الفوضى الخلاقة في دارفور!!

 


 

 

ماوراء الخبر
تشهد دارفور بين الحين والآخر قتالاً قبلياً بسبب النزاع حول الموارد والمراعي وخلف هذا الصراع الدامي آلاف القتلى حيث تتهم الحكومة بالتقاعس عن اتخاذ تدابير وقائية لمنع تجدد أعمال العنف بين المكونات الاجتماعية.
لقي أكثر من 20 شخصاً مصرعهم الثلاثاء الماضي ، بينما أصيب المئات إثر تجدد النزاع بين الفلاتة والرزيقات بولاية جنوب دارفور ، ويجئ تجدد القتال الدامي بين القبيلتين بعد أيام من مقتل ضابط برتبة الملازم يتبع لقوات الدعم السريع في طريق “سنقو الضعين” على يد مسلحين مجهولين، وفي المقابل اتهمت زعامات من الفلاتة قوات الدعم السريع بعدم الحياد واسنادها للرزيقات في المعركة.
بسبب اندلاع اشتباكات قبلية في 3 محليات بولاية جنوب دارفور تم تعليق جلسات مؤتمر الصلح بين التعايشة والفلاتة وكشف حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي عن رفع جلسات التفاوض لمؤتمر الصلح بين قبيلتي التعايشة والفلاتة الذي انطلقت أعماله الخميس الماضي إلى ما بعد شهر رمضان القادم، وقال إن الأحداث المؤسفة التي وقعت بين الرزيقات والفلاتة ألقت بظلالها على استمرارية الصلح ورغبة الأجاويد في التحرك للميدان والإسهام في وقف نزيف الدم.
بالرغم من سقوط النظام البائد، الذي عمل على إزكاء الحروب القبلية بدارفور إلا أن وسائله الخبيثة تظل هي المتحكم في النزاعات التي تبدأ بالمشاجرات العادية لتتحول لمعارك تسيل فيها دماء أبناء العمومة لأسباب تافهة.
إن ما يحدث في دارفور بات يفوق كل خيال ويفتقر لأي منطق سياسي أو عسكري أو حتى قبلي، لأنه ضرب بجميع الأعراف القبلية المحلية عرض الحائط وأصبح السلاح هو الحاسم في أي أمر قبلي ولا مكان للأعراف أو التقاليد التي كانت متبعة منذ عهد قانون دالي الشهير الذي نظم الحواكير والديار والمراعي والمزارعين وتكمن خطورة تداعيات الأوضاع الناجمة عن الصراع القبلي في أنها تتم بسلاح الحكومة ومركباتها التي تستخدمها المليشيات القبلية.
قضية دارفور عادت لتكون أكبر من تدهور أمني وقتال قبلي بين أبناء العمومة فالوضع بها قد يتحول لفوضى خلاقة ولن يهدد سلام جوبا (الهش) وإنما سيهدد كل المكون الاجتماعي ، وهذا يتطلب اجراءات عاجلة فورية، ففي المسار الأمني آن الأوان لأن تقوم الحكومة بنزع السلاح من المليشيات القبلية، وأن تحرص على تنويع القوات بصيغة لا تسمح لأي قبيلة الاستفادة من أبنائها المنضوين تحت لواء القوات النظامية عند نشوب النزاعات ، إذا ثبتت مشاركة أي نظامي في هذه الصراعات يحاسب بأردع القوانين.
في المقابل على حركات الكفاح المسلح أن تسرع لانزال اتفاقية سلام جوبا في أرض الواقع والوقوف مع الضحايا بتلمس قضاياهم عن قرب ، ومن المؤكد أن الانشغال بالمحاصصات وتقاسم المناصب قد شغل هذه الحركات لدرجة أنها ساندت الانقلابيين ، على أهل القبليتين الاستجابة لصوت العقل ووقف الاشتباكات، لأن استمرارها يعني الطوفان!
الجريدة

 

آراء