الفساد ومناهجه

 


 

 

قضايا ليست كذلك


فى الآونة الأخيرة بدأت تظهر ممارسات فساد كبيرة داخل أجهزة الدولة وبين الدستوريين والمتنفذين. ولم تكن ممارسات الأعتداء على المال العام وليدة هامش الحرية الذى تم منحه للأعلام بعد خطاب الوثبة. بل كانت تقارير المراجع العام فى كل عام والتى ترفع للمجلس الوطنى توضح أن هنالك فساد مالى وأعتداء على المال العام فى كل مرافق الدولة. بل أن هنالك ممارسات لتجنيب المال العام خارج الأسس المالية والمصرفية للدولة ويتم التصرف فيها دون قيد أو ضابط. ثم بدأ يظهر جبل جليد الفساد ماداً رأسه من شركة الأقطان وفساد مكتب الوالى وفساد فى الأراضى وصل مدير عام الأراضى ووكيل وزارة العدل وما خفى أعظم. هذا غير ما تتهامس به مجالس الونسة بين السودانيين بفساد دستوريين وتنفيذيين كبار والغين فى الفساد حتى أخمص قدميهم.

الفساد وممارسته خاصية توجد عند كل البشرية وتكون غالباً عند أقلية من فاقدى الضمير وآكلى المال العام بالحرام. ولكن أن يكون ممارسة الفساد بين أفراد أى شعب هو الشئ الغالب والعام تكون القضية ليست قضية فساد وأنما منهج ومنهاج مجاز ومعترف من الدولة التى يمارس فيها مسؤليها الفساد. وهذا هو الحادث فى ظل نظام الأنقاذ الحالى. وعندما يكون الفساد ممارساً من كبار المسئولين فمن يحاسب؟ وهنا يصدق القول :أذا كان رب البيت بالدف ضارباً فشيمة أهل البيت كلهم الرقص والطرب.

أن دولة الأنقاذ ، دولة المشروع الحضارى الأسلامى قد أجاز وأفتى شيخها ومؤسسها أن السرقة من المال العام ليست داخلة فى حد السرقة. وهو شيخ الدولة ومفتيها بأن السارق من المال العام لا يقام عليه الحد لأن له جزءاً فى هذا المال العام. ويبقى السؤال هل هو سرق الجزء الخاص به من المال العام أم تعدى وسرق مال الآخرين من شعب الدولة؟

وتبقى القضية ليست حوادث فساد وسرقة من المال العام عامة وعابرة، وانما القضية أن هذا فساد ممنهج ومنهاج متكامل قصد به التمكين كفلسفة وهو هذا التمكين المالى هو وحده القادر على تملك قدرات ومقدرات الشعب السودانى. والمنهج أن المال عصب والقوة الفاعلة أكثر من المبادئ والأفكار والقادر على جعل استمراريتهم فى السلطة سواءاً فى العهود الأتوقراطية والشمولية أو العهود الديمقراطية. وفى مفهومهم أنه مقدم فى زينة الحياة الدنيا على البنون " المال والبنون زينة الحياة الدنيا " وفى فكرهم الذين أن مكناهم أقاموا الصلاة وبهذا الفهم قد أدخلوا مسلمى السودان المساجد ودخلوا هم الأسواق ليستمتعوا بزينة الحياة الدنيا.

تصبح القضية ليست قضية فساد مالى وانما قضية اختلال أخلاقى ومفهوم قاصر للدين الأسلامى واستعماله واستغلاله لتغييب الجهلاء واصحاب العاطفة الدينية الجياشة من  الفهم الصحيح للدين الأسلامى. ونسوا وتناسوا أن الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم قد شملا رسالتهما للبشرية فى أمرين لا ثالث لهما فقال سبحانه وتعالى " ما خاقت الأنس والجن الا ليعبدون " وقال صلى الله عليه وسلم " أنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " فهل من مكارم الأخلاق سرقة المال العام ، مال الشعب السودانى؟

z_osman@yahoo.com

////////////

 

آراء