العلاقات السـودانية ألاميركية قي ظل سـياسـات التغيير التي يطرحها أوبامــا
3 September, 2009
محمد زين العابدين محمد *
عندما ولج الجنرال سكوت قرايشين منافذ ودهاليز السياسة السودانية وصال وجال في البلاد من أقصي جنوبها الي اقصي شمالها ومن أقصي غربها الي أقصي شرقها ثم خارجها بمؤتمراتهاواجتماعاتها بالدوحة وواشنطن وتكوين الآلية لم يكن احدا يتوقع ان يستطيع هذا الرجل الهادي الذي تنم تقاطيعه علي البساطة والطيبة والجدية من احراز اي تقدم الا انه تمكن من ان يتفهم في فترة وجيزة معضلات السودان البالغة التعقيد وان ينفذ الي لبها ويسعي للتوفيق بين الفرقاء في حركية سريعة الايقاع تمكن خلالها من الامساك بالكثيرمن الخيوط في ايديه . بالرغم الانتقادات الحادة له في الغرب الا انه كسب ثقة معظم اطراف النزاع لحد ما وميزان هذا العامل بداء يتارجح مؤ خرا بعد الاستياء الذي اظهرته الحكومة لتغيير بعض السياسات التي سبق ان طرحها . البعض يعيب عليه كثرة التصريحات وكشف خططه المستقبلية وقد يكون ما يطلقه من تصريحات يحدث بهدف معرفة ردود الافعال بخصوص موضوعات معينة تهم الرأي العام الاميركي والسوداني وكل ذلك لم يأت من فراغ فقريشين لايستطيع ان يعمل الا من خلال توجيهات اوباما والخط الذي يرسمه له اوباما لايستطيع ان يخرج عنه والواقع ان القوي الاميركية المناهضة للتطبيع هي التي تعرقل العملية .
الولايات المتحدة تتميز بخواص تنفرد بها عن غيرها من الدول من حيث الحريات وممارسة الديمقراطية واعمال مجموعات الضغط واللوبيات ومنظمات حقوق الانسان وتأثيرها القوي في مجتمع الولايات المتحدة من خلال السلطة الرابعة اي وسائل الاعلام المؤثرة . سياسات ادارة اوباما الجديدة لم تتضح معالمها الرئيسية خاصة حيال السودان وتصريحات قربشين عن تغيير السياسات الاميركية الخاصة بالسودان لم تأت من فراغ بالرغم من ان بعض التصريحات كانت بهدف القيام بجس نبض المجتمع الاميركي والسوداني والراي العالمي للحصول علي ردود افعال من الاطراف المختلفة كما وان تغيير السياسات الاميركية المتشددة نحوالسودان منذ عهدي كلينتون وبوش لايمكن أن تتغير بسرعة وفي فترة وجيزة بل تحتاج لفترة زمنية ليست بالقصيرة . اوباما كان صادقا فيما طرحه من اجندة للتغيير الا انه من الصعب قبول الكثير من القوي المؤثرة في السياسات في الولايات المتحدة لهذه السياسة الجديدة حيال السودان وغيره . الحملة المضادة التي تعرض لها السودان عند انفجار العنف في دارفور لم يشهد التاريخ الحديث مثالها . ولايمكن محو أثارها بسهولة.
أدارة اوباما تسعي من خلال دبلوماسيتها لتحقيق الاتي :
ايقاف الحرب في دارفور والوصول لاتفاقية سلام دائم.
أكمال تنفيذ اتفاقية سلام نيفاشا (اتفاقية السلام الشامل ( CPA)
تطبيق الديمقراطية في شمال وجنوب السودان .
التعاون مع السودان في مجال مكافحة الارهاب ودرء الصراعات.
كان من المتوقع ان توافق الولايات المتحدة علي قدر من التطبيع ورفع العقوبات خاصة في ما يتعلق بالمواصلات والتنمية والصحة ودرء الكوارث للمساعدة في الوصول لحلول للمعضلات التي تضرب السودان بعنف الان ولكن لم توافق امريكا حتي الان علي ذلك والمعارضة السودانية تقف مع سياسات العقوبات والمقاطعة بالرغم من ان هذه الاساليب لم تحقق شيئا سوي زيادة معاناة الشعب السوداني وذلك في كل العهود السايقة.
العقبة الكبري للتطبيع مع السودان في الولايات المتحدة هى منظمات المجتمع المدني الاميركية واللوبي اليهودي وغيره من مجموعات الضغط الاخري والتي يمكن ان نـــــــورد مــــــــنها الاتــــــــــــي :
اللوبي اليهودي.
منظمات حقوق الانسان والمجتمع المدني .
بعض المنظمات التي برزت مع نشوب الحرب في دارفور مثل "انقذوا دارفور (Save Darfur ) والتي تضم أكثر من 140 منظمة يهودية و التي تجمع كم هائل من التبرعات والتي تصرف علي الدعاية والاعلان فقط ولاتصل لدارفور.
منظمة البلاك كوكس ( تجمع السود ) Black Caucus
مجموعة نهضة الملونين NACCP .
المجموعات المناوئة لتطبيع العلاقات مع السودان في داخل الكونقرس بدعم وضغوط من خارج الكونقرس .
بعض المنظمات الحديثة التكوين والتي تضم بعض الشخصيا ت المؤثرة ,مثل منظمة كفاية ( ENOUGH ) والغرض من انشأها هومناهضة الابادة الجماعية GENOCIDE) ويرأسها جون برندر قاست وهو يتراس مجموعة الازمات الدولية وهو من اكثر الناشطين مناوئة للسودان.
منظمة ظهرت مؤخرا تدعي Sudan Nowظهرت فيالاسبوع الماضي تعني بمناهضة الابادة الجماعية وهي الان تمارس الضغوط علي اوباما وكل المسؤولين للقيام بعمل فوري ضد السودان وتتنفيذ وعودهم التي قطعوها في الماضي لاتخاذ سياسات حازمة ضد السودان والقيام با لتشديد علي السودان وممارسة الضغوط عليه وبدأت الان نشاطها في جميع المجالات وبكل السبل المتاحة .
الشخصيات داخل ادارة اوباما والبيت الابيض المضادة للسودان هي وزيرة الخارجية كلينتون و سوزان رايس سفيرة الولايات المتحدة في الامم المتحدة والاخيرة اصبحت معتدلة في عدائها للسودان وربما يرجع السبب الي انها تتحرك في اطار سياسات اوباما الجديدة وتظل كلينتون الاكثر عداء لسياسات التطبيع مع السودان اضافة الي لفيف من الشخصيات المتنفذة في المجتمع الامريكي والغريب في الامر ان العديد من الشخصيات من الحزب الديمقراطي تقف ضد السودان بالرغم من سياسات التغيير التي طرحها اوباما.
القوي المناهضة للتطبيع مع السودان من داخل السودان لها اثرها ايضا والتي بلغت حد مطالبة الكونقرس بعدم رفع العقويات عندما طلب فاقان اموم بعدم رفع العقوبات علي السودان ومن غير ألمألوف حدوث ذلك من قيادي في حزب شريك للحكومة وهنا يجب اعتبار عرقلة الشريك الاخر لعملية التطبيع .
. موضوع التطبيع مع الولايات المتحدة تشوبة صعوبات كثبره وهو اكثر تعقيدا من ان يتم بين ليلة وضحاها ولكن بالرغم من ذلك نجد الان تقدما يسير بخطي بطيئة ولاشك ان كل العالم يتغيير الان وسياسات اوباما دون شك تعمل علي أطفاء النيران التي اندلعت في كل ارجاء المعمورةبسبب السياسات الخاطئة والمتغييرات المناخية التي تسببت في حركةالسكان والنزوح باعداد هائلة وكثافة غير معهودة طلبا للماء والكلاء والعيش الكريم واصبح عالمنا الصغير يواجه مشاكل مستعصية وليست الاموربالسهولة التي يعتقدهاالبعض . العنف الدارفوري والمعالجات الخاطئة من الجميع داخل السودان وخارجه سواء ان كانت معارضة او حكومة اوقوي خارجية تسببت بنفس المستوي في الكثير من المخاطر والقتل والتخريب وادت الي تحركات المجموعات المسلحة والتي وصلت صعيد مصر من جهة الغرب بهدف النهب ومهاجمة السواح ومن الشرق تحركت العصابات من عمق القرن الافريقي والتي تمكنت من النفاذ الي جنوب شرق مصر والي قرب اسرائيل من جهة البحر الاحمر . لاشك ان الدول التي تدفع لزعزعة استقرار دول المنطقة ستنكوي بنيران العصابات التي تقوم بتسليحها وربما وصلت هذه العصابات غدا الي مناطق اكثر حساسية ويحدث ذلك في ظل الغفلة الامنية الاستراتيجية والاعتماد علي التقديرات والتكهنات غير السليمة اضافة لعدم الخبرة والمعرفة الصحيحة بالشعوب وسكان المناطق الاخري مما أدي الي فشل الكثير من المخططات التي استهدفت السودان في ظل الانقاذ وبدلا عن نجاح المخططات انهارت القوى التي كانت تنفذ المخطط و اصبح السودان مركز جذب لاعداد هائلة من سكان الدول المجاورة والمستثمرين الصغارمن كينيا ويوغندا واثيوبيا ومن مصر في شكل عمال مهرة والقرن الافريقي ومن الكبارايضا الدول الاسيوية و دول اخري .
علي ادارة اوباما ان تركز علي التحول السلمي الديمقراطي بدلا من التحول الاثني الديني بقوة السلاح كما كانت تخطط الادارة السابقة وهوما يصعب حدوثه علي ارض الواقع وعليها محاولة الوصول الي سودان ديمقراطي تتعايش فيه الاثنيات ومعتنقي الديانات المختلفة في سلام ووئام مع الوقوف ضد العنف و تنشيط حوار الاديان داخليا وخارجيا والدعوة للتعايش السلمي وهذا اقصر الطرق الي السلام و النمو والاستقرار. الحكومة السودانية عليها تركيز الجهود لاجراء انتخابات نزيهة تؤدي الي سودان ديمقراطي بالانتخاب . اذا استطاعت الولايات المتحدة دعم التوجه الديمقراطي في السودأن باسلوب سلمي وبدون العنف وقامت بخطوات جدية حيال ذلك مثل رفع السودان من كشف الارهاب فيمكن ان تقدم الحكومة السودانية تنازلات في في بعض المجالات
الابادة الجماعية هي رؤية اميركية فقط ولم تشترك معها دولة اخري من دول العالم الا ان القوي الامريكية تجعل منها القضية الرئيسية وهي تتحرك علي هذا الاساس وكل القوي الاميركية لاتتحرك انطلاقا من كراهية للسودان بل من احدأث معينة نجحت قوي الضغط والاعلام المؤثر في اقناع الشعب الاميركي بها . العامل المهم في التأثير علي القرار الامريكي الان هي بروز تأثير قوي الضغط واللوبيات علي قرار أدارة اوباما وما لم تتمكن الادارة من الافلات من تأثير هذه القوي فان تحقيق اي نجاح سوف لن يتم بالقدر المتوقع ولكن لاعتبارات كثيرة فان قرارات ترضي الاطراف المختلفة قد تصدرها الادارة الاميركية . السؤال المطروح الان ماهي استراتيجية الولايات المتحدة القادمة اي الاستراتيجية العظمي التي ترتكزعليها خططها الامنية الاستراجية كماحدث في ظل كل الادارات السابقة كاستراتيجية الردع Deterrence او الردع المتبادل اوالوفاق والاستراتيجية التي كانت تعتنقها الادارة السابقة هي الاستباقية( Pre-emption ) والتي تعني توجيه الضربات الاستباقية للخصم قبل ان يتمكن من القيام بضربته . الان تغيير هذه الاستراتيجية باخري كاستراتيجية الوفاق يعتبر ضروريا في ظل طرح شعار التغيير بواسطة اوباما . أضافة لذلك ما هي استراتيجية الولايات المتحدة نحو السودان وهي التي ستصدر في الايام القليلة القادمة.
الخطوة التالية المتوقعة من السودان هي الاصلاحات في مجال الديمقراطية واجراء الانتخابات النزيهة وكبح جماح قوي الفساد واجراء الاصلاحات الاقتصادية ومراقبة الاسواق وهي التي تذبح المواطن بسكين ميته .
*سفير وفريق ركن
mohamzein@gmail.com