القرشي في أكتوبر والسنهوري في سبتمبر .. قرابين ثورية لا تأكلها النار ؟

 


 

ثروت قاسم
29 September, 2013

 


Facebook.com/tharwat.gasim
Tharwat20042004@yahoo.com


1-    القرشي والسنهوري .


في مساء  الأربعاء 21 أكتوبر 1964 ، أستشهد القرشي  ، الطالب في جامعة الخرطوم  ، برصاص عسكر نظام عبود  العسكري . أم السيد الأمام ( ولم يبلغ بعد الثلاثين من عمره )  المصلين في صلاة الجنازة في ميدان عبدالمنعم في الخرطوم ، وصحب الجنازة إلى قرية القراصة حيث يرقد الشهيد القرشي .

في  مساء  الجمعة 27 سبتمبر 2013 ،  استشهد الصيدلي صلاح السنهوري برصاصة في الصدر  من مليشيات نظام الإنقاذ الذئبية ، وشارك أكثر من 5 الف ثائر في تشييع الجنازة في بري . شارك السيد الإمام في تقديم واجب العزاء في الشهيد السنهوري  وفي  ( جميع ) الشهداء في ولاية الخرطوم . كما دعا أسر جميع الشهداء وآخرين لأداء صلاة الغائب والترحم على أرواح الشهداء ( دار حزب الأمة في أم درمان – يوم الأثنين 30 سبتمبر 2013 ) .



لا ندعي شرف العمل كأبواق دعاية وتطبيل  للسيد الإمام ، ولكنه الوحيد الذي يعمل ومن ثم الحاجة للإعلان عن أعماله  المتفردة  ليرى المؤمنون  عمله كما أمرنا التوجيه القراني في الآية 105 في سورة التوبة  ،  وكذلك لتكون أعماله  قدوة وتذكرة للناس ...  لعلهم يتفكرون .

(  وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ) .

(  105 – التوبة )

أمس كان القرشي ، واليوم السنهوري ... والكفاح مستمر ومتواصل ومستدام حتى نصر  الله والفتح !

2- يوم الجمعة  13 سبتمبر 2013 ؟

في يوم الجمعة 13 سبتمبر 2013 قرر نظام الإنقاذ رفع الدعم عن المحروقات  ، دون أى مشاورات قبلية مع القوى السياسية  المعارضة ، ولا حتى مع المجلس التشريعي الوطني  ولا مع  المجالس التشريعية  الولائية التي يتحكم فيها النظام .

قرار فوقي بإمتياز .

إستعرضنا في مقالة سابقة   الوضع الأقتصادي الكارثي  الذي أستولدته سياسات نظام الأنقاذ البئيسة ، والذي قاد نظام الإنقاذ لإتخاذ هذا القرار  الظالم  الذي يُحمل الشعب السوداني أوزار وأخطاء وخطايا  سياسات  النظام  كما جمل الشيل .

إتخذ نظام الإنقاذ هذا القرار الجائر ، والبلاد في حفرة سياسية وإجتماعية لا قرار لها . حفرة حفرها نظام الإنقاذ بمعاول ومحافير سياساته البئيسة .

قالوا أنى هذا ؟ قل هو من عند أنفسكم !

دعنا نختزل في النقاط أدناه الوضع السياسي والإجتماعي المأساوي ( إضافة للوضع الإقتصادي الذي تم  إستعراضه سابقاً )  الذي إتخذ نظام الإنقاذ قراره برفع الدعم في إطاره :

+  قسم  نظام الإنقاذ التراب الوطني إلى قسمين ،  والباقي مهدد بالتشظي في دارفور وولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان . 

+ سيادة البلاد تحت وصاية دولية بموجب (47) قرار لمجلس الأمن تحت الفصل السابع ووجود (30 ) ألف جندي أجنبي داخل البلاد.

+  الجسم الإسلامي ممزق  ، كما  أكدته ( مذكرة احتجاجية )  وجهها الى الرئيس البشير  وإلى بعض قيادات العمل السياسي  31   قيادياً  في الحزب الحاكم يوم السبت 28 سبتمبر 2013 يعارضون فيها رفع الدعم والقمع الوحشي ضد المتظاهرين السلميين .

+  الجسم السياسي ممزق ، والحروب الأهلية مستمرة في دارفور وولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان . عدد النازحين واللاجئين هو الأكبر في العالم ويموت  منهم المئات كل يوم لأسباب متعددة  والموت واحد .
الاستقطاب السياسي قاد إلى احتقان ، وربما قاد الاحتقان بدوره إلى الغليان الذي يعقبه الانفجار  .

+ رأس الدولة مُعطل في واجباته الدولية بموجب أمر قبض دولي .


+  الواقع الاجتماعي تخلف كثيراً  ، وعاد للقبلية والعنصرية  البغيضتين   ؟

النسيج الاجتماعي مهدد بالتهتك لحدة الاستقطاب والانقسام والاحتراب بين الإثنيات والقبائل السودانية  ،  نتيجة مباشرة لسياسات نظام الإنقاذ التفتيتية  ... عايرة وأدوها سوط ؟

+  البلاد فيها نحو 50  فصيل مسلح. الكلاش  السوداني اليوم موزع  بين أجندات: حزبية، وجهوية، واثنية، وقبلية.

لم تعد القوات المسلحة المركزية تحتكر السلاح ؛ وهي نفسها تعرضت لسلخانات رغم أدلجتها  ؟


3 – رفع الدعم عن المحروقات  ؟

في يوم الجمعة 13 سبتمبر 2013 قررت الحكومة رفع الدعم عن المحروقات  دون أى مشاورات قبلية مع القوى السياسية .

في يوم الأحد 15 سبتمبر 2013 شرعت الحكومة في برنامج علاقات عامة بعدية لإقناع القوى السياسية بدعم قرارها القبلي  رفع الدعم . مشاورات  الحكومة تبعت إتخاذ القرار ولم تسبقه ، فاصبحت شرح لقرار سبق إتخاذه ولا مجال لتغييره  ، والأسوأ فرض قبوله . المحصلة كانت  تحصيل حاصل وطلب الحكومة من القوى السياسية أن تبصم  بالعشرة   على قرار الحكومة القبلي .


أمنت القوى السياسية المعارضة  على إن النظام المالي مختل والتوازن المالي الداخلي والخارجي مفقود . وأكدت  بأن   الحل ليس في إجراء جزئي ،  بل في إجراء سياسي  شامل !  لأن الإجراء الإقتصادي الجزئي في غياب الإصلاح السياسي الشامل المطلوب إنما يحمل المواطن المرهق أصلاً ،  أعباء أخطاء سياسات  الحكومة .

يتفق المعلقون بأن السبب في الأزمة الاقتصادية ليس الدعم المسحوب من الميزانية  ، وبرفعه  يعود الدعم  للميزانية  وتنتهي الأزمة .

لا ...   السبب  في الأزمة له جذور سياسية  بامتياز وليست أسباب  اقتصادية  محضة  .

السبب في الأزمة  الحروب الأهلية ومتعلقاتها ومتطلباتها  التي تأكل  مع مصروفات سيادية  وسياسية أخرى 70% من الميزانية فتخلق الضائقة الأقتصادية . الحل الجذري  يكون في وقف الحروب الأهلية عبر المؤتمر الدستوري الجامع والتسوية السياسية الشاملة لتحل جذور الأزمة وليس أعراضها .

نعم ...  الحل في ( النظام الجديد )  الذي يأتي بسياسات جديدة ، وهياكل حكم جديدة ، ووجوه جديدة   ليحل محل نظام الإنقاذ ويقود إلى التحول الديمقراطي الكامل  والسلام العادل الشامل  .

في يوم الجمعة 20 سبتمبر 2013 ، طلب السيد الإمام من الحكومة أن تقتدي بما فعلته الحكومة القومية الديمقراطية   في ديسمبر 1988م ، عندما رفض كثيرون اجراءات مالية قررتها الحكومة وقتها  ( زيادة السكر )  وتظاهروا في الشوارع  .  جمدت الحكومة الديمقراطية وقتها  الإجراءات الإقتصادية المرفوضة شعبياً ، ودعت  إلى لقاء قومي ناقشت فيه  مع الجميع ميزانية  معدلة . اتفق الجميع على الإجراءات المالية المطلوبة ، وتم تنفيذ الاتفاق .

وجدت الميزانية  المعدلة قومياً تأييداً برلمانياً وشعبياً كبيراً ، وأنتهت المظاهرات  كما بدأت ... بغتة  !

تعلم الحكومة  مسبقاً  أن  إجراء رفع الدعم  مرفوض ، وسوف تعارضه القواعد الشعبية  . ولكن  نظام  الإنقاذ  مجبول على  ثنائية العناد والانفراد بالقرار  وتكرار الأخطاء والخطايا .



ما فتئ السيد الإمام يذكر نبلاء  الإنقاذ بمقولة :

( من الغباء فعل الشيء ذاته مرتين ، وبنفس الطريقة وتوقع نتيجة أخرى )  ...  إذن أنتم لخاسرون !
للأسف يفعل نبلاء الإنقاذ الشئ ذاته آلاف المرات ، وبنفس الطريقة ، ويتوقعون في كل مرة نتيجة مختلفة .
لا غرو إنهم لخاسرون ؟

في يوم الثلاثاء 24 سبتمبر 2013 تم تنفيذ قرار رفع الدعم  الذي إتخذته الحكومة في   يوم الجمعة 13 سبتمبر 2013  ، دون الأخذ في الإعتبار أراء القوى السياسية المعارضة بعدم رفع الدعم .

عمت المظاهرات الشعبية السلمية  المعارضة لقرار رفع الدعم القرى والحضر .

لم تحترم الحكومة  حرية الرأي المعارض ، واستعملت  أجهزة الأمن ومليشيات النظام المؤدلجة  العنف الذئبي والقمع الوحشي  في وجه التعبير السلمي المدني.

اغتالت أجهزة الأمن أكثر من 189 متظاهراً سلمياً ومئات الجرحى والمعوقين ، وعطلت شبكة  الأنترنيت وبعض  الصحف بغرض التعتيم الإعلامي ، وإعتقلت مئات النشطاء والناشطات ،  وقفلت المدارس .

وفي نقلة نوعية جديدة حرقت مليشيات النظام الذئبية ( في لباس مدني وداخل عربات مدنية ) عشرات  المباني العامة ومحطات الوقود لتلبيس التهمة للثوار بغرض تجريمهم وإدانتهم  ، وأغلبهم منها براء إلا من رحم ربك من المندسين الدخلاء .

أدانت أدارة اوباما ، والإتحاد الأروبي ودولة الأمارات العربية المتحدة ممارسات مليشيات الإنقاذ الذئبية ، وصمتت باقي الدول العربية والإسلامية صمت القبور .

4-مذكرة الخلاص !

في يوم الجمعة 27 سبتمبر 2013 كتب السيد الأمام  ( مذكرة )  تؤكد فشل  نظام الإنقاذ  سياسياً   وليس فقط  إقتصادياً ، وتدعو لإقامة ( نظام جديد ) ، فصله مشروع الخلاص الوطني  وخريطة الطريق .

سوف يتم تسليم هذه  (  المذكرة )  مركزياً وولائيا في مواكب شعبية  حاشدة  وسلمية في وقت لاحق بعد إكتمال المشاورات مع كافة قوى المعارضة  .

كما ناشد  السيد الإمام  كافة القوى السياسية والمدنية والنقابية تأييد هذه ( المذكرة )  ، والمشاركة في هذه المواكب السلمية اللاحقة ؛ والامتناع عن أية أعمال تخريبية.

دعا  السيد الإمام  جماهير الشعب السوداني  إلى   ابتدار إعتصامات سلمية في جميع الساحات والميادين العامة حتى قيام (  نظام جديد )  ، في تاريخ يتم تحديده لاحقاً بعد إكتمال المشاورات  مع القوى السياسية كافة ! 

وناشد السيد الإمام الأجهزة الأمنية قاطبة احترام حق الشعب في التعبير السلمي عن مطالبه ، والامتناع عن القمع والعنف.


5 - المرونة البطولية !

في عددها الأخير،  وصفت مجلة الـ« فورن افيرز»  الأمريكية  مرشد الثورة  الإيرانية السيد علي خامنئي ، بأنه ذواقة  وعاشق للأدب العالمي، والشعر والفنون ،  ومعجب  بأفكار  وكتابات سيد قطب .

مكتبه جد متواضع  من كراسي وكنبة  ومناضد خشبية غاية في البساطة ،  وبدون سجاد  على الأرض ؛ بعكس ملوك وشيوخ العرب الذين تتكون  حتى مكاتب معاونيهم   من قصور من الرياش والسجاد العجمي الفاخر . والذين لا يتعاطون مع الأدب العالمي وربما لم يسمعوا بسيد قطب .

والذي يقول قائل منهم :

يوم 5 شهر 5 ؟

يمكن تلخيص مبدأ خامئني الجديد  في كلمتين  (  المرونة البطولية )  ، وهما شارحتان لنفسيهما ... مرونة في غير ضعف ، مرونة بدون تشدد  بل رغبة أكيدة في الوصول إلى حلول وسطية .

بدأ المرشد في تطبيق مبدأ ( الإمام الحسن ) المبني على التوافق والوصول إلى كلمة سواء  سلمياً وبغير عنف . والإبتعاد تدريجياً عن مبدأ ( الإمام الحسين ) المبني على القتال حتى في ظروف الضعف وحتى الشهادة، وهو المبدأ الذي عملت على هديه الثورة الإيرانية حتى إنتخاب  السيد حسن روحاني رئيساً للجمهورية  ، وتتحول  منه  الآن إلى مبدأ ( الإمام الحسن )  التوافقي . 

يعمل السيد الإمام الصادق المهدي على هدي مبدأ (  الإمام الحسن ) الوسطي السلمي التوافقي  وعلى تفعيل مبدأ ( المرونة البطولية ) في قيادة المظاهرات والإعتصامات السلمية (  الخالية من  التخريب ) وصولاً إلى ( النظام الجديد ) في مكان نظام الإنقاذ .

ربما تعددت المسارات التكتيكية ولكن المسيرة الإستراتيجية والهدف النهائي واحد ... النظام الجديد .
في هذا السياق  وكرئيس لمنتدى الوسطية العالمي ، كتب السيدالإمام ورقة ( دور الوسطية في الإستقرار والتنمية ) ؛ وهي متاحة في الأنترنيت . كان المفروض أن يلقي السيد الإمام هذه الورقة في إجتماع المنتدى ( إستانبول – السبت 28 سبتمبر 2013 ) ؛ ولكنه أعتذر عن المشاركة لظروف السودان الحالية ، والقى الورقة نيابة عنه الأمين العام للمنتدى .

الآخرون يفرون من السودان هذه الأيام ويذهبون جفاء ، وأما السيد الإمام فيمكث في أرض السودان لينفع الناس ،  رغم واجباته الدولية التي تحتم سفره خارج السودان .

هذا كتابه ينطق عليكم بالحق ؛  ولم نقل غير الحق ، رغم إن قول الحق سوف يؤذي بعض الناس الذين لا يعملون ويؤذيهم أن يعمل الناس  ... والوزن يؤمئذ الحق !

حدد   المرشد  خامئني أسباب انهيار الاتحاد السوفياتي في الآتي  :

+  الاستبداد،

+ الفساد ،

+ الصراع الاثني،

+  والفقر!

وقد يكون شيء من ذلك ، وربما كله ،  قد نبت وشب عن الطوق في  سودان الإنقاذ  ؟

في هذا السياق ، يدعو السيد الإمام نبلاء الإنقاذ إلى تبني ( النظام الجديد ) المفصل في  الأجندة الوطنية ( رؤية إستراتيجية )  ومشروع الخلاص الوطني  ( خريطة طريق تكتيكية ) . النظام الجديد يتبنى إستراتيجية تغيير المسيرة  ،  وتكتيك تغيير المسار في ذات الوقت .

نتمنى أن ينتهج نبلاء الإنقاذ مبدأ خامئني ( المرونة البطولية ) ، ويصلوا إلى تسوية سياسية مع زعماء المعارضة المدنية والحاملة السلاح .

نواصل ...

 

آراء