الوطنى والتجمع: شراكة جديدة لإنقاذ اتفاق القاهرة … تقرير: خالد البلوله ازيرق
3 September, 2009
dolib33@hotmail.com
أخيراً وبعد حالة من القطيعة الإعلامية التي سودت صفحات الصحف في تبادل الإتهامات بعدم تنفيذ اتفاق القاهرة، وتفنيد ذلك من قبل المؤتمر الوطني، توصل شريكا اتفاق القاهرة أول أمس في اول اجتماع لهما على تنشيط عمل اللجان الأربع المشتركة وتنفيذ كامل بنود إتفاق القاهرة.
وبعد هذه المسيرة الطويلة من القطيعة الإعلامية والإتهامات المتبادلة بين الطرفين، شكل اجتماع "دار ابو جلابية" مرحلة جديده في تاريخ العلاقة بين الطرفين بعد إقراره العاشر من الشهر الجاري موعداً لإنطلاقة عمل اللجان المشتركة الأربع "السياسية والقانونية ولجنة رفع المظالم، وجبر الضرر" على أن تجتمع اللجنة المشتركة إسبوعياً لمتابعة سير عمل اللجان الأربع. وهي خطوة يبدو انها في طريقها لتأسيس علاقة جديدة بين الطرفين علي ضوء المستجدات الراهنة، وهو ما عبر عنه ممثل المؤتمر الوطني في الاجتماع الحاج عطا المنان بقوله "جئنا بقلب مفتوح وحماس دافق للدفع بما يؤمن هذه البلاد، مؤكداً عمل الحكومة على تقويم الاتفاق وتنشيط لجان تنفيذه.
وقد شهدت العلاقة الماضية بين احزاب التجمع الوطني والمؤتمر الوطني الشريك الاكبر في حكومة الوحدة الوطنية حالة من عدم الرضا لدي كل طرف من الآخر، فالتجمع الوطنى ظل طيلة الأعوام الأربع عمر الإتفاقية يتهم المؤتمر الوطني بعدم تنفيذ اتفاق القاهرة الموقع في العام "2005م" بل وصف بعض قادته ان تنفيذ الإتفاق لم تتجاوز نسبته "5%" من بنوده، وفي مقابل ذلك يفند المؤتمر الوطني عبر ممثلية في الحكومة ذلك بالقول أن جميع بنود اتفاق القاهرة قد تم تنفيذها بنسبة تفوق الـ"90%".
وسبق للتجمع الوطنى الديمقراطى أن أعلن في وقت سابق أنه سيبحث في اجندة اجتماع قيادته المقبل اقتراح الانسحاب من الحكومة بعد أن وصف معظم قادته المشاركة فيها بغير المجدية إبان مناقشة تعديل القوانين المقيدة للحريات بالبرلمان. وكان رئيس التجمع الوطنى الديمقراطي محمد عثمان الميرغني قد أبلغ في لقاءه النائب الأول لرئيس الجمهورية سلفاكير ميارديت مؤخراً إبان القاءات التي إبتدرها سلفاكير مع القوي السياسية أثناء إثارتها قضية عدم شرعية الحكومة في يوليو الماضي، قال أن اتفاق القاهرة تعرض لتهميش من قبل المؤتمر الوطني، وينبغي الاسراع في تنفيذ بنوده بشكل كامل.
وكان اتفاق القاهرة الموقع بين الحكومة والتجمع الوطنى، قد كفل للتجمع المشاركة في الحكومة المركزية وحكومات الولايات والأجهزة التشريعية القومية والولائية لأحزاب التجمع الوطنى، بنسبة يصفها أنصار التجمع الوطنى الديمقراطى بالضعيفة حيث لم تتجاوز منصب وزير اتحادى ووزيري دولة و«14» نائبا برلمانيا وعددا من الوزراء بالولايات.
وقد ووجهت تلك المشاركة بموجة خلافات من بعض قيادات التجمع الوطني الرافضه لمبدأ المشاركة في الجهاز التنفيذي، والدعوة للاكتفاء بدور المعارضة في هذه المرحلة من داخل البرلمان من خلال المشاركة في عضويته، قبل أن يحزم البعض حقائبه ناحية شارع النيل ومكاتب وزاراته بقيادة نائب رئيس التجمع الوطنى الفريق عبد الرحمن سعيد وزير ديوان الحكم الاتحادى.
وكان التجمع الوطني خاصة كتلته النيابية بالبرلمان تثير بإستمرار قضية تجاهل الشريكين له وعدم إلتفاتهما مطلقاً لتحفظات واعتراضات التجمع في قضايا وقوانين مهمة ولم يهتما بآرائه. ويستند قادة التجمع في حديثهم عن عدم تنفيذ اتفاق القاهرة، بإبطاء عملية التحول الديمقراطي وتعديل القوانين المقيدة للحريات، وارجاع المفصولين وتعويض المتضررين كبنود اساسية في اتفاق القاهرة، ولكن قيادات المؤتمر الوطنى ظلت ترد بإستمرار على تلك الإتهامات بالنفي، وتشير الى تنفيذ معظم بنود اتفاق القاهرة، وتصف بعض قيادات التجمع الوطني التي تتحدث بعد تنفيذ اتفاق القاهرة بأنها تسعي لنقض اتفاق القاهرة لأجندة حزبية وذاتية، وسبق لدكتور مصطفي عثمان اسماعيل مستشار رئيس الجمهورية القول بأن اتفاق القاهرة نفذ بنسبة لا تقل عن "90%".
وبرغم دعوة نائب رئيس التجمع عبد الرحمن سعيد في اجتماع اول أمس بالإلتزام بالإتفاقية والتعامل معها بتجرد وايلائها ذات الأهمية الممنوحة لإتفاقيتي نيفاشا وأبوجا ووصفة للإجتماع بأنه إنطلاقة جديدة لإستكمال مطلوبات التحول الديمقراطي، إلا أن بعض المحلليين يستبعدون في ظل التباين والتقاطعات التى تتجازب أروقة القوي المكونة للتجمع الوطنى وارتباطاتها بشريكى الحكم المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية قرباً وبعداً، أن تمكن أحزابه من الإتفاق على أوراق ضغط لتنفيذ اتفاق القاهرة برؤية موحده. فتقاطع أجندة الأحزاب المنضوية تحت راية التجمع الوطنى الديمقراطى، في مواقفها من القضايا المختلفة جعلها تبدو مختلفة في كثير من القضايا، نتيجة قربها وبعدها من شريكى نيفاشا المؤتمر الوطنى والحركة الشعبية اللذين يمارسان كثيراً من المواقف التكتيكية مع القوى المعارضة، ما يقلل من فرصة أحزاب التجمع الوطني في الضغط لأجل تنفيذ اتفاق القاهرة. فالحزب الإتحادي الديمقراطي الذي يرأس زعيمه التجمع بدأت توجهاته ذات إختلاف كبير مع بقية الاحزاب المكونة للتجمع في الفترة الأخيرة، فإبان إصطفاف القوي المعارضة حول عدم شرعية الحكومة، وقف الحزب الإتحادي بعيداً منها وظهر غير موافق لها في الرأي، كما انه مازال يتحفظ على المشاركة في مؤتمر جوبا اذا كان يهدف لخلق تكتل إنتخابي أو ضد المؤتمر الوطني بحسب قادته. في وقت بدأ فيه الحزب الشيوعي اكثر الأحزاب فعالية في التجمع، زاهداً في التجمع الوطني بعد أن بدأت خطواته تقترب اكثر من تحالف المعارضة الجديده الذي يقوده الي جانب المؤتمر الشعبي وحزب الأمة القومي، والذي طغي نشاطه المعارض واجتماعاته الدورية علي التجمع الوطني.
كما تشكل لعبة التحالفات والتقارب بين القوى السياسية المكونة للتجمع الوطني دوراً فيما تعيشه من توهان ينعكس بشكل كبير على العمل في تنفيذ بنود اتفاق القاهرة الأربعه، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات وإتجاه هذه الأحزاب المكونة للتجمع الوطني للبحث عن الخارطة التحالفية لها مع القوى السياسية المختلفة لسباق الإنتخابات القادم، وكذلك تشكيل مواقفها من القضايا الوطنية المختلفة على ضوء المستجدات التى تشهدها الساحة السياسية، وهى مواقف جعلت المساحة تبدو أوسع بين القوى المكونة للتجمع الوطنى الدييمقراطى.
إذاً خطوة جديدة في علاقة الطرفين رسمها اجتماع دار ابو جلابية، فهل تفلح في في تضييق شقة الخلاف بين الطرفين وتطوي معها مرحلة من القطيعة الاعلامية والاتهامات المتبادلة، اما انها خطوة تكتيكية لهدف محدد ستنتهي معه بإنتهاء غرضها!!.