الصحافة .. الاقتراب من فك الأسد … بقلم: ضياء الدين بلال
20 May, 2009
قانون الصحافة المطروح الآن بالبرلمان - الذي كان قبل أيام مجهول الأبوين - وجد من الاعتراضات والتحفظات ما لم يجده قانون آخر من قبل في دورات برلمان نيفاشا..!
الغريب انه حقق حداً من الإجماع الوطني لم تحققه كثير من القضايا المتفق عليها.. فهو وجد رفضاً من أنصار الحكومة قبل معارضيها.. لأن ما جاء فيه بالقطع لا يوفر الحد الأدنى من محفزات وضمانات تمكن الصحافة من نزع الحقائق من فم قطة وديعة لا فك أسد هصور..!من مصلحة الحكومة لا ان تسمح للصحافة بالقيام بدورها في الرقابة والتوعية المسؤولة، ولكن أن تساعدها في انجاز تلك المهام على أكمل وجه.
الصحافة الحرة القادرة على الحصول للمعلومات والوصول الى المسؤولين والتواصل مع الجماهير تمثل أحد مكونات الجهاز المناعي للدولة، في مواجهة البكتيريا التي تستغل غياب الضوء وغبش الرؤية ورخاوة الانتباه لإلحاق أكبر الضرر بجهاز الدولة وبنية المجتمع في مقابل كسب مغانم ذاتية محضة.
من المهم جداً ان تتجاوز الحكومة تصور ان الصحافة تمثل ملاذات آمنة لأعدائها، ومكمن مخاطر مقبلة، فهذا التصور سيصبح المحدد الدائم للتعامل مع الصحافة تشريعياً عبر القوانين التعسفية أو عبر الاجراءات الاستثنائية .. ولا فرق بين الاثنين.
إضعاف الصحافة عبر التعسف القانوني أو الإجراءات الاستثنائية لا يحقق مصلحة الدولة، بل هو خطر عليها.. فارتفاع أسعار الصحف ونزع ما بها من (دسم) في المهام الليلية التي تأتي تحت عناوين تنقيتها من (السموم) يمهد الطريق لموت سريري لا يحقق لجهاز الدولة مصلحة ولن يدفع عنها خطراً محدقاً. ولا عزاء للوطن.
يجب الا ينجح البعض في تسويق مخاوفهم من الصحافة من أن ترفع الأغطية عن بعض ما يفعلون، ان ينجحوا في تسويق تلك المخاوف لجهاز الدولة ليخوض معركتهم نيابةً عنهم.
فالصحافة السودانية في كل القضايا المفصلية كانت أول المعينين في تجاوز الأزمات وتحقيق الانتصارات.. فليس من الممكن أن تكون في الأوضاع العادية قيد الشك والاشتباه، وعندما تأتي الحاجة إليها تمنح أنواط الوطنية والجدارة.المطلوب الآن في ظل ثورة المعلومات والسماوات المفتوحة أن تحافظ الصحافة على وجودها ومحددات حق الإحترام، قبل ان تجازف بالاقتراب من فك الأسد!.