الوجه الآخر لفتحي الضو محمد .. بقلم : بدرالدين حسن علي

 


 

 

badrali861@gmail.com

    طالعت الحوار المتميز الذي أجراه عبدالوهاب همت مع فتحي الضو ، بعد سلسلة
    ندواته التي أجراها في أميريكا وأوربا   أنا بالطبع لا أروج له  ولن أفعل
    هذا مدى الحياة ، كان من المفترض أن يكون مقالي هذا عن الأول من مايو ،
    الذكرى التي تسكن فيني طوال السنة  ، يكفي أن هذا الشهر فيه الذكرى
    البئيسة ل25 مايو ،  ولذا تساءلت : لمن أكتب؟  عن ماذا أكتب ؟ وكيف أكتب
    ؟ على كل حال سأكتب بما تبفى لي من  نفس !، سأكتب شيئا لم أكتبه من قبل "
    شيء في صدري" ،  على قولة إحسان عبدالقدوس ،  عفوا شيء في قلبي !  أعتقد
    أن الأول من مايو يبدأ من الكنداكيات السودانيات !
    وقع في يدي بالصدفة كتاب " بيت العنكبوت " للكاتب الصحفي فتحي الضو محمد
    - ود الشجرة فنبتت في رأسه شجرة  من الشعر الأبيض مثلي تماما  -فقضيت
    ليلة ساهرة في بيت العناكب – أقصد بيت ناس الأمن ، وهو أول كتاب من كتبه
    العديدة يصلني بالصدفة ، فقد قرأت له من قبل : السودان – سقوط الأقنعة
    –سنوات الخيبة والأمل ، وكتابه عن الحرب الأثيوبية الإريترية ، الخندق
    وكتب أخرى وعدة مقالات مثل : الإنتفاضة الشعبية الثالثة ..هل من سبيل
    !؟هل يزحف الحراك السوداني نحو خيار الصفر ؟ إني أرى تحت الرماد وميض نار
    ومقالات أخرى .
    لن أحدثكم عن علاقتي به التي توشك  أن  تدخل هذه الأيام  عقدها الرابع ،
    بداية بالكويت ثم القاهرة وحاليا كندا التي زارها ضمن جولاته المكوكية ،
    وهو كاتب وصحفي ومفكر جيد وعاشق ومتيم بالديمقراطية ,الرأي والرأي الآخر
    مثلي تماما  –لا بد من الديمقراطية وإن طال السفر – دخلت في عدة حوارات
    معه  ، بالطبع من بينها السياسة ، ولكن دائما ما كان يغلب في حواراتنا
    السودان   والصحافة السودانية  وهم الكتابة ، وأن أفضل طريق للتعرف عليه
    أن تقرأ له .
    خبر صغير طالعته في الصحف العالمية وبعض المواقع الإلكترونية " خبر من
    النوع التقيل " مفاده أن فتحي الضو مطلوب لدى محكمة الجنايات الدولية
    للإدلاء بشهادته أمام المحكمة حول ممارسات عمر البشير وجهاز الأمن
    السوداني، وبما انني صديق شخصي لفتحي ولأسرته فكرت في كتابة هذا المقال،
    وإذا صح الخبر أطالبه بالإمتناع عن السهر   .
    لن أحدثكم كما قلت عن رحلتي معه عبر السنين ، ولكن يقولون : وراء كل رجل عظيم
    إمرأة ، وأبو رؤى ورنا  وأحمد وأوات كانت دائما وراءه المرأة الرائعة
    العظيمة الراحلة المقيمة وداد صديق محمد الأمين" مواليد  يناير 1964 "  ،
    وسبحان  الله ،  كانت صديقة إحسان عبدالعزيز التي أشرفت على تأبين وداد
    بمركز الخاتم عدلان  وصديقة  زوجتي الراحلة المقيمة حوريه حسن حاكم "
    مواليد يناير 1950 " وستزدادون عجبا إذا عرفتم تاريخ ميلاد فتحي وتاريخ
    ميلادي !!!
    فتحي الضو يخجل أن يحكي عن زوجته وداد ، ولكنا لا نخجل ، وإذا كان هو
    يمتلك الخجل الثوري فأيضا نحن نمتلك ذلك الخجل
    أوثق لها قناعة مني بأنها إمرأة عظيمة  حقا .
    في يوم تابينها وبحضور عدد كبير من السودانيين ، وأبرز الشخصيات السياسية
    وغيرها قال فتحي :
    أيها الحضور الكريم هذا الوطن الجميل يتسرب من بين أيدينا كما يتسرب
    الماء من بين الاصابع، نحن محتاجون لوقفة أمام الذات, نحن محتاجون
    لمواجهة مع أنفسنا, نحن محتاجون لأن نسأل ذواتنا وبعضنا البعض ماذا قدمنا
    أو ماذا سنقدم لهذا الوطن حتى نستطيع أن نوقف التدهور المريع الذي حدث في
    كافة الأصعدة. لست في حاجة لأن أذكركم أو أسرد على مسامعكم تفصيلات شيء
    تعيشون مرارته كل يوم، فالجمرة بتحرق الواطيها كما نقول، وأنتم تكتوون
    بهذه الجمرة صباح مساء.
    إن الفقيدة التي نؤبنها اليوم سيكتمل تأبينها يوم سقوط هذا النظام.
    أرجوكم أمنحوني شرف أن أتحدث لها من تحت الثرى، وأقول لها إن اليوم الذي
    انتظرتيه طويلاً قد جاء. وأن الحلم الذي تمنيته كثيراً قد تحقق، وأن
    الديمقراطية التي تاقت لها نفسك وعملت من أجلها صادقة قد أزف موعدها.
    وداد تخرجت في جامعة القاهرة بالخرطوم بعد إكمال الثانوية العليا بنات ،
    وعندما غادر فتحي الكويت للسودان للزواج عرفت أنه تم يوم 2 يناير ،
    والغريب في الأمر كان والد وداد ووالد حوريه يرفضان زواج كريمتيهما مني
    ومن فتحي ، ثم أصبحا أكثر من صديق ، قلت لفتحي ضاحكا : بكرة حأجيب ليك
    هدية موس ؟؟؟وبالفعل أحضرت له موس ناست !!!!
    بعد الزواج لحقت وداد بزوجها في الكويت ، طبعا تتذكروا غنية صلاح بن
    البادية : عرفت الحياة  وفا و إخلاص حنان  ووداد  ورود وسلام !!!!كما
    لحقت حوريه بي بعد إقتراني بها في عين شمس بالقاهرة ، وطبعا تتذكوا غنية
    عبدالعزيز محمد داوود : حورية في السودان  يا عنب زقلونا !!!! ومكثنا
    جميعا في الكويت حتى الغزو العراقي " 1990 " ، ولكن الكويت لعبت دورا
    أساسيا في صداقتي بفتحي وأسرته ، فقد تزاملنا سوية في صحيفة الوطن
    الكويتية ، وكنا نحظى باحترام شديد من رئيس تحريرها الراحل المقيم جاسم
    المطوع ،  وعندما  وقع فأس العراق على الطاؤوس الكويتي هربنا ،  والتقينا
    في القاهرة ثم كان رحيلهم الصعب إلى دولة إريتريا ، ثم عادوا إلى القاهرة
    ومنها توجهت نحو كندا وتوجه فتحي  مع أسرته إلى الولايات المتحدة
    الأمريكية ، حيث فقد المرأة العظيمة وداد صديق التي فارقت الحياة بعد
    صراع مرير مع مرض السرطان وهو ذات المرض الذي أودى بحياة زوجتي .
    أهم محطة في حياة وداد قبل رحيلها الفترة التي قضتها في إريتريا ، حيث
    تمكنت خلالها من الكشف عن مواهبها السياسية ، الفكرية  وغيرها ، كانت
    تعمل رغم مشغولياتها الأسرية بهدوء شديد ، وأحيانا حتى بدون علم زوجها
    فتحي الضو ، وهذه حقيقة أقولها للتاريخ ، فوداد صراحة كانت تتمتع بشجاعة
    غير عادية ، وكان ما يميزها دائما تواضعها ، حنيتها ،
    إبتسامتها ، ضحكتها وقلبها الكبير .
    كانت الفقيدة واحدة من المؤسسات للتحالف النسوي – قوات التحالف السودانية
    بأسمرا عام 1997 ، وشغلت منصب الرئاسة فيه في العام 1999 وحتى 2001 حيث
    إنتقلت إلى القاهرة ، وانتخبت سكرتير عام للجنة التسيير المكلفة بالإعداد
    للمؤتمر التأسيسي للتجمع النسوي السوداني الديمقراطي بالأراضي المحررة
    شرق السودان غرب إريتريا في مايو 1998 .
    وداد مثلت قوات التحالف السودانية لهيئة قيادة التجمع النسوي المكونة في
    المؤتمر التأسيسي ، وانتخبت سكرتيرا للتنظيم والإدارة بالمكتب التنفيذي
    للتجمع النسوي للفترة من مايو 1998 – فبراير 1999، كما أنتخبت سكرتيرا
    للثقافة والإعلام والناطق الرسمي بإسم التجمع النسوي للفترة من فبراير
    1999 وحتى يونيو 2011 .
    عملت الفقيدة رئيسة تحرير إصدارة " عزة " صوت التجمع النسوي منذ تأسيسها
    في 1998 وحتى مغادرتها إلى القاهرة في العام 2001 ، كما عملت على إعداد
    وتقديم برنامجي " إمرأة ووطن " – " الواضح ما فاضح " عبر إذاعة صوت
    الحرية والتجديد – صوت السودان الجديد بالأراضي المحررة شرق السودان في
    الفترة 1998 – 2001 ، وشاركت في إعداد
    وتقديم البرنامج الإذاعي " صوت عزة " الذي يقدمه التجمع النسوي بإذاعة
    صوت الحرية والتجديد في الفترة من 1998 -2001 .
    وداد مثلت التحالف الوطني – قوات التحالف السودانية بلجنة إعادة تكوين
    التجمع النسوي بالقاهرة في الفترة من 2001 وحتى إنتقالها إلى الولايات
    المتحدة الأمريكية في العام 2003 .
    ألا رحم الله الفقيدة وداد صديق بقدر ما قدمت لوطنها وأسرتها وأصدقائها
    وكل من حولها ، ولا أقول لصديقي الوفي فتحي الضو محمد سوى لك الصبر
    والسلوان ، متمنيا ل " رنا "
    أن تكون خير خلف لخير سلف ، بارة بأمها وأبيها ذاكرة دوما ما فعلته
    والدتها وما يفعله والدها الآن .
    badrali861@gmail.com

 

آراء