الفنان: فضل المولى زنقار
عبد الله الشقليني
26 September, 2018
26 September, 2018
alshiglini@gmail.com
الفنان فضل المولى زنقار
درس " فضل المولى زنقار " الخلوة والمدرسة الابتدائية. تميَّز بعدد لا يُحصى من المواهب الفنية: تلحين وغناء على درجتين صوتيتين وتمثيل. لم تكُن المسرحيات تجد منصة إلا في مسرح المدارس. فيجد الممثلون رحابة القبول، والأذان الصاغية لمفاتن الفنون، وغرابتها عن المجتمع المُحيط . كانت المدارس هي منارات الثقافة والفنون. فيها نشأ المسرح وفيها وجد الغناء نصيبه من الشُهرة.
" فضل المولى زنقار "فنان مطبوع، مُتعدد المواهب. امتاز بمقدرته على أداء الأغاني بصوتين: صوت رجالي، وصوت مُستلف أقرب لصوت النساء. وتلك ميّزة امتاز بها مغنيي ما اصطُلح على تسميتهم بمطربي فترة الحقيبة. كما امتاز بقدرته على التمثيل المسرحي. امتاز بالغناء على نغم "التُم تُم "، وهو من الايقاع التراثي القديم . موروث منذ الممالك النوبية القديمة، رغم أن الموسيقار " إسماعيل عبد المعين "، قد أخبر أن إيقاع " التُم تُم " ورد إلى السودان من مُساعدي اللواري الذين يسافرون إلى " تثني" ومدن السودان، وقد تغنت به " تومات كوستي ". وقد ذكر الراحل الصحافي " مكي أبوقرجة " أنه تعرف على التومات في كوستى في مرحلة من مراحل حياته.
(2)
بداياته الفنية :
كان لمطربات "التم تم" نشاط مكثف إلى درجة اتخاذهنّ مساعدين من الذكور، تعلم "زنقار "الغناء علي يد فنانة"التم تم "المشهورة "رابحة"،فخلقت منه فناناً مشهوراً ذائع الصيت، يُتقن الأداء ويتنوع صوته. ولقد اشتهر" زنقار" كمساعد لها، يحاكي صوتها النسائي وأحفظّته أغانيها وألحانها، حتى يقوم بتسجيلها في أُسطوانات في مصر بمساعدة صديقه عُرف "دمتري البازار ". كما تركت هذه المرأة المغنّية تأثيراً كبيراً في الفنان الرائد "التاج مصطفى".
وقد رفضت المطربة " رابحة " أن تُسجل أُسطوانة لأنها كانت مُعتدةً بنفسها وقد كان لها مقولة مشهورة حيث يروى أنها كانت تقول:
{ أنا ما بسجل أُسطوانة عشان كل صعلوك يجي القهوة يشنق طاقيتو و يطلب شاي بتعريفه و يقول شغلوا لي رابحه}.
وكانت" رابحة" قد تنازلت عن أغانيها للفنان " فضل المولى زنقار"، بعد أن علّمته فن الغناءعلى الإيقاع . و لقتنه مبادئ التلحين.
إشتهر" زنقار" بكسرته الشهيرة (الله فوق زوزو) و التي اشتهر بها فيما بعد الفنان" خضر بشير ". و قصتها إنه عندما كان " زنقار" في القاهرة إستضافتهم المُمثلة"زوزو ماضي" بكُل سلطان نجوميتها في صالونها الخاص، مع مجموعة من الفنانين و كان "زنقار" يُغني فلما قامت "زوزو" ترقص، أخذ هو يصيح " الله فوق زوزو يا حلاة زوزو وهي في نشوة الطرب و"زنقار" يُغرد ".
(3)
كان أداء الأغاني في ثلاثينات وأربعينات القرن العشرين، يلاقي أصحابه كثيراً من العنت، من نظرة المجتمع الدونّية للفن وأصحابه والمشتغلين به، ووصف المجتمع أصحاب فن الغناء والطرب بأنهم " الصُيَّع ". وكانت الأغاني السائدة في بيوت الأفراح هي أغاني "السباتا"، التي اعتاد الغناء بها من يسمونهم أبناء " السراري" أو " المنبتّين ". فقد كان المجتمع يعاني من أثار البعد الثقافي لقضية سلالات الرق، بعد أن حرّمتها القوانين. صار المجتمع يُراكم التمييز الثقافي لسلالات غير مُعترف بأصولها، أو ما يمكن تسميته " العبودية الثقافية ". وقد تحدث عن هؤلاء المبدعين الموسيقار " جمعة جابر " في كتابه " في الموسيقى السودانية " بصورة مقتضبة وذكر أن الكثير من الموسيقيين، كانوا ضمن هؤلاء الشرائح الإثنية. وأن المجتمع قد ساهم في عدم تقديره لهم، والإزراء بهم ووضعهم في أسفل السلم الاجتماعي، بل كان المجتمع يعتقد أن الأغاني في مناسبات الأفراح يقوم بها النسوة، المنحدرين من البقايا العرقيّة لمؤسسة الرق، وأبناء بنات المحظيات. لذا كان " فضل المولى زنقار" يعاني من التضييق الاجتماعي المُركّب، لدرجة أنه من غير المسموح له باستخدام اسم العائلة، رغم أنها من العائلات الأم درمانية المشهورة .
(4)
يحتاج " فضل المولى زنقار " المباحث التفصيلية في معرفة أصول إيقاع ونغم "التُم تُم "وأثره في تطوير قصائده الشِعرية، الذي يستخدمه " زنقار " مدموجاً بإيقاعات منطقة النوبة شمال السودان. وهو الذي تميَّز به " زنقار"، ويرجِّح المرء أن تاريخه أسبق مما تصوره " إسماعيل عبد المعين " في ثلاثينات القرن العشرين. فقد تبين أن هنالك جذور لأبناء النوبة في جذر الكاريبي في البحر الأطلسي، وقد انتقل إليها إيقاع "التم تم ".
*
كان الشاعر " سيد عبد العزيز" يكتب المسرحيات، وكان "زنقار " ممثلاً، وقرّبت تلك المواهب المشتركة بينهما.وبعد ذيوع إيقاع " التُم تُم " وانتشاره في مناسبات المجتمع، و هو الايقاع المعتاد والمُحبب ضمن أغنيات "السباتة "، قلق كثير من شعراء ما يطلق عليهم " شعراء الحقيبة " من تردي كلمات أغاني " التُم تُم "، التي تنحدر لغتها العاميّة إلى ألفاظ أقرب للألفاظ السوقية المُبتذلة، وتختلف عن اتجاه نهضة الشعر وأخلاق صفوّته. وقد اضطّر ذلك الشعراء بمجاراة الألحان وإيقاعات " التُم تُم "، بمحاولة من رواد شعر الحقيبة لترفيع ألفاظ الشِعر وترقيته. وتم التأثير على المُبدع " زنقار " وعلى المطرب " كرومة " و " محمد أحمد سرور " على استخدام الشعر الغنائي، المُحسّنة ألفاظه في الغناء السائد في ثلاثينات وأربعينات القرن العشرين.
تغني " فضل المولى زنقار " ببعض الأغاني العربية الفصيحة، فلحّن وتغني بأغنية " حبيبي يا حبيبي " التي تُنسب للشاعر اللبناني "ألياس فرحات":
يا عروس الروض يا ذات الجناح يا حمامه
سافري مصحوبة عند الصباح بالسلامة
واحملي شوق محب ذا جراح وهيامه
سافري من قبل يشتد الهجير بالنزوحِ
واسبحي مابين أمواج الأثير مثل روحي
وإذا لاح لك الروض النظير فاستريحي
أو أغنية من أشعار " عبد القادر تلودي" التي مطلعها:
حبيبي غاب في موضع الجمال بلاقيه
(5)
تعدُد مواهبه :
الفنان "فضل المولى زنقار" ذو مواهب مُتعددة، فهو يُعتبر بمقاييس عدة عبقرياً، فقد كان مُغنياً و مُلحناً و مُنشداً و مُمثلاً مسرحياً. و كان ذا ثقافة واسعة و حضور كاريزمي و حركة لا تهدأ أثناء الغناء، كما كان لاعباً مشهوراً لكرة القدم مثله مثل الفنان " كرومة ". والمستمع إلى أغانيه يجد في إختياره للأغاني وتلحينه لها تعامُل فنان بالعاطفة والابداع والوطنية.
وقد لحن الفنان "زنقار" لشُعراء من خارج السودان مثل أُغنية :
"عروس الروض" للشاعر اللبناني "ألياس فرحات". وغناها في إفتتاح بعض المسرحيات في ذلك الوقت، وله ألحان رائعة ما زالت تُطرب بجمالها وروعتها .
و يقول الفنان المخضرم "الجقر" عن أغنية "عروس الروض" " وقد تغنى بها زنقار، كما سجّلها أيضاً صاحب الحنجرة الذهبية لـ" عبد العزيز محمد داوود ". و عندما تسمع المطرب " زنقار" و هو يتغنى بهذه القصيدة، قد تظُن أنها من كلمات "سيد عبد العزيز" أو "عبيد عبد الرحمن"، هذا لما أدخل عليها "زنقار" من الروح والطابع السوداني.
أما "أبو داوود" فقد إقتفي سيرة غناء"زنقار"، مع فارق في طبيعة الصوت الباص في الأداء و قد تم تسجيلها بواسطة صوت "زنقار" الغليظ الذي أفرده لمثل هذه الأغانى.
ويُعتقد أنها من ألحان الفنان الرائع"فضل المولي زنقار" وهو يؤديها بصوت القرار في التسجيل الموجود في الإذاعة السودانية، علي عكس الصوت الشائع في التصور الإدراكي " لزنقار" أي الصوت المستلف، وأعتقد انها لُحنت بمناسبة زيارة الممثله المصريه فاتن حمامة إلي السودان تعبيراً عن كرم الضيافة والترحيب و في نفس المناسبة ألّف الشاعر" عبدالرحمن الريح" قصيدته التى قيلت فى زيارة " فاتن حمامه" و هى :
يا حمامة مع الســــــــلامه ظللت جوِّك الغمامة
الجمال يا حمامة .. فاتن فيه ألوان من المفاتن
كما للشاعر "محمد بشير عتيق " في نفس المناسبة قصيدته الرائعة :
أذكرينى ياحمامه كلما ساجع ترنم .. بهواى وحب جمالك
(6)
"زنقار" و التُّم تُّم :
لـ " فضل المولى زنقار" أثر في إيقاع "التم تم،" أكثر ما تأثر به فقد كان له دور مهم في تنقية "التم تم "الألفاظ الهابطة. في هذا المعنى يقول "الجقر ":
{إن فضل المولى زنقار هو بلبل السودان وصاحب الفن المتفرد ، قد إنتشل أغاني "التم تم" من القعدات الخاصة والجماعات المشبوهة إلى ساحة الطرب، بل والإبداع في كثير من ألحانه التي وضعها بأكثر من صوت}.
كادت أغنية "التم تم" أن تعصف بأغنية الحقيبة وتصرف الناس عنها، لولا يقظة الشعراء وغيرتهم على الأغنية، فانبرى نفر منهم و نظموا قصائد على وزن ايقاع "التم تم" وأودعوا تلك القصائد الفنان "زنقار" لمعرفته بألحان "التم تم ،" ورخامة صوته وكانت من القصائد التي نُظمت على هذا النسق :
(أنا رآسم في قلبي صورة الباسم ، سوداني الجوه وجداني بريدو ، حبيبي غاب في موضع الجمال بلاقيه ، الإنسان الرايق النعسان و سميري المرسوم في ضميري) .
و الشعراء هم "سيد عبد العزيز" و "عبد القادر تلودى" و" أحمد إبراهيم فلاح" و" عبيد عبد الرحمن" و"عبدالرحمن الريح " و"أحمد محمد الشيخ الجاغريو".
و جاءت من بعد "زنقار" رائدة التمتم " فاطمة خميس " و" أم الحسن الشايقية" . بعدهم عادت أغنية الحقيبة إلى مكانها الطبيعي.
(7)
والأزمة التي إقتضت تضافُر جهود "عبد الرحمن الريح "و"سيد عبد العزيز "و "كرومه"، في تناسُق تام مع ذلك الجهد و تلك المواجهة الصريحة لتطوير الأغنية وتمييزها عن الألفاظ الهابطة. وكان يقود المواجهة فلتة زمانه "فضل المولى زنقار" بدعم وتوجيه من ذو البصيرة و الحس الفني،وهو الشاعر " عبد القادر تلودى". محور تلودى - زنقار كان يركز علي تحويل و إعادة توجيه كافة النشاط الفني - الطليعى الخاص بـ"فاطمة خميس" و "رابحة " في غناء "التم تم "و "أبو حراز" المسلّح بدلوكته الفريدة، في مواجهة جديدة سُميت "بالتمتم الراقى،" حيث يُعتبر"زنقار" بغنائه "التم تم" المنضبط، قد إنتشل فن "التم تم" من حضيض اللغة و من فن مُبتذل، وصعد به إلى القمة، وإلى فن هادف و شِعر راقٍ منظوم، و قافية ذات كلمات مُحكمة .
(8)
صوته :
يُعتبر صوت زنقار من الأصوات الفريدة التي قل ما يجود الزمان بمثلها يقول الجقر :
"و ضع زنقار ألحانه بأكثر من صوت وعندما نقول بأكثر من صوت لا نبالغ فهذه حقيقة يعرفُها الكثيرون الذين يعرفُون زنقار ويسمعونه جيداً، فهناك الصوت الغليظ الذي سجل به زنقار"حبيبي حبيبي". ولعلها من الأغاني التي نُظمت بشعر فصيح إن لم تكن هجيناً من القومي و الفصيح ، ثم غنى بصوته الوسط الذي سجل به ( يا شباب النيل) وقد أبدع فيها. وصدح "زنقار" برائعته ( سوداني) بصوته الرقيق الذي سحر به المصريين عندما سمعوه لأول مرة. بل كانت إذاعة "ركن السودان من القاهرة" عندما تُذاع أُغنية لـ "فضل المولي زنقار" يطلقون عليه "المطربة زنقار"!
ويرى الدكتور" عمر قدور" أن ما جعل "زنقار" يُغني بهذا الصوت، هو إختياره من قبل الشاعر "سيد عبد العزيز" للمشاركة في دور نسائي في إحدى مسرحياته الشعرية. وذلك لتعذُر مشاركة صوت نسائي في ذلك الوقت ولما عُرف به "زنقار" من قدرة على تقليب صوته وتطويعه.
عندما سأل المطرب "عبد العزيز محمد داوود " عن أول عهده بأغاني الحقيبة فقال :
{كنت أعمل محولجّي بالسكة الحديد، في محطة الهودي، سمعت أن الفنان "زنقار" ستكون له حفلة غنائية في بربر، أخذت أذناً من ناظر المحطة و مشيت كداري من الهودي إلي عطبرة حوالي 32 كلم، و من عطبرة إلي بربر. كان ذلك في شهر نوفمبر 1938. التذكرة كانت للحفلة بعشرة قروش. دخلت الحفلة و غنى زنقار ثلاث أُغنيات لا تزال في ذاكرتي :
"لي زمان بنادي" و "حبيبي غاب في موضع الجمال بلاقي" وكليهما للشاعر "عبدالرحمن الريح و"آلفنى في البرهة القليلة" للشاعر "عبيد عبد الرحمن". وبعد الحفلة قلت للفنان "زنقار" أنا معجب جدا بأغانيك فهل ممكن أكتبها ؟ وقام مشكورا بكتابة الأغاني، و كان خطه جميلا .. ، رجعت للهودي سعيداً و ظللت أُردد هذه الأغاني".} إنتهى كلام أبو داوود ...
(9)
صفاته :
يتفق كل من دكتور "عمر قدور" والناقد "ميرغني البكري" على أن "زنقار" كان إنساناً في غاية الأدب و التهذيب ويُحظى بإحترام الجميع، و معروف بأنه كان حافظاً للقرآن، ويضيف "البكري" إنه كان يُخاطب بلقب أستاذ في كل مكان يذهب إليه. وكان يلعب بنادي الهلال وكان الجميع يقفون له عند دخوله دار الرياضة .
(10)
أغانيه و تسجيلاته :
ومن الأغاني التي إشتهر بها "فضل المولى زنقار ":
أغنية " سوداني الجوة وجداني بريدو" .وهي من أغاني إيقاع التُّم تُّم وأغنية "حبيبي بيك ليلتنا ليليّة" للشاعر "سيد عبد العزيز". وغناها بصوته الغليظ وأغنية "حبيبي غاب في موضع الجمال بلاقيه " وأغنية "عروس الروض يا ذات الجمال " للشاعر "إلياس فرحات "، و التي تغنى بها فيما بعد الفنان عبد العزيز داود و منها أيضا :
أغنية " إيه يا مولاي إيه " التي غناها أيضا الفنان "خضر بشير" و أغنية " من بف نفسك يا القطار " .
و قد صاحب "زنقار" على الكمان ، موسيقار السودان الأول "السرعبدالله"وصاحبه علي الكورس الفنان "سيد حجازي"، وكان ضابط الإيقاع الفنان "حسن الزبير" .
و كذلك تغني بأغنية "ايه يا مولاي" و يقول الشاعر "محمود أبوبكر":
{ شاركه في الغناء الفنان "حسن الزبير" من تسجيلات ميشيان بمصر. وقد سُجلت عام 1938 ، وكان بمصاحبته في الكورس والعود الموسيقار الراحل "إسماعيل عبدالمعين"، بينما يقول "الجقر" أنها من تلحين "فضل المولي زنقار" و "حسن الزبير"، و أرجّح قول الشاعر محمود أبو بكر، وهذه الأُغنية من تلحين زنقار }
كذلك سجّل أغنية "هوي يا ليلى" سجلها بلبل السودان" فضل المولى زنقار" على أُسطوانات "ميشيان" بمصر عام 1937 و هي من أغاني التّم التّم. وفيها جاء ذكر الفنانة "عائشة أُم رشيرش" وهي من فنانات الثلاثينات، وهي من المطربات اللاتي أُشتهرنّ بالتغني للمشاهير في الحياة السودانية مثل لاعبي كرة القدم وغيرهم .
و سجل أيضاً " زنقار": أُغنية "شباب النيل" و صاحبه في الكورس "سيد حجازي " و" حسن الزبير" و علي الكمنجة الموسيقار "السر عبد الله ".وتم إنتاج الأُسطوانة بواسطة شركة "مشيان"، و هي من تسجيلات سوريا 1939 .
(11)
زنقار الرياضي و المسرحي :
يقول الأمين أحمد عبد الرحيم :
{ولا يخفى على أحد من ذلك الجيل إن الفنان كرومة، كان أحد نجوم الفريق الرياضي لنادي الهلال والفنان "زنقار" أحد نجوم الفريق الرياضي لنادي حي العرب، غير أنه ممثل مسرحي يؤدي أدواراً بطولية في فرقة النادي، ويمتد الركب ليشمل الثنائي " ميرغني المأمون وأحمد حسن جمعة" ليكونا من نجوم الأندية الرياضية في ذلك الوقت.}
*
وفي مقابلة مع الكاتب المسرحي "سيد أحمد غاندي" يقول :
{قلت له ورد إسمُك في برنامج إذاعي، عقب الإستماع لأسطوانة لأغنية بصوت الفنان "زنقار" يقول مطلعها :زينة الحضر زينة البوادي ... زينة الفريق زينة الوهاد آهات صريع
.وهذه الأغنية بعنوان، " صريع الذكرى " وكانت جزء من مسرحية كتبتها في العام 1933 م .
فحكي لي القصة التي صهرت ريعان شباب هذا النص الغنائي، وقال لي " فضل المولى زنقار": {أرجو أن تسجلها لي في شريط حتى أتمكن من تفريغ النص } بعدما كان يغنيها "زنقار" بطل المسرحية .. بعد موت عشيقته ثم يموت بعدها .. ويُسدل الستار .
وقال لي أيضاً :
"أخبرني "زنقار" بعد عودته من مصر أنه قام بتسجيل هذا النص ضمن مجموعة من أُسطوانات الأغاني فوافقته" .
و يقول الجقر :
{ نعلم و للذين عاصروا" زنقار" فقد كان مسرحياً في كثير من الأحيان يرقص، و يغني بصورة مذهلة و كأنه راقص باليه لما حباه الله من مرونة في الجسم }.ويقال إن "عبد العزيز داوود" أخذ طريقة "النقرشة" على الكبريتة من الفنان "زنقار" الذي كان يضبط إيقاع أغنياته عليها .
(12)
وفاته :
يقول الجقر :
" توفي فضل المولي زنقار في العام 1951 بحي العرب جوار سوق أم درمان بمستشفي أم درمان" .
*
و يضيف (شوقي بدري) تفاصيل أكثر دقة عن ظروف وفاته حيث يقول :
{ قُتل فضل المولي زنقار لسوء الحظ في دكان آدم المكوجي، فلقد كان المفتش برمبل الإنجليزي يجبر الجزارين على تغطية اللحم بالملاءآت النظيفة. وأن يُغيّروا ملابسهم يوميا ، و لهذا أعطى أدم رخصة غسال لكي يغسل ملابس الجزارين و ملاءاتهم، و كان يعمل برمبل بيه ينظم زيارات مفاجئة و متواصلة على الجزارين.و لقد قتل زنقار في دكان آدم بواسطة أحد أصدقائه الشيالين " الكورس" لأنه قرر أن يستعيض عنه بآخر قبل سفره إلى مصر.}
*
قصة اغتياله التي رواها الراحل " كامل السيد حمدون ":
وهي تختلف تفاصيلها عن رواية " شوقي بدري"
{في يوم كان الفنان " فضل المولى زنقار " مدعواً لأحد المسارح في مدرسة بالمقرن وكان حفلاً غنائياً ساهراً بعد المسرحية . كانت المرأة في الثلث الأول من القرن العشرين بعيدة عن المسرح ، وكان للفنان " فضل المولى زنقار " مقدرة فنية عالية ويجيد تمثيل دور المرأة، بواسطة الزي ومخارج الصوت في صناعة الدور الأنثوي على خشبة المسرح. كانت الأنثى هي الغائب وفق نظرات المجتمع التقليدي ، لذا كان من الواجب أن تكون حاضرة في المسرح . وكان الفنان " فضل المولى زنقار " هو الأقدر على ملء ذلك الفراغ الحداثي في النشاط الفني ، فيبدو العرض للمشاهدين متوازناً.
انتهى اليوم المسرحي، والغنائي في مسرح المدرسة بسلام. عاد الفنان بعد السهرة وقضى يومه. وعند الصباح ذهب لمحل كان قد استأجره لأعمال " غسيل وكي الملابس بحي البوستة بأم درمان. وجد تلميذا وافقاً بباب المحل، ينتظر استلام الجلباب المدرسي والعمامة والطاقيّة.
غضب " فضل المولى " وذهب عجولاً للحانة الشعبية القريبة من المحل " الإنداية ". فتح الباب ووجد عامل المحل يقتعد " بنبراً " مع مجموعة من أصحابه و أصدقائه، يشربون صبحاً الكثير من الخمرالبلدي " المريسة ". فوبّخه " فضل المولى " ونزع منه مفتاح المحل. وذهب من فوره للمحل، ودخل مكان الأرفف، يختار الملابس لعرضها على التلميذ.
أزعج التوبيخ عامل المحل، وأسهم أصدقاؤه في إيقاد نار العداوة أن تضرم نيرانها في صدره ، و ضرورة أن يرُد على التوبيخ بعمل أشد. نهض العامل مُسرعاً وبلغ المحل. نزع السكين من زراعه ، وهجم على التلميذ وأرداه قتيلاً. ثم اكتشف أن " فضل المولى " يقف في الداخل قرب الأرفف. فعاجله بطعنة قاتلة.
تم اعتقال الجاني، وانعقدت المحكمة في عدة جلسات وحكم عليه القاضي حضورياً بالشنق حتى الموت. وردد القاضي خلال نص حُكمه بأنه لو كانت هناك عقوبة أشد من الشنق حتى الموت لنصيت عليها.}
(13)
بعض أغانيه :
سوداني الجوة وجداني
اللوري
من بف نفسك يالقطار
حبيبي غاب
دو دو بي اللوري
ريدة زمان
عروس الروض
حبيبي يا حبيبي جدت بالروح علي
زينة الحضر والبادية
إيه يا مولاي
شباب النيل
خلوني
يا نوم أنا مشتاق ليك
حياتي وين حن علي
راجع لي محبوني
حليل هوانا
أنا أهوى