الكديس هتلر

 


 

 


*أساطير صغيرة


يحكى أن من أكثر الأخبار الطريفة انتشارا الأسبوع المنصرم، ذلك الخبر الذي يتحدث عن تعرض قط إنجليزي لهجوم عنيف من قبل (مجموعة بشر) كادت أن تقتله، والخبر رغم طرافته إلا أنه لا يخلو من مأساوية للقسوة المبالغ فيها التي تعامل بها هؤلاء الناس مع قط صغير مسكين للدرجة التي تسببت له في عاهة مستديمة بفقدانه إحدى عينيه، وربما إشكالات (نفسية أخرى) قد تلازمه إلى آخر العمر وتحرمه من الاستمتاع بالحياة في شكلها الطبيعي. أما الملفت في هذا الخبر فهو أن أسباب الهجوم الوحشي على القط لا علاقة لها بدوافع سادية أو شيطنة أطفال كما يتصور، لكنها تعود إلى ما هو أعجب وأغرب من ذلك، فوجه القط المسكين هو السبب الرئيسي لأنه بدرجة من الدرجات يشبه وجه الزعيم النازي المرعب هتلر!
قال الراوي: القط الذي فقد عينه بسبب الشبه الغريب بينه وبين هتلر، تعرض بحسب صاحبته وتدعى كريستي، لمحاولات هجوم واغتيال عدة مرات، مشيرة إلى أن باز – اسم القط – "كثير من الناس شبهوه بالزعيم النازي هتلر، لكنه قط خجول جدا ورقيق". وملامح الشبه بين باز وهتلر تظهر في سواد خفيف يعلو فم باز المذموم فيبدو مشابها جدا لشارب هتلر الذي يعلو فما مذموما أيضا!
قال الراوي: الهجوم العنيف على (الكديس) الإنجليزي باز بسبب كراهية من هاجموه للزعيم النازي هتلر، يدفع للتساؤل – وإن عبثا – هل كراهية المهاجمين لهتلر كانت نتيجة لما ارتكبه من جرائم ضد الإنسانية والدمار الذي ألحقه بكوكب الأرض؛ أم لأسباب أخرى تتعلق فقط بشاربه وتقطيبة وجهه اللذين انتقلا بشكل ما لوجه القط باز! بمعنى آخر هل هؤلاء ضد الحرب والعنف والدمار (ما يمثله هتلر) أم أنهم ضد شيء آخر تمثله ملامح هتلر التي تسربت إلى وجه القط باز بعيدا عن إدانتهم ورفضهم للعنف والحرب والتقتيل؟!
قال الراوي: الأسئلة السابقة – في عبثيتها اللاهية - تحاكم (بالضبط) هؤلاء الأشخاص، الذين حاولوا قتل الكديس الإنجليزي باز، فقط لأن له وجه هتلر؛ تحاكمهم حول الدوافع (الكامنة) التي تجعل كراهيتهم لهتلر تضعهم معه في ذات المرتبة، وإن اختلف الضحايا؛ فممارسة القسوة والتعذيب والتجرد من الإنسانية في كلا الحالتين واحدة، وفقء عين قط مسكين لا يقل سادية وجنونا عن قتل الآخرين نتيجة أوهام تصورية عن التفوق أو النقاء أو غيره.
ختم الراوي؛ قال: الكديس الإنجليزي باز مسكين ظلمه الإنسان لأنه من حيث الشكل فقط شابهه.
استدرك الراوي؛ قال: كم هتلر حقيقي يمرحون على وجه البسيطة الآن؟
*زاوية يومية بصحيفة (اليوم التالي)       

منصور الصُويّم
mansourem@hotmail.com

 

آراء