الفتنة الكبرى وجمهورية أم كواك

 


 

 

 

في حديث من الأحاديث الشيقة والعميقة مع الصديق الودود فضيلي جماع عبر مكالمة هاتفية، أسعفني بمصطلح أو مفهوم يفسر الظاهرة التي يعيشها الوطن هذه الأيام، أخبرني بظاهرة تسمى ام كواك التي تطلق في السوق بالمجلد لكي تحدث فوضى وهرجا ومرجا يضرب السوق ويفرقه دون سبب وما حدث فعلا يكفي أن يبدأ البعض بالصراخ : أم كواك اك أم كويك حتى يختلط الحابل بالنابل ويسرع التجار بإغلاق دكاكينهم ويقوم المتخصصون بعملية نهب سريع وكثيف، يركب القادمون من الأطراف دوابهم هاربين . كل هذا ولايعلم أحد ماهي أم كواك، وما أصل الحكاية والحدث الذي نتج عنه كل هذا .

تخيلت ظاهرة أم كواك وأنا أشاهد الخرطوم التي حشدت فيها زعامات الإدارة الأهلية ويقوم حميدتي كل يوم باستعراض القوة من خلال جمعهم ومخاطبتهم وإطلاق قرارات أو وعود لا أدري جاءت من اجتماعات المجلس العسكري أم هي مجرد إلهام روحي خاص بالفريق حميدتي ؟ فهو يعد بتوفير 50 الف وظيفة جديدة وبإدخال الكهرباء والماء في “قري”فأسال هل وضع المجلس خطة للتنمية واعتمد ميزانية ضخمة للتنفيذ .أم سيقوم حميدتي بانجاز ذلك من جيبه الخاص ؟

ولكن من البداية : لقد تم حل الادارة الأهلية .فهل صدر قانون جديد يعيد الإدارة الأهلية؟ وكيف تم اختيار القيادات الجديدة؟ . وكيف تم ذلك؟ هل عن طريق الانتخابات أم التعيين حسب النظام الوراثي؟ . ثم كيف يمكن لمن يتم انتخابه ديمقراطيا أن يمثل تفويضا شعبيا لنائب الرئيس؟ وهل يتمتع الرئيس البرهان بنفس هذا التفويض أم هو تفويض حصري خاص بالنائب حميدتي ؟

من أين يصرف على سكن ومعاش هذه الحشود ومن يدفع فواتير قاعات الحشد اليومي ؟وتكاليف الترحيل . ولماذا لم يذهب إليهم في مناطقهم واقام تلك الحشود الجماهيرية في الاقاليم ؟ ولكن هذه بدعة سياسية ابتكرها حزب الامة حين يحشد انصاره في اول مارس 1954م لمعارضة الرئيس المصري محمد نجيب ثم لإسقاط حكومة أكتوبر برئاسة سرالختم الخليفة في فبراير 1965م .

يتحدث حميتي كثيرا بأنه لن يسمح بالفوضى ولكن أليس أم كواك الحالية في الخرطوم هي الفوضى عينها ام يقصد أنه لن يسمح للآخرين بالفوضى وسوف يحتكرها لنفسه فقط ؟ وهل تدخل مجزرة القيادة في الفوضى وأين التحقيق السريع والعقوبة الرادعة واين موعد ال72ساعة ؟

وتمضي الأيام ويقل الحديث عن مجزرة القيادة وينادي حميدتي الأحزاب العريضة بالاسراع في تشكيل حكومة مدنية وبالمناسبة الأحزاب لا تصنف عريقة وجديدة بل أحزاب ديمقراطية ذات برامج منحازة للتنمية والوحدة الوطنية ومصلحة الشعب السوداني أو غير ذلك . ولايمكن لحزب عريق ان يرى شبابه يقتل بدم بارت وفتياته يغتصبن في مكان عام دون أن يصدر بيانا للادانة كما يفعل راعي حزب عريق، ولم تحركه كل أحداث الوطن وكأنها تحدث في جزر المالديف وليس السودان الذي يصوت له كل انتخابات ليحكم سنوات دون أن يفعل شيئا لهذا الشعب اليتيم الذي يشغل زعماؤه الروحيون أنفسهم بارباح دوائرهم الاقتصادية وليس دوائرهم الانتخابية .

فرض علينا الاعلام الرسمي مشاهدة نشاط جمهورية أم كواك كل مساء، وبالأمس حين شاهدت الحشد في قاعة الصداقة يهزون بسياط العنج قفزت إلي قصيدة الشاعر صلاح عبدالصبور يقول فيها :

هذا زمن الحق الضائع

لايعرف فيه مقتول من قتله ومتى قتله ؟

ورؤوس الناس على جثث الحيوانات

ورؤوس الحيوانات على جثث الناس

فتحسس رأسك

فتحسس رأسك

هل يدرك حميدتي الدور الذي تدفعه اليه قوى الشر من الاسلامويين في السودان ؟هل سأل نفسه لماذا تتاح لنائب الرئيس فرصا أكثر للتحدث والظهور أكثر من الرئيس نفسه أو المتحدث الرسمي ؟ هل هو الاقدم والاعلى رتبة ؟ إن مخطط الاسلامويين هو أن يفسر الصراع بأنه بين أبناء الغرب وأبناء البحر وليس بين الديمقراطيين ومعسكر الاستبداد والفساد .

اشتكى الفريق البرهان من الإساءة التي توجه للجيش من خلال الهجوم على المجلس العسكري! نحن نريد للجيش أن يكون فعلا قوات الشعب المسلحة، وليس مليشيات الاخوان المسلمين المسلحة، أن لا يكون جيشا عقائديا، بل جيش كل الشعب وكل الوطن، وكثيرا ما أسأل نفسي : هل هذا الخلف من السلف الوطني الحر من الضباط ؟ هل هم أحفاد وابناء إبراهيم عبود- وأحمد عبدالوهاب والصاغ محمود ابوبكر ، وطلعت فريد ومجذوب البخاري وعثمان حسين وحمد النيل ضيف الله وابناء شنان عبد الحليم وعبدالحفيظ وابوالدهب وعلي حامد وعبدالبديع علي كرار وحتي جعفر نميري كعسكري وليس حاكما ومزمل سليمان غندور والرشيد ابوشامة ،ابوكدوك هل هم ابناء شهداء 19 يوليو وشهداء 28 رمضان .

هذا هو السؤال نأمل من الجيش المنحازلشعبه ولا تقيده اي عوائق آيدلوجيه حينها لا يمكن أن يسيء الشعب لأبنائه وحماته ،،،

Hayder.ibrahim.ali@gmail.com

 

آراء