الفرسان الثلاثة اوباما والبشير وفاتو ولعب القعونج ؟ (2-2)

 


 

ثروت قاسم
22 September, 2013

 




الفيزا الأمريكية التى صارت حجوة أم ضبيبينة ؟


الحلقة الثانية  ( 2 – 2 )

ثروت قاسم

Facebook.com/tharwat.gasim
Tharwat20042004@yahoo.com

مقدمة .


ذكرنا في الحلقة الأولى من هذه  المقالة إن الرئيس البشير قد تلقى  دعوة من الأمين العام للأمم المتحدة لحضور اجتماعات  الجمعية العامة للأمم المتحدة  ( نيويورك  – من 24 سبتمبر  إلى  2  أكتوبر 2013 )
(  193  دولة )  في دورتها ال 68 ،   ومنتدى القادة الأفارقة في نيويورك ، على هامش الاجتماعات  . وعليه فقد  سلّمت الرئاسة السودانية جواز سفر الرئيس البشير إلى القنصلية  الأميركية في الخرطوم  لمنحه تأشيرة  دخول  لأمريكا .

وسطت أدارة اوباما  رئيس الوزراء الأثيوبي لإقناع الرئيس البشير سحب جوازه  من القنصلية  ، لتعقيدات  تواجد الرئيس البشير في نيويورك  ، بسبب أمر القبض الصادر من محكمة الجنايات الدولية .
تمسك  الرئيس البشير  بموقفه  المبدئي ، ورفض سحب جوازه من القنصلية  ، مما أدخل إدارة اوباما في حرج  حسب ما وضحنا في الحلقة الأولى من المقالة .

ولا يزال  جواز سفر الرئيس البشير في القنصلية الأمريكية  في إنتظار  الفيزا كما أنتظر أخرون قودو في زمن غابر ؟

أجمع المراقبون على إن جواز الرئيس البشير سوف يرجع إلى صاحبه وبه الفيزا ، ولكن صاحبه لن يجرؤ على السفر إلى نيويورك ، ببساطة لأن النائب العام الأمريكي سوف يلقي القبض عليه فور وصوله إلى مطار نيويورك  ، حسب طلب محكمة الجنايات الدولية .

كما قال آخرون إن جواز الرئيس البشير سوف يرجع إلى صاحبه وبه الفيزا ، ولكن بعد  إنتهاء الإجتماعات في يوم الأربعاء 2 أكتوبر 2013 .

ارادت الخرطوم إفتعال مشكلة جانبية ( مشكلة الفيزا ) لصرف النظر عن المشكلة الحقيقية وهي التحول الديمقراطي الحقيقي في السودان .  تماماً كما يحدث في سوريا حالياً حيث صارت المشكلة الحصرية  نزع السلاح الكيماوي وليس الإطاحة بنظام الأسد .

كما إن رفض ادارة اوباما منح الفيزا سوف يضع الخرطوم في موقف الضحية أمام الشيطان الأكبر الذي لم يبر بوعده تطبيع العلاقات وشطب السودان من لائحة الإرهاب وتحويل ملف دارفور من المحكمة ( قضية جنائية ) إلى مجلس الأمن ( قضية سياسية )  ،   بعد أن نفذ  الرئيس البشير ما يواليه من الصفقة وسهل إنفصال  جنوب  السودان في سلاسة ويسر .

يقول لك عبدالرسول النور  إنه إذا رفضت إدارة اوباما منح الفيزا ، فسوف يقف الرئيس البشير ( تود ) ضد إستفتاء أبيي في أكتوبر القادم .

نواصل إستعراض خلفيات وملابسات الفيزا الأمريكية التى صارت حجوة أم ضبيبينة .

اولاً :

في يوم الخميس 12  سبتمبر 2013 ، طلب الرئيس البشير من القنصلية الأمريكية في الخرطوم  فيزا دخول لأمريكا للمشاركة في إفتتاح  إجتماعات الدورة 68  للجمعية العامة للأمم المتحدة  .

وفي يوم الجمعة 13 سبتمبر 2013 وصل الخرطوم ، في أول زيارة له ،  المبعوث الأميركي الجديد دونالد بوث .
لم تناقش  الخرطوم مع المبعوث بوث طلب الرئيس البشير الفيزا الأمريكية ، وإن كان قد أبلغته رفض السودان للعقوبات الأمريكية ضد السودان ، ووضع السودان على قائمة الدول الداعمة للإرهاب .

عدم مناقشة الخرطوم موضوع الفيزا مع المبعوث بوث  ( وله إتصال مباشر مع اوباما ) يؤكد إن الخرطوم غير جادة في طلب الفيزا ، وأن الرئيس البشير ربما لن يستعملها إذا مُنحت له .

في هذا السياق ، نشر المبعوث السابق والباحث الحالي في معهد السلام الأمريكي  السيد برنستون ليمان ورقة ( الطريق إلى الحوار الوطني في السودان ) ، أعاد وكرر فيها وقع الحافر على الحافر مبادرة السيد الإمام ( الكوديسا السودانية ) للوصول إلى تسوية سياسية شاملة في السودان .

ثانياً :

في يوم الثلاثاء 10 سبتمبر 2013 ، بدأت  محاكمة نائب رئيس الجمهورية الكيني وليم روتو أمام محكمة الجنايات الدولية في لاهاي بتهم جرائم  ضد الأنسانية  في حوادث شغب تلت  الإنتخابات الرئاسية في كينيا ( ديسمبر   2007   )  ؛ ومن المتوقع بداية محاكمة رئيس الجمهورية أوهورو كينياتا بنفس التهم في نوفمبر القادم .

محاكمة الرئيس الكيني ونائبه أمام المحكمة في لاهاى سوف تعقد الأمور للرئيس البشير ، وتجعل من المستحيل غض الطرف  عن ملاحقته دولياً والقبض عليه  ومحاكمته ،  أسوة بما حدث للرئيس الكيني ونائبه 
لن تعترف المحكمة بالخيار والفقوس .

في هذا السياق ، وبناء على طلب كينيا ، سوف يعقد الأتحاد الأفريقي قمة أستثنائية ( أديس أبابا – اكتوبر 2013 ) لمناقشة أقتراح كينيا بإنسحاب دول الأتحاد الأفريقي الأعضاء في المحكمة  ( 34 دولة  ) من المحكمة ، وعدم محاولة  بقية الدول الأفريقية  غير الأعضاء في المحكمة  ( 20 دولة )  الإنضمام لعضوية المحكمة مستقبلاً   . 

ركزت  المحكمة منذ إنشائها  على الدول الأفريقية  ، بإتهامها 30  شخصية أفريقية، بجرائم وقعت في 8 دول أفريقية هي الكونغو الديمقراطية ، جمهورية أفريقيا الوسطى ،  يوغندا  ،  كينيا ، وليبيا  ، ساحل العاج ،  مالي  ودارفور  .

ثالثاًً :

لا يعترف الرئيس البشير بولاية المحكمة عليه ، ويُعامل  المحكمة كأن لم تكن . وبرهن بالبيان بالعمل  ومنذ يوم الأربعاء 4 مارس 2009 ( يوم صدور أمر قبض المحكمة ضده )    بأن المحكمة  محكمة من  ورق  ولا تملك من أمر نفسها شيئاً ، وأنه قد سافر في رياح الدنيا الأربعة ، وحتي الصين البعيدة ، ولم تستطع المحكمة تفعيل أمر قبضها ضده .

ولكن مشاركة الرئيس البشير في إجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة  ( إذا تحققت ) سوف تمثل تحدياً جديداً للمحكمة ، كون المحكمة مولود طبيعي  وشرعي للأمم المتحدة . وربما مثلت أول مسمار يدقه الرئيس البشير في نعش المحكمة .

رابعاً :

إستنكرت حكومة الخرطوم وقاحة إدارة اوباما في إعطاء دروس للدول الأخرى  في إحترام القانون الدولي وحقوق الإنسان ، وهي أكبر مهدد للقانون الدولي والحقوق الإنسانية ، كما أكدت  غزواتها   العدوانية ضد  العراق وأفغانستان ، وقتلها مئات الالاف وتشريدها ملايين  الأبرياء .

خامساً :

في يوم الأربعاء 18 سبتمبر 2013 ، طلبت منظمة العفو الدولية ومنظمات  دولية وأمريكية حقوقية أخرى وممثلين  سينما من هوليوود ( جروج كلوني  )   من مجلس الأمن ومن إدارة اوباما  رفض مشاركة الرئيس البشير في مداولات الجمعية العامة ، إذا اُضطرت أدارة اوباما منح الرئيس البشير فيزا أمريكية  ، ولم تستطع أدارة اوباما القبض عليه  ( لسبب أو لآخر )  حال وصوله إلى نيويورك ؟ كما ذكرت منظمة العفو الدولية إن  مشاركة الرئيس البشير في إجتماعات الجمعية العامة ، تقتل في المهد أي محاولات لإحقاق العدالة في دارفور ومحاسبة المتهمين ،وبالتالي تجعل من المستحيل الوصول إلى تسوية سياسية في دارفور ، كون إحقاق العدالة شرط  قبلي   للتسوية السياسية وللإستقرار ليس فقط في دارفور وإنما في السودان عموم  .

سادساً :

صك السيد الإمام  في أحدى عبقرياته تعبير ( التعامل الإيجابي مع المحكمة ) ، وإنشاء محاكم الهجين  للمزاوجة بين إحقاق العدالة  والتسوية السياسية والإستقرار .

إعتبر الرئيس البشير   هذه التعابير الإمامية ( حندكة ؟ )  من قبل السيد الإمام  ( وكلام ساي )  ؛  وإن  السيد الإمام  لن  يستطيع أقناع المحكمة  ولا مجلس الأمن بوجهة نظره .

حسب نظرة السيد الإمام التوافقية  ، فإنه في حالة  قبول الرئيس البشير  ب ( النظام الجديد )  ، سوف يسعى السيد الإمام  لحل مشكلة  محكمة الجنايات الدولية ، بأن  يقنع مجلس الأمن بسحب ملف دارفور من المحكمة إلى المجلس ، وتحويل الملف من قضية جنائية ( في المحكمة ) إلى قضية سياسية ( في مجلس الأمن !  (  وبعدها  يمكن للمجلس تمييع وشطب كل التهم الواردة في تقرير لجنة مجلس الأمن  لتقصي الحقائق  ( دارفور – ديسمبر 2004(    ، وتتم محاكمة الرئيس البشير بواسطة محاكم الهجين في دارفور 


طمأن السيد الإمام  الرئيس البشير أن شطب أمر قبضه ممكن ،  بعد الوصول لحل سياسي بين المعارضة السياسية والمسلحة  من جانب  ونظام الإنقاذ من الجانب المقابل  !  حل  يضمن تفكيك نظام الإنقاذ ،  والتحول الديمقراطي ، وإقامة النظام الجديد !

يطلق السيد الإمام  على هذا الحل التوافقي  ( التعامل الإيجابي مع المحكمة ) !  على إعتبار  إن هكذا تعامل إيجابي  سيوفر للرئيس البشير  مخرجاً سلمياً آمناً  من محكمة لاهاى  إلى محاكم الهجين في دارفور  ،  إذا تنحى طواعية عن السلطة  عبر مؤتمر دستوري جامع وحكومة قومية إنتقالية !


في هذا السياق ، أكد   قضاة المحكمة  في لاهاى  إن الحالات الأربع التي نظرتها المحكمة ( الرئيس البشير ، الفريق عبدالرحيم ، الوالي هارون ، والمواطن كشيب ) والتي صدرت بخصوصها أوامر قبض ...  هذه  الحالات الأربعة  لا يمكن شطبها أو تجميدها ، أو  تحويلها إلى قضايا سياسية ! كل حالة من هذه الحالات يجب محاكمتها أمام المحكمة  في لاهاى ، ولا يمكن اسقاطها  ، قبلياً  ،   بقرار من مجلس الأمن أو المحكمة !

أما بقية الأشخاص في قائمة مجلس الأمن الخمسينية ، التي لم تصدر المحكمة أمر قبض ضد  أي منهم ،  فيمكن ارجاع القائمة لمجلس الأمن ، حسب طلبه .

استوعب الرئيس البشير استحالة تحويل قضيته إلى سياسية بدلا من جنائية وشطبها  ، كما  (  يحندكه  )   السيد الإمام ! وتذكر 50 سنة  شارلس تيلور ( رئيس  ليبريا السابق  )  ، وأن ظهره أصبح إلى الحائط ، وردد مع معين  بسيسو:

أنْت إنْ قلتها مُتْ

وإن لم تقُلْها مُتْ

.. فقلها ومتْ  !!

فقالها الرئيس البشير :

إنا ها هنا قاعدون ! ولبلاد السودان حاكمون ، حتى يرث الله الأرض وما عليها     ، وإلى نيويورك ذاهبون

سابعاً :

تبقى عدة أسئلة معلقة في الهواء تتوسل الأجابات القطعية . يمكن ذكر بعضاً  من هذه  الأسئلة أدناه ، دون أن نتطوع بأي أجابات  مقنعة على أي منها  :

+ لماذا فكر الرئيس البشير في المشاركة هذه السنة بالذات في إجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة ، رغم  خلو أجندة الأجتماعات من أي مسائل مصيرية بالنسبة للسودان ؟ خصوصأ وربما تجنب مقابلته كثير من زعماء العالم كما حدث في الدوحة من قبل ( بفتح القاف ) من قبل  ( بكسر القاف ) رئيس البرازيل ورئيسة الأرجنتين ورئيس المانيا ، بل رؤساء دول الأتحاد الأروبي ؟

+  هل مجرد إلقاء خطاب السودان  يوم الخميس 26 سبتمبر 2013  يستحق كل هذه المجازفات ؟
+ لماذا لم يفكر الرئيس البشير في محاولة المشاركة في  إجتماعات الجمعية العامة في السنوات الأربعة  التالية لصدور أمر القبض في مارس 2009 ؟

+ هل مرور هذه الأربعة سنوات بسلام وسفره في رياح  الدنيا الأربعة دون أي حادثة  ( سوى خروجه على عجل من  ابوجا هذه السنة ) أنساه المحكمة وما قد تجره من مشاكل قدر الضربة له ؟

+ ما هو الضمان إن المحكمة لن تطلب من فرنسا او بريطانيا أو أي دولة  أروبية أخرى عضو في المحكمة  ، إعتراض طائرة الرئيس البشير في المجال الجوي الدولي ، وإرغامها  على التوجه إلى أمستردام  لتفعيل أمر القبض ؟

+ ماهو إحتمال أن  يكون  الرئيس البشير غير جاد في المشاركة في إجتماعات الجمعية العامة ،  وأنه أراد  فقط ان يمتحن حسن نوايا إدارة اوباما تجاهه  ، بعد أن  سمح للجنوب بالإنفصال  في عام 2011  ، ولم يستلم بعد أي مقابل ؟

أسئلة تتوسل الأجابة في مقبل الأيام .

إنتظروا ، إنا معكم منتظرون .

 

آراء