المبعوث الأمريكي السابق إلى السودان أندرو ناتسيوس: مخاطر الحرب الأهلية تحدق بالسودان

 


 

 

نقلا عن الديمقراطي:
من قلب العاصمة الخرطوم، أعلنت مجموعة من العسكريين المتقاعدين، تشكيل تنظيم سياسي عسكري تحت مسمى (قوات كيان الوطن)، قالوا إنه يهدف لخلق توازن في القوى المسلحة وتحقيق العدالة الاجتماعية. كما يهدف هذا التنظيم- حسب مؤسسيه- إلى إلغاء اتفاق جوبا للسلام الذي وقعته الحكومة الانتقالية عام 2020. الخطوة أثارت مخاوف محلية ودولية حول تشكيل الحركات المسلحة، ومدى قدرة الدولة على التعامل معها، فضلاً عن تأثيرها على العملية السياسية التي تهدف لإنهاء الأزمة السياسية في السودان بعد انقلاب 25 أكتوبر. كل هذه الأسئلة طرحها برنامج (بين نيلين) على المبعوث الأمريكي السابق إلى السودان أندرو ناتسيوس (2006-2007) للتعامل مع أزمة دارفور واتفاقية السلام بين الشمال والجنوب، كما عمل سابقاً مديراً للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية. يشغل ناتسيوس حالياً مدير معهد سكوكروفت للشؤون الدولية، ومنصب أستاذ في كلية بوش للإدارة الحكومية والخدمة العامة بجامعة تكساس.

الجيش لا يسيطر على البلاد بشكل تام

رصد – رزان سنادة
* تدفع واشنطن باتجاه حل الأزمة السودانية، هل تعتقد أن تشكيل المزيد من الحركات المسلحة يضر بهذه الجهود؟
نعم بدون شك، اليوم الأمور متجزئة في السودان أكثر مما كانت عليه. منذ إنشاء البلد، لم أرَ فوضى من هذا النوع، والجيش لا يسيطر على البلاد بشكل تام. مع البشير، كانت هناك هيئة واحدة تحكم، كانت دكتاتورية نعم، ولكن كانت تحكم بشكل فعلي. كانت هناك مجموعات مانحة مثل: النرويج، وبريطانيا، وأمريكا، وهناك مجموعة جديدة انضم إليها السعوديون والإماراتيون، وهناك الوسطاء. الوضع معقد للغاية، وكلما كانت هناك تجزئة في الوضع السياسي، كل ما كان التوافق أفضل.
* إلى أي مدى، يمكن أن تضيف مثل هذه الحركات المزيد من التعقيد في المشهد السياسي الداخلي في السودان؟
لا بد أن تكون لدينا خارطة لكل هذه المجموعات، هذا أمر أساسي. علينا أن نفهم من لديه السلطة الفعلية، ويبدو لي أن الأمور الآن متسيبة جداً. الإسلاميون يريدون العودة إلى السلطة، وهناك محاولة أيضاً للعودة إلى النظام القديم عندما كان البشير في سدة الحكم. لكن ذلك لا يمكنه أن يحدث، لدينا المجتمع المدني الذي ينظم التظاهرات، ولكن قتل العشرات من هؤلاء على يد الشرطة فقط هذه السنة أمر صادم، وكل ما ازدادت مجموعة سيصبح الأمر أكثر فوضى.
* الدول المجاورة تشهد حالة أيضاً مماثلة من تكاثر الحركات المسلحة، مثل ليبيا وتشاد. الحالة ليست حصراً على السودان، كيف سيؤثر الوضع الأمني الإقليمي على السودان؟ وهل الصراع حالياً على السودان أم في السودان؟
عندما كان الوضع مستقراً في إثيوبيا، كان هناك تأثير إيجابي على المسار السياسي حتى لو لم يكن هناك اتفاق على المستوى السياسي. البشير كان على تواصل مع القادة في إثيوبيا في حينه، ومبارك أيضاً كان يلعب دوراً مهماً مع البشير، لكن الوضع تغير اليوم. مصر ما زال لديها نفوذ في السودان، ولكن إثيوبيا تعاني من حرب أهلية، وتواجه صراعات حول الحدود مع السودان، وهذا يعني أن القوى الإقليمية لا تلعب الدور الذي كانت تلعبه في الماضي. القذافي أيضاً كان يلعب دوراً، كان يسلح المتمردين في دارفور، كان دوره مزعزعاً، ولكن كنا نعرف أن السلطة في يديه، الآن الأمر لا يبدو كذلك.

أمريكا لن تستمع إلى شخص ارتكب جرائم حرب

* تحدثت عن دور إقليمي سابق للسودان، ما هو الدور الأمريكي الذي كان من المتوقع أن يجنب السودان ما يحدث حالياً؟
لا أعتقد أن أمريكا كان بإمكانها أن تمنع ما يحصل أيَّاً كان الرئيس، ورغم ذلك منذ الانسحاب الأمريكي الفوضوي من أفغانستان، تأثرت صورة وسلطة الولايات المتحدة عبر العالم، وقد استعدنا موقعنا عبر جهودنا لتسليح ودعم القوات الأوكرانية ضد الاجتياح الروسي. حميدتي الذي كان مسؤولاً في المجلس العسكري، كان هو في السابق قائد الجنجويد.
* هل يختلف حميدتي عن باقي الحركات المسلحة المتمردة في السودان؟
نعم لديه بعض النفوذ، ولكن يمكن أن تكون هنالك حرب أهلية بين الجيش التابع لبرهان وحميدتي. أعلم مؤخراً أنه كان يحاول أن يعزز سلطته في دارفور، ولا أعتقد أن هناك مجموعات في الماضي لديها الموارد المالية الموجودة معه اليوم، وربما أخطأ عندما توجه إلى موسكو. لكن فيما يتعلق بأمريكا، فهي لن تستمع إلى شخص ارتكب جرائم حرب. روسيا من جهة أخرى أصبحت أضعف بكثير جراء الحرب في أوكرانيا، ولا تهتم بالسودان اليوم. مجموعة (فاغنر) لديها مخيمات بالقرب من الخرطوم، كانت تتعامل مع حميدتي، ولكن التأثير كان سلبياً إلى حد كبير.
*بعض المراقبين يرون أن التقارب الروسي نوع من الأدوات التكتيكية التي يلعبها الساسة في السودان لجذب الانتباه الأمريكي؟
لا يمكن أن يكون هناك نجاح في التأثير على الموقع الأمريكي، أمريكا حتى قبل اجتياح أوكرانيا كانت تواجه المحاولات الروسية لفرض نفوذها، ولكن روسيا الآن أصبحت ضعيفة داخلياً لأنها فشلت في أوكرانيا، وما زالت عالقة في الحرب الأولى في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. الاتحاد الأوروبي الآن يركز على أزمة الطاقة، وعلى الحرب في أوكرانيا، ولا يركز على أفريقيا.
* كيف واجهت الولايات المتحدة الروس ومصالحها في البحر الأحمر، وفي السودان تحديداً؟
أمريكا الآن ليس لديها نفوذ على روسيا، لأن روسيا تخوض حرباً في أوكرانيا. وبالنسبة لروسيا أيضاً، فإن هذه الحرب زعزعت استقرار حكم بوتين.

يجب أن تكون هناك سلطة سياسية ملتزمة بعملية السلام

* كنت مبعوثاً خاصاً للسودان، وتابعت اتفاقيات سلام مختلفة وسابقة، لكنها لم تدم. حالياً هناك اتفاقية سلام جوبا، هل تتوقع لهذا الاتفاقية نفس مصير الاتفاقيات السابقة؟
لا أعتقد أن اللاعبين الآن يمكنهم أن يطبقوا أيَّاً من هذه الاتفاقيات، يجب أن تكون هناك سلطة سياسية ملتزمة بعملية السلام. اتفاقية السلام أنهت الحرب بين الجنوب والشمال، وأدت إلى استقلال الجنوب، ولكن الجنوب ارتكب أخطاءً كثيرة بعد ذلك. الاتفاق بشكل عام كان ناجحاً، وعليَّ أن أقول إن القوات التي تحاول أن تقود اتفاقيات السلام السابقة هي التي تحاول اليوم أن تقوّد الاتفاقات الحالية، والإسلاميون الذين كانوا يقوّدون اتفاقيات سابقة ما زالوا يفعلون ذلك اليوم.
* هل يمكن أن يعيق تكاثر الحركات المسلحة في السودان المساعدات الأمريكية؟
الأزمة الاقتصادية متفاقمة، والمساعدات الإنسانية ستستمر أيَّاً كان ما يحدث على المستوى السياسي. أمريكا لن تضع شروطاً في هذا المجال. سيكون من الصعب إيصال المساعدات الإنسانية إلى اللاجئين والمهاجرين إذا حدثت حرب أهلية، ومخاطرها تحدق بالشمال اليوم.
اخبار السودان-المبعوث الأمريكي-أندرو ناتسيوس-مخاطر الحرب الأهلية-الجيش-أمريكا-جرائم الحرب-سلطة سياسية ملتزمة بالسلام

نقلا عن الديمقراطي

 

آراء