الوطن و أشياء اخري !!
محمد موسى حريكة
12 July, 2022
12 July, 2022
musahak@hotmail.com
(وطن لا ندافع عنه لا نستحقه) كانت تلك عبارة خطها أحد الدارسين عل طول الجدار بكلية إعداد المعلمين بمدينة مأرب في حرب صيف 1994 التي إشتعلت بين الحكومة اليمنية في الشمال بقيادة
علي عبدالله صالح وبين جمهورية اليمن الديمقراطية بقيادة علي سالم البيض.
كانت تلك العبارة في إطار الحشد والتعبئة لخوض تلك الحرب لمناصري حكومة الشمال ، ولم تمض
ليلة واحدة حتي تمددت عبارة أخري وبطول ذلك الجدار كحالة رد علي ذلك السؤال الأبدي المعلق
وكانت (وطن لا نستحقه لن ندافع عنه) وهي صادرة عن صوت آخر في الإتجاه المضاد .
كنت وقتها معلما بتلك الكلية حيث أتيحت لي الفرصة لمراقبة ذلك المشهد ومن يومها ترسخت تلك العبارة في خاطري ،وهي تمثل طرحا وصراعا فلسفيا، عن الوطن وتكسُر وتشتت إيحاءات تلك العبارة ودلالاتها وإشكالية الدال والمدلول في الفقه الوطني .
يقول الجاحظ (كانت الناس تحمل معها تربة من بلادها أو رملا أو عفرا إذا غزت أو سافرت لتستنشقه) لم تكن حقائبي تحمل غير رائحة الوطن ونصوص وجدانية عمقتها أناشيد ومناهج تخاتل الوجدان المعرفي، كتلك السردية الشعرية
عصفورتان في الحجاز حلتا علي فنن
في خامل من الرياض لا ند ولا حسن
بينا هما تتناجيان سحرآ علي الغصن
مرّ علي أيكيهما ريح سري من اليمن
حيا وقال درتان في وعاء ممتهن !
لقد رأيت حول صنعاء وفي ظل عدن
خمائلا كأنها بقية من ذي يزن
الحب فيها سكرٌ
والماء شهد ولبن
هيا أركباني نأتها في ساعة من الزمن
قالت له إحداهما والطير منهن الفطن
يا ريح أنت ابن السبيل ما عرفت ما السكن
هب جنة الخلد اليمن لا شئ يعدل الوطن
تٌظهر المعادلة النقدية الشفيفة صمت أو إخفاء صوت العصفور الآخر حينما إنبري إحداهما لجدال الريح. وتتبدي أمامي صورة الدارسين اللذان أثارا لديْ أسئلة ستظل حاضرة كلما أيقظ التاريخ ماهية الوطن.
لقد إستدرجونا باكرا لفخاخ الانتماء الاعمي ، في الأناشيد والحكايات العاطفية ، حينما كانت تصطف أجسامنا الهزيلة لآداء النشيد الوطني ،كنّا نرتجف كأعواد الذرة
نحن جند الله
جند الوطن ، نتحدي الموت عند المحن ، نشتري المجد بأغلي ثمن
في العام الخامس من الألفية الثانية سجلت دراسات عدة أن العديد من تلاميذ المدارس في العاصمة الخرطوم كانو يسقطون إعياءٓ وهم يرددون النشيد الوطني في طابور الصباح تحت سطوة الجوع وفقر الدم ، وذلك في غياب الصوت الآخر المتسائل (وطن لا نستحقه...)
وهكذا لم يجد قائد الجيش البرهان مسحة من حياء وهو يستنفر الناس علي تخوم الثلاثين من يونيو بأن الأثيوبيين قد إغتالوا سبعة جنود غيلة وغدرا ، فقد إختفي صوت الطائر الآخر النقدي والجدلي لدي العامة والمراوغين .
وعلي بعد أيام قليلة كانت كتائبه الوطنية تغتال أحد المتظاهرين السلميين وتركل جسده وتمثل به، في مشهد تتضاءل قسوة إغتيال الطفل الفلسطيني محمد الدرة أمامه، فبربكم ما هو الاحتلال وما هو الوطن ؟
كنّا نحفظ عن ظهر قلب إنشودة يامبيو ونخاتل صديقنا منقو زمبيري (لا عاش من يفصلنا ) ونذهب إلي الجنة لأننا أهدرنا دمه وتسلقنا سماوات الجهاد ، كم أنت كريم يا منقو زمبيري فقد جعلت طريقنا إلي الجنة سالكا بفضل دمك المسفوح في الغابات والأودية ، وبعد أثنان وخمسون عاما وفي الساعة الخامسة والعشرين يجئ علي عثمان محمد طه أحد مهندسي نيفاشا وفي 2008 لافتتاح صنبور مياه عكرة تنساب من النيل الابيض في حي سكني صغير في مدينة يامبيو لجعل الوحدة جاذبة، كيف لا وهناك أربعة عشر كيلو مترا من الأسفلت المعبد ومنذ بدء الخليقة كانت مستحقات الجنوب وحتي إعلان الإنفصال.
و المخادعون يتحركون علي منصة فلسفة الغزالة (وطني ولا ملي بطني) إنه رفث الايدلوجيا البغيضة التي تستخدم الغزلان وحتي غزالة إسحق فضل الله قدمت نفسها قربانا لكتائب المجاهدين، ولا فرق بين جيش الرب أو جند الله الذين يسحقون الحياة في غابات الاستواء .
يقول أدونيس (ما أكثر الأوطان التي يتم فيها سجن المواطنين بالنشيد الوطني).
هل الوطن شحنات القمح المدعوم من قبل الحكومات والمياه النظيفة، والبيئة النظيفة ،والمدرسة والمشفى ، وسرعة الإنترنت ،والتعليم المجاني ،والطرق والجسور ، والعدالة التي لا تنام ،والمساواة في الحقوق والواجبات ، وصون كرامة الانسان ، وغيرها من الاحتياجات، أم وصاية جند الله التي رسختها تلك الأناشيد وليصرح الطغاة( نحن أوصياء علي البلد دي) ؟
إذن هناك مشروع جاري إنفاذه لوطن نستحقه ويستحقنا في مواجهة آلة القمع التي تصطاد الغزلان المدنية في الشوارع لترسيخ قيمة وطن جوفاء تم إختطافها ويعاد إنتاجها في واقع متغير لا يخضع لسلطة التحايل بتلك اللغة القديمة المستهلكة تحت راية ( وطن لا ندافع عنه لا نستحقه ) ونسقط في حبائل صائدي أحلام الشعوب وشل قدرات العقل المناوئ .
(وطن لا ندافع عنه لا نستحقه) كانت تلك عبارة خطها أحد الدارسين عل طول الجدار بكلية إعداد المعلمين بمدينة مأرب في حرب صيف 1994 التي إشتعلت بين الحكومة اليمنية في الشمال بقيادة
علي عبدالله صالح وبين جمهورية اليمن الديمقراطية بقيادة علي سالم البيض.
كانت تلك العبارة في إطار الحشد والتعبئة لخوض تلك الحرب لمناصري حكومة الشمال ، ولم تمض
ليلة واحدة حتي تمددت عبارة أخري وبطول ذلك الجدار كحالة رد علي ذلك السؤال الأبدي المعلق
وكانت (وطن لا نستحقه لن ندافع عنه) وهي صادرة عن صوت آخر في الإتجاه المضاد .
كنت وقتها معلما بتلك الكلية حيث أتيحت لي الفرصة لمراقبة ذلك المشهد ومن يومها ترسخت تلك العبارة في خاطري ،وهي تمثل طرحا وصراعا فلسفيا، عن الوطن وتكسُر وتشتت إيحاءات تلك العبارة ودلالاتها وإشكالية الدال والمدلول في الفقه الوطني .
يقول الجاحظ (كانت الناس تحمل معها تربة من بلادها أو رملا أو عفرا إذا غزت أو سافرت لتستنشقه) لم تكن حقائبي تحمل غير رائحة الوطن ونصوص وجدانية عمقتها أناشيد ومناهج تخاتل الوجدان المعرفي، كتلك السردية الشعرية
عصفورتان في الحجاز حلتا علي فنن
في خامل من الرياض لا ند ولا حسن
بينا هما تتناجيان سحرآ علي الغصن
مرّ علي أيكيهما ريح سري من اليمن
حيا وقال درتان في وعاء ممتهن !
لقد رأيت حول صنعاء وفي ظل عدن
خمائلا كأنها بقية من ذي يزن
الحب فيها سكرٌ
والماء شهد ولبن
هيا أركباني نأتها في ساعة من الزمن
قالت له إحداهما والطير منهن الفطن
يا ريح أنت ابن السبيل ما عرفت ما السكن
هب جنة الخلد اليمن لا شئ يعدل الوطن
تٌظهر المعادلة النقدية الشفيفة صمت أو إخفاء صوت العصفور الآخر حينما إنبري إحداهما لجدال الريح. وتتبدي أمامي صورة الدارسين اللذان أثارا لديْ أسئلة ستظل حاضرة كلما أيقظ التاريخ ماهية الوطن.
لقد إستدرجونا باكرا لفخاخ الانتماء الاعمي ، في الأناشيد والحكايات العاطفية ، حينما كانت تصطف أجسامنا الهزيلة لآداء النشيد الوطني ،كنّا نرتجف كأعواد الذرة
نحن جند الله
جند الوطن ، نتحدي الموت عند المحن ، نشتري المجد بأغلي ثمن
في العام الخامس من الألفية الثانية سجلت دراسات عدة أن العديد من تلاميذ المدارس في العاصمة الخرطوم كانو يسقطون إعياءٓ وهم يرددون النشيد الوطني في طابور الصباح تحت سطوة الجوع وفقر الدم ، وذلك في غياب الصوت الآخر المتسائل (وطن لا نستحقه...)
وهكذا لم يجد قائد الجيش البرهان مسحة من حياء وهو يستنفر الناس علي تخوم الثلاثين من يونيو بأن الأثيوبيين قد إغتالوا سبعة جنود غيلة وغدرا ، فقد إختفي صوت الطائر الآخر النقدي والجدلي لدي العامة والمراوغين .
وعلي بعد أيام قليلة كانت كتائبه الوطنية تغتال أحد المتظاهرين السلميين وتركل جسده وتمثل به، في مشهد تتضاءل قسوة إغتيال الطفل الفلسطيني محمد الدرة أمامه، فبربكم ما هو الاحتلال وما هو الوطن ؟
كنّا نحفظ عن ظهر قلب إنشودة يامبيو ونخاتل صديقنا منقو زمبيري (لا عاش من يفصلنا ) ونذهب إلي الجنة لأننا أهدرنا دمه وتسلقنا سماوات الجهاد ، كم أنت كريم يا منقو زمبيري فقد جعلت طريقنا إلي الجنة سالكا بفضل دمك المسفوح في الغابات والأودية ، وبعد أثنان وخمسون عاما وفي الساعة الخامسة والعشرين يجئ علي عثمان محمد طه أحد مهندسي نيفاشا وفي 2008 لافتتاح صنبور مياه عكرة تنساب من النيل الابيض في حي سكني صغير في مدينة يامبيو لجعل الوحدة جاذبة، كيف لا وهناك أربعة عشر كيلو مترا من الأسفلت المعبد ومنذ بدء الخليقة كانت مستحقات الجنوب وحتي إعلان الإنفصال.
و المخادعون يتحركون علي منصة فلسفة الغزالة (وطني ولا ملي بطني) إنه رفث الايدلوجيا البغيضة التي تستخدم الغزلان وحتي غزالة إسحق فضل الله قدمت نفسها قربانا لكتائب المجاهدين، ولا فرق بين جيش الرب أو جند الله الذين يسحقون الحياة في غابات الاستواء .
يقول أدونيس (ما أكثر الأوطان التي يتم فيها سجن المواطنين بالنشيد الوطني).
هل الوطن شحنات القمح المدعوم من قبل الحكومات والمياه النظيفة، والبيئة النظيفة ،والمدرسة والمشفى ، وسرعة الإنترنت ،والتعليم المجاني ،والطرق والجسور ، والعدالة التي لا تنام ،والمساواة في الحقوق والواجبات ، وصون كرامة الانسان ، وغيرها من الاحتياجات، أم وصاية جند الله التي رسختها تلك الأناشيد وليصرح الطغاة( نحن أوصياء علي البلد دي) ؟
إذن هناك مشروع جاري إنفاذه لوطن نستحقه ويستحقنا في مواجهة آلة القمع التي تصطاد الغزلان المدنية في الشوارع لترسيخ قيمة وطن جوفاء تم إختطافها ويعاد إنتاجها في واقع متغير لا يخضع لسلطة التحايل بتلك اللغة القديمة المستهلكة تحت راية ( وطن لا ندافع عنه لا نستحقه ) ونسقط في حبائل صائدي أحلام الشعوب وشل قدرات العقل المناوئ .