انطباعات عائد من مصر – حديث الشعب والثورة (1)

 


 

د. زاهد زيد
28 January, 2013

 


zahdzaid@yahoo.com

دعاني أخي وصديقي الدكتور محمد عبد الصادق لزيارته في مصر ومما شجعني على الزيارة أنه قد ذكر لي أن الجو دافئ هذه الأيام وأن الأجواء السياسية قد زادته حرارة وما فتئ يرغبني حتى شددت الرحال إليه ، فوجدت أن الجو السياسي فعلا في قمة سخونته أما البرد ففي قمته أيضا ولكن ما وجدته من صديقي من حرارة الاستقبال وحفاوة الضيافة أنساني ما كنت أعانيه من آلآم كان صديقي الدكتور عالما بها . وسبق أن تولى أمرها من قبل وكانت النتيجة على خير ما أحببت .
ولعل الكثيرون لا يعلمون بالخدمة الطبية الجليلة التي ظل يقدمها الدكتور عبد الصادق لكل من قصده خاصة من السودانيين منذ أن كان طبيب امتياز في بلدته الزقازيق التي كانت تضم عددا كبيرا من الطلاب السودانيين وإلى سفره لألمانيا للتخصص وعمله في بلاد العم سام التي قدرت علمه وبراعته .  
الحقيقة أن أمثال عبد الصادق قليلون في نكران الذات والعمل من أجل الآخرين فهو لم يسع للعمل في أي دولة بترولية ولم يجر خلف المادة وقد كان يمكنه ذلك ، وهكذا عاد من سنوات ليخدم الناس  في بلده .
أعود لأقول إنني حرصت خلال إقامتي هناك أن ألتقي بعامة الناس والاختلاط بهم ولم أحصر نفسي في لقاء المتعلمين والمثقفين . فمن الناس البسطاء تسطع الحقيقة ومنهم ولأجلهم تتفجر الثورات . أما المثقفين فقد شبعت لحد التخمة من تنظيراتهم وكلامهم المنمق إلا من رحم ربي .
ما حدث في مصر الشقيقة ثورة حقيقية اقتلعت بكل اقتدار حكما فاسدا من جذوره وألقت به في زبالة التاريخ وحققت الثورة في مصر ما لم يحلم به أشد الناس تفاؤلا.
مهما قضيت من أيام وإن طالت في ربوع مصر الحبيبة فإنني لا أشعر بالملل ولا بالغربة فمصر مهما كانت فهي وشعبها أقرب الناس إلينا وبيننا وبينهم روابط خالدة مع الزمن وعبر التاريخ .
إن أنسى لا أنسى المهندس سعد جمال الذي تعرفت عليه مصادفة وكان قد قضى جزءا من حياته وصدرا من شبابه في السودان مع والده الذي كان يعمل في سفارة بلده هناك ، فالرجل كان ولازال يحفظ للسودانيين حسن معشرهم وطيب أخلاقهم ، وقد دعاني لبيتهم فوجدت أهله لا يقلون عنه حبا للسودان وأهله .
وللثورة في مصر وما خرجت به من انطباع عنها مقام آخر عند العودة ، لا أريد أن أحلل وأرجح وأنظر ولكني أريد انطباعات جوال يلتقط الحقيقة من أفواه البسطاء إن كان في العمر بقية .


 

آراء