الكيزان يستغفلون المخلوع ويقدمونه قربانا لتنظيمهم المقبور

 


 

د. زاهد زيد
23 December, 2022

 

كل من شاهد مقطع الفيديو الذي ظهر فيه الرئيس المخلوع عمر البشير وهو (يخطب ) في محكمة مدبري انقلاب 1989م ، راودته اسئلة كثيرة ، بعضها يتعلق بالسماح له كمتهم أن يظهر وكأنه يخطب موجها كلامه ليس للمحكمة بقدر ما كان يستهدف مخاطبة الجماهير . وبعضها يثير اسئلة حول ما إذا كانت محاكمة جادة أم مجرد تمثيلية أو مسرحية سيئة الإعداد والإخراج ؟
ولكن ودون الدخول فيما قاله ، لأن ما أراده يظهر بوضوح تام في إعلام الكيزان القمئ الذي سرعان ما بدأ في كشف ما وراء هذا العبث من أن البشير رجل شجاع تحمل المسؤولية وحده ، وأنه اعترف اعترافا صريحا بأنه من خطط ونفذ الانقلاب ولا شركاء له .
دعونا نتوقف عند هذا الاعتراف ، الذي قال هو نفسه إنه سيد الأدلة ، فنادرا ما يعترف متهم بأنه معترف وينتظر الحكم عليه ، إلا في فلم عادل إمام عندما اختلس من الخزينة العامة .
فما الذي خطط له الكيزان من شراك محكم وقع فيه المخلوع دون أن يدري ، فالواضح أن الكيزان بما لهم من خبث ودهاء ماكر أرادوا ان يسوقوا الرجل الى المحرقة سواء ادين ام لم يدن ، وتبرئة تنظيمهم المتهالك من تهمة تقويض نظام الحكم الديمقراطي ظنا منهم أنهم بذلك يمكنهم اللعب على الناس والعودة مجددا بحجة انهم لا دخل لهم بالانقلاب ، هكذا صور لهم الشيطان سوء عملهم ، تماما كمن يتغطى بورقة التوت وهو عار تماما .
استغل الكيزان رعونة البشير ثلاث مرات فليست هذه هي المرة الأولى التي يستغلونه فيها .
كانت المرة الأولى توريطه في انقلاب هم المخططون له ، وارادوا ان يقدمونه كراس حربة فإن نجح الانقلاب ظهروا كالجرزان من مخابئهم ، والدليل تمثيلية اعتقال رأسهم المدبر الترابي ، الذي سرعان ما ظهر بعد أن تأكد من ان كل شيء استتب لهم .
والمرة الثانية ، عند المفاصلة حيث أوهموه بأنه الرئيس الفعلي وعليه اقصاء الترابي وجماعته ، ليخلو له الجو ، والحقيقة أن هذا الاستغلال استمر إلى آخر لحظة ، فالرجل ظل صورة أمام الناس كرئيس والحكم وكل مفاصل الدولة كانت بيدهم .
الآن للأسف استغلوه للمرة الثالثة ، والحقيقة هو ليس استغلالا فقط بل هو استغفال له وقراءة جيدة لفكر ونفسية الرجل ، فهم يعلمون بأنه محدود التفكير و سطحي لحد كبير وليس بسيطا كما يعتقد الناس ، وفيه نعرة الجاهل ومفهوم القبلية ومفاهيم مغلوطة عن الشجاعة والفروسية و( الجعلي الضكر ) و(الأسد الهمام) و(الدود النتر ). ( شاهد كيف كانوا يعدون له لقاءاته الجماهيرية ، ويتركونه يتراقص كالأهبل وحده . )
لقد قرأوا نفسيته جيدا واستغلوا فيه هذا الضعف ونفخوا فيه القيم السقيمة وصوروا له الشجاعة في أن يخرج للناس ليعترف بمسؤوليته عن اانقلاب وحده لا شريك له ، وبأنه ولو ادين وأعدم فسيصير بطلا وشهيدا .
الرجل أكل المقلب كما أكله مرات ، وخرج ليقول لنا أنا معترف بكامل المسؤولية وأن الاعتراف سيد الأدلة ، كأنه يقول هيا حاكموني وأعدموني ، وينظر في بلاهة لرفقائه لعله يجد نظرات التمجيد والعرفان بما فعل ، ولكن القادم أفدح .
لم اجد تفسيرا مقنعا بأي كسب سياسي يعود على الكيزان من هذه الاساليب البائسة فالطفل في مهده يعلم من هم المخططون للانقلاب ، وراعي الابل في بيداء البطانة يعلم من هم أرباب هذا النظام ، لا يمكن التنصل من هذه المسؤولية المسجلة صوتا وصورة لمئات التسجيلات لهم ، من كبيرهم في لقاءاته المتعددة ولقناة الجزيرة و لكل كوز صغيرا ام كبيرا وهم يتبجحون بثورتهم المدحورة .
الكيزان يظنون ان الناس اغبياء وانهم يملكون ذاكرة ذبابة ، وأنهم سيصدقونهم وهم أكذب خلق الله .
ويعلمون أن الناس يطلون على هذا المخلوق أسوأ صفة لا يتحلى بها مؤمن أبدا أنه ( كذاب ) . فالمؤمن لا يكذب أبدا . وعمركم هذا كتب عند الشعب السوداني أنه كذاب .
ولو حتى صدقناه وهذا بعيد جدا ، كيف لنا أن نصدق أن مثله يمكن أن يدبر ويقوم بالانقلاب وحده ، والكل يعلم أن الرجل ليس فقط عاجزا عن ذلك بل هو أضعف من أن يجتمع الجيش حوله ، ناهيك عن المدنيين .
الواقع يقول أن الكيزان يضيعون وقتهم ومجهودهم بما لا يعود عليهم الا بالخسران ، وكان المتوقع من العقلاء منهم ان كان فيهم عاقل أن يراجعوا تجربتهم وأن يدرسوها جيدا ليعلموا أين أخطأوا ولماذا تسرب الحكم من بين أيديهم ، ليستفيدوا من ذلك مستقبلا .
كان الأجدر بهم لو كانوا يعقلون أن يصارحوا الناس بالكم الهائل من الاخطاء التي وقعوا فيها ، وان انقلابهم كان وبالا على الكل ، وان يعتذروا للناس عن كل هذا الخطل لعلهم يقدمون نموذجا ايجابيا في محاسبة النفس ومراجعتها .
لكن كيف يمكن أن يستقيم من تعود على الاعوجاج ، وكيف يمكن لمن أفسد ويفسد ويمارس كل اصناف الجرائم أن يتطهر ؟؟؟؟
كل يوم يؤكد لنا الكيزان أنهم اسوأ ما ابتلى الله به هذا الشعب ، وأن اجتثاثهم هو الطريق الوحيد لتعافي الحركة السياسية في البلد .

zahidzaidd@hotmail.com

 

آراء