الوطني والشعبية: جدل الاستفتاء .. يوسع شقة الخلاف … تقرير: خالد البلوله ازيرق
28 October, 2009
khalid balola [dolib33@hotmail.com]
على غير ما أتفق عليه في اللجنة السياسية المشتركة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية مؤخراً فيما يتعلق بمسودة قانون الاستفتاء المتوقع الدفع بها لمجلس الوزراء لإجازتها ومن ثم طرحها علي البرلمان، نفضت الحركة الشعبية يدها عن اتفاقها مع المؤتمر الوطني حول قانون الاستفتاء، ورفضت اعتماد تصويت ثلثي الناخبين لقبول نتيجة العملية، واعتبرته شرطا تعجيزيا، واتهمت شريكها بمحاولة تعويق الاستفتاء وفرض الوحدة بقوة القانون
موقف الحركة الشعبية الرافض لشرط "الثلثين" المتفق عليه مؤخراً في اللجنة السياسية المشتركة، أعاد من جديد جدل كان متوقع في الساحة السياسية حول مشروع الاتفاق علي قانون الاستفتاء بين الشريكين، وفتح من جديد كذلك ملف خلافات الشريكين بشكل أوسع، وأبان في حيثياته عمق الخلاف الذي يضرب بين طرفي الاتفاقية "الوطني والشعبية" حول الملفات المختلف عليها، وكشف كذلك في طياته ضعف مفاوضي الحركة الشعبية في اللجنة السياسية التي قبلت بمسودة الاتفاق بل وبدأت من خلال تصريحاتها الأولوية منتشية بها. قبل أن يقلب الأمين العام للحركة الشعبية باقان أموم، الطاولة علي الإتفاق الذي توصل له الطرفان قبل اسبوع حول قانون الاستفتاء، في مؤتمر صحفي أول أمس، وذلك حينما قال بعدم وجود اتفاق مع المؤتمر الوطني حول قانون الاستفتاء، موضحا ان "الوطني" تقدم بمقترح في اجتماعات اللجنة السياسية المشتركة برئاسة نائب رئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه ونائب رئيس حكومة الجنوب رياك مشار، تراجع خلاله من موقفه المطالب بأن يدلي 90% من الناخبين بأصواتهم في الاستفتاء لقبول نتيجته الي ثلثي الناخبين، واوضح ان مشار طلب عرض الاتفاق علي قيادة الحركة الشعبية التي اجتمعت امس الأول ورأت أن نسبة الثلثين تعجيزية، وتهدف الي عرقلة عملية الاستفتاء وخلق حالة من عدم الوضوح، وقال أموم ان مشار سيعود الي الخرطوم لابلاغ المؤتمر الوطني بموقف الحركة، ودعا الوطني للكف عن ما وصفه بمحاولة تعطيل القانون وتعويق الاستفتاء بتصعيبه أو فرض الوحدة بقوة القانون، وقال ان ذلك من شأنه خلق أوضاعا ربما تؤثر علي مجمل العملية السلمية.
الخطوة التي خطتها الحركة الشعبية برفضها لبعض بنود الاتفاق بينها والوطني حول قانون الاستفتاء، سيضعها تحت مرمي نيران القوي السياسية وشريكها المؤتمر الوطني الذي سيحاول استغلال ذلك النكوص لتعريتها وكشفها أمام الرأي العام، وهو ما ذهب إليه الدكتور قطبي المهدي القيادي بالمؤتمر الوطني، الذي قال أمس "ان نكوص الشعبية عن اتفاقها معهم يؤكد سوء الواقع الذي تعيشه الحركة الشعبية وتضارب التيارات داخلها، واضاف ان ذلك يدل علي ان الحركة غير متماسكة وليس لديها رؤية واضحة وكل عضو فيها يغرد بما يراه، وقال نحن وقعنا مع شخص مسئول ولكن آخرين في الحركة لا يريدون ان يحدث تفاهم أو اى تقدم ولا تحول ديمقراطي ولا يريدون ان يحدث استقرار في العلاقة ووصفهم بالمخربين، وقال "ان باقان واضح انه ما فاهم الاتفاقية، لان الاتفاق نص علي قبول المؤتمر الوطنى بنسبة الـ"50+1" والحديث كان حول نسبة التسجيل والتصويت، وأضاف "حقيقية هم اعترضوا مباشرة بعد التوقيع".
وسبق للمؤتمر الوطني قد إتهم مجموعات داخل الحركة الشعبية بالسعي لرفض مسودة قانون الاستفتاء التي جري التوافق عليها بين الشريكن، وقال ان ذلك يأتي ضمن سيناريو غربي معاد لتأجيل الانتخابات بالتضامن مع القوي السياسية المعارضه، وقال الأمين السياسي السابق بالمؤتمر الوطني الدكتور مندور المهدي، أن كثير من دول الغرب متوجسة من قيام الانتخابات وتعد سيناريو وفق أجندة معادية للسودان واضاف ان القوي الغربية تدفع بعدم قيام الانتخابات، وقال في "ندوة الانتخابات" بمركز دراسات الشرق الاوسط وافريقيا الاربعاء الماضي أن هناك مجموعات داخل الحركة الشعبية قال أنها تحاول ان ترفض مسودة قانون الاستفتاء وقال "اتفقنا علي قانون الاستفتاء في اكثر من "100" جلسة ولكن الآن هناك مجموعات داخل الحركة تحاول رفض مسودة القانون بعد أن اتفقنا مع نائب رئيس الحركة وحكومة الجنوب واضاف ان هذا يدل علي انها تريد رفض الانتخابات. ويذهب مراقبون الي ان رفض الاتفاق يعكس اختلاف وجهات النظر داخل الحركة الشعبية واحتدام الاختلاف بين تياراتها الداخلية اكثر من كونه صراعاً مع المؤتمر الوطني، حيث يشتد الخلاف بين رؤيتين تمثل احداهما تيار القوميين الذي يضع الجنوب في اولوياته سواء كان ذلك في اطار السودان الموحد او اذا انفصل لدولة مستقلة، التيار الثاني هو تيار الايدولوجيين الذي يتبني مشروع السودان الجديد وفقاً لمنفستو الراحل جون قرنق. ويتسق ذلك مع ما ذهب إليه الدكتور بهاء الدين مكاوي استاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين في حديثه لـ"الصحافة" بقوله "ان الخلافات حول موضوع الاستفتاء وارده لأن موضوع فصل الجنوب أو بقاءه في السودان هو موضوع خلاف داخل الحركة الشعبية وبالتالي كل فريق من هذه التيار يسعي ان يحقق القانون مصالحه، فالموضوع لم سحيم داخل الشعبية وحسمه ربما يقود لإنشقاق بها لذا ىثرت ان لا تحسمه مبكراً، لذا حينما أزف الوقت كل تيار اصبح يعبر عن رؤاه التي تخالف الآخر، واشار مكاوي الي ان تأخير حسم قرار الوحده والانفصال داخل الحركة يصب في مصلحة الوحدة لأنه اصلا جزء من السودان وكذلك وثائق الحركة الشعبية تتحدث عن السودان الجديد بالتالي الذي يريد الانفصال يتطلب منه جهد أكبر، ووصف قادة هؤلاء التيار بأنهم أقلية متنفذة لم تستطع ان تطرح رؤاها هذه وتحسمها داخل الحركة الشعبية بالتالي هذا يعبر عن تيار ضعيف ومحدود بالحركة الشعبية".
وكانت اللجنة السياسية المشتركة قد حسمت الاتفاق حول قانون الاستفتاء، من مرحلة التسجيل الي فرز الاصوات، ونص في الاتفاق علي أن تسجيل الذين يحق لهم التصويت لابد أن يشمل "75%" من الذين يحق لهم التصويت، وفي مرحلة الاستفتاء ان يشارك ثلثين من الذين تم تسجيلهم وأي مشاركة أقل من ذلك يعتبر الاستفتاء لصالح الوحدة، وأن تكون من بعد النسبة المؤهلة للانفصال "50+1%" علي ان يشارك في الاستفتاء كل ابناء الجنوب بمن فيهم المقيمين في الشمال ودول المهجر.
وكان د.رياك مشار، قد كشف في تصريحات صحافية بمطار جوبا مضامين الاتفاق الذي توصلت له اللجنة السياسية المشتركة حول قانون الاستفتاء بقوله "تغلبنا على الخلافات والقضايا العالقة وهناك اتفاق، وأنه تم الاتفاق على ضرورة مشاركة ثلثي أبناء جنوب السودان المسجلين في الاستفتاء كي يكون الاقتراع سليما، وأضاف أنه يكفي تصويت أكثر من "50+1" في المائة من المشاركين في الاستفتاء على استقلال الجنوب كي يتحقق الانفصال"، وكانت الحركة الشعبية قد وافقت في مضامين الاتفاق علي القبول بمشاركة جنوبي الشمال والمهجر في عملية الاستفتاء.
وإنقسمت الرؤي حول قانون الاستفتاء بين الشريكين طيلة الاشهر الماضية التي شهدت خلافاتهما في القانون، حول نسبة التصويت للانفصال ومن يحق لهم التصويت، فبينما كان يتمسك المؤتمر الوطني بنسبة الأغلبية الكبيرة لحسم الاستفتاء وإقترح نسبة "70%" للانفصال لإعتبار أن القضية استراتيجية وتمس مصير البلاد، كانت النقطة الثانية التي عض عليها بنواجزه هى تمسكة بمشاركة كل الجنوبيين في عملية الاستفتاء خاصة المقيمين في الشمال ومغتربي دول المهجر، فيما تمترست الحركة الشعبية حول حسم الاستفتاء بالاغلبية البسيطة واقترحت نسبة "50+1%" من جملة اصوات الناخبين، في وقت تمسكت فيه بمشاركة الجنوبيين الذين يقيمون في الجنوب فقط في الاستفتاء ومن غير مشاركة جنوبي الشمال والمغتربين.