الوطنى والشعبيه…في طاولة واشنطون …. تقرير: خالد البلوله ازيرق

 


 

 

لتنفيذ الاتفاقيه

 

dolib33@hotmail.com

 

مسرح جديد يجهز لجمع شركاء نيفاشا لبحث تنفيذ اتفاقية السلام الشامل، عبر طاولة امريكيه جديده بواشنطون في الثالث والعشرين من الشهر الجاري، حيث اكتملت الترتيبات للملتقي الذي سيجلس من خلاله شريكا نيفاشا لمناقشة ما نفذ وما لم ينفذ من اتفاقية السلام الشامل، ووزعت الدعوات للمشاركين فيه بتمثيل "3" اعضاء لكل من الشريكين "المؤتمر الوطنى والحركة الشعبيه" بالاضافه الى دول الايقاد وشركاءها الذين اسهموا في رعاية ودعم التفاوض حتى تم التوصل لإتفاقية السلام في مطلع العام 2005م.

 

ويكتسب الملتقي أهميته من واقع الدور المحورى والاستراتيجي الذي تطلع به الولايات المتحده في السودان ورعايتها لهذا الملتقي، بالاضافة الى التكهنات حول مخرجات هذا الملتقي التى يأمل ان تسهم في دعم تنفيذ الاتفاقية التى تبقي على عمرها أقل من عامان الموعد المضروب لحق تقرير المصير للجنوبين وما يسفر عنه من نتائج سواء بالبقاء في وطن واحد أو الاعلان عن ميلاد دولة جديده لتضاف لقائمة الأمم المتحده. ومن واقع ذلك ستقوم وزيرة الخارجية الأمريكيه هيلاري كليتون بمخاطبة الملتقي الذي يهدف بحسب مصادر دبلوماسيه الى معالجة القضايا العالقة التى تعطل تنفيذ اتفاقية السلام الشامل، لأعتقاد نافذين في واشنطون ان تنفيذ سلام الجنوب ستكون له اثار ايجابيه سريعه على عملية السلام في دارفور.

 

ويري مراقبون أن الملتقي يعد بادرة أمريكيه لتدشين مرحلة جديده في مسيرة العلاقات السودانية الأمريكيه التى اصابها الجمود زمناً طويلاً، حيث ذهب دكتور مصطفي عثمان اسماعيل مستشار رئيس الجمهورية في تصريحات صحفيه بالقاهرة الى "ان الملتقي الذي يعد الاول مع الادارة الامريكية الجديده والحكومة السودانية سيشكل منبراً للحوار بين الجانبين لمناقشة كافة القضايا، واضاف ان الحكومة تعول على الملتقي في ترجمة التفاهم الذي بدأ خلال زيارة المبعوث الامريكي غرايشن ورئيس لجنة العلاقات الخارجية جون كيري للخرطوم الى خطة عمل، وقال ان الخرطوم تري تغييراً امريكياً تجاهها بحذر، وان هذا التغيير لم يترجم بعد الى خطة عمل وافعال"

 

ويشير محللون الى ان الولايات المتحده تهدف من خلال الملتقي لتحقيق مصالح إستراتيجية لها في المنطقه من خلال تحقيق الاستقرار في السودان، فيما ينظر شريكي نيفاشا بحسب مراقبون في نظرتهما للملتقي بتباين الرؤي حول مخرجاته والمعزي منه، فالمؤتمر الوطنى يري انه محاولة من الولايات المتحده لإنقاذ استثمارها السياسي في الجنوب الذي بدأت تخاف عليه من عدم التطبيق الكامل للاتفاقيه بسبب الاهمال الذي واجهت به الادارة السابقه تنفيذ الاتفاقيه، الذي بدأ يؤثر على بقاء اتفاقيه نفسها بعد تعثر تنفيذها في دعم المشاريع التنموية ومشاريع الاستقرار بالجنوب، وهو وضع بدأت تنعكس تجلياته في مزيد من المشاكل الاقتصاديه في الجنوب وعلى الأوضاع الأمنيه فيه، وبالتالي فإن هناك تخوف من ان يضيع هذا الجهد السياسي الذي بذلته الولايات المتحده من اجل الاتفاقيه والجنوب، لذا تحاول عبر ملتقي واشنطون استدراك ما فات على الادارة الامريكيه السابقه قبل تنفيذ حق تقرير المصير الذي تبقت له "19" شهراً فقط. ومن جهتها فإن الحركة الشعبية تنظر للملتقي بأن الولايات المتحده "الحليق التقليد لها" تريد من خلاله ممارسة مزيد من الضغط على الخرطوم لتنفيذ اتفاقية السلام التى تتهم شريكها المؤتمر الوطنى بعدم الجديه في تنفيذها، وان الولايات المتحده ترمى من خلال ذلك لتطبيع علاقاتها، وكذلك يمثل تنفيذ الاتفاقية مدخلاً لتسريع وتيرة تحقيق السلام في دارفور. ولكن الدكتور خالد حسين مدير مركز السودان للبحوث والدراسات قال لـ"الصحافه" ان الادارة الامريكيه الجديده لديها اهداف خاصه لا تتعلق بالجنوب أو الخرطوم وهى السعي لتحقيق نصر دبلوماسي على المستوي الدولى وهو شعار ترفعه لحل كل القضايا بالجهد الدبلوماسي خاصة قضية "دارفور" التى يبذل فيها المبعوث الامريكي غرايشن جهودا كبيره لإنجاحه بعد ما استمع لكل وجهات نظر الاطراف المرتبطه بالقضية، وقال ان ملتقي واشنطون يحاول ترتيب الحقوق والاستماع لوجهات النظر المختلفه وسيكون في مصلحة السودان، مشيرا الى ان الاتفاقية من حيث التنفيذ لم تكن مشكلة، خاصة من جانب الحكومة ولكن الادارة الامريكيه السابقه كانت تستخدم الحركة الشعبية ضد الخرطوم، وقال ان ما يميز السياسيه الامريكيه الجديده انها موضوعية وعقلانية وهناك عزم وجدية من واشنطون لحل المشكلة".

 

وتذهن تكهنات متابعين الى ان فكرة الملتقي كانت اصلا عبارة عن مؤتمر دولى لقضايا السلام في السودان، ولكن الحكومة السودانية تمسكت بفكرة رفض أى ملتقي دولى جديد لقضايا السودان، بمثل ما رفضت من قبل فكرة المؤتمر الدولى الذي كانت تعد له القاهرة بعيد صدور قرار المحكمة الجنائية الدولية بتوقيف الرئيس البشير مطلع مارس الماضي، مما دفع الولايات المتحده الى تحويل الفكرة الى ملتقي لشريكي نيفاشا وشركاءهما لبحث عملية تنفيذ اتفاقية نيفاشا وطريقة دعمها بدلاً من عقد مؤتمر دولى. وقال دكتور بهاء الدين مكاوى استاذ العلوم السياسيه بجامعة النيلين لـ"الصحافه" ان الادارة الامريكيه الجديده تريد ان تستدرك ما أهملته الادارة السابقه التى كانت مشغوله بالشرق الاوسط، لذا تسعي لمعالجة مشاكل السلام في السودان بشكل جدى، حتى تستطيع تحقيق مصالحها الاستراتيجيه في المنطقه، مشيرا الى ان اهتمام الادارة الجديده بالسودان لأنها تعتقد ان النظام بدأ أكثر مرونة واكثر واقعيه ما يمثل فرصة جدية لفتح باب العلاقة مع السودان، وبالتالي فإن تحقيق الاستقرار فيه يحقق مصالحها الاستراتيجييه في المنطقه ككل، وهذا يتطلب اظهار جديتها في حل مشاكله مما يدفعها لمثل هذا الملتقي".

 

وكان وفد من الحركة الشعبية قد طرح على الادارة الامركيه، ابان زيارته لها مطلع ابريل الماضي بقيادة باقان اموم ودينق ألور وعبد العزيز الحلو، اثناء إلتقاءهم بالمبعوث الأميركي سكوت غرايشن، كيفية تسريع تنفيذ اتفاق السلام، وحل قضية دارفور، وقال الأمين العام للحركة الشعبية رئيس الوفد باقان اموم، إن وفده اجتمع مطولا مع المبعوث الأميركي وناقش الوضع في السودان وركز على العمل سويا لتنفيذ اتفاق نيفاشا وإحلال السلام بدارفور، بجانب دعم السودان لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، وأضاف أن الاجتماع تطرق للأزمة الاقتصادية والحاجة لدعم المالي، مشيرا إلى أن الوفد طلب دعما من الإدارة الأميركية لحكومة الجنوب لتغطية عجز الموازنة ومواصلة دعم مشاريع التنمية بالجنوب والنيل الأزرق وجبال النوبة.

 ويبدو من خلال التوجهات الجديده للادارة الامريكيه الجديده أنها ستدعم الجنوب من خلال سياستها الكلية لتصالح من السودان ودعمه، وليس الجنوب لوحده كما كان متبع في الادارة الامريكيه السابقه، وكانت العلاقات بين البلدين قد شهدت نوعاً من التقارب الذي لم تكتمل فصوله بعد، عقب تعيين المبعوث الأمريكي اسكود غرايشن الذي ابدي نواعاً من السياسيه الجديده لتطبيع العلاقات بين البلدين واتباع سياسيه جديده قائمه على التفاهم والتحاور وبعيده عن لغة "العصا والجزرة" التى كانت تنتهجها واشنطون تجاه الخرطوم. وكان الدكتور غازي صلاح الدين مستشار رئيس الجمهورية قد أقر في ملتقي الاعلامين العاملين بالخارج بهذا التوجه الجديد للادارة الأمريكيه "وقال اننا نقول ان هناك فرصة غير مسبوقة لترميم علاقات البلدين، التى وصفها بأنها معقده تحكمها اعتبارات داخليه في امريكا والسودان، وقال ان الجديد في مسار العلاقات مع امريكا ان هناك يأس ان يطاح بالمؤتمر الوطنى كقوي حاكمه، والثاني ان الإدارة الامريكيه جاءت بنوايا جديده على خلفية قضاياها الداخليه، وهناك مؤشرات على انها تريد التغيير من خلال زيارة غرايشن وجون كيري". 

 

آراء