“الفيلم المسئ”: غبائن امبريالية
د. مجدي الجزولي
15 September, 2012
15 September, 2012
كفى بك داءً
اصطاد الموت إثنين من المحتجين ضد فيلم "براءة المسلمين" أمام السفارة الأميركية بالخرطوم يوم الجمعة، وذلك جراء "حادث مروري غير مقصود من أحد مركبات الشرطة في مكان التظاهر" بحسب بيان البوليس. أحاط متظاهرون في ذات اليوم بمبنى السفارة الألمانية وحاولوا اقتحامه. ثمن البيان دور الزعامات وأئمة المساجد والقيادات الدينية الذين قاموا بمساعدة رجال البوليس في تهدئة الأوضاع وأكد الالتزام بمسؤولية حماية البعثات الدبلوماسية في البلاد.
ما شهدت الخرطوم بعض موجة من التظاهر العنيف ضد "الفيلم المسئ"، كما استقرت الإشارة إليه، غشت حتى الآن عشرين دولة في العالم العربي والإسلامي. قالت جريدة نيويورك تايمز في عددها السبت أن موجة "عدم الاستقرار" تثير الأسئلة في الغرب حول "مدى استقرار مصر وتونس ودول أخرى في العالم العربي أدت فيها الحريات المكتسبة حديثا، والتي طالما قمعها حكام متجبرون، إلى فجوة في السلطة". ذكر روب مالي، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال افريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، للجريدة أن العلة تكمن في وجود جيل من الشباب عبر العالم العربي عاطل عن العمل، طريد في مجتمعه ومتطرف، ثم أكد أن الدولة فقدت في بلاد عديدة، أبرزها مصر وتونس، القدرة الفعالة على الحكم، أي فشلت.
يقارب الرأي الذي طرحته النيويورك تايمز في متن خبرها والتحليل الذي تفضل به مالي حجة دهن الرصاص التي روجت لها السلطات البريطانية في الهند لتفسير تمرد 1857، الثورة التي ابتدرها الجنود الهنود في جيش شركة الهند الشرقية الحاكمة آنذاك للهند باسم حكومة صاحبة الجلالة. عند المؤرخ الهندي تعتبر الأحداث التي ابتدأت بتمرد الجند في 10 مايو 1857 "حرب استقلال الهند الأولى". أدخل جيش شركة الهند الشرقية ضمن عتاده في تلك السنة بنادق انفيلد طراز 1853 ضيقة المواسير. ذخيرة هذا الصنف من البنادق رصاص سبق دهنه لتسيير تعبئته عبر ماسورة البندقية الضيقة. لحفظ المادة الداهنة لزم تغليف الرصاص بالورق، ومن ثم أصبح على الجنود الهنود نزع الورق عن الرصاص بأسنانهم مما جعلهم ألسنتهم عرضة للدهن الحرام، فبعضه من شحم البقر، الأمر الذي أثار حفيظة الهندوس منهم وبعضه من شحم الخنزير الذي جنن المسلمين.
أثار "الفيلم المسئ"، لا ريب، مشاعر قوية عبر العالم الإسلامي لكن من أرجع الأمر لجنون ساكن في المسلمين لا يغادرهم كدروشة أنصار المهدي عند الانجليز غابت عن نظره لا بد أثقال الامبريالية، أخر مراحل تطور الرأسمالية عند لينين، حليفة المتجبرين الذين جاء على ذكرهم مالي والنظام الاقتصادي والسياسي المسؤول عن عطالة وغربة من لا دهن يرم عظامهم.
Magdi El Gizouli [m.elgizouli@gmail.com]