الصوم عن الشراب والطعام غايته الامساك عن الشرور والآثام. بقلم: الخليفة احمد التجاني البدوي

 


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم


جاءالاسلام دينا متكاملا لاصلاح الدنيا وليكون وسيلة لللاخرة وله في كل امر حكمة و وراء كل نهى فكرة وكل مافرضه الله من فرائض وسنه رسول الله (ص)من سنن تصب فى مصلحة العباد الدينية والدنيوية وماتلك الفرائض والسنن الا منشطات لجسد الامة الواحدة الذى اذااشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى أوهى مواد ترميم لبنيانها الذى يشد بعضه بعضا وليزداد قوة الى قوته ولذا اتت الاوامر والنواهى منطلقة من هذا المنطلق والعمل على تحريكه حتى يكون واقعا معاشا فجاء الصوم وله نصيبه الذى يدفع به فى هذا الاتجاه فكان مقصده الد ينى الامتثال للامر الالهى وان يستشعر الصائم مراقبة الله له فى السر والعلن ذلك ان الصوم لايعلمه الا الله والصوم هو الفرض الوحيد الذى يجعل صاحبه وكانه فى مقام الاحسان وهو ان تعبد الله كانك تراه فان لم تكن تراه فانه يراك وفيه يقول الله تعالى فى حديثه القدسى ( كل عمل ابن ادم له الا الصوم  فانه لي وانا اجزى به ) فالصوم لايقبل الشرك ولا الرياء فالله وحده هوالذى يعلم ذالك اما مقصده الثاني فى قوله تعالى (لعلكم تتقون )اى لعلكم تستصحبون هذه التقوى فى رمضان ومن بعد رمضان لان الامساك عن الشراب والطعام غايته الامساك عن الاثام فى سائر العام .فكن ربانيا ولا تكن رمضانيا لا تات الخير الافى رمضان ولاتخر لله ساجدا الا فيه .ولاتكف عن اذى الناس والاساءة اليهم الا وانت صائم .فان الله يحب فعل الخير فى كل زمان ومكان  ويكره  فعل الشر فى كل زمان ومكان وفى الحديث (اتقى الله حيث ما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن) كن فى رمضان وغير رمضان من هؤلاء (رجال لاتلهيهم تجارة ولابيع عن ذكر الله واقام الصلاة وايتاءالزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والابصار)(يوم لاينفع مال ولابنون الا من اتى الله بقلب سليم )
ان كنا قد امسكنا عن شهوتي البطن والفرج فى رمضان فالواجب ان يستمر هذا الامساك بعد رمضان امساكا عن الشرور كلها وافطارا على الخيرات مااستطعنا الى ذلك سبيلا .يجب الامساك عن السىء من القول والفعل والافطارعلى الطيب منه وفى الحديث (من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليكرم جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا اوليصمت )ومن سكت سلم .يجب ان نصوم عن البخل والشح  ويكون فطرنا على البذل والعطاء والاطعام والاكرام فالبخيل بعيد من الناس بعيد من الله بعيد من الجنة قريب من النار .والكريم قريب من الناس قريب من الله بعيد من النار قريب من الجنة.
علينا ان نمسك عن الكبر والاستعلاء على الاخرين فانه لايدخل الجنة من كان فى جوفه مثقال ذرة من كبر ومن تواضع لله رفعه .المطلوب منا فى حالة فطرنا ان نصوم من الانانية وحب الذات ونقدم على ذالك الايثار وحب الخير للغير وفى الحديث (لايكمل ايمان احدكم حتى يحب لاخيه مايحب لنفسه )والامساك بعدرمضان عن التفاخر بالانساب والاحساب والقبائل واجب
ويكون فطرناعلى قوله (ص)(المسلم اخ المسلم لايظلمه ولايخذله ولايحقره )لاشحناء ولابغضاء بل محبة واخاء واصلاح لذات البين (انما المؤمنون اخوة فاصلحوا بين اخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون) يجب الصوم عن اكل اموال الناس بالباطل والافطار على الحلال الطيب مع الكف عن الكذب وقول الزور والعمل به وفى الحديث (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في ان يدع طعامه وشرابه ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا).يجب الامساك عن الاقتتال والاحتراب والافطار على قوله (ص).:(كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه) وما اعظمها جريمة ان يقتل المسلم اخاه المسلم
وفي قوله تعالى:(ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه واعد
له عذابا عظيما).
فكل ما نراه في العالم الاسلامي من اقتتال وتشريد ونزوح ليس من الاسلام في شئ مهما
كانت الدوافع والاهداف فانه ليس هناك واجب اوجب من حقن دماء المسلمين ولم يكن هناك فرض من الفرائض مقدم على وقف الاحتراب بين المسلمين فاذا كان الهدف اقامة الشريعة فان اقامة الشريعة ليس مقدم على اشاعة الامن بين المسمين واذا كان الهدف الدعوة الى الله فان الدعوة الى الله لم يكن من وسائلها العنف والتقتيل وهناك نصوص صريحة يصادمها هذا الفعل في قوله تعالى :(ادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هي احسن ).وقوله تعالى :(افانت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) فالاسلام ليس بحاجة لكل الذي يحدث لان الله تعهد بحفظه ونشره ما بلغ الليل والنهار واقامة الحجة على من كفر وما عليكم الا البلاغ وعلى الله الحساب واذاكان السبب ظلم الحكام فان الخروج على الحكام قد حذرت منه الشريعة وليس فيها ما يسنده وفى الحديث الصحيح ان الرسول (ص) قال (على المرءالمسلم السمع والطاعة فى مااحب وكره  ما لم يامر بمعصية اوكفربواح. قالوا يارسول الله و ان جار وان ظلم  قال وان جار وان ظلم ) لم يكن ذالك كذلك الا لان الخروج على الحاكم يقود الى  ماهواسوا من فوضى وهرج ومرج واخلال بالامن ونزوح وخراب واهلاك للحرث والنسل والله لايحب الفساد .كماهو الحال فى العراق والصومال واليمن وغيرها فانه من الواجب وجوبا ملحا حقن دماء المسلمين خاصة والبشر عامة الابحق فالكافر نبلغه ونعرفه بالاسلام وندعوه الى مايحييه ولان تدخل رجلا واحدا منهم الاسلام خيرامن ان تقتل الف فعسى ان يخرج الله من اصلابهم من يعبد الله.
والمسلم يجب حفظ ماله ودمه وعرضه لانه رسول رحمة للآخرين وعليه ان يستشعرذلك ،علينا كمسلمين ان نعمل على نشر المحبة والسلام فيما بيننا اولا ثم فيما بيننا وبين الآخرين علينا ان نفعل ذلك لان الاسلام يدعو لذلك والاسلام مشتق من السلام ويهدي الي سبل السلام وأمربافشاء السلام لقوله (ص) (الا ادلكم على شئ اذا فعلتموه تحاببتم افشوا السلام بينكم) فعلى هؤلاء ان لا يحملوا الاسلام اكثر مما يحتمل ونقول لهم بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسرواوان الرسول (ص)ماخير بين امرين الااختار ايسرهما وقد انزل الله عليه قرآناً يتلى .((فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك))      
وعليه فان الميزان الذي يحكم اقوالنا وافعالنا هوميزان الاسلام وليس سلوك جماعة او فرد اوحزب والمطلوب اسلاميا الالتقاء مع الاشخاص على المنهج والافتراق عليه فالقيم الاسلامية ثابتة معصومة والاشخاص اعراض زائلون والمهم الحكم على العمل ومدى انطباقه مع المنهج والقدرة على تمييزالخطأ والصواب وقيل اعرف الحق تعرف اهله .ولا سبيل الى الحصانة ضد صور الاحباط والتمزق والانكفاء على افكار خاطئة الا الالتزام بالقيم والاعتصام بالكتاب والسنة فهوالطريق الذى يبعث الامل ويدفع العمل ويقضى على هذا الذي يحدث ويجب ان يكون الولاء للمنهج وعدم التحريف والشذوذ والمغالاة وان يجتنب القادة والدعاة والمفكرون والعلماء الافتتان بالرأي والاعجاب بالنفس وعلى العامة ان لا يدفعهم الحماس الى ارتكاب اخطاء قد تضر بالدعوة اكثر مما تنفعها والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل.


الخليفة احمد التجاني احمد البدوي       
Ahmedtijany@Hotmail.com



 

آراء