اللــجنة الأمنية وثغرة تفكيك التمكين

 


 

 

بــهـدوووء_
عندما قررت اللجنة الأمنية (الانحياز للشعب) و عزل البشير كانت تضمر تقديم (نسخة )جديدة تكفل استمرار سياسات و وجوه المؤتمر الوطني و الحركة الإسلامية، و عندما اضطرت تحت الضغط للتخلي عن بعض الوجوه ظلت تصر علي استمرار ذات النهج و السياسات .. و عندما اضطرت تحت الضغط بعد جريمة فض الاعتصام التي لم تقلب الموازين لصالح اللجنة الأمنية كما كانت تعتقد؛ اضطرت للقبول بصيغة شراكة مع قوي اعلان الحرية و التغيير(قحت) و هي تضمر الانقلاب علي هذا الاتفاق في اقرب سانحة، لذا كانت كل تصرفاتها تصب في هذا الإتجاه:
عندما قدمت لجان قحت الحقوقية و محاميها طلب اجازة قانون (تفكيك التمكين) لم تتردد اللجنة الأمنية في اجازته لأنها علي مايبدو اكتشفت نقاط الضعف فيه بل و لا يستبعد أن تكون عناصر موالية (سراً) للنظام البائد شاركت في تلك الصياغة العجيبة، المهم اجازتها اللجنة الأمنية - المكون العسكري دون تعطيل .. و عندما قدمت لها نسخة معدلة بعد أقل من ستة اشهر وافقت اللجنة الأمنية علي اعتماده وتصديقه لأن التعديلات لم تحمل أي تغيير مهم!
و كما قام رئيس المكون العسكري بالتوقيع علي القانون كما وقع علي قرار تشكيل اللجنة العليا المنصوص عليها فيه (برئاسة عضو المكون العسكري ياسر العطا)، و الذي استقال لاحقاً تلك الاستقالة التي تفهم الآن علي أنها جزء من إضعاف العملية و إضعاف المكون المدني، كما ماطل المكون العسكري في تشكيل و تفعيل عمل لجنة الاستئنافات الخاصة بذلك القانون لاصابته بشلل كبير.
- في المقابل قام اعلام النظام البائد بشن هجوم مكثف علي القانون مستغلاً ما فيه من ثغرات و مستغلاً أمور أخرى (بالباطل) لضمان افلات عناصر النظام البائد بالثروات المنهوبة، الضعف في نصوص قانون التفكيك (و لا قانونيته و لا شرعيته) يتحملها بالأساس وزير العدل "دكتور جورج تاون" نصر عبد الباري و الرئيس حمدوك اضافة لتجمع المحامين الديمقراطيين (الذراع القانوني لقحت) !
تم تكثيف الهجوم علي الاعضاء المدنيين الذين تولوا بجهل كبر خروقات القانون (نائب رئيس لجنة التفكيك محمد الفكي و وجدي صالح و طه عثمان.. الخ)، اما البرهان الذي أجاز القانون و العطا الذي ترأس اعماله لعدة شهور فقد احتموا من النقد؛ بل هو لم يستهدفهم اصلاً، ما جعل البرهان في وضع مريح لينضم لجوقة ناقدي القانون و بلغ به الأمر مرحلة سحب الحماية القانونية و الأمنية لمقار اللجنة و أصول السودان المنهوبة!!
- ليس هذا مجال توضيح اختلالات القانون، فقد كتبنا في ذلك كثيراً و لكن لاحياة لمن تنادي فالفكي و وجدي و طه حولوا فعاليات اللجنة إلى شئ اقرب لحلبات المصارعة الحرة التي تستقطب المشجعين المتعصبين و محبي هذا النمط من (السياسة) ما خلق حالة من التشويش يصعب معها سماع اي أصوات أخرى من ذات الجهة!
أبرز تلك الاختلالات هي أنه ما من قانون تحال مسؤولية تنفيذه إلى جهة سياسية و (سيادية) إنما تُناط تلك المهمة بلجنة ادارية حكومية دون مستوي الوزير المعني (العدل هنا) أو رئيس الحكومة و اللذين يقومان من باب الاشراف فقط بإعطاء قرارات اللجنة الصفة النهائية (ادارياً)
كما أنه ما من قانون يتم تشريعه و ليس للمحاكم من مستوي المحكمة العامة (المدنية أو الادارية أو الجنائية حتى) صلة بطبيقة!،و لو تم التركيز علي اصلاح جهاز المراجع العام و تم الرجوع الي تقاريره خلال ٣٠ عاماً و تم الانتهاء سريعاً من اصلاح جهاز العدالة (النائب العام) و القضاء و وزارة العدل نفسها و الشرطة الجنائية و مفوضية الفساد الاتحادية و مفوضيات مكافحة الفساد الولائية، كل ذلك مع منح لجنة ادارية حكومية سلطة رصد و التحقيق الاداري و تجميد و حجز الأرصدة و الأصول (و ليس مصادرتها) لحين جهوزية السلطة للنظر فيها حالة بحالة لكان أجدي، و لكانت الثورة في مركز سليم بوجه النقد الكثيف الذي شنه نظام اللصوصية البائد (الكلبوقراطية) - بعين قوية - رغم إن فساده و لصوصيته مشهورة و معروفة علي مستوي العالم!!
و هكذا تثني للمكون العسكري بعد انقلاب ٢٥ اكتوبر ليس فقط من ايقاف ملاحقة فساد ٣٠ سنة بل و الانتقال بكل اريحية لملاحقة فساد اعضاء لجنة التمكين في اقل من سنتين هو عمر عمل اللجنة الفعلي!
- كذلك يؤخذ علي عملية تفكيك التمكين و حالة الغوغائية التي اشاعها أنها همشت أعمال مهمة اخرى مثل ملاحقة جرائم التعذيب و القتل و انتهاكات حقوق الانسان و جرائم الحرب و الجرائم ضد الانسانية و جريمة الخيانة العظمي - التفريط في وحدة التراب الوطني و وحدة الشعب السودان، بل و تعمد تقسيم السودان، و جرائم رعاية الارهاب الدولي التي جرت علي السودان عواقب وبيلة من عقوبات اقتصادية و سياسية.. كذلك يعاب عليها سحب الأضواء من ملف الأموال التي هربت للخارج و هذا ملف أهم من ملاحقة الأصول بالداخل لأنها أصول تقيم مباشرة بالدولار و بقية العملات الأجنبية.
اما الملف الفرمالة (تحرير الفشقة)و مجمل العلاقات السودانية الأثيوبية و المصرية فتلك كانت ملهاة أخرى من ملاهي اللجنة الأمنية التي خدعت بها قحت،بدأت القصة بإبرام المكون العسكري لاتفاقات تعاون و تنسيق عسكري بين الجيش السوداني و الجيش المصري و أجرت سلسلة من المناورات و التدريبات المشتركة، و رغم أن ملف التنسيق العسكري السوداني المصري ظل علي مدي التاريخ ملف خلافي (اتفاقية الدفاع المشترك في عهد الرئيس الأسبق المخلوع كذلك جعفر نميري)؛ و رغم انه كان من الواضح أن ثمة ما يجري الاعداد له في الكتمان (فالنظام المصري و المخابرات المصرية ظلت عبر التاريخ هي الراعية الرسمية و المحفزة لانقلابات السودان العسكرية)!- فإن كل القوي السياسية السودانية (احزاب قحت و الحركات المسلحة)غضت الطرف عما يدور و عما يجري الاعداد له. - تدخل المكون العسكري في ملف سد النهضة و مارس ضغوطاً علي وزارة الري و وزارة الخارجية و إستجابت وزارات قحت تلك و نقلت موقف السودان في طرفة عين من متفهم للحق الاثيوبي إلى متفاهم و منسجم مع الموقف المصري!!
و فيما كانت وزيرة خارجية حزب الأمة و قحت (المنصورة) تجوب ادغال افريقيا (الكنغو كنشاسا و الكنغو برازافيل و نيجيريا و غانا و يوغندا و زامبيا.. ألخ) بحثاً عن دعم افريقي لموقف مصر و (موقف السودان الجديد) كانت المخابرات المصرية التي تدير ملف السودان منذ ١٩٩٥م تضع اللمسات الأخيرة للنقلاب في السودان، و عندما وقعت الطامة حولت (المنصورة) أن تتصل (بأستاذها) رئيس الدبلوماسية المصرية (سامح شكري) مراراً لكنه رفض أن يرد علي هاتفها كما صرحت؛ فبالنسبة لشكري فإن (وزيرة الخارجية)اصبحت شخص من الماضي لا فائدة من الحديث معه!
- بالتزامن مع التنسيق مع مصر أعلن (قائد الجيش) البرهان عن عملية عسكرية لتحرير منطقة الفشقة من الوجود الاثيوبي، و في بضع ايام كانت القوات و تلنيران تتبادل في الفشقة و اعلن عن استعادة مساحات واسعة من المنطقة.. و نظم الجيش حملة تضامن واسعة من شخصيات عامة و "قونات" لدعم عملية الجيش و انضمت قيادات و وزراء من قحت للوفود الزائرة لمنطقة الاشتباك و الجبهة، و منحت قحت و قواعدها المكون العسكري دعم "علي بياض"
كانت الفشقة عبر التاريخ نقطة سوء تفاهم بين السودان و اثيوبيا، لكنها ظلت ساكنة و كانت ثمة اتفاقيات و تفاهمات بين النظام البائد و الاثيوبيين علي تسوية ما فيها، و كان يمكن أن يترك للمسار الدبلوماسي أن يبادر إلى معالجة الملف، و الانتقال إلى مرحلة ما بعد ايام التنسيق العسكري العالي بين الجيش السوداني و الجيش الاثيوبي و ايام برتكولات التدريب المشتركة بين الكلية الحربية و اكاديمية الحرب السودانية و نظيرتها الأثيوبية ،ايام كان البشير يقضي اجازاته السنوية و غير السنوية مستلقياً علي مياه بحيرة تانا بمدينة قندر الأمهرية.
- نقل محور التفاهم العسكري تم سريعاً من اثيوبيا إلى مصر و كان عرابه كمال عبد المعروف..الاشتباكات في الفشقة كانت مقدمة و تمهيد للانقلاب العسكري، فكل شخص في العالم الثالث يدرك أن العسكر إن ارادوا الانقلاب علي السلطة افتعلوا حرباً، فإن انتصروا عادوا في زهوة النصر و انقلبوا بمبرر أنهم الاقدر و الأنسب علي حماية الدولة و الأمة و الأولي بحكمها؛ و إن هُزموا عادوا بخيبة الخسارة و حملوا النظام مسؤولية الخسارة و مبرر الهزيمة و انقلبوا بداعي تحقيق شروط النصر السياسية !!
لكن قيادات الحكومة الانتقالية و قحت غرقوا في سكرة السلطة و المناصب حتي فاجأهم صباح الانقلاب.

mido34067@gmail.com
///////////////////////

 

آراء