المعارضة السودانية بين ثعلب ماكر وديك متخبط

 


 

 



تظل - برأيي المتواضع - أن أكبر مأساة يحويها سجل السودان السياسي - ولقرابة  النصف قرن المنصرم - تتمظهر في  شخصين  لا سواهما  وهما الصهران اللدودان ظاهريا والمتحدان في التركيبة الخليط بين ثعلبية (الترابي) ومراوغة (الصادق المهدي) وهما ينشران غسيلهما على  الملأ دون وازع من حدود لا مراعاة لسنهما المتقدمة ولا  مكانتهما المهزوزة أصلا ولا (التاريخ التعيس !!!) لأي منهما  .
ولكن .... هكذا أضعف الرجلان - من حيث يدريان أو لا يدريان  - نهج  وقوة المعارضة المهترئة أصلا وهددا مستقبلها  الضبابي وهي  تواجه نظاما هو الآخر خليط  من عقائدية متقرحة وعسكرية متخبطة وتضارب منافع ومصالح بين شرذمة الانقاذ العبثية !!.
فمع  سبق الاصرار والترصد وبتبرع شخصي من كل منهما ودون تكليف من أحد أستطاع الثعلب الماكر ( حسن الترابي ) وسيدي الأمام أبو الكلام ( الصادق المهدي ) أن ينصبا نفسيهما قائدين للمعارضة  السودانية ليسيرا بمركبها كل منهما في اتجاه عكس الآخر.. الثعلب  - يحركه الغبن والقهر والثأر بعد أن طرده  تلاميذه جهارا نهارا من  مولد السلطة وداسوا على جهد السنين لديه بنعلهم ولفظوه عنوة خارج ساحة ذلك المولد - خرج  علينا - وهو يرغي ويزبد ويحرض  - بضرورة اقتلاع النظام وبأي وسيلة حتى لو كان انقلابا عسكريا !.
هذا ماكان من أمر ذلك (الثعلب) ..أما (أبو الكلام ) فيرى أنه مع  اصلاح النظام  وليس اقتلاعه  وفقا لما  ظل يردده  منذ أكثر من عشرين عاما وصدع  به رؤوسنا جميعا وهو ( الأجندة الوطنية) رغم أنه لا أحد يعرف  ماهية  هذه  الأجندة تحديدا وماتعنيه  مع نظام  انقلب عليه  بليل ورمى به في الشارع وجعله تائها في ردهات التنظير كمن ضل الطريق  في قلب صحراء جرداء ممتدة على مد البصر .. ورغم تعدد اتفاقاته الجوفاء  مع هذا النظام على اختلاف  مسمياتها  الا أنه  لم  يجني  منها سوى مزيد  من  التنظير والعبارات  الخاوية التي ما أوقفت  تدهورا  في  الأوضاع في سودان  منكوب به وبأمثاله  ممن تولوا  أمرقيادتنا رغما عنا لأكثر  من خمسين  عاما ولا زالوا .
ثم كانت الطامة الكبرى حينما اصطرع ( الديك والثعلب ) على طاولة الكذب والتكذيب ولا نعلم أيهما  نصدق : (أبوالكلام ) يخرج علينا ليعلنها  صراحة ان  ( جريمة الانقلاب العسكري) التي روج لها  النظام اخيرا كان  وراءها (الثعلب) الذي أنكرها جملة وتفصيلا ليسارع (أبوالكلام) وفي أول اطلالة له بعد تلك  التهمة ويؤكد لأتباعه - الذين يرون فيه مهديا منتظرا ومخلصا أوحدا مبتعثا من  الذات  الالهية مما  نحن فيه -  أن (الثعلب)  بالفعل قد تشاور معه طالبا منه  الانضمام لتنفيذ الانقلاب العسكري المفترض .. وهذه تعد - في سياقها الاتهامي  الجنائي القانوني - شهادة اثبات ضد (الثعلب) دون  شك .
فظهرت في الأفق ومن وسط طيات السحاب إمرأة ذات ثقل سياسي متواضع و لم نسمع عنها كثيرا الا مؤخرا - ربما  يظنها البعض صديقتي/ أمي فاطمة أحمد ابراهيم  بكل  ثقلها  التاريخي المشهود - لتتوسط  بين (الثلعب) و(أبوالكلام)  وتنهي  الخلاف الذي لم ولن تخبو جذوته  أبدا لأنه - بكل بساطة - خلق ندوبا لن تبرأ قريبا بين الرجلين .. والأيام وحدها كفيلة باثبات صدق قولي .
ويبقى السؤال الجوهري : كيف لمعارضة التصدع يلوي عنقها و يتصدى لقيادتها المنكوبة (ثعلب ماكر) و(ديك متخبط) أن تحقق (ربيعا سودانيا) لا يزال منتظرا ؟؟. ويظل ايماني المطلق ان ذلك ( الربيع السوداني ) سيتجاوز عنوة كل هذه  الديناصورات العرجاء وسيشعلها شباب لا يؤمن بقيادات عفا  عنها الزمن .. وتلك حقيقة أثبتتها عمليا مجريات  ثورتي ( تونس ) و( مصر ) والتي تسعى اليوم الديناصورات هناك اللحاق بها لا بل واختطافها من ايدي شباب صنع المعجزات في البلدين .

وأخيرا :
مهما كتير نغيـــب عنك
شال  في الغربة لافحنك
وتاج في رؤوسنا لابسنك
وهرم في علالي شــايفنك
ومهما  كبرت في ســــنك
شباب في عيونا  شايفنك
وكتاب في عمرنا حافظنك
ســليل أمجادنا  عارفــنك
ومهما نغيــب كــتير عــنك
تغيب  عن  بالنا  ما اظنك
ياوطن ........ .

خضرعطا المنان
khidir2008@hotmail.com

 

آراء