المؤتمر والحركة ….. الإتفاق مازال ممكناً
16 October, 2009
عندما استضاف الزميل الأستاذ محمد الشنيدي في برنامجه التلفزيوني الأستاذ أتيم قرنق القيادي بالحركة الشعبية نائب رئيس المؤتمر الوطني، والدكتور تاج السر محجوب القيادي في المؤتمر الوطني، سألهما عن إمكانية تحقيق الوحدة وجعل خيارها راجحاً فيما تبقي من زمن علي الإستفتاء لتقرير المصير الذي لم يتبق عليه أكثر من خمسمائة يوماً فقط. فأجاب الرجلان بلسان واحد أن كل خلافات الشريكين ممكنة الحل. وزادا أن ذات المنهج الذي سلكه الشريكان في نيفاشا وأوصلهما لإتفاق السلام الشامل يمكنهما من حل أية خلافات قائمة بينهما الآن، أو تستجد لاحقاً.
هذا الحديث يجعلني أعود إلي ما ظللت أردده دوماً بأن إمكان تجاوز هذه الأزمة ممكن وميسور، فقط علي الشريكين أن يدركا حجم مسئوليتهما الوطنية، والتي يسألا عنها، ولا يسأل عنها أحد غيرهما بذات مسئوليتها. فصحيح أن حق تقرير المصير الذي أقراه في إتفاقية السلام، قالت به كل القوي السياسية الأخري، ووثقته في مواثيقها، مثل مقررات مؤتمر أسمرا للقضايا المصيرية الذي شاركت فيه كل القوي السياسية التي كانت معارضة للإنقاذ في العاصمة الأرترية أسمرا من خلال التجمع المعارض الذي كان يضم أحزاب الأمة والإتحادي الديمقراطي والشيوعي والبعثي والحركة الشعبية، وغيرها من قوي المعارضة الأخري السياسية والعسكرية، ولكن توقيع هذا البند ضمن الإتفاق ثم إقراره في دستور البلاد في حكومة يغلب عليها الشريكان ويمتلكان فيها 80/ يجعل مسئوليتهما أعظم. ولذلك فإن الأمر بيدهما لابيد غيرهما.
وما يجب أن نقوله صراحة أن مصلحة الشريكين مع بعضهما البعض، ومصلحة الوطن معهما. فلو أنهما يقدمان الوطن علي مادونه لابد أن يطرحا كلما يباعد بينهما جانباً ويوحدا كلمتهما ليعبر بالسودان هذه المحطة المهمة. ولو كانا ينظران لمصالحهما دون مصالح الوطن، فإن مصلحتهما أيضاً في توافقهما وتواثقهما مع بعضهما البعض. ولو أن القوي المعارضة الأخري يهما أيضاً صالح الوطن، فصالح الوطن في التقريب بين الشريكين لا العمل علي إثارة الفتنة بينهما. لأن انفضاض الشراكة لامعني له سوي اشتعال الأوضاع في السودان، وعودة الحرب أكثر اشتعالاً.
ونركز القول علي الشريكين، لأنهما الطريق الأقرب لاستقرار الأوضاع في بلادنا، ومصلحتهما ظاهرة لاتحتاج إلي دليل. ومعلوم أن ما توصل إليه المؤتمر الوطني والحركة الشعبية من توزيع للسلطة في نيفاشا جعل غلبة الشمال للمؤتمر الوطني، وأعطي الحركة الشعبية الغلبة في الجنوب. وأية محاولة من أي من الشريكين هز وضع شريكه في موقعه يمكن أن تهتز لها الشراكة. وإذا اتهزت الشراكة وانهار حكمها فلن ينهار بأحدهما دون الآخر. فعلي الشريكين أن يدركا أنهما يحملهما قارب واحد ينجوان معاً ويغرقان معاً كذلك. وهما كما يقول المثل السوداني يسترهما رداء واحد، فلن تنكشف عورة أحدهما دون الآخر. فما يقوم به البعض هنا وهناك لإغراق الطرف الآخر أوكشف عورته لايستقيم. ونرجوهما الإستقامة لأننا معهما علي ذات المركب. لانريد أن نغرق. ولذلك نرجوهم أن يتقوا فتنة لاتصيبن بعضاً دون بعض. ونطمع في اكثر من ذلك. فعشمنا أن يعلو الأكثرون من الذين يحكمون العقل من الشريكين، ويتخذون الموقف الأسلم ليقودوا البلد إلي استقرار ننشده جميعاً، يسعد به كل شعب السودان، ويسعد به الشريكان، ويزيدان علي الآخرين سعادة بالسلطة وتوابعها.
Gamal Angara [gamalangara@hotmail.com]