الفاتيكان يكشف غطاء ما يحدث حالياً في دولة جنوب السودان ؟
Facebook.com/tharwat.gasim
Tharwat20042004@yahoo.com
1- تهنئة واجبة .
نهنئ الحركة الشعبية ( ش ) على بدء الجولة الرابعة من المفاوضات الثنائية الجزئية مع حكومة الخرطوم ( أديس ابابا – الخميس 13 فبراير 2014 ) بعد إتفاقية نافع – عقار الثنائية الجزئية ، والمؤودة بعد 48 ساعة من توقيعها ( أديس ابابا- الثلاثاء 28 يونيو 2011 ) .
منذ يوم الثلاثاء 28 يونيو 2011 ، حدثت نقلة نوعية في موقف ومرجعية الحركة بإنضمامها الآن إلى معسكر السيد الإمام التفاوضي ، وتبنيها لرؤيته الإستراتيجية ومشروع ( النظام الجديد ) الذي أبتدعه لتفعيل الرؤية الإستراتيجية ، رغم إن الحركة لا تفصح عن ذلك صراحة . ولكن وكما يقول الأمريكان :
إذا كانت تكاكي كما البطة ، وتمشي كما البطة ... فهي بطة ؟
وخير أن تاتي الحركة متاخرةً من أن لا تاتي أبداً .
ولا نلقى القول على عواهنه ، ولا نتحدث من فراغ ، وإنما نتوكأ على خطاب القائد ياسر عرمان في إفتتاح الجولة الرابعة للمفاوضات ، والذي بين فيه رؤية الحركة الإستراتيجية .
قال نصاً :
( أود أن أؤكد فى إفتتاح هذه المفاوضات أن الحركة الشعبية ( ش) تؤمن بالتسوية السلمية وليس العسكرية ) .
عندما طالب السيد الأمام في الأجندة الوطنية ... رؤية إستراتجية ( يونيو 2011 ) بالتسوية السلمية وليس العسكرية كما يقول القائد ياسر عرمان الآن ، إتهمته الحركة بالوصاية ، وأكدت أن الذي يُملي على الحركة سياساتها لم يُخلق بعد ، وإن الحركة متمسكة بالخيار العسكري ، عكس ما ينبح به الصادق أو كما قالت ؟
حسناً فعلت الحركة بهذه النقلة النوعية كما دعا لها السيد الإمام قبل 3 سنوات في عام 2011 ، مباشرة بعد تفجر أزمة جنوب كردفان في مايو 2011 .
إستطرد القائد ياسر عرمان قائلاً ونصاً :
( كما أننا نعتقد أن الإجماع " القومى " هو السبيل الأفضل لتحقيق التسوية السلمية الدائمة. (
يكاد السيد الإمام يملك حق الملكية الفكرية لكلمة ( القومي ) ، فهي الكلمة التي ظل السيد الإمام يرددها حتى بح صوته ... مؤتمر قومي ، حكومة قومية ، دستور قومي ، تسوية قومية ، نظام جديد قومي ، مفاوضات قومية ، وما رحم ربك من ( قوميات ) السيد الإمام . صارت كلمة ( قومي ) مربوطة بالسيد الإمام كما كلمة ( الإستقامة ) تماماً .
إستطرد القائد ياسر عرمان قائلاً ونصاً :
( إننا نؤمن بأن إستمرار الحروب فى مناطق السودان المهمشة سيضر بمستقبل الوحدة فى السودان كما حدث من قبل فى قضية جنوب السودان ) .
هذا الكلام العقلاني أعلاه هو ما ظل يردده السيد الإمام آناء الليل وأطراف النهار منذ يوم الأحد9 يناير 2005 ؟ وكان رد قومه :
لن نؤمن لك ، يا الصادق الصديق ، حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً ، أو تنزل علينا مائدة من السماء ؟
ختم القائد ياسر عرمان مرافعته قائلاً ونصاً :
( لقد حضرت الحركة الشعبية ( ش) الى أديس أبابا بقلب وعقل مفتوحين وبالإرادة السياسية الضرورية للوصول مع إخواننا وأخواتنا فى حكومة السودان لحل " ودي " ) .
عندما كان السيد الإمام يدعو إلى الحل ( الودي ) ، أتهمته الحركة بالتثبيط ، والتخذيل والتحبيط ووضع العصي في دولاب الثورة الشعبية ، وتبعها بغبغة تحالف قوى الإجماع الوطني ، وتبعه بغبغة بعض البعض من شباب وكوادر حزب الأمة المكريين من الشموليين ؟
نهنئ الحركة بالرجوع إلى الحق ، والإصطفاف في مربع السيد الإمام ، ونفترض إن القائد مالك عقار لن ( يأمر ) السيد الإمام مستقبلاً بأن يقدم له طلباً ممهوراً بتوقيعه حتى يسمح له بمقابلته ؟ كما نفترض إن تحالف قوى الإجماع الوطني سوف يتبع ( صوت سيده ) في الحركة ويرجع إلى حظيرة السيد الإمام الوارفة الظلال . عندها لن يملك بعض البعض من شباب وكوادر حزب الأمة إلا أن يقولوا :
سمعنا وأطعنا !
ختمت عنقالية جرجيرة الكلام قائلة في إستغراب سعيد :
شربوت السيد الإمام صارت تتداوله الكناتيش، حتى كناتيش الحركة الشعبية ( ش ) ؟
وبعد ... ألم يقل الله سبحانه وتعالى في الآية 51 في سورة القصص :
ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون .
أم لعلهم يعملون بمقولة نجيب محفوظ :
آفة حارتنا النسيان ؟
أما السيد الإمام فهو مظلوم ظلم الحسن والحسين بين هؤلاء وهؤلاء من الموتورين الحاسدين ؟
2- الموقف العام في دولة جنوب السودان ؟
قرأت لكم 6 تقارير غاية في الأهمية والمصداقية والموضوعية ، يكشف كل تقرير منها جزء من غطاء ما يحدث حالياً في دولة جنوب السودان . وهذه التقارير هي :
+ تقرير من قس كاثوليكي يعمل في الفاتيكان وقام بزيارات ميدانية لمواقع الأحداث في جوبا ، بور ، ملكال ، بانتيو ، ليير ، وجمع معلومات عن طبيعة وحقيقة الأحداث بمساعدة زملائه القسس الذين يقومون بمهمة التبشير في دولة جنوب السودان ، ويتابعون دبيب النمل فيها ؛
+ تقارير مهنية ومن مصادر في قمة المسئولية في دولة جنوب السودان يصدرها بإنتظام مركز دراسات جنوب الصحراء في اتوا في كندا ؛
+ تقرير من مراسل صحيفة النيويورك تايمز الامريكية ( الصحيفة الأولى في العالم ) في شرق افريقيا عن أهوال دولة جنوب السودان ( عدد يوم الخميس 13 فبراير 2014 ) ؛
+ تقرير من مراسل صحيفة القارديان البريطانية المحترمة في دولة جنوب السودان ( عدد يوم الخميس 13 فبراير 2014 ) ؛
+ رسالة مفتوحة لشعب جنوب السودان بتاريخ الجمعة 7 فبراير 2014 من السيد ادورد ابيي لينو ، الرئيس السابق لجهاز المخابرات العسكرية في جيش الحركة الشعبية على أيام الدكتور جون قرنق . السيد لينو نصفه دينكا أبيي ، ونصفه الآخر مسيري .
+ التقارير الدورية الصادرة من الأمم المتحدة في جوبا ونيويورك .
أختزلت إنطباعاتي ( وليست ترجماتي ) عن أهم ما ورد في التقارير الستة المذكورة أعلاه في النقاط التالية :
اولاً :
حسب تقديرات الفاتيكان ، تجاوز عدد القتلى من قبيلة النوير في مدينة جوبا وضواحيها في الأيام التي تلت يوم الأحد 15 ديسمبر 2014 حاجز ال 11 الف قتيل ، وجلهم من المتعلمين . وبلغ عدد القتلى في جميع ولايات الجنوب حوالي 29 الف قتيل ، وبلغ عدد النازحين حوالي مليون نسمة ؛ واعداد القتلى والنازحين في إزدياد مستمر . ولا تزال عمليات القتل على الهوية ، والترويع والتعذيب مستمرة ، رغم إتفاقية وقف العدائيات ( أديس ابابا – الخميس 26 ديسمبر 2013 ) .
لا تصدق الفاتيكان ولا إدارة اوباما ، ولا المجتمع الدولي حدوتة الإنقلاب العسكري التي إخترعها الرئيس سلفاكير ، رغم إنه أرسل وزير خارجيته برنابا إلى لندن ليحاضر في شتام هاوس في محاولة لإقناع المجتمع الدولي بصدقية إنقلاب الدكتور رياك مشار العسكري .
ثانياً :
حسب توكيدات الفاتيكان ، فقد الرئيس سلفاكير مقبض الدفة وظله معها وأصبح خارج الشبكة ، وصار السيد تيلار دينق ( دينكا أووت ) ، المستشار الرئاسي للشئون العدلية ، الحاكم بأمره في دولة الجنوب . يخطط السيد تيلار دينق بمساعدة نائب الرئيس جيمس واني إيقا ، للقيام بإنقلاب قصر حقيقي ( وليس مفبركاً كما إنقلاب الدكتور ريك مشار ) ضد الرئيس سلفاكير الذي أصبح فاقد الصلاحية لقراراته العشوائية الكارثية ، وربما تم إستبداله بالسيد نيهال دينق نيهال ( أبن وليم دينق ومن دينكا أقار ) ، ورئيس وفد جوبا التفاوضي في أديس أبابا ! كل الزعماء والقادة والحكماء في جوبا ( بإستثناء كجور الرئيس سلفاكير ) متفقون على رحيل الرئيس الكارثة سلفاكير .
تقول الفاتيكان إن كل فريق يتعامل مع السلطة صفرياً : إما كل السلطة ، أو بروش السجن . وبهذه المفاهيم الإقصائية ، سوف لن يكون هناك توافق وطني في القريب العاجل .
ثالثاً :
حسب مركز دراسات جنوب الصحراء الكندي بدأ الصراع الأقليمي في دولة جنوب السودان ، بدخول يوغندة كلاعب أساسي في مباراة الجنوب الجهنمية . تجاوز عدد القوات اليوغندية المتواجدة حالياً في الجنوب حاجز ال 8 الف عنصر بكامل تجهيزاتهم الحربية من دبابات ، وطائرات ، ومدافع ثقيلة وحاملات جنود . بلغ عدد القتلى والجرحى من اليوغنديين حوالي الفين عنصر ، أغلبهم من قبيلة الأشولي ( قبيلة يوسف كوني زعيم جيش الرب ) التي تتقاسمها يوغندة وجنوب السودان . قبيلة الأشولي حانقة على الرئيس موسفيني (من قبيلة الباني انكول الصغيرة ) لهلاك بنيها في حرب عبثية لا ناقة لهم فيها ولا جمل ، وربما تستمر لعقود قادمات ويستمر معها هلاك ابنائها ، وهلاك الإقتصاد اليوغندي الذي يتحمل وحده تكاليف هذه الحرب العبثية ، التي بدأت آثارها المدمرة تؤثر سلباً حتي على رجل الشارع في كمبالا .
نعم ... بدأ الشارع في كمبالا ينقنق من تدخل الجيش اليوغندي فيما لا يعنيه في دولة جنوب السودان .
تشارك اثيوبيا دولة جنوب السودان في قبيلة النوير وقبيلة الأنواك في قمبيلا وقبيلة النانقاتوم في ولاية جونقلي ، وبالتالي لها مصالح حيوية في دولة جنوب السودان . ترفض اثيوبيا التدخل اليوغندي في دولة جنوب السودان ، وتسعى للمزايدة على اريتريا في دعم الدكتور رياك مشار .
أحتجت دولة الكنغو الديمقراطية على مشاركة قوات حركة 23 مارس الكنغولية المتمردة في دعم قوات الرئيس سلفاكير ، وهددت بإرجاع الأسانسير ودعم قوات الدكتور رياك مشار ، خصوصاً بالذخيرة الحية .
رابعاً :
عقدت صحيفة النيو يورك تايمز حواراً مطولاً مع الجنرال لول رواي كوانق ، الناطق العسكري باسم قوات الدكتور رياك مشار ، الذي قال في حرقة :
مسحت القوات اليوغندية الأرض بمدينة ليير ، مسقط رأس الدكتور رياك مشار ، وحيث قبر زوجته البريطانية . حسب صور مشروع المراقبة بالأقمار الصناعية التابع لجورج كلووني ، تم تدمير 1100 منزلاً في ليير بالدبابات وأهلها نيام بداخلها ، وحرقها . كما تم قتل كل الحيوانات ، حتى الدجاج . صارت ليير قاعاً صفصفاً. لا بشر ولا حيوان ولا شجر . بهذه الفظاعات اللا إنسانية ، أراد الرئيس سلفاكير الإنتقام من الدكتور رياك مشار بقتل أهله الأبرياء وتدمير ممتلكاتهم .
ما ذنب الدجاج والديكة المساكين الذين تم حرقهم مع أصحابهم ؟
لا تملك ليير على أي أهمية تكتيكية أو إستراتيجية ، فهي مدينة وادعة على ضفاف النيل .
ختم الجنرال كوانق الحوار متسائلاً :
هل مع هذه الإبادات الجماعية مصالحة وطنية قبل المحاسبة والعقاب ، حتى ترتاح ارواح القتلى ؟ لا إستقرار بدون عدالة . والوزن يومئذ الحق كما يقول العهد الجديد ؟
الجو جو إنتقام ، جو ثأر ، جو موت ... وليس جو فول في دولة جنوب السودان ؟
في هذا السياق زار الناشط الأمريكي جون براندرغاست دولة جنوب السودان ( الخميس 13 فبراير 2014 ) ، وأمن على ضرورة تحديد مرتكبي جرائم الحرب ومحاكمتهم كبداية للمصالحة الوطنية .
خامساً :
حسب صحيفة القارديان ، يبدأ موسم الأمطار في الجنوب في ظرف أسابيع ، والمزارعون في معسكرات النزوح واللجؤ . سوف يمر الموسم الزراعي في ولايات جونقلي واعالي النيل والوحدة بدون زراعة ، وبالتالي لن يكون حصاد غير قبض الريح ... مجاعة مستدامة .
تتوقف العمليات العسكرية خلال موسم الخريف لوعورة الطرق ، وتنشط عمليات الغوريلا وحرب العصابات من قوات الدكتور رياك مشار ، التي ربما إستردت مدينة ملكال هذا الأسبوع ، لتسترده قوات الرئيس سلفاكير الأسبوع القادم ، وهكذا دواليك في أم ضبيبينة لا تنتهي إلا لتبدأ .
بدأت حرب الجنوب ، ولن تنتهي غداً !
سادساًً :
يعترف السيد ادورد لينو في رسالته لشعوب الجنوب ، بأن اللعنة الهولندية قد حلت بجنوب السودان . جاء الفساد مع لعنة تدفق البترول ، وبدأت الصراعات حول السلطة وتابعتها الثروة . دعا ادورد لينو اهله ليفيقوا من كوابيسهم ، ويكونوا أكثر عقلانية حتى لا تذهب دولة الجنوب مع الريح .
سابعاً :
في يوم الأثنين 10 فبراير 2014 ، حذرت الأمم المتحدة من تفجر مجاعة على نطاق واسع في دولة جنوب السودان كنتيجة مباشرة لأحداث يوم الأحد 15 ديسمبر 2013 المأساوية . كما أكدت الأمم المتحدة أن حوالي 7 ملايين نسمة ، حوالي 63% من سكان دولة جنوب السودان ، يعانون من انعدام الأمن الغذائي ، وبالتالي يحتاجون إلى إغاثات إنسانية ! ونصف هؤلاء ( حوالي 4 مليون نسمة ) ربما ماتوا نتيجة مباشرة للجوع المُستدام ، إذا لم يتم إسعافهم وفوراً .
هذه هي المحصلة بعد أقل من شهرين على تفجر الأزمة .
لا يزال الجنوب في مرحلة ( السئ ) ، وينزلق كل يوم نحو ( الأسوأ ) ، قبل أن يتحسن الوضع وتشرق الشمس .
نواصل ...