المعارضة لم تنسحب ولم تخرج الى الشوارع
19 July, 2009
الخرطوم : علاءالدين محمود
خفضت تماما اصوات القوى السياسية التي كانت تهدد بالخروج الى الشوارع مطالبة برحيل الحكومة التي انتهى _ بحسب المعارضة _ امدها الدستوري واصبحت بالتالي غير شرعية ، لم ينفذ تحالف المعارضة تهديده بالخروج الى الشارع ولم ينسحب من المجلس الوطني رغم الدعوات الاستفزازية من قبل الحكومة ورغم دعوات من داخله تطالبه بالانسحاب ويعزو البعض عدم انسحاب المعارضة من المجلس الوطني بالمكاسب الموجودة والمتوفرة في ظل وجودها في المجلس الوطني ، كما ان المعارضة لم تنجح فيما يبدو في تفنيد الحجج القانونية التي ساقها عبدالباسط سبدرات وزير العدل في مؤتمره الصحافي فبينما اعتمد تحالف المعارضة في خطوته تلك _ بحسب تصريحات فاروق ابو عيسى _ على المادة 216 جأ رد سبدرات بأن البعض _ في اشارة الى تحالف المعارضة _ قد فهم نص المادة 216 المشار إليها أعلاه، على خلاف روح ونصوص اتفاقية السلام الشامل ودستور جمهورية السودان الانتقالي فاعتقدوا أن فراغاً دستورياً سينشأ بعد ذلك التاريخ ليستمر سبدرات في مرافعته قائلا ان هذا الادعاء غير سليم من وجهة النظرالدستورية ان هذا ان هذا الادعاء غير سليم من وجهة النظر الدستورية والقانونية المحضة. اذ أن المادة المشار إليها لم تتضمن جزاء على عدم قيام الانتخابات في الموعد الذي نصت عليه ومعلوم أن الجزاء أو البطلان لا يجوز الحكم به إلا اذا كان منصوصاً عليه صراحة وهذا ما توافقت عليه كل النظم والأعراف الدستورية الراسخة ويمضي سبدرات مبينا ان الانتخابات الواردة في نص المادة216 من الدستور الانتقالي انتخابات على المستويات كافة ويخلص سبدرات الى ان هذا يقتضي الرجوع للنصوص التي تتناول ذلك موضحا ان المادة57 من دستور جمهورية السودان الانتقالي لسنة 2005م تنص على ان يكون اجل ولاية رئيس الجمهورية خمس سنوات تبدأ من يوم توليه لمنصبه ويقول سبدرات انه بناءا على هذا النص فإن أجل ولاية رئيس الجمهورية يستمر
حتى يوليو 2010م إلا اذا قامت انتخابات لتنهي أجل هذه الولاية مبكراً وتأذن بولاية جديدة ولحين اجراء الانتخابات أثناء الفترة الانتقالية ووفقاً لنص المادة 65 من دستور جمهورية السودان الانتقالي
أ- يكون رئيس الجمهورية الحالي، أو من يخلفه، رئيساً للجمهورية والقائد الأعلى للقوات المسلحة السودانية وفقاً لهذا الدستورب- يكون الرئيس الحالي للحركة الشعبية لتحرير السودان أو من يخلفه النائب الأول لرئيس الجمهورية ويتولى في الوقت ذاته منصبي رئيس حكومة جنوب السودان والقائد العام للجيش الشعبي لتحرير السودان وفقاً لهذا الدستور.
بما أن رئيس الجمهورية هو الذي يعين شاغلي المناصب الدستورية وهو الذي يرأس مجلس الوزراء القومي وفقاً لنص المادة 58(/1ج-د) من دستور جمهورية السودان الانتقالي وبما أن فترة ولاية رئيس الجمهورية خمس سنوات، وتنتهي هذه الفترة في يوليو 2010م إلا اذا قامت انتخابات قبل ذلك . غير ان بعضا من القوى السياسية غير المشاركة في السلطة التشريعية قدما هو الاخر في مؤتمر صحفي عقد امس بدار حزب الامة الاصلاح والتجديد الذي يترأسه مبارك الفاضل حجج قانونية في محاولة لدحض الحجج التي تقدمت بها حكومة الوحدة الوطنية وهي الحجج التي تلاها مبارك الفاضل عندما اعلن ان بعد الاطلاع على الدستور القومي الانتقالي للسودان لعام 2005 خاصة المواد الحاكمة للانتخابات الرئاسية والتشريعية والاجراءات المطلوبة لتعديل الدستور يتضح الآتي:
أولا: الدستور الانتقالي في المادة 216 يحدد موعد الانتخابات بحيث لا يتجاوز نهاية السنة الرابعة للفترة الانتقالية الأولي مدتها اربع سنوات والتي بدأت في 9 يوليو 2005 وبالتالي فإن الانتخابات حسب نص الدستور لا بد أن تجرى بحلول 9 يوليو 2009.
ثانيا: مفوضية الانتخابات في حالة تعذر اجراء انتخابات رئيس الجمهورية لأي سبب وفق المادة 55 تحدد موعد جديد للانتخابات شريطة ألا يتجاوز 60 يوماً من اليوم الذي كان مقرراً فيه اجراء الانتخابات، وبالتالي فإن أي تأجيل لأكثر من 60 يوماً من تاريخ 9يوليو 2009 يتطلب تعديلاً دستورياً لأن 9 يوليو هو آخر موعد حدده الدستور لإجراء الانتخابات.
ثالثا:كان يمكن الخروج من هذه الأزمة بتعديل الدستور، وهذا يتطلب اتفاق الشريكين- الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني- وتقديم طلب التعديل للمجلسين الولائي والوطني قبل 60 يوما من الموعد النهائي المحدد للانتخابات وهو 9 يوليو 2009م وهذا يعني أنه كان يجب تقديم طلب تعديل الدستور في موعد لا يتعدى 9مايو 2009. وذلك يعني أن دستورية وشرعية استمرار المجلس الوطني ورئيس الجمهورية بعد 9 يوليو 2009م تصبح محل تساؤل حقيقي ومشروع.
مما سبق نخلص إلى أن:
1. الفترة الانتقالية الأولى بدأت 9 يوليو 2005م حسب نص الدستور القومي الانتقالي المادة 226(4) ومدتها 4 سنوات اي انها تنتهي في 9 يوليو 2009 وعليه فإن اي مؤسسات أو ترتيبات بعد هذا التاريخ تكون محل تساؤل دستوري وقانوني
2. المادة 216 من الدستور الانتقالي تنص بوضوح على تاريخ الانتخابات ( تجرى انتخابات عامة على كل مستويات الحكم في موعد لا يتجاوز الأربع سنوات من الفترة الانتقالية) تقرأ هذه المادة مع المادة 226/4 والتي تنص بوضوح على أن الانتخابات العامة يجب أن تجرى في موعد لا يتعدى 9 يوليو 2009.
3. الشرعية القانونية والدستورية للرئيس الحالي ولحكومة الوحدة الوطنية مؤسسة على المادة 65 من الدستور الانتقالي فهي تحدد نهاية فترة الرئاسة بقيام الانتخابات في موعدها المنصوص عليه دستورياً.
خروقات المؤتمر الوطني للدستور:
من الغريب أن يتمسك المؤتمر الوطني الآن بالدستور لتأكيد شرعية أجهزته وهو الذي انتهك الدستور بصورة متكررة وممنهجة، حيث جاءت انتهاكاته للدستور على سبيل المثال في مايلي:
1.خرق المؤتمر الوطني الدستور بتعطيل وثيقة الحقوق والحريات، الباب الثاني المواد من 27- 48.
2.المادة 80 الفقرة (ج) في تخصيص حكومة الوحدة للقوى السياسية الشمالية حيث تم ملأ تلك النسبة بأحزاب تابعة للمؤتمر الوطني.
3.المادة 82 واجبات الحكومة الوطنية في الفقرات (ب)،(ج)،( هـ), (و)،(ز).
4.المحكمة الدستورية: حيث تمثل خرق المحكمة الدستورية في المادة 122 الفقرة (د) والخاصة بحماية حقوق الإنسان والحقوق الأساسية. والفقرة (هـ) الخاصة بالفصل في دستورية القوانين والنصوص.
5.المادة 136 الخاصة بموجهات الاستيعاب في الخدمة المدنية القومية في الفقرات (أ)، (ج)، (د).
6. المادة 142 والخاصة بانشاء مفوضية حقوق الإنسان.
7.المادة 151 الفقرة (3) مهنية جهاز الأمن.
8. المادة 157 الفقرة (1) التي نصت على إنشاء مفوضية خاصة لحقوق غير المسلمين.
9. المادة 220 الفقرة (1) والتي نصت على اصدار قانون استفتاء جنوب السودان بداية السنة الثالثة للفترة الانتقالية، و الفقرة(2) التي نصت على إنشاء مفوضية استفتاء جنوب السودان عند اصدار قانون الاستفتاء. ويخلص مبارك الفاضل بعد تلك المقدمة الى الرد على دفوعات وزير العدل بشرعية الحكومة عندما يقول
1.إن الدفع الأساسي الذي اعتمده السيد وزير العدل في شرعية ودستورية رئيس الجمهورية هو المادة (57) من الدستور، ونحن نقول بأن هذه الحجة مردودة وذلك لما يلي:
أ.خطف النص وانتزاعه من سياق النصوص الأخرى السابقة واللاحقة له وتناوله بمعزل عن سائر النصوص منهج غير علمي، حيث أن المادة (57) من الدستور لا صلة لها برئيس الجمهورية للفترة الانتقالية الأولى (الرئيس الحالي) المنتهية ولايته في 9 يوليو 2009 وأن النص خاص برئيس الجمهورية المنتخب، ونستند في هذا القول على النصوص السابقة واللاحقة لهذا النص حيث نصت المادة 51 على تكوين رئاسة الجمهورية، ونصت المادة 52 على رئيس الجمهورية المنتخب، ونصت المادة 53 على أهلية رئيس الجمهورية، ونصت المادة 54 على ترشيخ وانتخاب رئيس الجمهورية، ونصت المادة 55 على تأجيل انتخابات رئيس الجمهورية، ونصت المادة 56 على قسم رئيس الجمهورية المنتخب، ثم نصت المادة 57 على اجل ولاية رئيس الجمهورية، ونصت المادة 58 على اختصاصات رئيس الجمهورية الأمر الذي يعني أن نص المادة 57 من الدستور تتحدث عن رئيس الجمهورية المنتخب وليس رئيس الجمهورية الحالي الذي انتهت شرعيته الدستورية في 9 يوليو 2009 وفقا لنص المادة 216 من الدستور والتي تحدد بصورة قاطعة أجل المرحلة الانتقالية الأولى وانتهاء ولاية رئيس الجمهورية، كما أغفل الإشارة إلى نص المادة 55 (1) (2) والتي تتحدث عن انتخابات رئيس الجمهورية في حالة تعذر قيامها في مدة أقصاها 60 يوما من اليوم الذي كان مقررا فيه اجراء الانتخابات على أن يكون الرئيس خلال هذه المدة رئيسا بالوكالة. غير أن القوى التي شاركت في المجلس الوطني لا تزال صامتة قانونيا على دفوعات حكومة الوحدة الوطنية ويثار سؤال هنا عن مغذى عقد مؤتمر صحافي لقوى معارضة دون الاخرى خاصة وان كل قوى المعارضة قد التأمت في تحالف واحد ويبدو ان الصفة المشتركة في كلا التيارين هي الفشل في ما وعدت به من اللجوء الى الشارع والانسحاب من المجلس الوطني وربما كانت المعارضة تظن عندما اقدمت على هذا التلويح ان يد الحركة الشعبية ستكون فوق ايديهم غير ان الحركة وكما ذكرنا سابقااعلنت انحيازها المباشر للمؤتمر الوطني في مواجهة القوى السياسية المعارضة دون أن تنتظر الجولة الاخيرة من الصراع وفي تصريحات صحافية قال نائب الامين العام للحركة الشعبية ياسر عرمان، ان اجتماع الشريكين أمس، تم بناء على لقاء الرئيس والنائب الأول امس الاول، مؤكدا ان الحركة تقف الي جانب شرعية الحكومة الحالية ليخلق هذا الموقف فرزا واضحا في المواقف بشكل معلن لاول مرة بين الحركة الشعبية والمعارضة . المعارضة تريد اللجوء الى الشارع غير ان للشارع فيما يبدو شروط اللجوء اليه ومنها اظهار الجدية وتنفيذ خطوة جادة مثل الانسحاب من المجلس الوطني