المعارضة تحشد قوتها: ام درمان … إختبار السياسية والقانون .. تقرير: خالد البلوله ازيرق

 


 

 

khalid balola [dolib33@hotmail.com]

تدخل المعارضة السودانية مرحلة جديدة في مواجهتها للسلطة القائمة في البلاد، وذلك بولوجها اليوم وللمرة الثانية منذ انخراطها في العملية السلمية التي عادت بموجبها للبلاد منذ العام "2005م" عبر اتفاقيات السلام المختلفة التي وقعتها مع الحكومة السودانية في فترات مختلفة، وذلك بالتظاهر سلمياً احتجاجاً علي الاوضاع السياسية التي يصفونها بالمكرسة للشمولية والخانقة لمسيرة التحول الديمقراطي الذي اقرته اتفاقيات السلام المختلفة الموقعة بين كافة اطراف الصراع السوداني والحكومة.

غداً وعلي مشارف البرلمان السوداني القابع قبالة النيل عند مدخل العاصمة التاريخية ام درمان سيتقاطر مئات من انصار المعارضة لتجمهر والتظاهر سلمياً حسبما رتبت لذلك قوي ملتقي جوبا لتقديم مذكرة لنواب المجلس الوطني والشعب السوداني بحسب قادة المعارضة تتعلق بالاوضاع السياسية الراهنة التي تشهدها البلاد، كما أخطرت الشرطة السودانية بتسيير الموكب حسبما اشار وزير الداخلية للقوي السياسية بناءاً علي توجيه السيد رئيس الجمهورية القاضي بالسماح للقوي السياسية بممارسة نشاطها فقط بموجب اخطار تقدمه لقوات الشرطة بالمنطقة التي يقام عليها النشاط.

ولكن يبدو أن تظاهرة الغد السلمية ستواجه بأكثر من إختبار في أكثر من إتجاه، فالمعارضة تقدمت بطلب للشرطة للسماح لها تسيير المظاهرة ولم يرد حتى الآن ما يفيد بالسماح لها بذلك، وهنا تضع تظاهرة احزاب ملتقي جوبا القانون وحرية التعبير والتوجيه الرئاسي أمام امتحان جديد تبدو تجاذباته وتداعياته أكثر سخونة علي الساحة السياسية، لأن التظاهرة وصفها مسبقاً الحزب الحاكم "المؤتمر الوطني" بأنها تهدف لعرقلة قيام الانتخابات وانها تأتي ضمن أجندة سرية لملتقي أحزاب جوبا تهدف من خلاله القوي المعارضة لزعزعت الأمن والاستقرار في البلاد، فإن مسألة السماح بتسيير المظاهرة ستكون مكان شدَ وجذب لجهة البعد السياسي الذي يمكن ان تشكلة التظاهرة وبالتالي فإن المؤتمر الوطني من خلاله تصريحاته فإنه سيعي بقدر المستطاع لمنع تسيير المظاهرة. ولكن البروفيسر صلاح الدومة استاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية قال لـ"الصحافة" ان هذه التظاهرة من حيث الدواعي تستمد شرعيتها من الدستور لتبيان تظلمات محددة، وأنها اختبار للمؤتمر الوطني سيلتزم بإشاعة الحرية لكي تتم ممارسة ديمقراطية سليمة أم سينكص عن عهده ويمارس القمع كما حدث في فترات سابقة، واضاف الدومة "اذا أخطأ المؤتمر الوطنيوام بقمع المظاهرة سيعطي المعارضة فرصة نادرة لتثبت وتبرهن للعالم الخارجي أنه ناكص للعهود ولن يسمح بالديمقراطية، واذا ترك المظاهرة بدون قمع سيفتح لنفسه باب المظاهرات التي سيستغلها المعارضون له وهو باب لم يرغب فيه المؤتمر الوطني" وقال الدومة ان الظروف الحالية التي تتجه نحو الممارسة الديمقراطية تتيح للمعارضة حشد جماهيرها لتظاهر بعكس الفترات السابقة، لأنه اذا حدث قمع وقامت هذه الاحزاب بمقاطعة الانتخابات، هذه المقاطعة ستجد تأييد من القوي الخارجية".

ويبدو أن المحك الآخر الذي ستختبره تظاهرة احزاب المعارضة غداً هو وقوف أحزابها علي مدي تجزرها وسط المواطنين واقتاعهم بضرورة الخروج معها الى التظاهر وفقا لما تطرحه من برامج ورؤي سياسية في الساحة السياسية، خاصة وان هذه التظاهرة تأتي بعد أكثر من ثلاثه سنوات شهدت آخر تظاهرة لأحزاب المعارضة التي كانت في مطلع أغسطس "2006م" احتجاجاً علي زيادات اسعار السكر التي اقرتها الحكومة وقتها لتغطية العجز في الميزانية، حيث لم يتجاوز عدد المشاركين في تلك التظاهرة العشرات في وقت لم يظهر فيها أياً من رؤوساء الاحزاب الذين أعلنوا مسبقاً قيادتهم لتلك التظاهرة، وقال مراقبون وقتها ان تلك المظاهرة أبانت الضعف الجماهيري الكبير الذي تشهده الاحزاب السياسية وبعدها عن العمل الجماهيري ما جعل الإلتفاف الجماهيري حولها والاستجابة لنداءاتها بالخروج لتظاهر ضعيفة بدرجة كبيرة انعكست علي المظاهرة، وهو ذات الأمر الذي تخشاه كثير من القيادات الحزبية والسياسية أن يتكرر غداً من ضعف للمشاركة في التظاهرة المزمع تسييرها لعدة إعتبارات تكتنف العمل الحزبي الجماهيري للقوي المعارضة في السودان. ولكن الدكتور صفوت صبحي فانوس استاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم قال لـ"الصحافة" ان احزاب تحالف جوبا لديها قواعد كبيرة، ولكن الي أي مدي تحشد هذه القواعد هذا سؤال مفتوح، واضاف فانوس "خطورة هذه التظاهرة اذا اندست وسطها عناصر عنف، وقابلتها الشرطة بعنف مضاد فهذه يمكن ان تخلق أزمة كبيرة وتكون لها تبعات سيئة، بالتالي الجهة المنظمة لابد ان يكون لها تنسيق مع الشرطة حتى يتم السيطرة والتأمين لأن الخوف أن لا تكون التظاهرة سلمية، وقال لا أستبعد أن تكون هناك جهات تسعي للعنف في البلد، وقال ان مشاركة اعداد كبيرة في التظاهرة يكون خارج السيطرة لأن ادوات التعبير السلمية تكون ضعيفة بعكس الادوات السلمية المتاحة عبر الوسائل الاخري مثل المنابر الاعلامية، وقال فانوس ان اعلان عدم مشاركة قادة الاحزاب في التظاهرة سيضعف من المظاهرة ومؤشر بان المظاهرة لن تكون سلمية لأن الذي يمنع قادة المعارضة من ان تكون في قيادة المسيرة هي المهددات الأمنية، مشيرا الي ان تحالف جوبا يرتكب خطأ كبير لو هدفه من المظاهرة النزول في مواجهة مسلحة مع قوات الأمن في الشارع، لأن خطورة ذلك ستنعكس علي عملية التحول الديمقراطي.

وإن كانت التظاهرة الماضية التي عرفت بتظاهرة الاربعاء قبل ثلاث سنوات لم يكتب لها النجاح لعدة اعتبارات كان اكبرها ضعف مشاركة الجماهير فيها، فإن مظاهرة الغد تبدو معطيات المشاركة فيها أكبر من تظاهرة الاربعاء، فالحراك السياسي الذي تشهده الساحة السياسية يبدو في أوجه مع حراك الانتخابات الذي افرز العديد من التداعيات السياسية، كما أن هذه المظاهرة تشارك فيها الحركة الشعبية الشريك الأكبر في حكومة الوحدة الوطنية وصاحبت الرصيد الجماهيري الكبير في العاصمة الخرطوم وقد دعت جماهيريها عبر امينها العام باقان امون لتجمع والمشاركة في التظاهرة غداً أمام البرلمان وكذلك اعلنت مشاركة وزرائها بالحكومة في التظاهرة، وهذا ما يعزز من ثقل التظاهرة التي يتوقع ان تشارك فيها كذلك القيادات الوسيطة للأحزاب والقوي السياسية المنضوية تحت لوائها.

وتأتي تظاهرة الغد لقوي ملتقي جوبا في جو سياسي مشحون بكثير من الخلافات والتعقيدات الداخلية التي تشهدها الساحة السياسية مع إقتراب موعد الانتخابات وتزامناً مع انتهاء عمليات التسجيل للانتخابات التي شهدت بدورها كثير من الشدً والجذًب حول عدد من الخروقات والتجاوزات التي تثيرها القوي المعارضة ضد المفوضية القومية للانتخابات يرون أنها كانت معيبة في عمليية التسجيل للانتخابات التي استمرت لـ"37" يوماً، فخلافات الشريكين مازالت تراوح مكانها وبدأت خطوات الحركة الشعبية نحو احزاب المعارضة أكثر قرباً من شريكها المؤتمر الوطني الذي يتهمها بالانقلاب علي نيفاشا من خلال استضافتها لملتقي جوبا لأحزاب المعارضة.

 

آراء