيدين وصل إلى موقعه الديني وموقعه السياسي الحالي بالوراثة ، والآخر وصل إلى جميع مواقعه القيادية بالإنتخاب الحر المباشر من القواعد في الكيان والحزب .
أحد السيدين يتفاعل فقط مع الأحداث ، والآخر يقود ويبادر ويصنع الأحداث .
أحد السيدين يخرج من السودان إلى لندن عند تفجر الأزمات ، والآخر يلغي جميع إرتباطاته خارج السودان ليبقي داخل السودان مع شعبه خلال الأزمات التي يمر بها وطنه .
أحد السيدين مشارك في حكومة الإنقاذ التي قتلت الأطفال بملابس مرحلة الأساس في هبة سبتمبر 2013 ، وبالتالي تتلطخ يداه بدماء الأطفال الشهداء ، والآخر يطالب بالقصاص للأطفال الشهداء .
أحد السيدين قليل الكلام بل شحيحه , لا لفكر عميق يضن به على الآخرين , ولكن لخصام متصل مع المعرفة والتحصيل . من منكم سمع يوماً إن هذا السيد قد الف كتاباً , او قدم محاضرة , أو شارك في ندوة , أو كتب دراسة عن الحزب , او عن شيء ؟
أما السيد الآخر فهو ابوالكلام المفيد الجديد الأصيل . قرأ أكثر من 3 الف كتاب وهو في السجون المايوية . يكتب ويؤلف ويحاضر ويقش الجوائز الدولية لعطائه الثر في شتى ضروب المعرفة ، ولسيرته الذاتية الموسوعية .هو كشكول من الإبداعات والتجليات في شتى المجالات الأنسانية ، يحصد الجوائز في الرياضة البدنية ، ويرأس المنظمات الدولية ، ويختاره المجتمع الدولي في عداد أشهر وأميز القادة المسلمين في القرن العشرين . تتهافت عليه مبدعات السودان ليقدم أعمالهن الأبداعية ، وينجذب إليه أطفال السودان وهو يكلمهم تكليماً .
يحاول الدكتور القراي أن يذل ويحقر السيد الأمام بوضع خياره في سلة واحدة مع فقوس السيد محمدعثمان الميرغني على أساس المقولة الأسطورية ( أنا والكاشف أخوي ) ؟
ثالثاً :
4- الوسام .
تم نصب كمين للسيد الإمام لإقناعه بقبول دعوة رئاسة الجمهورية لتكريمه عشية عيدالإستقلال . قال له مراسلة أن السيد رئيس الجمهورية يقدر جائزة السلام التي تم مُنحها للسيد الأمام في الفلبين . أكد المراسلة إن السيد رئيس الجمهورية سوف يضيف صوته لهذا التكريم الدولي بتكريم السيد الإمام ، بمناسبة أعياد الإستقلال ، لسيرته الذاتية وعطائه الثر في مجالات الدفاع عن الديمقراطية، والسلام، والحنكة السياسية، ولدوره الرائد في إحياء الإسلام، والحوار بين الحضارات.
تم تصوير المشهد وكأنه تكريم ( فردي ) لشخص السيد الإمام لعطائه الثر في شتى ضروب العلم والمعرفة والسياسة الذي أعترف به الأجنبي قبل الوطني .
حدثت المفاجأة عند المشاركة في الإحتفال ، فوجد أسمه مقروناً بآخرين عطاؤهم صفري على كافة الأصعدة . ولكن أدب السيد الإمام منعه من المغادرة ، وعدم إستلام الوسام ، الذي صار بلا قيمة ، لأنه لم يتخذ التكريم الدولي مرجعية كما توقع السيد الإمام ، بل كان في إطار طائفي ضمن ما صار يُعرف في السودان ب إكليشيه ( السيدين ) ، وهو إكليشيه سوداني قديم عفى عليه الزمن تم إستخراجه من مخازن الأرشيف لهذه المناسبة ، ولتبخيس أشياء السيد الإمام ؟
أدب السيد الإمام منعه من رفض إستلام الوسام وهو على المنصة ، عملاً بالآية 88 والآية 89 في سورة الزخرف .
وقيل يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون . فاصفح عنهم وقل سلاماً فسوف يعلمون.
سبب آخر منع السيد الإمام من رفض إستلام الوسام وهو على المنصة .
يدعو السيد الإمام المؤتمر الوطني للموافقة على المشاركة في مؤتمر قومي دستوري كوديسي ، لا يُقصي طرفاً ، ولا يهيمن عليه طرف من أطراف النزاع السياسي في السودان . الهدف من المؤتمر إقامة نظام جديد بهياكل جديدة ، وسياسات جديدة ووجوه جديدة وصولاً إلى التحول الديمقراطي الكامل والسلام العادل الشامل .
رفض السيد الإمام إستلام الوسام وهو على المنصة كان سوف يكون سبباً مقبولاً للمؤتمر الوطني لرفض مبادرة السيد الإمام بخصوص المؤتمر القومي . وفي هذه الحالة سوف يكون الخاسر هو الشعب السوداني .
السيد الأمام رجل دولة ، تحركه مصالح دولة السودان وليس العواطف والإنفعالات الإنسانية الزائلة . ولهذا السبب إستلم الوسام من أيادي رجل مطلوب للقضاء الدولي لإباداته الجماعية لشعبه ؟
ضرر أخف من ضرر مع إنعدام خيار لا ضرر ولا ضرار ؟
رابعاً :
5- المراغنة ؟
ركز الدكتور القراي على خنوع المراغنة للخديوية المصرية ، ودعوتهم لسودان تحت التاج المصري . ونسي تعاونهم مع الأنجليز وقوات كتشنر الغازية في عام 1898، ومشاركتهم مع الباشبوزوق في موقعة كرري ، ومشاركة السيد علي الميرغني في إستباحة أمدرمان مع قوات الباشبوزوق في عام 1898 .
في عام 1919 ، توجه وفد سوداني إلى لندن بقيادة السيد علي الميرغني، لتهنئة الملك جورج الخامس على إنتصار بريطانيا في الحرب العالمية الأولى ، وأنعم الملك جورج الخامس على السيدعلي الميرغني بوسام ولقب ( سير ) .
نسي الدكتور القراي أن يشير إلى كفاح الأنصار ضد الأنجليز في واقعة شيكان وفتح الخرطوم وموقعة كرري ضمن مواقع عسكرية أخرى . كما نسي أن يشير إلى إن حزب الأمة كان يدعو للسودان للسودانيين ، وليس تحت التاج المصري .
نتمنى أن تكون هذه السطور قدأجابت على تساؤلات وإتهامات الدكتور القراي للسيد الإمام ، فنحصد أجرين .