العلاقات السودانيه – المصريه من منظور شعبى كيف (1)؟ … بقلم: تاج السر حسين
9 February, 2010
royalprince33@yahoo.com
هذه المسأله (العلاقات السودانيه المصريه من منظور شعبى) ظلت تشغل بالى على الدوام وكلما حاولت ان اجد لها مدخلا وطريقا ومنبرا يتم تناولها من خلاله كمثقف سودانى يدرك أهمية هذه العلاقه بين الشعبين على المدى القريب والبعيد، أجد الباب مغلقا وموصودا بفعل فاعل من هنا أو هناك، ويتم اختزال الفكره وسرقتها والأتجاه بها نحو منصات الحوار الرسمى الذى لا يفيد حتى لو كان فى مجال شعبى مثل مجال (كرة القدم) !!
قد لا يصدق الأشقاء فى مصر بأنه حينما اراد الأعلام المصرى ان يستعين بسودانى يتحدث له عن العلاقات الرياضيه بين مصر والسودان قبل لقاء مصر بالجزائر فى ام درمان لم يختارغير احد المنسوبين (للمؤتر الوطنى) أى (للأخوان المسلمين) – فرع السودان، أو (المسلمين الجدد) الذين كانوا يعتبرون حتى وقت قريب جدا (كرة القدم) مثل (الفنون) لا تعد من اولياتهم، والآن من أجل استجداء دعم مصر ومساندتها فى مواجهة (الجنائيه) ومن اجل (الحمله الأنتخابيه) يبادرون من وقت لآخر بتكريم المنتخب المصرى كلما حقق انجازا أو اعجازا ولا يهمهم ان يتساءلوا وماذا حقق (منتخب السودان) من انجازات، ولماذا يخفق وهم مسوؤلين تنفيذيين فى أعلى مستوى؟؟
ولا يهمهم كذلك ان يتساءلوا ولماذا لا تكرم مصر بطلا اولمبيا سودانيا (واحدا) حقق الميداليه الوحيده ذات القيمه التى حصل عليها أحد ابطال وادى النيل فى آخر (اولمبياد) ببكين، فهل هناك شعور بالدونيه أكثر من هذا يا اهل مصر؟
وهل مثل هذا السلوك الأنبطاحى الأستجدائى الرخيص يمكن أن يعمق العلاقات (الشعبيه) بين السودان ومصر ويدفع بها نحو الأمام ؟
على كل حال من خلال رؤيه مبدئيه ثابته وراسخه وحرصا على العلاقات السودانيه المصريه الحقيقيه دون زيف أو تملق أو رياء، ودون شعور بدونية تجاه الأشقاء المصريين وفى ذات الوقت دون احساس بالكراهية تجاههم والتى يحملها داخل افئدتهم المنافقين من ماركة (اللصقه السلمبس) الذين يتظاهرون بحب مصر وهم فى حقيقتهم من الذين تلطخت صفحات سيرتهم الذاتيه بتسميم العلاقات السودانيه المصريه فى يوم من الأيام ، وخشية من تكرار ما حدث بين مصر والجزائر خلال الشهور الماضيه بسبب مباراة فى كرة القدم، وقد لا يعرف البعض فى وادى النيل أن الندية بين السودان ومصر فى مجال كرة القدم اقوى مما هى بين الجزائر ومصر رغم فارق المستوى المتسبب فيه النظام السودانى الذى اهمل الرياضة بصورة عامه وكرة القدم على نحو خاص وهمشها فى زمن الأهتمام (بالجهاد) الزائف الذى راح ضحيته 2 مليون و500 الف سودانى !!
من خلال تلك الرؤيه تمنيت مثلما تمنى قبلى الدكتور / حيدر ابراهيم الذى استوحيت منه عنوان هذا المقال مع تغيير طفيف، اقامة ندوه أو عدة ندوات تكون محاورها ومنطلقاتها واهدافها مختلفه من السلسله الطويله للندوات السابقه بين مثقفى البلدين على مر التاريخ وأن تركز على المسكوت عنه فى العلاقه بين الشعبين، حتى لا يأتى يوم لا نتمناه تصعب فيه فرص التلاقى والتحاور.
وللأسف حتى تناول هذا الجانب الهام حينما فكرت فيه مصر تم الأستعانه فيه بالأعلام السودانى (الرسمى) أو (شبه الرسمى) الذى يهمه رضاء الحكام لا رضاء الشعوب وتمتين العلاقات بينهم.
فالدعوه التى وجهت قبل فترة لعدد من الصحفيين والأعلاميين السودانيين جاء اغلبهم من اتحاد الصحفيين المحسوب على المؤتمر الوطنى مثل اتحاد المحامين ومن خرج عن تلك العباءة كان من بين الصحفيين الذين صمتوا لفترة طويله من الزمن عما فعلته الأنقاذ بالسودان واهله فى أسوأ ايامها، فهل يعقل ان يكون هؤلاء ممثلين (للشعب السودانى) ؟؟ وهل يمكن ان يعكسوا للمثقفين المصريين حقيقة ما يدور فى السودان وما ينتظره من مستقبل مظلم اذا اصر المؤتمر الوطنى على التشيث بكرسى الحكم؟ وهل تحدثوا لأخوانهم المصريين مشفقين عن انفصال متوقع بين الجنوب والشمال؟
وقد كان هم الكثيرين منهم انقضاء الزمن المحدد لمقابلة المسوؤلين والتفيذيين المصريين بسرعه للأنصراف لقضاء حوائجهم الشخصيه ( مما جميعه)، وكان زيارة مصر وتوفير قيمة تذكرة السفر وتكاليف الأقامه فى فندق محترم تمثل عبئا ومشكله لرئيس تحرير يعمل فى صحيفه سودانيه!!
ومن اروع ما كتبه الدكتور/ حيدر ابراهيم فى مقدمته لكتاب الراحل الأديب المصرى / يوسف الشريف بعنوان " السودان وأهل السودان"، والذى اخذت منه عنوان هذا المقال عباره جاء فيها:
"والمشكله الأساسيه ايضا فىعدم الفصل بين الشعب وحكامه، فالسودان لدي المصريين كتله واحده .. الشعب، السلطه، الوطن. ويتسبب هذا الخلط فى كثير من سوء الفهم والأدراك الخاطئ".
وهذا هو بالضبط ما نعانيه من اخواننا المصريين ونتمنى ان نتطرق له فى حوار صريح نابع من القلب يتناول هذه الجوانب المسكوت عنها بكل شفافيه وحب من اجل مصلحة ورفاهية شعب البلدين بدون عقد أو رواسب الماضى، وبغير ذلك فسوف تبقى العلاقه لا تراوح مكانها مجرد مجاملات و(طبطبه) وكلمات باهته ترددها الشفاه دون حرارة مثل (نحن ابناء نيل واحد) أو نحن ابناء مصير واحد، ثم يذهب السودانى لحاله تغمره الحسره والندم وهو يشعر بوطنه يذهب نحو الهاويه والأنفصال والتشرزم دون ان يحس شقيقه المصرى باحساسه، وكذلك يذهب المصرى الى حاله وهو مهموم بمشاكله الحياتيه اليوميه وآثار الأنفجار السكانى دون ان يحس كذلك بتعاطف شقيقه السودانى معه ودون ان يعذره على بعض التصرفات، والأثنين معا من شمال الوادى وجنوبه لا يعلمان بأن حل مشكلة البلدين تكمن فى تكامل ما لديهما من امكانات ضخمه فى كل شئ، واستغلال تلك الأمكانات بعد توفر عناصر الثقه بين الشعبين ومن خلال علاقة حب وموده حقيقيه تقوم على النديه والمساواة والشعور باهمية كل طرف وأحتياجه للآخر.
وأختم هذا الجزء متمنيا:-
ان تميز مصر بين السلطه والنظام فى السودان وبين الشعب السودانى.
وأن تسعى مصر الرسميه والشعبيه لمعرفة نبض ورغبة اهل السودان فى النظام الذى يحكم بلدهم وان تعينهم فى ذلك لا ان تسبح عكس التيار والا يلعب الأعلام المصرى نفس الدور الذى يلعبه الأعلام العربى المؤسف والمخجل والذى يعتم على قضايا السودان ويساند نظاما يذهب بوطنه وشعبه نحو الهاويه، فالعلاقه بين السودان ومصر تختلف من العرقه بين السودان وباقى الدول العر بيه شئنا أم ابينا، حيث الجوار الجغرافى والدم والتاريخ والمصالح المشتركه ثم النيل الذى يجرى بكل حب على ارض البلدين.
وفى الجزء الثانى اتناول زيارة على عثمان محمد طه لمصر، وماهو سببها وهل التقى فعلا بالجاليه السودانيه؟
آخر كلام:-
أبيات من قصيدة الشاعر السودانى " أحمد محمد صالح" مؤلف نشيد العلم السودانى، التى كتبها عن احد العاشقين للسودان وهو الرئيس المصرى الراحل "محمد نجيب" بعنوان :
(الى نجيب فى عليائه).
مــا كنـت غــدارا ولا خـوانـــــا ... كلا ولـم تكن يا نجيب جبانا
يـا صاحـب القلب الكبيـر تحية ... مـن أمـة أوليتهـا الإحسـانــا
عـرفتك منذ صبـاك حـرا وافيـا ... فوفـت إليـك وآمنـت أيـمانــا