العقاد يتجول في أزقة ام درمان يبحث عن محاور جريء يشفي غليله بأحاديث ذات شجون !!

 


 

 

وجها لوجه وجدت امامي صاحب قلنسوة تكاد تكون ماركة مسجلة له كان حليق اللحية لدرجة الإبادة الجماعية ولكن شاربه حدد بعضا من معالمه العالمية التي سارت بها الركبان ولا ادري لماذا هذا الكائن البشري دائما متجهما وفي حالة هجوم توفرت له كل أدوات الانقضاض سريعة الطلقات !!..
بادرني بسؤال فهمت منه أنه الآن متقوقع داخل كبسولة تحلق به خارج الزمن :
( من فضلك أنا وين ) ؟!
قلت علي الفور :
( انت في احد أزقة حي بيت المال العريق وحسنا فعلت انك لم تتحرك من مكانك وإذا فعلت فلن تصل إلي أي مكان سوي النقطة التي تحركت منها بالضبط موقفك سيكون نفس موقف الحوارات الجارية الآن بين مختلف الفعاليات السياسية لعبور الفترة الانتقالية بسلام فهم دائما يعودون لقواعدهم سالمين استعداداً للانطلاق من جديد في جولات تقتات الوقت وتقصم الظهر والنتيجة لم ينجح احد !!..
قلت لنفسي هذه فرصة ذهبية اتت لي من جبل عامر لابد أن استثمرها باحترافية وادردش مع هذا الصعيدي صعب المراس الذي لم يكن يكترث بجمال عبد الناصر ولم يحدث أن ارتجف أمامه كما يفعل الكثيرون وفيهم علماء وكتاب وساسة ورجال مال وأعمال ولكن حدث عندما وصلت جحافل الألمان تخوم مصر وخاف أن يبطشوا به إذا وصلوا القاهرة لانه كان من فرط طول لسانه نحوهم لا يكف عن انتقادهم وهرع الي جنوب الوادي يبحث عن الأمان وسط أبناء العمومة عند ملتقي النيلين !!..
قلت له :
( عرفتك بسمتك المميز وهذه العصا العجيبة التي تحملها لكن أين حمارك الفيلسوف الذي طالما تحدثت إليه وتحدث اليك في مواضيع جادة شغلت القراء من المحيط للخليج ) ؟!
يبدو أن هنالك كنز قد عثر عليه عندنا وقد بحث عنه في مكتبات الدنيا وكان أن أهداه له هذا الرجل الصوفي الذي يقطر علما وأدبا وسياسة واقتصاد دون تكلف أو دعاية واعلان والذي كان يجالس كبار ضيوف البلاد من الخواجات ويتجاذب معهم اخطر القضايا بادق التفاصيل ويبهرهم بالمامه العالي لكافة اللغات الأجنبية بطريقة السهل الممتنع !!..
كان يريد أن يسألني عن فتي شع نوره العلمي مابين بيروت والقاهرة واحتفت به الأوساط الأدبية والعمالقة في هذا الشأن وافسحوا له المجال في منتدياتهم يصول ويجول في بحور المعرفة الواسعة الشاسعة التي جعلت المستعمر في بلاده يتوجس من هذا النبوغ المخيف الذي لا قبل لهم به وعاكسوه وناصبوه العداء حتي زهد في اي خير يرتجي منهم وانكفا علي نفسه التي جعل منها سجنا كبيرا ظل حبيسا به الي أن رحل في شرح الشباب ولفه النسيان مثل كثير غيره راحوا ضحية عقولهم الكبيرة التي سطع نورها في أودية من الجهل والتكبيل يجهرها نور الاستنارة ويسبب لها العشي الليلي وزغللة العيون !!..
مازلت احاول امطاره بأكبر كمية من الاستفهامات خاصة وهو معلق في زقاق ضيق بحي بيت المال العريق وقد ضاعت منه معالم الطريق ولا يدري مواطن أو وافد أو حتي عباسي كامل رجل المخابرات الاول في مصر ما الذي جعل صاحب العبقريات يغرق في شبر ( مية ) وتوحل قدماه في تراب أحد أحياء ام درمان القديمة الذي ظل علي حاله لم تحنو عليه يد التحديث ولم يري تغييرا من اي نوع سوي السفر عكس الريح ومؤشرات الرأي والرأي الآخر !!..
طبعا وعلي حسب العرف السوداني في سجلات الكرم والنخوة والشجاعة أن ادعوه الي منزلنا المتواضع لتقديم واجب الضيافة لهم وبعد ذلك اصحبه الي سفارة بلاده حتي يسهلوا له العودة بعد رحلته الفاشلة والتي لم يخطر بباله ابدا ان يري المنتديات الادبيه والثقافيه العامرة قد تقاصر ظلها الي درجة العدم ورحل المثقفون الي شتي فجاج الأرض وبقيت الحركات المسلحة تجوب الشوارع باسلحتها وعقولهم الخالية وهدفهم الكراسي وتجديد الأحزان في وطن اسمه السودان !!..
في الختام اعتذر للقارئ الكريم فقد جعلتني مشكلة الشبكية أري العقاد وتوفيق الحكيم في بروجرام واحد في زقاق ضيق في حي بيت المال العريق !!..

حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
معلم مخضرم .

ghamedalneil@gmail.com
/////////////////////////

 

آراء