الفريق الكباشي: اسمع كلامك اصدقك، أشوف افعالك استعجب 

 


 

 

قال الفريق الكباشي أن " مشاركة القوات المسلحة هو وضع استثنائي وأنها ستعود لمهمتها الأساسية بعد نهاية الفترة الانتقالية “، حسب ما أوردت وكالة الاناضول الإخبارية. وإذا اخذنا التصريح بقيمته الاسمية، فهو مقبول. ولكن إذا نظرنا للمواقف الحقيقية، للقيادة الحالية للجيش، منذ 11 أبريل 2019 وحتى اليوم، لرأينا شيئا مختلفا، يناقض ذلك التصريح.

نص التصريح هو: " قال عضو مجلس السيادة السوداني شمس الدين كباشي، الجمعة، إن مشاركة القوات المسلحة في حكم البلاد يعد وضعا استثنائيا وستعود لواجبها في حماية الحدود بعد نهاية الفترة الانتقالية.

جاء ذلك خلال مخاطبته المهرجان الرياضي للعيد 67 للجيش السوداني، بحضور رئيس الأركان الفريق أول ركن محمد عثمان الحسين، وفق بيان لمجلس السيادة، اطلعت عليه الأناضول.

وقال كباشي: “مشاركة القوات المسلحة في الحكم يعد وضعاً استثنائياً فرضته ظروف التغيير التي حدثت بالبلاد، مما تطلب ان تقف القوات المسلحة جنباً إلى جنب مع شركائها في الفترة الانتقالية من أجل حراسة مكتسبات الثورة وتأمينها”.

وتابع: “الأمور ستعود لأوضاعها الطبيعية بعد الانتقال إلى وضع ديمقراطي كامل، في نهاية الفترة الانتقالية التي تعقبها انتخابات ديمقراطية ونزيهة، والانتقال إلى النظام المدني الكامل”.

وأكد أن القوات المسلحة ستعود لواجبها الأساسي المتمثل في حماية حدود الوطن وترابه ومقدراته".

يسهل في بلدنا إطلاق التصريحات المطمئنة، والشعارات التي تحاول إرضاء الجميع. ولكن من الضروري محاكمة القادة، سياسيين او عسكريين، بأفعالهم الحقيقية، لا بأقوالهم ذات الكلمات الرنانة.

استعراض بعض، أكرر بعض، وليس كل أفعال اللجنة الأمنية للبشير، ثم المجلس العسكري سابقا، يوضح لنا بعض الحقائق، التي يجب الوقوف عندها:

• قررت اللجنة الأمنية إزاحة البشير والاستيلاء على السلطة، كامل السلطة، باعتبارها الحاكم الشرعي للبلد، مما يوضح انه انقلاب عسكري كامل الدسم

• العداء الشديد لقوى الحرية والتغيير والإصرار على عدم تمثيلها للشعب الثائر، والرفض التام للتفاوض معها.

• الاصرار على تسيير دفعة الحكم والاعلان المبكر عن انتخابات خلال تسعة اشهر.

• مذبحة القيادة والتي يعرف شعبنا جيدا مسئولية المجلس العسكري عنها، كحاكم فعلي للبلاد، ولوقع المذبحة امام قيادته، ومشاركة بعض قواته. هذا اذا تركنا جانبا كل الترتيبات والتصريحات والافعال التي سبقت المذبحة. وهي مذبحة، ككل المذابح التي تمت في كافة ارجاء بلادنا، لن تسقط بالتقادم.

• منهج التفاوض التي استخدم فيه المجلس العسكري كل خبرة قانوني ومستشاري النظام البائد، حتى تم طبخ الوثيقة الدستورية المعيبة.

يمكن ، ببساطة ، الادعاء بان هذا تاريخ مضى، ونحن الآن شركاء، نعمل بجد لإنجاح الفترة الانتقالية، التي تواجه تحديات حقيقية:

• الإصرار ان اصلاح المنظومة الأمنية هو حق حصري لقيادة الجيش، ولا يحق للمدنيين التدخل فيها ، واو المشاركة في إصلاحها. وأدى ذلك لتغييرات شكلية بتغيير الاسم واعفاء بعض القادة. ولكن التغيير الشكلي لم يمس جوهر عقيدة تلك المنظومة ولا كوادرها، التي تتلطخ اياديها بدماء أبناء شعبنا. والامثلة، على سوء تلك المنظومة لا حصر لها. ويكفي في الأيام الماضية اعتقال مدير الاستثمار في جهاز المخابرات، بعدة تهم.

• عشرات التجاوزات الأمنية التي تكررت، في اندياح متواصل ، منذ إزاحة البشير، وما رأيناه ولمسناه من موقف قيادة الجيش المتهاون مع تلك الاخطار الأمنية، مما يعني ، صراحة ، التشجيع على الاستمرار في تهديد امن البلاد والشعب.

• الاستيلاء بوضع اليد على السياسة الخارجية، التي ليست من سلطات المجلس السيادي، حسب الوثيقة الدستورية المعطوبة.

• التصريحات المتكررة التر اطلقها البرهان وحميدتي والكباشي، وغيرهم من العسكريين، عن ضعف بل وفشل الحكومة الانتقالية، رغم الادعاء الكاذب انهم شركاء، يعملون لإنجاحها.

• فرض كوادر المكون العسكري على مفاوضات السلام ، مما انتج اتفاقية جوبا التي اثبت الشهور القليلة منذ اجازتها على الثغرات الكبيرة بها.

• رفض ان تتبع المؤسسات العسكرية التي تمارس نشاطا اقتصاديا لوزارة المالية، مثلما يحدث في كل العالم.

• القائمة تطول ، ولكن نقرأ القائمة من آخرها ، ففي نفس يوم تصريح الكباشي، اتفق البرهان مع أردوغان على منح تركيا مليون فدان في السودان، كخطوة اولي، تعقبها أخريات. يتم هذا رغم انه لا يحق له فهل ذلك، إضافة لان قضية الأرض تشكل تحديا حقيقيا في دارفور وجنوب وغرب كردفان وبقية أجزاء السودان. ليأتي ، من يسمي نفسه شريكا بمنح مليون فدان، بعيدا عن الجهات المسئولة عن الاستثمار. يأتي هذا ونحن نواجه تحدي انتزاع الأراضي التي منحنا البشير لبعض البلدان العربية وغير العربية.

اختم بالقول، لا بد لنا من انجاز الدولة المدنية ، مهما كثرت المخاطر وتعقدت التحديات. فالتضحيات التي قدمت ، خلال الثورة، ستكون نبراسا لنا في بناء دولتنا الديمقراطية، وستكون مشاعل تضئ لنا الطريق في وجه الإحباط والنكسات والتآمر والمصاعب.


siddigelzailaee@gmail.com

 

آراء