الي جنات الخلد باذن الله الحاجه عديلة ايوب عبد الحميد

 


 

حسين الزبير
16 February, 2022

 

منذ وقت مبكر في طفولتها، لازمت والدها الشيخ ايوب عبد الحميد، المقريء الضرير حيث كانت له بصره وعونه في ارتياد مجالس الذكر وتلاوة القران. ومن هنا كان تفقهها في الدين وادراكها لقيمة اعانة المحتاجين والبر و الاحسان وجبر الخواطر.

ورغم ان دخل زوجها لم يكن يسمح بالصدقات المنتظمة،الا انها استطاعت ان تكون عونا لعدد من الاسر المحتاجة عملا بحكمتها ( البيدي بيدي من قليل). حتي افاض الله عليها من نعمه من خلال ابنائها الذين اغدقوا عليها من رزقهم الواسع ، فتوسعت دائرة الاسر التي تتصدق عليهم بانتظام.

كما انها كانت تدفع بسخاء لكل من يقوم بعمل لها ، وكان هذا الامر معلوما لسائقي التاكسي فكانوا يتنافسون علي الفوز بمشوارها. وبطيب معاملتها واحترامها للفقير قبل الغني، كانت زبونة مفضلة في سوق الخضار وعند اللحام وعند تجار القطاعي.

تعرفت عليها في عام 1987 عند تقدمي لابنتها نجاة، ومنذ ذلك التاريخ حتي وفاتها في يناير الماضي، لم ارها يوما في خلاف مغ احد، بل كانت تشجع بناتها علي مقابلة الاساءة بالاحسان، وهي تردد حكمتها (البيضة بتغلب السودا). وبسلوكها الاسلامي الانساني اصبحت مشهورة في حلة حمد، وفي كل مكان احتاجت فيه لخدمة: البنك، دوائر المعاملات في الحكومة ، شركات الطيران، ولن تصدقوا ان موظفي ال DHL كانوا يعرفونها, في اجازة من اجازاتي طلبت من احد الاصدقاء ان يرسل لي رسالة مهمة بال DHL ، وعندما انصل بي الموظف يسال عن العنوان: 48 مربع 2 حلة حمد، فقلت له ان العنوان في شارع الشلالية ، سالني ( وين لبيت حاجة عديلة ؟) والعنوان هو بيت حاجة عديلة!!

اعتادت ان تفتح باب بيتها بعد ان تصلي الصبح مباشرة ، واذا وجدت شخصا يجلس امام بيتها ، تتهلل اساريرها وتحمد الله وتشكره وتقوم باعداد الشاي واللقيمات لمن وجدته. و اصبح عدد من الذين لا ماوي لهم ينامون امام بيتها، ومن ضمنهم (العم لام) جنوبي في الستين من عمره، ان لم تجده امام بيتها تبحث عنه حتي تجده . ولذلك رفض لام الرجوع للجنوب واعتنق الاسلام دين الحاجة عديلة.

في يوم من الايام فتحت باب بيتها ولفت نظرها صف طويل للعربات، وعندما وصلت عندهم عرفت انه صف البنزين وانهم قضوا ليلتهم في الصف في انتظار البنزين. رجعت لدارها واعدت كمية من اللقيمات واكبر كفتيرة عندها للشاي، ووزعت عليهم الشاي ، بادئة بمؤخرة الصف امام مسجد السيد علي حتي وصلت الطلمبة.

كانت تقدم العون لاسر محتاجة بصفة منتظمة ، يزورونها اسبوعيا في يوم متفق عليه. وغابت احداهن في الاسبوع الاول ولم تات في موعدها في الاسبوع الثاني، فما كان منها الا ان تلبس لزيارتها في بيتها في الدروشساب. وكان الوقت حوالي الثانية ظهرا. فلاحظت احدي بناتها وسالتها لماذا تلبس، فقالت انها عندها مشوار للدروشاب!! فاستغربت ابنتها واخذت منها التوب ، قائلة انها لن تسمح لها بالخروج في يوم حار في الساعة الثانية. وافقتها ولبست توب البيت، وادعت انها ستزور الجيران، لكنها ذهبت للدروشاب. ولما عادت كانت متهللة فرحة حيث وجدت هذه الاسرة تعيش علي الخبز الناشف والشاي لايام.

في ساعة قيلولة كانت بين النائمة والصاحية، وشعرت بواحدة تودع ابنتها نجاة، من هذه يا نجاة؟ فقالت لها فلانة جاءت لتسلم عليك ووجدتك نائمة. فسالت ابنتها : ان شاء الله اديتيها حاجة؟ فقالت طبعا يا امي اديتها عصير وشاي. فقالت: لا حول ولا قوة الا بالله – يا بنتي فلانة بتجي تسلم علي نص النهار عشان تشرب عصير وشاي؟ ما بتعرفوا الزول الصرمان لما تشوفوها. وخرجت لتلحق بها وفي النهاية ذهبت لبيتها.

الا رحم الله الحاجة عديلة ، ولا نزكيها عند علام الغيوب ، وهو سبحانه اعلم بها وببرها واحسانها وجبرها للخواطر، لكن نسال العلي القدير ان يجزيها عنا وعن كل من قسمت لهم رزقهم بيد الحاجة عديلة. رب بارك في ذريتها واجعلهم خير خلف لخير سلف.

وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي اشرف الخلق والمرسلين.

 

 

hussain772003@yahoo.com
/////////////////////

 

آراء