المخاطر المتوقعة في نظام (البوت) وكيفية التعامل معها
القانون والتنمية
Wael.abdin@sudaneselaw.com
بعد استئذان القارئات والقرّاء الكرام سنعود في هذه الحلقة إلى تناول موضوع تمويل مشاريع البنية التحتية عن طريق نظام البناء والتشغيل وإعادة الملكية (BOT) , والذي وكما أسلفنا يتيح للقطاع الخاص الفرصة في المشاركة في تمويل وبناء وتشغيل وصيانة مشاريع البنية التحتية . المخاطر التي تحيط بمثل هذه المشاريع ذات الطبيعة المعقدة والمدى الزمني الطويل والحساسية الاجتماعية, فيجب و منذ المراحل الأولى للإعداد للمشروع تحديد وتعريف جميع المخاطر المتوقعة ومن ثم توزيع وتصنيف هذه المخاطر على جميع الأطراف التي تنخرط في المشروع, فبدون هذا التحديد والتعريف للمخاطر بشكل تفصيلي لا يمكن لأي طرف أن يمتلك صورة واضحة لحجم المخاطر التي تؤثر على التزاماته وحقوقه القانونية بالنسبة للمشروع, فضلا على ذلك فعدم وجود هذه الرؤية التفصيلية للمخاطر قد يضعف قدرة أي طرف في تبني استراتيجية واضحة لتقليل وإدارة هذه المخاطر,
فقد تزيد تكلفة الانشاء عن المبلغ المتفق عليه في العقد وقد يتأخر تسليم المشروع الخ..., وتكون الأطراف في حالة جدل ونقاش وربما نزاع في تحديد الطرف المسئول عن هذا الضرر والكيفية التي يجب أن يعالج بها هذا الضرر.
إن عملية تحديد المخاطر بشكل تفصيلي هي عملية مضنية وتحتاج لاتفاق من جميع الاطراف بعد تفاوض بناء, ومن الشائع إشراك كل طرف لمستشاريه الماليين والقانونيين والفنيين , والقاعدة الرئيسية التي تحكم توزيع المخاطر بين اطراف العقد هي أن الطرف الذي يتحمل الخطر المعين هو الطرف الاقدر على إدارة وتخفيف ذلك الخطر, فليس الأمر متعلقا بالوضع التفاوضي لأي طرف ولا (بشطارة) مستشاريه فإذا تم تحميل طرف من اطراف العقد تبعة خطر معين لا يملك القدرة على إدارته او تخفيفه فهذا يعني ببساطة ان هذا الخطر المحتمل قد ترك دون التعامل معه, .ان نظام BOT)) يتضمن سلسلة من العقود المتنوعة المرتبطة بعضها البعض ويلزم لنجاح تنفيذ أي عقد نجاح تنفيذ بقية العقود, عليه يجب أن تكون هذه العقود متسقة مع بعضها البعض . للتوضيح فإذا تبين أن تكلفة بناء المشروع ستتجاوز التكلفة المتفق عليها في هذه الحالة يكون المقاول هو الطرف المسئول عن إرتفاع تكلفة المشروع , وإذا فشلت محطة الكهرباء التي نفذت بنظام (BOT)في توفير كمية الكهرباء المتفق عليها تكون هي المسئولة عن تعويض الهيئة القومية للكهرباء كمشتري وهكذا......
في معظم المشاريع التي تنفذ عن طريق نظام(BOT) هنالك مخاطر شائعة التوقع ومنها :
مخاطر التشييد والتسليم
في أي مشروع بنية تحتية يكون البناء والتشييد والإنشاء هو عنصر أساسي في هذا المشروع ومن الأسئلة التي تطرح في المراحل الاولية:
هل سيتم بناء المشروع وفق الميزانية المتفق عليها؟
هل سيتم تسليم المشروع في الزمن المحدد له؟
هل سيتم بناء المشروع وفق المواصفات المتفق عليها؟
هل التكنلوجيا التي ستستخدم في البناء هي تكنولوجيا مجربة وثبتت ملائمتها للمشروع؟
من منظور الممول فإن هنالك مسائل تحظي بإهتمامه ومنها:
أ- هل عقد الإنشاء هو عقد تسليم مفتاح؟ ام أن العمليات الإنشائية والتصميم ستوكل لمجموعات متعددة من المقاوليين والاستشاريين, يفضل الممول (عقد تسليم مفتاح) لأنه يجعل المسئولية والمخاطر المرتبطة بالانشاءت على عاتق جهة واحدة وهي المقاول الرئيسي, بينما في الحالة التي يكون فيها تعدد للمسئوليات بين مقاولين واستشاريين متعددين ستوجد بالضرورة فراغات في المسئولية ونقاط رمادية تشعل النزاع وتضعف اسقرار المشروع وتترك عدد من المخاطر دون حسم .
ب- يفضل الممول أن يكون سعر العقد ثابتا وإجماليا LUMPSUM AGREEMENT
بمعنى انه يشمل جميع الاعمال الانشائية المطلوبة , ولا يفضل التسعير المبني على الوحدات القياسية (المتر المربع /الطولي/ المكعب).
ج- يطلب الممول عادة أن يكون تاريخ تسليم المشروع محددا تحديدا قاطعا وأن يتم النص في عقد الإنشاء على تحميل المقاول مسئولية التأخير في التسليم وإلزامه بدفع مبلغ التعويض الاتفاقي, هذا التعويض الاتفاقي يجب صياغته بعناية فائفة حتى لا يصبح شرطا جزائيا ومن ثم يكون قابلا للإبطال .
د- ينظر الممول عادة بكثير من الاهتمام للنصوص المتعلقة بالظروف القاهرة في عقد الإنشاء. يسعي الممول من ذلك للايستيثاق من ان هذا النص متفق مع القانون الواجب التطبيق.
ه- يكون الممول معنيا بوجود نصوص تستقطع من الدفعيات للمقاول بنسب معينة ضمانا لحسن التنفيذ وتختلف هذه النسبة من مشروع الى آخر ومن مقاول الى آخر ومن بلد الى آخر.
و- يطلب الممول تمكين مهندسيه من تفتيش الموقع وحضور جميع الاختبارات وتسلم التقارير عن سير العمل.كما في الحالات التم يتم فيها تسليم الدفعيات على مراحل مرتبطة بمستوى التنفيذ يشترط البنك عادة أن يصادق مهندسوه على الاعمال المنجزة حتى يتمكن المقاول ان يستلم الدفعية المحددة.
ينظر الممول الى عقد التأمين الذي يغطي به المقاول مسئولياته تجاه المشروع المعني كما ينظر الممول الى المركز المالي والتاريخ الإئتماني لشركة الإنشاءت راميا للتأكد من قدرات شركة الانشاءت على الوفاء بإلتزامتها المالية في حال إخلالها بالوفاء بإلتزامتها التعاقدية.
في الحلقة القادمة سنواصل إستعراض بقية انواع المخاطر المتوقعة في نظام(BOT).