الوهم الذى يراهن عليه البعض دوله مفككه فى الجنوب اذا اختار الأنفصال !
7 November, 2009
أن الذين يراهنون على قيام دوله مفككه ممزقه غير مستقرة تعانى من الأزمات والخلافات والمشاكل والحروب القبليه فى الجنوب، اذا اصر المؤتمر الوطنى على مواقفه المتعنته والمتصلبه والتى تعود بالبلاد الى بداية زمن الأنقاذ ونتيجة لذلك التعنت مال الجنوبيون فى الأستفتاء القادم بعد أقل من 500 يوم لخيارالأنفصال بدلا عن الوحده، هم فى الحقيقه – حالمون - ومواهيم لا يجيدون قراءة التاريخ ولا يستفيدون من تجارب غيرهم.
فاخواننا الفلسطينين – كمثال - لو قبلوا من قبل بما قدمت لهم من مقترحات عديده فى زمن كان أكثر عدلا وانصافا وتتعدد فيه الأقطاب ولا تهيمن عليه دولة واحده، لأقاموا دوله فلسطينيه تسيطر على غالبية التراب الفلسطينى أن لم يكن كله ، وأن يفاوضوا بعد ذلك على ما تبقى ولحققوا الآن كلما كانوا يحلمون به دون عناء أو تعب ودون ان يصلوا للواقع الذين يعيشونه هذه الأيام والذى يجعلهم يطالبون (فقط) بتجميد المستوطنات فى الضفة الغربيه والقدس لا ازالة ما هو قائم من مستوطنات قديمه ورغم ذلك ترفض أسرائيل وتتمنع وهى تحظى بكثير من الدلال والدعم والمساندة من قبل الدوله العظمى الوحيده (أمريكا).
من خلال هذه القراءة للتاريخ أخشى أن يأتى يوم يندم فيه الشماليون فى السودان المعجبين بمواقف الأنقاذ (المتوهمه) والداعمين لها بصمتهم وعدم جهرهم بصوت الحق عاليا لكى تعود الأنقاذ لصوت العقل والمنطق وتقبل (بسودان جديد) رائع وجميل .. يتساوى فيه الناس جميعا فى الحقوق والواجبات ويتوق له كآفة أهل السودان ومنذ زمن بعيد، خاصة الذين تذوقوا حلاوته من الأجيال التى عاشت فترة ما بعد الأستقلال، رغم الأعتراف بالتقصير فى جوانب عديده، لكن ذلك الوضع بكلما فيه من سوء وتهميش لبعض اجزاء السودان، لم يصل بنا الى ما ظلت تدعو له الأنقاذ وتصر عليه وتسببت بذلك فى هجرة كثير من أهل السودان وأغترابهم عن وطنهم، ومن عجب ان بعض الأنقاذيين ومن هللوا لها فى ايامها الأولى الآن هم فى مقدمة المهاجرين والمغتربين !!
الشاهد فى الأمر ونحن ندعو للوحده ونعمل من اجلها ليل نهار قدر استطاعتنا .. ونحزن ونحذر من واقع مرير وعلى انفصال قادم دون شك طالما سارات الأمور بهذا الشكل، هذا الأنفصال الذى يتمناه العنصريون الأقصائيون ويعملون من اجله سرا وجهرا جهرا .. لأنهم لا زالوا يعيشون داخل كهوف مظلمه متأثرين وماسورين ومقيدين بحبال فكر عقيم.
نقول من خلال استقرائنا للتاريخ وقراءتنا للواقع وما سوف توؤل اليه الأمور فى المستقبل.
أن الجنوبيين اذا اضطروا لذلك لأنفصال (مكرهين) سوف يؤسسون دولة حضاريه قوية وثابته وراسخه تمتلك جيش قوى واقتصاد اقوى، وسوف يندم الشماليون من صقور هذا النظام وحمائمه وسوف يندم كذلك من ساندوهم ودعموهم يوم لا ينفع الندم.
نحن لا نعمل للوحده ونخشى من الأنفصال من خلال رؤية انتهازيه أو برغماتيه تجعلنا نطالب أهل الجنوب بالأنحياز لهذه الوحده بأى ثمن ولا من أجل انسان الشمال وحده، وانما نعمل لذلك من أجل محبتنا لهم ومن أجل أن نبقى فى وطن واحد ارتبطنا فيه ببعضنا البعض بكثير من الوشائج والمواقف والشجون – رغم الألام والجراحات والأحزان - تلك المواقف التى لا يدركها من ينظرون للأمور أبعد من ارنبة انوفهم، وأن تعدت ذلك فانها لا تذهب أكثر من موطأ اقدامهم.
يكفى مثالا أن الجنوب العزيز قدم للسودان ابطالا عظام فى قامة (على عبداللطيف) و(جوزيف قرنق) و(جون قرنق)، الذين بذلوا ارواحهم الطاهرة من أجل السودان كله لا الجنوب وحده.
ونعمل من أجل هذه الوحده حتى لا يبتر جزء عزيز علينا من وطننا مثلما يبتر جزء عزيز من جسم انسان مرهف الحس والشعور، وحتى لا يصبح الأنتقال داخل وطن – يفترض واحد - لأبناء وطن واحد عانوا جميعا وحزنوا جميعا وفرحوا جميعا وتقاسموا الصعوبات وتشاركوا الهموم والأحلام، الى درجة يحتاج فيها المواطن من هنا وهناك الى تاشيرات دخول بين بلدين منقسمين ، دون شك سوف تزيد فجوة الأنقسام مع الأيام وتتسع وسوف تتبع ذلك نزاعات حدوديه وخلافات جديده وسوف تنكأ جراحات قديمه كادت أن تندمل وسوف وتطفح خلافات تؤدى الى وضع يشبه حال دولتين جارتين عزيزتين كانتا فى يوم من الأيام دولة واحده.
ايها المواهيم .. لا تدفنوا روؤسكم تحت الرمل مثل النعام وتظنوا بذلك أن اصلاء السودان والعقلاء فيه لا يدركون الحقائق!
فالدوله الدينيه مرفوضه ولا مكان لها فى عالم اليوم حتى لو أستمرت لعام واحد أو لعشرة اعوام ففى نهاية المطاف هى الى زوال.
ومن يتمسك بدولة دينيه اقصائيه سوف يجد نفسه آخر المطاف معزولا ولا يستطيع أن يتعامل مع العالم الحر المتمدن والمتحضر.
لقد مضى الزمن الذى كان فيه الناس يخدعون بأسم الدين، والحاكم الذى تختاره الشعوب وترضى به وتجدد له ولا ءها دون تزييف أو تزوير فى الأنتخابات، هو الذى يطرح عليها برنامجا حضاريا مقنعا سياسيا واقتصاديا وأجتماعيا يحل مشاكلها فى الصحة والتعليم والأسكان.
وقد يبقى الحاكم الذى يرهب الشعوب ويخيفها أو يوهمها ويخدرها الى فترة من الوقت لكنه لن يبقى طول الوقت!
أن الحاكم الذى يستحق حكم السودان هو الذى يسعى للوحده ويرفض الأنفصال مهما كان مهرها وثمنها ومهما كانت التضحيات.
أن الدساتير السودانيه فى السابق كانت أكثر تحضرا وتميزا ولا يمكن ان يعود الناس للوراء من أجل ارضاء رغبات مجموعه اختارت أن تعيش فى عصر الظلام.
ان من يدعى بأن جزء من المواطنين كثر أم قل فى دوله دينيه - اى كان دينها -لا يعيشون داخل بلدهم كمواطنين (درجة الثانيه) منقوصى الحقوق، واهم ويجب عليه ان يكون امينا مع نفسه ويطرح سؤالا هل يقبل بمثل هذا الوضع الذى يجعله يعامل (بدونيه)؟
آخر كلام:-
كلمات الشاعر السودانى (التيجانى يوسف بشير).
السحر فيكَ وَفيكَ مِـن أَسبـــابـه
دَعـةُ الـمُـدِل بِعَبقـري شَبــــابـه
يا مَعهدي وَمَحـــــط عَهد صِباي
من دارٍ تَطرّقُ عَـن شَباب نابـهِ
واليَوم يَدفَعُني الحَنيــن فَأَنثنـى
وَلهان مُضـــطَرِبـا إِلـى أَعتابِـهِ
سَبق الهَوى عَينيّ في مِضماره
وَجَرى وَأَجفَل خاطِري مِن بابهِ
وَدَّعت غَضّ صِباي تَحتَ ظِلاله
وَدَفنت بيض سني في مِحرابـهِ
نَضّرت فَجــر سنـي مِـن أَندائِـهِ
وَاشتَرت ملء يَديّ مِن أَعنابِـهِ
هُوَ مَعهَدي وَلَئن حَفظت صَنيعه
فأَنا ابن سرحته الذي غَنـى بِـهِ
فَأَعيذ ناشئة التُــقى أَن يرجفوا
بِفَتى يَمتّ إِلَيـــــهِ فـي أحسابـهِ
مازِلت أَكبَر في الشَباب وَأَغتَدي
وَأَروح بَينَ بخٍ وَيا مَرحـى بِـهِ
حَتّى رُميت وَلَســـتُ أَول كَوكَـب
نَفِس الزَمان عَلَيهِ فَضل شِهابـه
قالوا وَأرجفت النُفوس وَأَوجفت
هَلَعاً وَهاجَ وَماجَ قُســـور غابـهِ
كفر ابن يوسف مِن شَقي وَاعتَدى
وَبَغى وَلَســـــــتُ بِعابـئ أَو آبـه
قالوا احـــــرقُوه بل اصــــــلبوه بل
انسفوا للريح ناجس عظمه وإهابه
وَلَو ان فَوق المَوت مِن مُتلــمـس
لِلمَرء مُـــــدّ إِلَـيّ مِـن أَســـــبابـه
تاج السر حسين – القاهرة
royalprince33@yahoo.com