المؤتمر الوطني .. والترقيع وسط الصقيع !!
خضر عطا المنان
21 July, 2011
21 July, 2011
Khidir2008@hotmail.com
لا يزال المؤتمر الوطني – وهو يستشرف جمهوريته الثانية – المطموسة المعالم حتى الآن سوى نذر( بضم النون والذال ) مستقبل مخيف يتكئ على ربط البطون وشد الأحزمة ورفع الدعم عن بعض السلع والخدمات الأساسية واصرار هؤلاء الرساليين على تطبيق الشريعة الاسلامية والتي شتت شمل وطن هو في الأصل متعدد الديانات والاثنيات والأعراق والملل والسحنات ...الخ .. لا يزال – هذا الحزب الاقصائي - يعتلي الشجرة التي يجلس على رأسها وحده عبر شعبية زائفة اكتسبها خلال انتخابات الخج الشهير!!!.. ويأبي النزول من هذه الشجرة ولو طالته حجارة العالم !!!.
ولم يتكفي هذا الحزب الذي مزق النسيج الاجتماعي السوداني .. هذا الحزب الانقلابي – العقائدي - الأخطبوطي المشبوه الذي جر الويلات تلو الويلات لبلد خرج الفرح من ربوعه دون عودة منذ سنين !!! ..هذا الحزب المتهم بارتكابه جهارا نهارا جريمة العصر المتمثلة في قضم ربع المساحة من جسد وطن جريح أصلا بممارسات غير مسؤولة ومشوهة تحت لبوس الاسلام زورا استمرت لأكثر من عشرين عاما ..هذا الحزب الذي لجأ لسياسات الترقيع وهو يرتجف وحيدا وعاريا في العراء من صقيع الربيع العربي الذي يجتاح المنطقة بأسرها .. لم يكتفي هذا الحزب بكل ذلك وهو يعيش وسط بؤر متلاطمة الأمواج من سياسة (زرق اليوم باليوم !!) .. وهي سياسات متعرجة وتعج بالكثير من التناقضات .. حيث هو – مثلا – مع (وثيقة سلام دارفور) المهترئة وراح يسوقها على علاتها ويتغنى بها أطراف الليل وآناء النهار وله عليها – في الوقت نفسه - مائة ملاحظة ( غازي صلاح الدين ) .. وهو يسعى مبشرا بقيام ( جمهورية ثانية ) في حين أن الأولى لا تزال جرحاتها نازفات في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق وأبيي ( كشميرالسودان القادمة ) .. وكلها جراحات فاقها ايلاما ونزيفا جريمة العصر( انفصال الجنوب الحبيب ) .
وعلى ذكرهذه الجريمة فان مكابرة لاتخطئها العين ظل يمارسها المؤتمر الوطني .. وأبرز مظاهرهذه المكابرة ما يتفوه به (خال الرئيس ) ومطرود الامارات ( الطيب مصطفى ) وهو صوت يعبر تماما عن وجهة نظرعدد معتبر من منتسبي هذا الحزب الاقصائي المتمسح بالاسلام زورا وبهتانا .. كما تتمثل تلك المكابرة ايضا في القول ( نحن لم نترك وسيلة للوحدة ولكنه خيار الجنوبيين !!!) وهذه فرية كبرى .. اذ ( كيف لك ان تمارس ما ينفرني منك وتسعى في نفس الوقت للوحدة معي ؟؟) هكذا كان يقول لسان حال اخوتنا الجنوبيين الذين بكى الكثيرون من الشماليين لفراقهم بالدموع الحرى وهم يودعونهم للمرة الأخيرة ! .
رغم جريمة العصر هذه نرى أجهزة المؤتمر الوطني المرئية والمسوعة تتغنى بتاريخ السودان التليد و( أمة الأمجاد والماضي العريق !!) .. وهو أمر يكشف عن مدى الشيزوفرانيا التي يعاني منها نظام الخرطوم المنكوبة .. كيف لهم أن يتغنوا بوطن فقد ربع مساحته الجغرافية .. والأهم فقده لأبناء كرام ممن ولدوا ونشأوا وترعرعوا وكبروا بل وشاركوا في بنائه (الطوب والمونة والأسمنت والطين والكمائن ..الخ) ؟.. أليست هي جريمة العصر بكل المقاييس ؟؟.
أما ماهو أكثر غرابة فهي مناداة المؤتمر الوطني لجميع الأحزاب والقوى السياسية والتي غيبها وأنكروجودها وحجمها وثقلها التاريخي .. مناداتها للمشاركة في بناء ( جمهوريته الثانية ) والتي لا ندري كم ستجلب لنا من ويلات وتمزقات لما تبقى من وطن اسمه السودان ومجتمعه المغيب !! للوطن .. وما الخير الذي يمكن أن تأتينا به هذه الجمهورية الثانية ونحن نعيش مأساة ( الجمهورية الأولى ) !!.
انهم يتوددون مصالحة المجتمع الدولي الذي عزلهم لسنوات طوال .. ويريدون من الآخرين بالداخل اللحاق بمركبهم الهالك وهم على حافة الغرق وقد قفز منه من قفز والبقية يفكرون في كيفية القفز قبل الغرق المحتوم !!.
انها سياسة الترقيع .. وسط الصقيع .. في زمن الربيع !!.