الي الدكتورة منى عبدالله … إليك أشكو رفيق دربك عبدالله حمدوك

 


 

 

(1)
نحن الذين حرمنا من دخول السودان حتى لحضور جنائز أمهاتنا ( عليهن رحمة الله و مغفرته) ، وجدنا في طائرة الدكتور عبدالله حمدوك المتجهة نحو الخرطوم لإستلام مهامه كرئيس لوزراء ثورة ديسمبر المجيدة قبل عامين بعض العزاء ، بل شعرنا بان كل الطيور المهاجرة قسراً و سكان معسكرات اللجوء و المعاناة قد عادوا في شخص عبدالله حمدوك.
استشعر الجميع ببزوغ فجر جديد يمكننا معه اعادة الوطن الي المسار الذي يستحقه بعد توهان مثخن بالدموع و الدماء و الذي إمتد لأكثر من ست عقود على يد الإنقلابيين العسكر من ابراهيم عبود الي عبدالفتاح البرهان؛ مروراً بجعفر نميري و المخلوع عمر البشير.
(2)
تجاوب العالم الحر من حولنا مع تطلعات شبابنا الذين ضحوا بأغلى ما يملكه الانسان - فقدموا ارواحهم رخيصة فداء للحرية و الكرامة اللتين شهدهما السودانيون منذ يوم سقوط البشير حتى ليلة 25 اكتوبر - ليلة الانقلاب الحالي.
نعم قد تجاوب العالم برفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للارهارب و تبعه رفع جميع العقوبات التي كانت قد فرضت على شعبنا بسبب سياسات النظام الارهابي البائد ؛ فتدفقت المنح و القروض و الهبات مع الانفتاح الكامل على المنظمات و البنوك و بيوتات المال العالمية - اي عودة السودان الي الأسرة الدولية من أوسع ابوابها .
ذلك مهر ما قدمه السودانيون بشكل تراكمي خلال العقود الثلاث الماضية حتى ثورة ديسمبر المجيدة.

(3)
برغم ان الاخ حمدوك ليس من من دفعوا ثمناً باهظاً في رحلة نضال السودانيين ضد النظام البائد، إلا ان تواجده في موقع رئاسة مجلس وزراء حكومة الثورة و بخبرته الاممية تمكن من توظيف إنفتاح العالم على السودان، الأمر الذي ساعد على وضع إقتصادنا الوطني في مساره المعقول رغم الاقتصادات الثلاث الموازية و المعادية لإقتصادنا الوطني المسكين. وهي الاقتصادات التي كانت و مازالت يديرها كل من الجيش و جهاز الامن و مليشيا الدعم السريع.

(3)
رغم كل المطبات و العثرات التي وضعها العسكر خلال عامين من عمر الفترة الانتقالية تمكن رئيس الوزراء السابق لحكومة الثورة السودانية السيد عبدالله حمدوك من العبور بالناس الي شواطيء الأمل ، بذلك كسب ثقتهم و محبتهم .
لذا عندما حنث العسكر بالقسم (كالعادة )في 25 اكتوبر ؛ كان هم الناس حرية رئيس الوزراء الأسير الدكتور عبدالله حمدوك لأنه اصبح رمز ثورتهم. لذا حمل الرجال و النساء و الكبار و الصغار صوره في الميادين - مطالبين بإطلاق سراحه ، ايمانا منهم في تجسيد حمدوك لأشواقهم نحو الانعتاق الأبدي من براثن مغامرات سارقي إرادة السودانيين منذ فجر الاستقلال.

(4)
بينما الانقلابيون العسكر يستعدون للإستسلام بعد المقاومة الباسلة من قبل جماهير شعبنا و إستجابة المجتمع الدولي بالضغوط؛ يتفاجأ الجميع برمز نضالهم المدني يوقع اتفاقا مع الإنقلابيين الكذابين اللصوص القتلة بينما وزراؤه و زملاؤه في غياهب السجون و المعتقلات و الأسر.
برر السيد حمدوك و الذي نقل من بيت الأسر الي منصة الإنقلابيين للتوقيع تصرفه الأحادي لأجل حقن دماء الأبرياء التي مازالت تسفك بلا رحمة.
(ربما لم) يدر الاخ حمدوك بأنه قد اصبح جسراً عبر المجرمون الانقلابيون به بوابات المجتمع الدولي بعدما كانوا على وشك الانهيار و الاستسلام لإرادة الشعب السوداني التي كان يمثلها الدكتور عبدالله حمدوك.!!
(5)
رغم أنني مازلت لست منهم لكن كل يوم تطلع فيه الشمس يزداد عدد من يعتقدون في تواطؤء السيد حمدوك مع العسكر لإحداث الانقلاب بينما يتقلص عدد من مازالوا يحسنون الظن به.
ها هو الناس قد أكدوا رفضهم للأتفاق 21 نوفمبر بالمليونية التي خرجت في الثلاثاء 30 نوفمبر.
و لن تتوقف مقاومة شعبنا للانقلاب حتى يعود الحق الي اهله.
و الذي يتوجب على الاخ حمدوك ان يدركه ان المجتمع الدولي لم يتمسك بالسيد عبدالله حمدوك إلا بسبب تمسك الشعب به.

أختنا الفضلى الدكتورة منى عبدالله، أظنك أفضل من تبعث عبرها الرسائل الي الدكتور عبدالله حمدوك؛
إن رفيق دربك يتخذ اليوم موقعاً خاطئاً من تاريخ نضالات شعبنا، و لأن التاريخ لا يرحم ؛ دعيه يخير الإنقلابيين العسكر بين عودة الأمور الي ما قبل 25 اكتوبر أو ترك رئاسة وزراء حكومة الإنقاذ في نسختها الثالثة بقيادة عبدالفتاح البرهان و نائبه حميدتي.
لن يقبل شعبنا بحكم العسكر بعد ثورة ديسمبر و لا برئيس وزراء يعمل سكرتيراّ لدي الإنقلابيين.

إنها ثورة حتى النصر

 

د.حامد برقو عبدالرحمن
NicePresident@hotmail.com

 

 

آراء